العالم العربي والغربي يودع المؤلف والموسيقي الحلبي ضياء السكّري

11 كانون الأول 2010

رحل عنا صباح الجمعة 3 كانون الأول 2010 المؤلف والموسيقي السوري العالمي ضياء السكري (1938-2010) بعد معاناة طويلة مع المرض، وتم تشييع جثمانه يوم الجمعة 10 كانون الأول 2010 في باريس حيث كان يقيم مع عائلته.

ولد ضياء السكري في مدينة حلب عام 1938 وبدأ بدراسة العزف على الكمان منذ السادسة من العمر مع الأستاذ الروسي ميشيل بوريزنكو المقيم في حلب منذ العشرينيات. وقد ترك ضياء السكري تراثاً كبيراً من المؤلفات الموسيقية الرصينة ذات طابع يجمع بين الروح الشرقية والأسلوب الكلاسيكي، وشهد شهر تشرين الأول من العام الجاري توثيق أعمال هذا المؤلف الكبير في ألبوم موسيقي واحد يحمل عنوان «موسيقي من حلب» في حفل كبير شهدته قاعة العرش في قلعة حلب. وتم في هذا الحفل إطلاق قرص مدمج يضم مقطوعات للفنان ضياء السكري تحت عنوان «أشرف كاتب، ضياء السكري مؤلف من حلب» قام بإعداده الفنان أشرف كاتب، وفيه تم توثيق 22 عملاً موسيقياً من تأليف الفنان السكري بهمة الفنان كاتب على آلة الكمان، إضافة إلى مشاركة 22 فناناً عالمياً معه من مختلف دول العالم على آلة البيانو، إذ شارك كل عازف بمقطوعة موسيقية من مقطوعات الألبوم. وقد عدّ هذا النشاط نشاطاً نوعياً من حيث توثيق التراث الموسيقي لفناني مدينة حلب، وكانت البداية مع الفنان ضياء السكّري.


ضياء ونجمي السكري

وقد أكد الفنان أشرف كاتب حينها أن المشروع يهدف إلى نشر الموسيقى العربية المعاصرة على مستوى عالمي وذلك بتجميع أعمال الموسيقيين العرب المعاصرين ونشرها وتسجيلها على سي دي، مؤكداً أنه من خلال حفلاته في أكثر من 30 دولة مع العديد من عازفي البيانو كان يرى إعجاب الجمهور والعازفين بقطع السكري ما حمله على التفكير بتجميع كل القطع المكتوبة للكمان والبيانو التي كتبها السكري، وقرر مع تسعة عازفي بيانو إصدار CD كتحية مودة ومحبة له في عيد ميلاده السبعين.

ضياء السكري ورحلته مع التأليف الموسيقي:
قدم الفنان السكري أول حفلة موسيقية له مع شقيقه نجمي في مدرسة الأمريكان عام 1946 في حلب، وعزف في معهد الموسيقى الشرقية بدمشق في نهاية العام الدراسي 1951، وقد تم إيفاده مع أخيه نجمي إلى باريس لدراسة الموسيقى في المعهد العالي للموسيقى بباريس عام 1951، واتجه لدراسة التأليف وقيادة الأوركسترا، كما درس الكتابة الموسيقية (هارموني، كونتربوان، فوغ، والصولفيج) على يد المدرسين شاليت سيمون، نويل غالون، هنري كالان، جيني روف، مارسيل بيش، كما درس قيادة الأوركسترا مع مانويل روزينثال، والتأليف الموسيقي على يد أوليفير وميسيان توني أوبين، أما دراسة البيانو فكانت على يد الأستاذة دوميسنيل، ونال الدرجة الأولى في الهارموني والكونتربوان والتأليف.

شغل ضياء السكري عدة مناصب تعليمية منها أستاذ مادة الهارموني من عام 1967 لغاية 1969 في المعهد العربي للموسيقى بدمشق، أستاذ مادة التأليف الموسيقي من عام 1970 لغاية حزيران 1991 في كونسيرفاتوار سان دونيس، أستاذ التأليف الموسيقي والهارموني من عام 1971 لغاية 2003، ومنذ تشرين الأول 1977 لغاية 2003 شغل منصب أستاذ الكتابة الموسيقية في المعهد العالي للموسيقى في باريس.


ضياء ونجمي السكري

كما كلف بدورات تعليم العلوم الموسيقية في جامعة السوربون في باريس بين عامي 1978 و1979 وشغل منصب عضو اللجنة التعليمية الموسيقية لتدريس الموسيقى لدى فنوسيمو من 1980 إلى 1996.

ومن الجوائز التي حصل عليها في مسيرته الفنية ميدالية الشرف لعام 2000 لمنطقة باريس كما قلد الميدالية الفضية لمدينة سورين.

له مؤلفات عديدة لآلة البيانو والكمان والكلارينيت والفلوت والهارب والساكسفون، نشرت في فرنسا لدى دور نشر معروفة، منها بيلادوت وفيرتايل بلاين، وساهم في وضع برامج تعليم الكتابة الموسيقية والصولفيج في المعاهد الموسيقية في فرنسا، واستعمل في موسيقاه أفكاراً وعناصر إيقاعية من الفلكلور والموسيقى التقليدية السورية، كما استعمل آلات موسيقية من الشرق، وكان آخر مؤلفاته دراسة على الهارموني في الموسيقى باللغة العربية، والذي يمكن أن يكون ذا فائدة كبيرة لطلاب المعاهد الموسيقية العليا في سورية والدول العربية.

وقد أقامت الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون في تشرين الأول الماضي أمسية موسيقية تكريماً له ولعطاءاته الفنية.

نشرت أعماله في أهم دوريات النشر الفرنسية حيث استخدم الألحان والعناصر الإيقاعية التي تعود إلى الفلكلور والموسيقى الشعبية السورية، كما أنه استخدم الآلات الموسيقية من الشرق الأدنى مع الاهتمام بموسيقية اللغة.


الدكتور علي القيم

شهادات في الفنان ضياء السكري:
الدكتور علي القيّم معاون وزير الثقافة:
من خلال اتصالنا بالدكتور علي القيم معاون وزير الثقافة لسؤاله عن تشييع رفات الفنان الراحل أكد أنه بناء على اتصال بينه وبين زوجة الفنان السكري المقيمة في باريس، فإنها قد أشارت إلى أنه سيدفن في باريس ليكون إلى جانبها. كما قال الدكتور القيّم: «إن المرحوم الفنان ضياء السكري قد قدم لوزارة الثقافة مخطوطاً موسيقياً يتضمن مجموعة من مؤلفاته الموسيقية لآلتي البيانو والكمان، ومقطوعات تدريبية لطلاب المدارس والمعاهد، وتقوم الهيئة العامة السورية للكتاب بطباعتها ضمن منشوراتها لهذا العام، وستقوم وزارة الثقافة بالإضافة إلى المعهد العالي للموسيقى بدمشق وبالتعاون مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية بإعداد حفل تعزف فيه أهم مؤلفات ضياء السكري الموسيقية لتقدم إلى الجمهور السوري.

كما كتب الدكتور علي القيم في جريدة الوطن وبتاريخ 6 كانون الأول 2010 تحت عنوان «رحيل الموسيقار السوري العالمي ضياء السكري»: «هذا الإنسان الرائع، الذي تواصلت معه ومع مؤلفاته الموسيقية سنوات عديدة، كان آخرها قبل دخوله المشفى لإجراء علاجات إسعافية، وكان مشرقاً ومتفائلاً يحدوه الأمل بمتابعة مسيرة العطاء والتأليف الموسيقي الذي بدأه في حلب مع شقيقه نجمي السكري منذ عام 1946، واستمرت عطاءات ونشاطات لا تحصى (.......) إقامته في باريس لم تجعله ينسى وطنه سورية، ولا موسيقاها التقليدية والشعبية، فقد أخذ يتعمق في دراسة مقاماتها، وقد بهرته إيقاعاتها المختلفة، ما جعلها تظهر جلية واضحة في معظم مؤلفاته، وقد استفاد كثيراً من دراسة تاريخ الميثولوجيا السورية، وبخاصة ميثولوجيا وآداب أوغاريت التي يعود تاريخها إلى الألف الثاني قبل الميلاد، وقد تمخض عن هذه أعمال جميلة أعطته شهرة عالمية مثل: "بعل وعنات" و"عشتار والموجة"، كما تأثر بالخط وأسلوب الزخرفة العربية، فترجم حبه وعشقه لجمالياتها في قطع موسيقية مميزة تحمل الطابع الشرقي الأخاذ، كما اطلع بشكل جيد على موروث الموسيقى العربية التراثية، واستنبط منها بعض الأفكار التي صقلها وطورها في مقطوعات أخضعها للمقاييس الغربية في التأليف الموسيقي ونالت شهرة عالمية، مثل: "سلطانة دمشق" و"صلاة الفجر" و"رقصة الربيع" و"تحية إلى دبي" و"على دلعونا" و"طالعة من بيت أبوها" وغيرها، وكان في ذلك يجسد مقدمته: "إن الحضارة التي اكتسبتها من الغرب، ما هي إلا امتداد للمخزون الحضاري الذي أحضرته معي من الشرق، وأنا لا أعتبر نفسي أوروبياً ولا شرقياً، بل أنا الاثنان معاً"».

