تظاهرة «يحكى في سورية» تبدأ فعالياتها من خلال موسيقى على الطريق

24 تشرين الأول 2010

بعد عدة عناوين أطلقتها جمعية صدى الثقافية الموسيقية ومحافظة دمشق من خلال مشروعهما الذائع الصيت «موسيقى على الطريق»، بدأت أمس الجمعة 22 تشرين الثاني 2010 تظاهرة أخرى تحت عنوان «يحكى في سورية»، وهي تظاهرة غنائية ضمن مشروع موسيقى على الطريق تهدف إلى تسليط الضوء على اللغات الحية والمحكية في سورية، والإضاءة على تراثها الموسيقي من خلال أمسيات غنائية وفردية سوف تقدم على مدى الأشهر القادمة، ومن هذه الأمسيات أمسية التراث السرياني، التراث الأرمني، التراث الآرامي، التراث الكردي، والتراث الآشوري.

وقد بدأت أمس في حارة الزيتون بدمشق القديمة حفلة للتراث السرياني أحيتها جوقة مار أفرام السرياني البطريركية، بقيادة شادي إميل سروة وغناء إفرادي داني عبو. وقد شمل البرنامج أغانيَ باللغة السريانية باللهجة المحكية الطورانية (نسبة إلى طور عابدين) واللغة الفصحى وأغانٍ قديمة من منطقة ماردين ومنطقة الجزيرة السورية، وقد تنوعت مقامات هذه الأغاني (بيات، حجاز، عجم، كرد)، كما تنوعت أوزانها (4/4، 6/8، 10/8).

وقد تجمع ما لا يقل عن ألفي شخص ليتابع هذه الحفلة التي قدمت فيها أغانٍ بأعرق لغة في التاريخ وهي اللغة السريانية.

«اكتشف سورية» تحدث إلى بعض المعنيين بهذه التظاهرة بغية التعرف عليها بشكل أكبر، وكانت البداية مع الأستاذ شادي سروة قائد جوقة مار أفرام السرياني البطريركية، حيث قال:
«نشارك اليوم ضمن تظاهرة "يحكى في سورية" من خلال مشروع موسيقى على الطريق، وهذه التظاهرة بدأت اليوم وستستمر على مدى شهر ونصف، والهدف منها تسليط الضوء على التراث الشعبي باللغات الحية والمحكية في سورية، ففي سورية هناك بعض اللغات تعيش إلى الآن ويستخدمها الناس في حياتهم اليومية، وجزء منها منشأها من سورية، مثل السريانية والآرامية، ومنها ما احتضنتها سورية مثل الأرمنية والكردية والشركسية، وهذه التظاهرة تسلط الضوء على تراث هذه اللغات لتذكر الناس بهذا التراث».


جوقة مار أفرام السرياني في حارة الزيتون

وعن برنامج الأمسية قال الأستاذ سروة: «كان منوعاً والأغاني فيه تنتمي إلى الأغاني التراثية القديمة جداً من ماردي ودير عابدين، وأغانٍ من الجزيرة السورية، وكما رأيت البرنامج فقد كان البرنامج حيوياً». وتابع حديثه قائلاً: «هذا التراث غني جداً ، فيه كم هائل من الحياة والحب والفرح».

وعن نشاطات الكورال قال: «كان للكورال في هذا الصيف برنامج مكثف، فشارك عدة مرات في برامج في الكنيسة السريانية في معرة صيدنايا، كما قمنا بعدة حفلات في المحافظات السورية، ونخطط في هذه الفترة لنقدم عملاً كبيراً يشبه ما قدمناه مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية وهو في طور التحضير الآن».

وتابع حديثه قائلاً: «سورية هي التي صدرت الحضارة للناس، وهي الولاّدة للحضارة، وبنفس الوقت هي الحاضنة والأكثر انفتاحاً، فتجد فيه هذا التنوع وهذا النسيج وبالتالي صورة جميلة جداً، السرياني والآرامي والآشوري والكلداني والكردي والشركسي والأرمني، أليست هذه صورة جميلة».

