نعمى عمران تحلق مع ابن الفارض وابن عربي

05 تشرين الأول 2010

في خامس أيام مهرجان ما زالت المرأة تغني بدار الأسد للثقافة

ما زالت النساء تغني في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق، ما زالت أصواتهن تصدح ببراعة في هذا الصرح البديع، أصوات من مختلف البلدان العربية، جاءت لتردد أغانٍ لحناجر لا يمكن للزمن أن يمحوها من ذاكرتنا، فللجميل مكانه مهما أخذت البشاعة مساحتها التي لن تدوم غالباً، لأنه لا يصح إلا الصحيح في النهاية.

حفلة المغنية السورية نعمى عمران على مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق، والتي قُدمت من خلال مهرجان «ما زالت المرأة تغني» مساء الأحد 3 تشرين الأول 2010، كانت مختلفة عن سابقاتها من الحفلات، من حيث اختيار البرنامج الذي كان الغالبية منه قصائد صوفية لابن الفارض وابن عربي وبعض أغانٍ قديمة جداً لموسيقيين غير معروفين، رافقت نعمى عمران في هذه الحفلة فرقة أورنينا للموسيقى العربية بقيادة الموسيقي المعتق محمد قدري دلال.


المغنية السورية نعمى عمران على مسرح الأوبرا

بدأت الحفلة بمقطوعة لصاحبها محمد قدري دلال من مقام حجاز كار كرد، وتابعت نعمى المقطوعة بأغنية كلماتها من أشعار المتنبي وهي «ما لنا كلنا جوى»، ومن ثم ارتجل قدري دلال ما يقارب العشر دقائق على العود، وبعد الموسيقى غنت عمران قصيدة «ما بين معترك الأحداق والمهج» لابن الفارض، ومن ثم مونولوج «الليل جنح الظلام» لبكري كردي الذي عاش في حلب بين عامي 1909 – 1978، ليأتي دور الارتجالات ولكن على الفيولونسيل هذه المرة والعازف بشار شريفة، كما قدمت الفرقة قطعاً موسيقية أخرى وهي: مقدمة في مقام الراست للموسيقي جورج ميشيل، ارتجالات على آلة القانون للعازف غسان عموري، وارتجالات على آلة الكمان عزفها الموسيقي محمد معاذ قرقناوي، مقطوعة لحنية بعنوان «أوراد» وهي صيغة لحنية انتقلت عبر الموسيقى الدينية إلى يومنا هذا.

وتابعت الفنانة نعمى عمران في غنائها فأدت قصيدة أخرى لابن الفارض بعنوان «قلبي يحدثني»، وموشح اسمه «سلّ فينا اللحظ» وهو مجهول القيد، وقصيدة لولادة بنت المستكفي عنوانها «أغار عليك»، وموشح «كلما رمت» للموسيقي عبد القادر المراغي الذي توفي عام 1434م، وعاش بين بغداد وحلب، وأيضاً أدت عمران دور «القلب مال للجمال» للبكري كردي أيضاً، وخلال هذه القصيدة ارتجل عازف الناي يوسف إبراهيم عدة دقائق من العزف، ومن ثم قصيدة أخرى لابن عربي وهي «حار أرباب الهوى في الهوى وارتبكوا»، لتنهي الحفلة بـ «الرقيم الأوغاريتي» وهي أقدم نوتة في التاريخ.

لربما لم يتعود الجمهور الاستماع إلى هذا النوع من الغناء بعد، ولكن براعة عمران وطريقة أدائها لهذه القصائد جعله ينصت ما يقارب الساعتين مأخوذاً بهذه الكلمات الجميلة واللحن الرائع الذي استخدمت فيه عمران الصوت المستعار أحياناً، وهو الذي يستخدم في الغناء الأوبرالي عادةً. وقد ظهرت في هذه الأمسية القدرات الصوتية والتكنيك العالي لهذه المغنية التي درست الغناء الأوبرالي والعزف على الهارب في المعهد العالي للموسيقى بدمشق، وبعد نشاطات عديدة خلال هذه الفترة قامت بمتابعة اختصاصها في مجال الغناء الأوبرالي في أكاديمية ياناتشيك في مدينة برنو في جمهورية التشيك، وقدمت هناك حفلات مع الأوركسترا الوطنية التشيكية، بالإضافة إلى أدوار في أوبرات متعددة، ولها مشاركات عديدة في الكثير من الدول العربية والعالمية.

نعمى عمران
في اليوم الخامس لمهرجان ما زالت النساء تغني

وفي نهاية الحفل التقى «اكتشف سورية» بالمغنية نعمى عمران، التي تحدثت في البداية عن البرنامج قائلة: «حاولت المزج بين دراستي في الغناء الأوبرالي وبين الفزع الشرقي والذي يعني الضغط على الحنجرة والغناء الرأسي الرنيني، فتخيّل صعوبة الضاد أو القاف مثلاً عند ذلك».

وأضافت: «لعل هناك من يسأل لماذا المزج؟ ببساطة لأني أحبه وأفضل تقديم غناء أكاديمي ومدروس للمقامات الصافية التي لم يتم اللعب أو العبث بها، إذ تحوي أبعاداً للمقامات الأصيلة وأعتقد أنه الشكل الذي نصحح به آذاننا الموسيقية».

وأكملت قائلة: «أذهب بطريق فيه بحث عن ماضينا ومستقبلنا، وصعوبة ما قدمته كان أن أعطي بالأحرف العربية قوة الصوت بالعلامات العالية، وكوني مغنية أوبرا أرفض مصطلح الصوت المستعار، فهذا هو صوتي والفرق هو الضغط على الحرف».

وأبدت المغنية السورية نعمى عمران رأيها في مهرجان «ما زالت المرأة تغني» وتصنيفه نسائياً فقالت: «هذا المهرجان مهم جداً، ويفترض أن يستمر، فهو بمثابة حوار للمغنيات من كل الدول، وفرصة لمعرفة أسلوب الغناء العربي في الجزائر أو مصر أو سورية، وبالتالي يعطي المغنية تجربة لتطوير أدواتها الغنائية».

وتابعت في حديثها قائلة: «لست مع التصنيف النسوي ولست ضده، ولم لا، ما تزال المرأة تغني، عنوان جميل ويمكن أن يعطي، ويفترض به أن يعطي، مساحة للمرأة لتعبر عن نفسها بطريقتها الخاصة وبصوتها عن الحب والجمال الذي ترغب به».

وأنهت عمران حديثها عن مشاريعها القادمة بالقول: «لدي مشروع بحث لم ينتهي مع الأستاذ محمد قدري دلال وأتمنى أن يتطور، ويدور حول كيفية مزج الغناء الأوبرالي بالغناء الشرقي وبطريقة منهجية ويمكن أن يدرس ويقدم للطلاب فيما بعد».


إدريس مراد - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

المغنية السورية نعمى عمران في خامس حفلات مهرجان ما زالت المرأة تغني في دار الأسد للثقافة والفنون

المغنية السورية نعمى عمران في خامس حفلات مهرجان ما زالت المرأة تغني في دار الأسد للثقافة والفنون

المغنية السورية نعمى عمران في خامس حفلات مهرجان ما زالت المرأة تغني في دار الأسد للثقافة والفنون

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق