بصرى الشام

مدينة قديمة وأثرية، تقع في الطرف الشرقي من سهل حوران الخصيب إلى الشرق من مدينة درعا بـ 40كم.
يعني اسمها في اللغات القديمة (الحصن)، ورد ذكرها في رسائل تل العمارنة في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، على أرضها ازدهرت حضارات الأكاديين والآموريين والكنعانيين والأنباط والسلوقيين والغساسنة والرومان والبيزنطيين، وقد ازدهرت المدينة في عهد الأنباط وأصبحت عاصمة الشمال بعد البتراء، في عام 106م ألحقت بالولاية العربية الرومانية وصارت عاصمتها وسميت بصرى تراجانا، وشيدت فيها المباني والقصور والمعابد والمسارح، وشقت الطرق التي ربطتها بعمان وشواطئ البحر المتوسط مروراً بمدن درعا ودمشق وتدمر وسكت النقود باسمها. ازدادت أهميتها التجارية في العهد البيزنطي وفترة الغساسنة، وإليها وصل الرسول الكريم محمد ? في تجارة لقريش واجتمع بالراهب بحير، وفي فترة الحروب الصليبية تم بناء قلعة حول مدرجها، بناها الأيوبيون وكانت سداً منيعاً في وجه الصليبيين والمغول. اشتهرت كمركز علمي وسمي وعلماؤها بالبصروية وبخاصة في القرن 15م وبقيت مركزاً لانطلاق الحجاج المسلمين منها. أشهر آثارها: باب المدينة (باب الهواء): وهو أول أثر يستقبل القادمين إلى بصرى من درعا، بني في أوائل القرن الثاني الميلادي وكان مؤلفاً من قوسين يعلو أحدهما الآخر ومن عدة أعمدة غاية في الإتقان والإحكام الشارع المستقيم: ويربط المدينة بالباب النبطي، أرضية مرصوفة بالحجارة، على جانبيه بقايا أعمدة وتيجان مزخرفة، بني في القرن الثاني الميلادي كشف عنه حديثاً وأعيدت الأعمدة على جانبيه من قبل المديرية العامة للآثار. قوس النصر: يسمى حالياً باب القنديل، ويقع على الشارع المستقيم ويعود إلى أوائل القرن الثالث الميلادي، يتألف من قوس كبيرة في الوسط ارتفاعها 13م وقوسين جانبيتين أصغر، على العضادة اليمنى كتابة تشير إلى أنه أقيم تخليداً لقائد الفرقة البرقاوية الثالثة (كارنيلوس بالما) ويحمل نقوشاً وزخارف جميلة. أعمدة الساقية الأربعة: وهي تقوم عند تقاطع الشارع الكبير مع الطريق الواصلة بالجامع العمري. وتتألف من أربعة أعمدة تيجانها كورنثية، قواعدها ثمانية، قطر العمود 120سم، ارتفاعه مع القاعدة 14م، وقد كانت واجهة لبناء السقاية التي كانت تزود السكان بالماء. يعود تاريخها إلى القرن الثاني الميلادي. السوق الأرضية (خان الدبس): تقع بين أعمدة السقاية والجامع العمري وهي بناء صحن أبعاده 70×20م، مداخله كثيرة ومرتفعة، تحوي جدرانه محاريب مستديرة ومستطيلة، فيه قسم مسقوف لعرض البضائع شتاءً، وغرف صغيرة، يعود بناؤه إلى العصر الروماني. جامع كمشتكين (الخضر): ويقع شرق نبع الجهير، بناؤه مربع ضلعه 7.5م، يستند سقفه على قوسين مرتكزتين على أعمدة، تظهر فوق محرابه بقايا نقوش عربية، مئذنة مفصولة عن الجامع وقد تهدمت أجزاء منها، يعود تاريخه إلى العهود الإسلامية الأولى، وقد جدد بناءه منصور كمشتكين والي بصرى الأتابكي عام 528هـ تدل على ذلك لوحة فوق ساكف الباب. مقام الخضر: دار رومانية مؤلفة من دورين وبعض الغرف، في أحداها قبر يقال إنه مقام الخضر. الجامع العمري: من مساجد الإسلام الأولى، بني زمن الخليفة عمر بن الخطاب على أنقاض هيكل وثني ذي حرم مستطيل مفتوح على صحن بأقواس ورواقين على جانبيه له مئذنة تعود إلى القرن الثاني الميلادي، وهنالك كتابات يونانية ولاتينية ونبطية وعربية على بعض الأعمدة، جدد بناؤه زمن أبي منصور كمشتكين تدل عليه كتابة على الجدار الشرقي للجامع. جامع مبرك الناقة: يروى أنه بني في المكان الذي بركت فيه ناقة الرسول الكريم، عندما جاء بصرى برفقة عمه أبي طالب، وهو يقع في الزاوية الشمالية الشرقية من سور المدينة، وصارا مركزاً ثقافياً للتدريس، وفيه دفن أحد أبناء الخديوي عباس. يتألف المسجد من 3 أقسام لكل منها محراب، وبلاطة يقال إن