وأنهى حديثه بالقول: «ما قدمناه اليوم كان فيه القليل من التجديد في مجال الموسيقى، أما الأغاني فبقيت كما هي، لأن هدفنا هو الحفاظ على هذا التراث بحيث نؤديه كما هو تماماً».

بدوره قال مدير مشروع موسيقى على الطريق الموسيقي شربل أصفهان في تعليقه على برنامج «يحكى في سورية»: «موسيقى على الطريق تقدم اليوم تظاهرة جديدة والهدف الأساسي منها إظهار ما في سورية من لغات تحكى، والتي هي في النهاية مزيج سوري جامع بين ثقافات مختلفة، تراكمت مع بعضها لتنتج هذه الثقافة الكبيرة والقديمة السورية، وكل من أتى إلى سورية قدم ثقافته واندمج معها».

وتابع قائلاً: «اليوم قدمنا في موسيقى على الطريق – وكالعادة - تجارب جديدة لشباب جدد بمختلف أنواع الموسيقى، منها الجاز والكلاسيك والشرقي، ونحاول أن نضيف شيئاً آخر له علاقة بالتراث الموجود في سورية، البرنامج السرياني اليوم هو التجربة الأولى في تظاهرة "يحكى في سورية".

وأنهى حديثه بالقول: «ما سنقدمه اليوم ليس موسيقى دينية وليس الطقس الديني السرياني، فيها موسيقى لها علاقة بالحب والأعراس والفرح والحزن، أي الشيء الاجتماعي المعاش الذي تعيشه مجتمعات عاشت في سورية، من مختلف المناطق والمحافظات، وأنا متفائل بهذا المشروع، لما في تراثنا السوري من تنوع وغنى وجمال».

من جانبه علق المهندس بشار العظمة (رئيس مجلس إدارة جمعية صدى) لـ «كتشف سورية» على هذا المشروع بالقول: «سورية هي بلد متعدد الثقافات بشكل كبير وتاريخها كان منوعاً بشكل مذهل، لأنها من أقدم البلدان التي تواجدت فيها الحضارة، وكل هذه الحضارات في هذه المنطقة تفاعلت مع بعضها وصنعت أنواعاً مختلفة من الثقافة التي يجب الحفاظ عليها، ولا يمكن وضعها في بوتقة واحدة».

وتابع: «البوتقة الواحدة تأتي من خلال شعورنا بالمواطنة والانتماء، أما الثقافة فيجب أن يبقى لها مميزاتها حتى لكل قرية، الفرق بين سورية والبلدان الأخرى، ربما يتعلق بالطابع الاقتصادي، فلنأخذ مصر على سبيل المثال، بلد موحد الثقافة والفنون كونه يروى بنهر النيل، وبالتالي كان فيه دائماً نوع من التناغم والوحدة الثقافية الكاملة تقريباً، بينما ميزتنا في سورية تكمن في أن كل منطقة لها استقلاليتها الاقتصادية، وذلك من خلال اعتمادنا على المطر».

وأنهى حديثه قائلاً: «في الجبل يمكن إيجاد قريتين لكل منها تقاليدها ولبسها وموسيقاها، وهذا الغنى يجب الحفاظ عليه، من هذا الباب نشجع كل الناس الذين لديهم ثقافة خاصة كي يظهروها».

جوقة شام في المسكية:
وفي ساحة المسكية، ووسط عدد كبير من الحضور، غنت جوقة شام بقيادة الموسيقي حسام بريمو (وكيل المعهد العالي للموسيقى بدمشق)، مجموعة من الأغاني التراثية وهي: «على موج البحر»، «بين رضا وبين دلال»، «مشغول عليك مشغول»، «على شط البحر الهوى»، «رزق الله عل العربيات»، «بتسأل لي عليّ»، «عم بكتبلك هالمكتوب»، «اسأل عليّ»، «لما عطريق العين»، «يا لطيف لم تكون الحلواية حلواية»، وقد لاقت هذه الأغاني استحساناً من الجمهور الذي غنى مع الجوقة وصفق لها مراراًً.


