فريدة محمد علي تختتم فعاليات ما زالت المرأة تغني
10 تشرين الأول 2010
أسدل الستار على فعاليات مهرجان «ما زالت المرأة تغني» مساء الثلاثاء 5 تشرين الثاني 2010 بحفلة متميزة أحيتها سيدة المقام العراقي فريدة محمد علي في الصالة الكبيرة (مسرح الأوبرا) بدار الأسد للثقافة والفنون، بهذا يكون قد مر على جمهور دمشق أكبر فعالية غنائية جميلة لعام 2010، إذ جمعت هذه الفعالية أروع الأصوات من مختلف الأقطار العربية، التي يتمتع أبناؤها بتراث مشترك وموسيقى مشتركة، في دار الأوبرا السورية التي تحتضن كل الأشقاء المبدعين.
ختام المهرجان يمكن أن نعنونه بالقول: ما زالت المرأة تغني مسكاً بصوت قوي وحنون في آن، إذ تنفرد الأمسية الأخيرة بشكل من الغناء يضرب بجذوره في أعماق التاريخ القديم، وربما يكون من أقدم الأشكال الموسيقية التي ما زلنا نسمعها حتى الآن، ألا وهو المقام العراقي. أغلب المغنين اليوم يتحاشون المقام العراقي لصعوبة أدائه، ولكن فريدة محمد علي تجول بالمقامات العراقية العالم مقدمة إياها على المسارح دور الأوبرا، حيث يصفق الجميع – بمن فيهم الذين لا يفهمون اللغة - لهذه الألحان الخالدة ولصوت يحاول أن يرسخ هذه المقامات في ذهن العالم.
يطلق على فريدة محمد علي عباس الأسدي لقب «سيدة المقام العراقي»، لأدائها المتميز في هذه المقامات، ولكونها المرأة الوحيدة التي تمكنت من أداء هذه المجموعة من المقامات، وتقديراً لدورها المتميز في نشر هذا الموروث الغنائي العراقي في العالم، لقبت أيضاً بـ «صوت الرافدين» وبـ «قيثارة دجلة»، وهي تقف اليوم في طليعة الأصوات النسائية العراقية.
غنت فريدة محمد علي على مدى ساعتين ونصف باقة منوعة من أجمل أغاني مطربات العراق الشهيرات خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات أمثال: صديقة الملاية، سليمة مراد، زهور حسين، وحيدة خليل، ولميعة توفيق، بمرافقة موسيقى جديدة من إعداد الملحن محمد حسين كمر ومصاحبة الآلات الموسيقية التراثية العراقية، في فرقة تحمل اسم «فرقة المقام العراقي».
بدأت الحفلة بمقام دشت وأغنية «وين ابن الحلال» من تراث زهور حسين، وهذه الأغنية من ألحان عباس جميل وكلمات عبد الكريم العلاف، ومن ثم تتالت الأغاني، «سبحان الجمعنا بغير ميعاد» من تراث وحيدة خليل، «أم العيون السود» من تراث ناظم الغزالي، «عالشوملي» من التراث القديم، موال حجاز «جوز منهم» من تراث عفيفة إسكندر وألحان وكلمات خزعل مهدي، مقام لامي «خالة شكو» من تراث زهور حسين، كلمات سيف الدين ولائي وألحان ناظم نعيم، وأغنية «هذا الحلو كاتلني يا عمة» من تراث لميعة توفيق ومن ألحان محمد نوشي، وأغنيتا «يالولد»، و«ما ريده» ألحان عباس جميل، وأغنية «يا صياد السمك» وهي من الأغاني التراثية العراقية الخاصة بصيادي السمك، أغنية «يا حمام»، ومن مقام عجم قصيدة «أي شيء في العيد» للشاعر إيليا أبو ماضي، وأغنية «طالعة من بيت أبوها» ألحان ملا عثمان الموصلي، أغنية «مروا على علية الحلوين» كلمات د. زاهد محمد زهدي وألحان ناظم نعيم من تراث سفير الغناء العراقي ناظم الغزالي، أغنية «يمه أنباك رجلي)، وانتهت الحفلة بالأغنية التراثية العراقية المعروفة «فوق النخل». غنت فريدة على مدى ساعتين ونصف بدون تعب، وكلما بدأت بأغنية جديدة كانت تظهر وكأنها بدأت تواً، وهكذا كانت ليلة عراقية بحق.
في نهاية الحفل التقى «اكتشف سورية» بمؤسس فرقة المقام العراقي التي ترافق فريدة في كل حفلاتها، السيد محمد حسين كمر، حيث قال عن الفرقة: «تأسست الفرقة عام 1989 لتشكل امتداداً لفرقة تراث الموسيقى العراقية التي أسسها الفنان الكبير الراحل منير بشير عام 1973، وكان الغرض من تأسيس الفرقة إحياء المقام العراقي وبقية الألوان الغنائية والموسيقية والتراثية العراقية وتقديمها في المحافل والمهرجانات العربية والدولية من خلال الصوت النسائي المتميز في أداء المقام العراقي الفنانة فريدة محمد علي».
وأضاف الفنان العراقي: «أعضاء الفرقة من خريجي معهد الدراسات الموسيقية وقسم الفنون الموسيقية في كلية الفنون الجميلة، وتعتبر الفرقة حالياً من أهم الفرق التي تقوم بإحياء موروث المقام العراقي وإيصاله إلى العالم من خلال جولاتها الفنية المتعددة. وقد حظيت الفرقة باهتمام واسع في كل مشاركاتها، وكانت ضمن أفضل أربع عشرة فرقة تم اختيارها من بين خمسمئة فرقة من مختلف أنحاء العالم، بترشيح من لجنة تحكيم مهرجان ملتقى ومعرض موسيقى العالم الذي أقيم في مدينة روترادم الهولندية، حين تم اختيارها كعاصمة أوروبا الثقافية لعام 2001. كما أدرج اسم الفرقة في سجل 2001 العالمي. في عام 2004 اختيرت فريدة محمد علي وفرقة المقام العراقي من قبل البلاط الملكي الهولندي لتقديم حفل عيد الملكة بحضور ملكة هولندا بياتريكس والعائلة المالكة».
وتابع في حديثه قائلاً: «منذ عام 1997 استقرت الفرقة في هولندا وقمت كمؤسس لهذه الفرقة في عام 2000، وبدعم من المؤسسات الفنية والثقافية الهولندية بتشكيل مؤسسة المقام العراقي التي تقوم بتوثيق ونشر وتعليم الموسيقى العراقية المتمثلة بالمقام العراقي في أوربا والعالم، وفي عام 2005 أصبحت المؤسسة واحدة من المؤسسات التابعة والمدعومة من قبل التجمع الثقافي الهولندي، وحصلت على عضوية اتحاد الموسيقيين الهولنديين العلمية».
وأنهى الفنان محمد حسين كمر حديثه قائلاً: «للفرقة مع سيدة المقام العراقي فريدة عشرة إصدارات حققت نجاحاً كبيراً وانتشاراً واسعاً، واليوم أمامنا مشاريع أخرى تتعلق بتوثيق المقام العراقي، وسنستمر في نشر هذا المقام وتوصيله إلى أوسع جمهور ممكن».
وبدورها قالت الفنانة العراقية الكبيرة فريدة محمد علي متحدثة عن أدائها بهذا الشكل المتواصل وعدم تعب صوتها مع هذه الفترة الطويلة وهي تؤدي أصعب الألحان: «يساعدني في ذلك دراستي الأكاديمية المتخصصة في علم الغناء التي كانت في معهد الدراسات الموسيقية في بغداد، فضلاً عن إمكانيات صوتي الربانية، وها أنا أحاول أن أرسخ هذه الأشياء في المقامات العراقية، وما قدمته إلى الآن قارب اثنين وعشرين مقاماً».
وعن مهرجان «ما زالت المرأة تغني» قالت الفنانة العراقية: «نعم، ما زالت وستبقى المرأة تغني، هكذا هي في الغناء والموسيقى، ولها دور أساسي في مسيرة المجتمعات، الغناء جميل والأجمل عندما يؤديه صوت نسائي، العنوان جميل وهادف».
وأنهت حديثها قائلة: «أتمنى لهذا المهرجان الاستمرارية وأن نلتقي من خلاله بالجمهور السوري بشكل دوري، شكراً للدكتورة حنان قصاب حسن التي تصر على استمرارية هذا النشاط، وشكراً لدار الأوبرا ولكل من ساهم في إنجاح المهرجان وكل من حضرني سواء من انتقدني أو من صفق لي».
يذكر أن فريدة محمد علي حازت على عدد كبير من الجوائز كأفضل أداء وصوت نسائي شاب، كما تم اعتبار اسطوانتها «مقامات ومواويل عراقية» كواحدة من أفضل عشر أسطوانات في العالم من قبل مجلة song lines الإنكليزية.
كرمت عام 2004 من قبل ملكة هولندا بياتريكس عندما قدمت حفلاً كبيراً في القصر الملكي بمناسبة يوم ميلاد الملكة الهولندية.
شاركت في أكثر من 300 مهرجان، وقدمت حفلاتها على أشهر وأكبر المسارح في مختلف أنحاء العالم، حيث وقفت على مسرح الأولمبياد، ومسرح المدينة في باريس، وقاعة الكندي سنتر في واشنطن، وقصر الفنون في مونتريال، ودار الأوبرا الملكية، وقاعة كوين إليزابيت هول في لندن، ومركز ثقافات العالم في كل من هولندا وألمانيا، والكونسرت هاوس في استوكهولم، ومسرح الأوبرا (دي لامونيه) في بروكسل، إضافة إلى مشاركاتها في جميع المهرجانات الرسمية العربية.
إدريس مراد - دمشق
اكتشف سورية
فرقة المقام العراقي في ختام فعاليات مهرجان ما زالت المرأة تغني في دار الأسد للثقافة والفنون |
المغنية العراقية الكبيرة فريدة محمد علي تختتم فعاليات مهرجان ما زالت المرأة تغني في دار الأسد للثقافة والفنون |
المغنية العراقية الكبيرة فريدة محمد علي تختتم فعاليات مهرجان ما زالت المرأة تغني في دار الأسد للثقافة والفنون |