ولمناسبة رحيل هذا الفنان الكبير التقى «اكتشف سورية» مؤلفين موسيقيين من مدينة حلب، وبعض القائمين على الشأن الموسيقي فيها، فكانت اللقاءات الآتية:


الأستاذ نوري اسكندر

الأستاذ نوري اسكندر- مدير المعهد العربي للموسيقى بحلب سابقاً:
أشار الأستاذ نوري اسكندر في حديثنا معه إلى أن «ضياء السكري، مؤلف موسيقي كبير، كتب مؤلفات موسيقية تخص البلد والوطن، وخاصة بعد نكسة حزيران 1967، دافع فيها عن المعنويات العربية، وله أعمال متعددة جميلة، وكنا نتمنى أن يكون مقيماً في سورية لكن من سوء حظنا أنه اختار باريس للعيش فيها. هو رجل يستحق كل الاحترام والتقدير، رحمه الله وأسكنه فسيح جنته».

الباحث محمد قدري دلال – مدير معهد الغناء والموسيقى التابع للفنان صباح فخري – المدير السابق للمعهد العربي للموسيقى بحلب:
عن الفنان الراحل السكري حدثنا الأستاذ دلال قائلاً: «في عام 1980 حسبما أتذكر قدم إلى سورية وفي جعبته عمل أراد أن ينفذه مع أوركسترا مصغرة تابعة للمعهد العربي للموسيقى بدمشق، وقد حضرت التمارين آنذاك معه، وكنت معجباً بأدائه وعظمة الألحان التي نفذها. وفي إحدى المرات وبينما كنت أرافقه إلى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون سألته: هل اشتغلت عملاً تأليفياً لآلة العود؟ فأجاب بأن لديه كونشرتو لآلة العود لكن يصعب تنفيذه في دمشق نظراً لعدم وجود عازف جيد آنذاك على آلة الترومبون! وقد سألته: هل يظهر صوت العود مع أوركسترا كبيرة بوجود آلات نفخ قوية الصوت كالترومبون؟ فأجاب: هذا هو عمل المؤلف الموسيقي، أن يوجد صيغاً لحنية يستطيع من خلالها إظهار صوت العود بوجود تلك الآلات القوية الصوت.

هو رجل علم وتاريخه يشهد له بذلك من حيث التأليف ومن حيث الموهبة الكبيرة التي كان يملكها. قضى عمره كله في دراسة التأليف الموسيقي، والتجارب الموسيقية العظيمة، حتى وصل إلى ما وصل إليه من شهرة وعلم ومجد في أنحاء العالم كله. في المعاهد السورية تدرّس مؤلفاته، ويعزف له الطلاب ولغيره من السوريين، وله مؤلفات معروفة يتباهى بحفظها من يقوم بأدائها، فهو من المؤلفين الذين يُعتد بهم من حيث التأليف والصياغة وجماليات اللحن والتقنيات العالية التي وضعها في مؤلفاته الموسيقية.


الأستاذ محمد قدري دلال

ومن خلال تجربتي معه عندما كنت مديراً للمعهد العربي للموسيقى بحلب، كان من الذين تدرس أعمالهم، حتى الخبراء كانوا يعطون لمقطوعاته أهميتها، ويضعونها في المستوى اللائق، ويدرّسونها. ونستشف من خلال ذلك كله أنه فنان معروف وألحانه ذات وقع طيب على آذان الأوروبيين والعرب على حد سواء. هو مؤلف كبير ولولا عظمة أعماله لما وصل إلى ما وصل إليه في العالم الغربي، على الرغم من الضغوطات العديدة التي تمارسها منظمات معادية للعرب والسوريين على الجهات الفنية التي تبنت أعماله في فرنسا. وقد ناشد الفنان الراحل جهات عربية عديدة ذات ثراء مادي وخاصة الخليج لتبني أعماله وإيجاد فرقة موسيقية تعزف مؤلفاته».

الأستاذ بيرج قسيس - مؤلف موسيقي:
أما الأستاذ والمؤلف الموسيقي بيرج قسيس فقد تحدث عن الفنان السكري بالقول: «عندما نتكلم على الفن الحديث بشكل عام فإننا ندخل في عالم المدينة الحديثة، واليوم جميع المدن الحديثة تتشابه، فلا فرق أن تكون سيؤول أو لندن أو باريس أو دبي. المبدع العربي المعاصر هو الإنسان الذي ترتبط ذكريات طفولته الشرقية بوجوده في مدن كتلك، وهذا هو عالم ضياء السكري، إذ نجده في أعماله إنساناً يعيش في مدينة حديثة وفي قلبه شوق لوطنه. لا شك أنه وصل إلى أعلى المراتب في العلم الموسيقي، وفي الوظائف التي شغلها، والمؤلفات والكتب الموسيقية التي ألفها. ولكم من المؤسف في هذه المناسبة أن العمل الموسيقي الذي يكتب لمخاطبة الناس في القرن الواحد والعشرين ليس له جمهور عريض، وهذه هي مشكلة الموسيقى في العالم كله».

الأستاذ ماجد العمري - مدير معهد حلب للموسيقى:
أما الأستاذ ماجد العمري - مدير معهد حلب للموسيقى - فقد حدثنا عن بدايات الفنان السكري، مشيراً إلى أنه قد تعلم العزف على الكمان على يد الأستاذ الروسي ميشيل بوريزنكو، وقد أوفدته سورية في بدايات مشواره الفني إلى فرنسا لدراسة الموسيقى، فاستقر هناك، وقد زار معهد حلب للموسيقى في إحدى زيارته إلى سورية، وقد أكد السكري أنه مؤلف كبير وقد اشتهر هنا كعازف أكثر مما اشتهر كمؤلف. كما كان أبوه موظفاً في مالية حلب ويشغل منصب رئيس خزينة المالية، وكانت له ميول موسيقية إذ كان يعزف على إحدى الآلات الموسيقية، وتعرف آنذاك إلى الأستاذ الروسي ميشيل فطلب منه تعليم ولديه ضياء ونجمي على آلة الكمان. ثم درّس ميشيل في المعهد الموسيقي الذي أسسه آنذاك الدكتور فؤاد رجائي، كما تتلمذ الأستاذ ماجد العمري على يد هذا الأستاذ على آلة الكمان. وأنهى الأستاذ ماجد حديثه بالقول: «لقد سلبت الموسيقى ضياء السكري، سلبته كل أحاسيسه حتى كانت عالمه الخاص به».

المشوار الفني الموسيقي
وسورية التي تعشش في داخل المبدع:
تحت عنوان «الموسيقي ضياء سكري: الغربة ليست حاجزاً بيني وبين البيئة الأولى» وبتاريخ 20 أيلول 2005 نُشر في الملحق الثقافي لجريدة الثورة حوارٌ مطول مع الموسيقار السكري أجراه الصحفي إدريس مراد، وقد تحدث فيه عن مشواره الفني في باريس، وأكد أن سورية وبالرغم من عيشه خارجها إلا أنها تعشش في داخله، وقد قال: «لم تكن الغربة يوماً من الأيام حاجزاً بيني وبين شعوري الوطني وانتمائي الشرقي، وهذا يذكرني بقول الموسيقي الروسي غلينغا حيث قال: إنني أشعر بروسيتي في المهجر أكثر منه داخل روسيا. وأنا لا أعتبر نفسي خارج الوطن لأن سورية معششة داخلي، ولن يغادر العنصر الشرقي عموماً من جميع أعمالي بتاتاً».