الموسيقي حسام بريمو وجوقة شام في ساحة المسكية

وفي نهاية الحفل التقى «اكتشف سورية» بالموسيقي حسام بريمو الذي بدأ بالحديث عن الحفلة قائلاً: «قدمنا اليوم عشر أغانٍ من التراث القديم، أحدث أغنية منها تم تأليفها منذ عشرين سنة، كما قدمنا بعض الأغاني التي يبلغ عمرها حوالي ستين عاماً، نحن مسرورون لإعادة هذه الأغاني الجميلة جداً، والناس كانت مسرورة أيضاً، ولم يكن لدي أدنى شك بأن هذه الأغاني ستعجب الناس، هذه الأغاني فيها الأصالة التي يفتقدها الجمهور اليوم، فالجمهور مظلوم مع الفضائيات، الفضائيات تقدم لهم مواد ركيكة جداً، رغم تعطشه للمادة الثمينة، ولذلك كان متفاعلاً مع ما قدمته جوقة شام اليوم».

وتابع حديثه قائلاً: «نقدم التراث قبل أن يضيع وقبل أن يضيع هذا المقام والطريقة التي يستخدم بها، فأغاني اليوم تركز على مقامين سهلين، وتتعاطى معهما ببساطة، وهذا فيه استخفاف بعقل وأذن المستمع العربي وبذكائه، وهو المستمع الذي يتمتع بأذن ناضجة، أذن عمرها آلاف السنين من الاستماع والإصغاء والتحليل، وعندما تقدم له مادة ركيكة فإنك تنظر إليه باسترخاص واستخفاف».

وأضاف: «يجب أن نركز بشكل جيد على تقديم مواد دسمة لها علاقة بمقامنا، ولها علاقة بطرق أصيلة يقدم فيها المقام العربي، ولها علاقة بالمنهج الجميل بمخاطبة الروح في عمقها وليس مخاطبة الغريزة والجسد من السطح، هذا واجبنا لكي نعيد إنساننا إلى العمق».

وأردف بريمو: «يقال في الغرب بأن الشرق له الروح والعمق، وأنا أرى من خلال ما يقدم لنا في الفضائيات بأنه لن يبقَ لنا سوى السطحية والسذاجة».

وأنهى حديثه قائلاً: «أنا أعمل مع سبع جوقات منها واحدة فقط أختار من يغني فيها وهي جوقة قوس قزح، لأنها تحتاج إلى مغنٍ عنده دراية كبيرة في الموسيقى وله صوت قادر على الأداء، أما باقي الجوقات فليس لي فيها أي معيار للانتقاء، من يأتي إليها أرحب به، ويتطور ويتحسن داخل الفرقة، وأنا أرى بأن كل إنسان موسيقي، فكيف الإنسان العربي، إنه حكماً موسيقي لأن روحه تعمل بغزارة، وأنا أقوي عنده النقاط الضعيفة، وأضيف على أدائه أشياء يحبها، ونحن نحاول أن نقوم بعمل تكامل داخل الفرقة بحيث يصبح أداؤها مثلما رأيته اليوم».

وكان الموسيقي السوري باسل رجوب وفرقته مجموعة من المقطوعات الموسيقية المنوعة في حديقة القشلة، وفي الوقت ذاته عزفت مجموعة من الموسيقيين السورين في حديقة الجاحظ بعضاً من منوعات التانغو.


إدريس مراد - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

المهندس بشار العظمة مدير جمعية صدى يحضر الأمسية الافتتاحية من مشروع يحكى في سورية

جوقة شام تؤدي مجموعة من الأغاني التراثية بقيادة الموسيقي حسام بريمو في ساحة المسكية

جوقة شام تؤدي مجموعة من الأغاني التراثية بقيادة الموسيقي حسام بريمو في ساحة المسكية

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق