سلطان باشا الأطرش

29 أيلول 2011

.

مولده وعائلته


ولد سلطان باشا الأطرش في قرية القريّا من منطقة صلخد في محافظة السويداء السورية عام 1888 لدى عائلة الأطرش الشهيرة. والده المجاهد الشيخ ذوقان الأطرش بن اسماعيل الثاني، الزعيم المحلي الذي قاد معركة ضارية ضد العثمانيين عام 1910، الذين قادهم سامي باشا في حملة على جبل العرب لكسر شوكته وإخضاعه، فتصدى لهم الشيخ ذوقان الأطرش وعدد من رجال الجبل في نواحي الكفر، إلا أنه قبض عليه وأعدم مع مجموعة من زعماء الجبل الأحرار سنة 1911.

سلطان باشا الأطرش في شبابه

كان سلطان باشا الأطرش كبير إخوته الثلاثة، علي ومصطفى وزيد، وقد تمرس على يد والده المجاهد الشيخ ذوقان الأطرش بالفروسية والرماية وفنون القتال، وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة على يد بعض المعلمين. ثم تابع دراسته بالمطالعة الشخصية. شارك والده في معركة الكَفر، وأبدى فيها شجاعة ملحوظة. وقد ترك إعدام والده في نفسه أثراً عميقاً، ولكنه حول الثأر الشخصي ثأراً وطنياً من الاستعمار كله.

أدى سلطان الأطرش الخدمة العسكرية في رومانيا، وتابع بعد عودته الاتصال بالحركات العربية التحررية، فصارت القرياّ ملجأ ومعقلاً للفارين من الأتراك وللمناضلين الملتحقين بالثورة العربية في العقبة.


الثورة العربية الكبرى


كان سلطان باشا الأطرش أول من رفع علم الثورة العربية على أرض سورية قبل دخول جيش الملك فيصل على قلعة صلخد وعلى داره في القرياّ، كما سيطر على قلعة بصرى الشام عام 1918، وقاد معركة تلال المانع على مشارف دمشق في وجه العثمانيين والألمان، وكان في طليعة الثوار الذين دخلوا دمشق في 29 أيلول 1918، ورفع العلم العربي في ساحة المرجة فوق مبنى البلدية بدمشق، وهو العلم الذي نسجه أهل بيته، وكان أول علم عربي يرفرف في سماء دمشق بعد 400 عام من الحكم العثماني. منحه الملك فيصل الأول لشجاعته لقب «أمير»، كما منحه أيضاً رتبة «فريق في الجيش العربي» وهو يوازي لقب «باشا». وكانت علاقته بالملك فيصل الأول وثيقة كما كانت كذلك أيضاً مع والده الشريف حسين قائد الثورة العربية الكبرى، وكذلك مع بقية القادة والزعماء العرب.


سلطان باشا الأطرش

معركة ميسلون والاحتلال الفرنسي


هبّ سلطان باشا الأطرش مع فرسانه لنجدة يوسف العظمة في معركة ميسلون عام 1920، ولكن المعركة كانت قد حسمت سريعاً فقال عندئذ: «خسارة معركة لا تعني الاستسلام للمحتلين»، ولذلك أرسل رسولاً خاصاً (الشهيد حمد البربور) إلى الملك فيصل ليقنعه بالمجيء إلى جبل العرب ومتابعة المقاومة، لكن الملك فيصل رأى أن الفرصة قد فاتت بعد أن صعد إلى ظهر الطراد البريطاني في طريقه إلى منفاه.