ضياء السكري

ومن يستمع إلى أي مقطوعة من مقطوعاته الموسيقية يشم رائحة الشرق وانتماءه الشرقي، يجسد فيها صوراً من التاريخ، وحنينه إلى الوطن، وقد كتب عدة أعمال مستمدة من الجمل الموسيقية الشرقية السائدة، ومنها: «على دلعونا»، «طالعة من بيت أبوها»، «دخل عيونك حاكينا» قدمها بطريقة عصرية مدروسة، وهذه الأعمال عزفتها بعض الفرق عربية وعالمية منها فرقة مصرية وفرقة فرنسية بصالة غافو في باريس. وهناك عمل قدمته الفرقة السيمفونية السورية مؤخراً بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان بعنوان باسيو «العشق».

هناك تجربة أخرى كتبها ضياء السكري منذ فترة طويلة وهي تشبه علاقة البحور الشعرية بالشعر، وقد كتبها خصيصاً للوتريات حيث وضع فيها بعض الجمل الشعرية في إطار غربي، لأنه يستخدم بعض الأساليب الغربية في تطوير الموسيقى، وكانت هذه التجربة مهمة لمثل هذا النوع من الموسيقى.

ومن أعماله التي قدمت بالشكل الذي يريده، عمله «ليلة القدر» الذي قدمه عازف فرنسي، فكان عزفه هو الأقرب إلى ذاته - حسب تعبير السكري نفسه - وهناك عمل آخر مأخوذ عنوانه فقط من أحد أعمال الشاعر الكبير المعري قدمته فرقة الإذاعة الفرنسية بقيادة أندريه جيرار، رغم أن العمل يحتوي عناصر شرقية وخصوصاً في جملها وقدمت بشكل جيد.

وعن موسيقاه بشكل عام، تحدث الموسيقي ضياء السكري رحمه الله في ذلك الحوار: «أتصور الموسيقى مثل الشجرة التي تثمر أو العصفور الذي يغرد، لا أقصد شيئاً سوى الجمال، إلا بعض الحالات التي تحتوي الجمل الموسيقية السائدة حيث الصفات والصبغة التقنية الجيدة يمكن أن ينبثق منها عمل جيد. وفي عمل آخر حاولت أن أستخدم اللغة العربية كآلة موسيقية للاستفادة من قوة لغتنا، ولأن الحرف له صدى موسيقي. استخدمتها لأصل إلى إيقاعات أو مادة موسيقية إلى جانب الآلات الموسيقية، وفي نفس العمل استخدمت القراءة الشعرية بعكس ما يقرأ، أي من اليسار إلى اليمين».

وقد ناشد آنذاك وزارة الثقافة والمعنيين بالشأن الفني والموسيقي أن توزع كتبه في المعاهد التي تدرّس الموسيقى، إذ أن مؤلفاته توزع في جميع أنحاء العالم من خلال دور نشر في فرنسا، وهناك 800 معهد يحتوي مؤلفاته بفرنسا، وكان له ما أراد.

وقد ختم حواره حينذاك في حديثه عن الموسيقى الكلاسيكية بضرورة أن نخلق موسيقى تحتوي عناصر شرقية كالراست والحجاز، وأن نأخذ من الموسيقى الكلاسيكية الغربية ما يفيد موسيقانا.

رحم الله موسيقينا الكبير ضياء السكري وأسكنه فسيح جناته، وبرحيله لم تخسره مدينته حلب وحسب بل خسره العالم كله، إذ كان فناناً عظيماً، فناناً عشق وطنه سورية فبثه أحاسيسه ومشاعره في مؤلفاته الموسيقية التي حملت روح الشرق، إذ عشق المقامات الشرقية وأدهشته إيقاعاتها المختلفة فحاول من خلالها موسقة الميثولوجيا السورية.‏‏‏‏


بيانكا ماضيّة - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

اسمك

الدولة

التعليق