نشب بين سلطان والفرنسيين نزاع دائم. فلم يترك مناسبة إلا أعرب فيها عن سخطه على وجودهم في سورية، وكانت بداية ثورته عليهم عندما ألقوا القبض على أدهم خنجر الذي اتهم بمعاونة المجاهد الشهيد أحمد مريود في محاولة اغتيال الجنرال غورو على طريق القنيطرة، وكان أدهم خنجر قد وصل إلى القريّا في 7 تموز 1922 مستجيراً بدار سلطان الأطرش، ولكن الفرنسيين اعتقلوه متجاوزين أصول الضيافة العربية، فخرج سلطان ورجاله مطالبين بإطلاق سراح ضيفهم، ولما لم يستجب الفرنسيون لطلبه تصدى لهم بالسلاح، وكانت معركة تل الحديد مع المصفحات الفرنسية التي ولّت الأدبار بعد إعطاب اثنتين منها وقتل سدنتهما، وكان ذلك بداية اندلاع هذه الثورة التي دامت تسعة أشهر رفضاً للاستعمار وتأكيداً لتقاليد العرب الأصيلة في حماية الدخيل وإجارة المستجير، حيث أقدم الثوار على مهاجمة القوات الفرنسية ومحاصرة السويداء. لجأ الفرنسيون أول الأمر إلى المهادنة، فوعدوا بإطلاق سراح أدهم خنجر مقابل أربعة جنود فرنسيين أسرهم الثوار، لكنهم سرعان ما أرسلوا خنجر إلى بيروت، لتنفيذ الإعدام، وحكموا على سلطان باشا الأطرش بالإعدام، وهدموا بيته في القريّا قصفاً بالطائرات. ولمّا عجز الفرنسيون عن القبض عليه، فاوضوه خشية انتشار العصيان، فأصدروا عفواً عنه وعن رفاقه، ولم ينزل سلطان عن أي مطلب من مطالبه، وهي الجلاء التام عن الوطن والاستقلال الناجز، ولم يحدّ من نشاطه في تمتين العلاقات مع الوطنيين داخل البلاد.


مضافة سلطان باشا الأطرش

الثورة السورية الكبرى


قاد سلطان الأطرش عام 1925 الثورة السورية الكبرى، التي شارك فيها خيرة مجاهدي الوطن وحظيت بإجماع وطني منقطع النظير، وخاض فيها أشرف المعارك وأكثرها شراسة. وقد أصدر سلطان الأطرش بيان الثورة التاريخي الذي توَّجَهُ بشعار «الدين لله والوطن للجميع» ونادى فيه العرب بقوله: «إلى السلاح إلى السلاح أيها العرب السوريون»، وطالب فيه بوحدة البلاد وتعيين حكومة شعبية تجري انتخابات مجلس تأسيسي لوضع قانون أساسي يقوم على مبدأ سيادة الأمة المطلقة والقانون والعدل والحرية والمساواة، ولاقت هذه الدعوة استجابة عارمة في البلاد، اختير بعدها سلطان قائداً عاماً لجيوش الثورة الوطنية.

بدأ سلطان بالتنقل بين قرى الجبل يحرض الأهالي على الثورة ضد الفرنسيين ويستثير النخوات وكانت أول عمليات الثورة العسكرية إسقاط الثوار طائرتين فرنسيتين إحداهما سقطت قرب قرية أمتان وتم أسر طيارها. تجمع الثوار بقيادة سلطان ثم هاجموا صلخد في 20 تموز 1925، وأحرقوا بمساعدة أهلها دار البعثة الفرنسية فانطلقت في اليوم نفسه حملة فرنسية، بقيادة نورمان الذي استخف بقدرات الثوار اتجه إلى الكفر وأمر جنوده بالتمركز حول نبعها.

معركة الكفر:
كانت معركة الكفر أولى معارك الثورة (23 تموز 1925) فكانت معركة سريعة أبيدت فيها الحملة الفرنسية على بكرة أبيها، ولم ينج منها إلا نفر قليل حمل أخبار الهزيمة إلى قيادتهم في السويداء.

وكان سلطان باشا الأطرش قد أرسل مبعوثاً إلى نورمان لينصحه بالانسحاب فأجابه بالرفض وكرر التهديدات بالقبض على سلطان و أعوانه وأنه يستطيع أن يقتل ثلاثة آلاف من أبناء الجبل بالرشاش الذي معه. وقال للرسل: «اذهبوا إلى سلطان وقولوا له أنني بانتظاره على أحر من الجمر في هذا المكان».

بدأت المعركة ظهراً ولم تدم أكثر من نصف ساعة، وحالت سرعة الهجوم وهول المفاجأة بين الفرنسيين واستعمال أسلحتهم، إذ بدأ القتال بالسلاح الأبيض فوراً، ودخل الثوار بين الفرنسيين، وكانت من نتيجة المعركة قتل نورمان قائد الحملة، والقضاء على الحملة كلها تقريباً. كانت خسائر ثوار الجبل في معركة الكفر 54 شهيداً، وتذكر المراجع الفرنسية أن 172 جندياً فرنسياً قتلوا، بينما يذكر من حضروا المعركة أن خسائر الفرنسيين كانت أكثر من ذلك بكثير و تقدر بعدة آلاف، فيما يذكر الجنرال الفرنسي أندريا أنه لم ينجُ من معركة الكفر بين الجنود الفرنسيين إلا خمسة.

معركة المزرعة:
وفيما انتشرت الثورة لمدن سورية الأخرى (دمشق وحمص وحماة وغيرها)، جنّد المستعمرون الفرنسيون وحدات عدة مسلحة بأحدث الأسلحة آنذاك من طائرات ودبابات ومدافع ثقيلة ورشاشات لقمع الثورة، فتصدى الثوار لهذه الحملة وجرت معركة المزرعة قرب مدينة السويداء (2 و3 آب)، واستطاع الثوار فيها إبادة الحملة إلا القليل من أفرادها، وفرّ قائدها الجنرال ميشو، وكانت معركة المزرعة أعظم معركة من معارك الاستقلال وقد انتشرت أنباء الثورة وانتصاراتها في جميع أنحاء سورية، كما وصلت أنباؤها إلى أوروبا، وعمت المقاومة أرجاء سورية وانتشرت في البقاع المتاخمة في لبنان وكانت معارك المجدل وسحيتا وراشيا، وكانت معركة راشيا أشهرها، إذ تسلق الثوار قلعتها الحصينة واستولوا عليها وأحرقوها. عرض الفرنسيون على سلطان باشا الأطرش الاستقلال بالجبل و تشكيل دولة مستقلة يكون هو زعيمها مقابل وقف الثورة لكنه رفض بشدة مصراً على الوحدة الوطنية السورية. ثم توالت المعارك فكانت وقعة المسيفرة والسويداء ورساس وعرى وأم الرمّان وغيرها، مما جعل الفرنسيين يشددون الحصار على الثوار، فاضطر الثوار إلى النزوح إلى الأزرق في إمارة شرقي الأردن، ثم نزح سلطان ورجاله إلى وادي السرحان والنبك في الحجاز على أمل العودة إلى الوطن في وقت قريب.

سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى

استعان سلطان باشا الأطرش بملوك الدول العربية آنذاك لمتابعة الكفاح، فبعث رسله إلى الملك عبد العزيز آل سعود والملك فيصل الأول ورئيس وزراء مصر وإلى فلسطين إيماناً منه بوحدة الكفاح العربي ووحدة الهدف، لكن اتفاق الحلفاء الأوربيين وضعف المقاومة العربية أدّيا إلى وقف القتال. وظل سلطان ورفاقه أوفياء لمبادئهم، يحدوهم إيمانهم الراسخ بوحدة سورية والوحدة العربية ووجوب استقلال الوطن استقلالاً تاماً. ولم تنقطع الصلات بالحركة الوطنية في سورية طوال مدة نفيه. أجبرت الثورة فرنسا على إعادة توحيد سورية بعد أن كانت قد قسمتها إلى أربع دويلات، كما اضطرت إلى الموافقة على إجراء انتخابات فازت فيها المعارضة الوطنية بقيادة إبراهيم هنانو وهاشم الأتاسي. وعاد سلطان باشا الأطرش هو ورفاقه إلى الوطن بعد إبرام المعاهدة السورية الفرنسية عام 1936، بعد أن أصدرت فرنسا عفواً شاملاً عن كل المجاهدين، واستقبل سلطان ورفاقه بدمشق في 18 أيار سنة 1937 باحتفالات شعبية عارمة، ومُنح أرفع الأوسمة.

ما بعد الثورة:
لم يتوقف نضال سلطان باشا الأطرش بعد الثورة، بل شارك أيضاً بفعالية في الانتفاضة السورية عام 1945، وكان جبل العرب بتوجيه منه أسبق المقاطعات السورية في طرد الفرنسيين إذ طوق أبناؤه مراكزهم وأخرجوهم فكان ذلك بداية خروجهم من سورية، كما دعا في العام 1948 إلى تأسيس جيش عربي موحد لتحرير فلسطين، وبالفعل تطوع المئات من الشباب واتجهوا للمشاركة الفعلية في حرب 1948.

نصب سلطان باشا الأطرش في السويداء

أثناء حكم الشيشكلي، تعرض سلطان لمضايقات كثيرة نتيجة اعتراضه على سياسة الحكم، فغادر الجبل إلى الأردن في كانون ثاني 1954، عندما عمّ الهياج أنحاء سورية، لاسيما بين الطلبة الذين كانوا في حالة إضراب مستمر، واعتقل العديدون بينهم منصور الأطرش أحد أبناء سلطان الأطرش، فجرت محاولة من أبناء الجبل لإخراجه من السجن أدت إلى اشتباك مسلح، سرعان ما تحولت إلى معركة في جبل العرب، وعاد الأطرش إلى بلده بعد سقوط الشيشكلي. بارك سلطان باشا الأطرش الوحدة العربية التي قامت بين مصر وسورية عام 1958، ووقف بحزم وثبات ضد عملية الانفصال عام 1961، كما التقى الرئيس جمال عبد الناصر، ووقف دائماً إلى جانب الثورة الفلسطينية وكان يردد القول: «ما أخذ بالسيف، بالسيف يؤخذ».


شخصيته وأسرته


كان سلطان رقيق القلب عطوفاً، وكان رب أسرة غيوراً ومحباً لأبنائه، وكان فلاحاً مجدّاً يحب أرضه، كما أنه كان رجلاً مؤمناً ورعاً، ومحافظاً على التقاليد والعادات العربية الأصيلة، وكان منفتحاً على روح العصر، فاهتم بتشجيع العلم ونشره، فأرسل أبناءه وبناته إلى الجامعات، داخل القطر وخارجه، وبنى غير مدرسة في قريته من أمواله الخاصة ومن التبرعات التي كانت تصل إليه، وعرف عنه الزهد في مغريات الدنيا والترفع عنها.


سلطان باشا الأطرش مع جمال عبد الناصر

تكريمه وأوسمته


تفرغ سلطان في أواخر حياته للنشاطات الاجتماعية والتنمية في الجبل، وقد رفض الأطرش أي مناصب سياسية عرضت عليه بعد الاستقلال.
وكان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قد كرم سلطان باشا الأطرش في عهد الوحدة فقلده أعلى وسام في الجمهورية العربية المتحدة، أثناء زيارته لمحافظة السويداء.
وفي عام 1970، كرم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد سلطان باشا الأطرش لدوره التاريخي في الثورة السورية ونيل الاستقلال.



وفاته


توفي سلطان باشا الأطرش عام 1982 نتيجة أزمة قلبية، وحضر جنازته أكثر من مليون شخص، وكانت جنازته يوماً مشهوداً، إذ حُمل نعشه في طائرة حلقت فوق مواقع المعارك الخالدة التي قادها، ودفن في القريّا، وأقيم حول قبره صرح تذكاري. و أصدر رئيس الجمهورية الراحل حافظ الأسد آنذاك رسالة حداد شخصية تنعي القائد العام للثورة السورية الكبرى، وأطلق اسمه على شوارع وبنايات عدة في بلاد الشام، وعين يوم رحيله يوما تأبينيا في كل سنة .وفي مدينة رام الله، دشن الرئيس الراحل ياسر عرفات نصبا تذكاريا تحية وفاء إلى شهداء الحامية الدرزية التي أرسلها سلطان باشا الاطرش للدفاع عن فلسطين وقتلوا قرب مدينة نابلس، عاصمة جبل النار.



وصية سلطان باشا الأطرش


بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني وأبنائي العرب...
عزمتُ وأنا في أيامي الأخيرة، أنتظر الموت الحق، أن أخاطبكم مودّعاً وموصياً. لقد أولتني هذه الأمة قيادة الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي الغاشم، فنهضت بأمانة القيادة وطلبتُ الشهادة وأديتُ الأمانة. انطلقت الثورة من الجبل الأشمّ جبل العرب لتشمل وتعمّ، وكان شعارها: «الدين لله والوطن للجميع»، وأعتقد أنها حققت لكم عزة وفخاراً وللاستعمار ذلاً وانكساراً.

سلطان باشا الأطرش

وصيتي لكم، إخوتي وأبنائي العرب هي أن أمامكم طريقاً طويلة ومشقة شديدة تحتاج إلى جهاد وجهاد: جهاد مع النفس وجهاد مع العدو. فاصبروا صبر الأحرار ولتكن وحدتكم الوطنية وقوة إيمانكم وتراصّ صفوفكم هي سبيلكم لردّ كيد الأعداء وطرد الغاصبين وتحرير الأرض. واعلموا أن الحفاظ على الاستقلال أمانة في أعناقكم بعد أن مات من أجله العديد من الشهداء وسالت للوصول إليه الكثير من الدماء. واعلموا أن وحدة العرب هي المنعة والقوة وأنها حلم الأجيال وطريق الخلاص. واعلموا أن ما أُخِذَ بالسيف، بالسيف يُؤخَذ، وأن الإيمان أقوى من كل سلاح، وأن كأس الحنظل في العز أشهى من ماء الحياة مع الذل وأن الإيمان يُشحَن بالصبر ويُحفَظ بالعدل ويُعَزّز باليقين ويُقوّى بالجهاد. عودوا إلى تاريخكم الحافل بالبطولات، الزاخر بالأمجاد لأني لم أرَ أقوى تأثيراً في النفوس من قراءة التاريخ لتنبيه الشعور وإيقاظ الهمم لاستنهاض الشعوب فتظفر بحريتها وتحقق وحدتها وترفع أعلام النصر. واعلموا أن التقوى لله والحب للأرض وأن الحق منتصر وأن الشرف بالحفاظ على الخلق، وأن الاعتزاز بالحرية والفخر بالكرامة وأن النهوض بالعلم والعمل، وأن الأمن بالعدل وأن بالتعاون قوة.

الحمد لله ثم الحمد لله. لقد أعطاني عمراً قضيته جهاداً وأمضيته زهداً، ثبتني وهداني وأعانني بإخواني، أسأله المغفرة وبه المستعان وهو حسبي ونعم الوكيل.أما ما خلّفتُه من رزق ومال فهو جهد فلاح متواضع تحكمه قواعد الشريعة السمحاء.

تحت رعاية السيد الرئيس بشار الأسد


نقل جثمان سلطان باشا الأطرش إلى الضريح في النصب التذكاري للثورة السورية الكبرى


في العام 2009، وفي الشهر العاشر منه، وتحت رعاية السيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، وبحضور السيد محمد سعيد بخيتان الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الإشتراكي ممثلاً رئيس الجمهورية، وبحضور أبناء وأحفاد الفقيد والسادة وزيري الإعلام والإدارة المحلية، والسيد مالك محمد علي محافظ السويداء، والسيد أركان الشوفي أمين فرع الحزب في السويداء، وعدد من السادة أعضاء الجبهة الوطنية التقدمية، وعدد من رجال الدين الإسلامي والمسيحي، وحشد غفير من جماهير محافظة السويداء وأبناء المحافظات الأخرى، تم نقل رفات المجاهد المغفور له سلطان باشا الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى من مدفنه المؤقت إلى الضريح المشاد له ضمن النصب التذكاري الذي أقيم في قرية القريا لإحياء ذكرى الثورة السورية الكبرى وشهدائها وأبطالها.

وألقى اللواء المتقاعد يسري بدوي رئيس رابطة المحاربين القدماء كلمةً أشار فيها إلى مناقب الفقيد البطل الذي جابه مع الثوار جيوش الفرنسيين التي اجتاحت الأرض فأذاقوها الهزيمة في معارك البطولة من الكفر إلى المزرعة وصلخد وقلعة السويداء، كما أشار اللواء بدوي إلى الدور الوطني الذي لعبه سلطان باشا الأطرش في مرحلة بعد الاستقلال حتى وفاته، ورأى بدوي في كلمته أن نقل رفات القائد العام إلى الضريح الذي سيضم تراث الثورة هو تكريم لكل من جاهد وناضل في سبيل حرية الوطن ومنعته واستقلاله.

حفيد سلطان باشا الأطرش يلقي كلمة بالمناسبة

ثم ألقى المهندس ثائر منصور الأطرش كلمة أبناء وأحفاد القائد العام للثورة السورية الكبرى، فاستعرض في كلمته محطات من مسيرة حياة جده منذ الولادة في القريا عام 1889 ثم التحاقه بقوات الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين ورفعه أول علم عربي في سماء دمشق، ثم مقاومته الاحتلال الفرنسي وخوضه المعارك الملحمية ضده حتى الاستقلال، كما أشار الأطرش إلى مناقبية الفقيد برفضه المناصب والإغراءات المادية التي قدمت له وتفضيله الحياة منفياً في الصحراء مدة عشر سنوات ثم عودته إلى البلاد بعد معاهدة 1936، واستطرد الأطرش مستعرضاً حياة سلطان باشا الأطرش بعد الاستقلال ورفضه المناصب التي عرضت عليه وتفرغه للعمل الاجتماعي ودعمه الحركات التقدمية والوحدوية، فدعم الوحدة السورية المصرية عام 1958 كما قدم الدعم للحركات التقدمية والقومية ومنها حزب البعث العربي الاشتراكي الذي انضم له ولداه (منصور وناصر» وكانا من مؤسسيه في أربعينيات القرن الماضي، وفي النهاية وجه الأطرش الشكر إلى القيادة السورية ممثلة بشخص السيد الرئيس بشار الأسد لرعايته وتقديمه الدعم لإنجاز مشروع الصرح التذكاري الذي يضم تراث الثورة السورية الكبرى، ووجه الدعوة إلى كل من يملك جزءاً من هذا التراث لتقديمه ليتم وضعه في الصرح التذكاري الذي سيفتتح لاحقاً.

الضريح التذكاري للثورة السورية الكبرى
ويضم رفات سلطان باشا الأطرش في قريته القريّا

بدوره أكد الدكتور محمد سعيد بخيتان الأمين القطري المساعد للحزب، ممثل السيد الرئيس، في كلمته على المعاني السامية التي تجلت في الثورة السورية الكبرى وشخص قائدها سلطان باشا الأطرش الذي رفع قبل ثمانين عاماً شعار «الدين لله والوطن للجميع»، مؤكداً وعيه وتنبهه القومي والوطني منذ ذاك الزمان، كما أشاد بخيتان بمعارك وبطولات الثوار أثناء الثورة التي عمت كل مدن وقرى سورية ووحدت أبناءها من مختلف مشاربهم وانتماءاتهم تحت راية النضال ضد الاستعمار، ورفض مشاريع التقسيم الطائفي التي عملت فرنسا على فرضها بقوة الحديد والنار على أبناء شعبنا الذي قاومها بكل شجاعة ضارباً مثلاً يحتذى للعالم أجمع في الوحدة الوطنية والإيثار، كما أشاد بخيتان بالدعم الذي قدمته القيادة السورية بتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد في الإسراع بتشييد الصرح التذكاري وتقديم الدعم المادي والمعنوي في المساعدة بجمع تراث هذه الثورة التي قادها سلطان باشا الأطرش ومشى خلفه أبناء الوطن من الشمال إلى الجنوب وفي الساحل والداخل مسطرين أسمى سطور المجد والتضحية في جهادهم ونضالهم ووحدتهم.

رفات سلطان باشا الأطرش تدخل الضريح على أكتاف العسكريين
وسط حضور رسمي وديني وشعبي حاشد

بعد كلمات الحضور التي تخللتها الهتافات والأغاني الوطنية حُمل نعش المغفور له سلطان باشا الأطرش على عربة مدفع، ثم نقلته ثلة من ضباط الجيش العربي السوري على أكتافها على وقع الموسيقى العسكرية التي عزفتها فرقة من الجيش العربي السوري، ثم ووري الجثمان الثرى بحضور آل الفقيد ومشايخ طائفة الموحدين المسلمين «الدروز» ورجال دين مسلمين ومسيحيين.

هذا وكانت الحشود التي غص بها المكان انتقلت إلى أسطح البيوت المجاورة وهي تنشد وتغني الأغاني الوطنية طيلة فترة الحفل وتتغنى ببطولات الثورة السورية الكبرى وبطولات الشعب السوري من معركة المزرعة حتى حرب تشرين.

من الجدير بالذكر أن الصرح التذكاري يضم ضريح القائد العام لجيوش الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش ويضم قاعة محاضرات ومتحفاً لتراث الثورة ومدرجاً كبيراً شُيد للاحتفالات، وتم افتتاحه في السابع عشر من نيسان 2010 بمناسبة عيد الجلاء وهو ممتد على مساحة 6300متر مربع، ويشمل بناء الصرح وملحقاته على مساحة 2800 متر مربع حيث يضم بناء الصرح في قسمه الأرضي المتحف العام بينما يشمل الجزء العلوي من البناء مساحات مخصصة لمشاهدة البانوراما الخارجية التي تم تصميمها ورسمها على الجدران المحيطة أسفل قبة الصرح. ويضم المتحف معالم وإنجازات الثورة والمقتنيات والأسلحة الحربية التي كان يستخدمها الثوار خلال مواجهة الاستعمار والبيارق والصور والوثائق الخاصة التي واكبت الثورة السورية الكبرى.


اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

علي الحسنية:

الله محيي جبل العرب

syr