ناقة الرسول الكريم ناخت عندها، وقد بنيت البلاطة زمن الأمير منصور الأتابكي عام 530هـ. ويحمل الجزء الشمالي للجامع تقاليد الفن الروماني ببنائه ونقوشه، أما الجزء الشرقي فقد جدد بناؤه في عهود متلاحقة، تحيط بالجامع مقبرة قديمة تعود إلى عهود الرومان والأنباط والمسلمين. جامع فاطمة: يقع بين الكاتدرائية ودير الراهب بحيرا، بني على طراز جامع كمشتكين زمن الحكم الفاطمي، وأدخلت عليه ترميمات كثيرة، بنيت مئذنته من قبل أيوب بن عيسى النجراني عام 705هـ. الحمام المملوكي، يقع شرق الجامع العمري وتتصل مجاري مياهه مع فوارة صحن الجامع، ما تزال بعض أجزائه قائمة في جنوبه وتتألف من غرفة مربعة مسقوفة بقبة في الوسط. الكليبة: يسميها السكان سرير بنت الملك، كانت معبداً رومانياً لم يبق منه إلا جزء صغير من أحد جدرانه وعمودان يحملان قطعة حجرية مزخرفة لها شكل سرير. مدرسة أبي الفداء الحالية: وهي بناء جامع ومدرسة الدباغة وتقع شمال بركة الحاج، يعود تاريخ البناء إلى العصر الأيوبي، بناه أبو الفداء إسماعيل بن السلطان الملك العادل عام 622هـ تدل عليه لوحة على الجدار الشرقي، وتتألف من صالة مستطيلة سقفها مرفوع على 6 أقواس فوق أعمدة رفيعة، أعيد ترميم سقفها من قبل المديرية العامة للآثار عام 1982. جامع ياقوت: يقع أمام مدرسة أبي الفداء، كان مدفناً لشرف الدين بن الأمير ياقوت والي بصرى المتوفى عام 654هـ، وأضيف إليه مسجد صغير بناه الأمير ياقوت.
البركة الشرقية: وتقع شرق المدينة، شكلها مربع ضلعه 114م، ارتفاع جدرانها 6م. تستخدم كخزان للمياه يغذيها وادي الزيدي، بنيت في عهد الأنباط، أعيد ترميم جدرانها عام 1982 من قبل مديرية الآثار. بركة الحاج: وتقع في مواجهة القلعة، شكلها مستطيل 155×122م، عمقها 8م، يغذيها وادي الزيدي، بنيت في عهد الأنباط وقد تم ترميم السياج وأقيم لها حاجز (درابزون) وأدراج عام 1982 من قبل المديرية العامة للآثار. دير الراهب بحيرا: كنيسة بيزنطية قديمة من القرن الرابع الميلادي، أجمل ما فيه قوس المذبح والواجهة الأمامية التي رممت في عصر متأخر، ويروى أن اجتماع الرسول بالراهب بحيرا تم في هذا المعبد. العمود النبطي: يقع قرب الهيكل النبطي، بناه الأنباط قبل الميلاد يظهر منه قسمه العلوي مع التاج. الكاتدرائية: يرجع تاريخ بنائها إلى العهد البيزنطي عام 513م، وهي أو كنيسة تظهر فيها القبة في عالم البناء، قطر قبتها 36م، أبعاد الكنيسة 51×37م. وكانت مقراً لرئيس الأساقفة أيام البيزنطيين. الباب النبطي: يقع في نهاية الشارع المستقيم، يعتقد أنه كان بداية لقصر الملك رئبال الثاني النبطي، يتألف من قوس ضخمة، له فتحة واحدة عريضة مرتفعة، وتحت كل عضادة من القوس غرفة صغيرة رممتها مديرية الآثار. قصر تراجان: ويقع بين الباب النبطي وبركة الحاج، يرجع إلى العصر الروماني، أبعاده 50×33م، مدخله من الشرق، يتألف من دورين تزينهما أروقة مرفوعة على أعمدة من الشمال والجنوب، وتزين واجهته الخارجية تجاويف مربعة ومستديرة لوضع التماثيل فيها. الحمامات الرومانية: تقع شمال القلعة، تتألف من عدة غرف وصالات وعقود جدرانها الخارجية ما تزال قائمة، وقد تمت في السنوات الأخيرة تنقيبات للكشف عنها وإبرازها. قصر رئيس الأساقفة: يقع شرق الكاتدرائية مباشرة، يتألف من 3 حنيات تطل على شقة مستطيلة تتجه شمالاً، في الزاوية الجنوبية الشرقية والغربية غرف مستطيلة من طابقين. أما مقر رئيس الأساقفة فيمتد شمال الحنية الغربية مطلاً على الباحة من جهة الشرق. وقسم آخر من القصر مفصول بشارع ضيق عن القسم الأول، يتألف من بناء لثلاثة دور، والقصر من العهد البيزنطي وفي فترة بناء الكاتدرائية. سور المدينة: يظهر السور في جزئه الغربي والزاوية الشمالية الشرقية منه، معظم أقسامه تحت الأنقاض، بني زمن العرب الأنباط وجعلوا سمك الجدار 4م كما تفيد بذلك كتابة نبطية عثر عليها بجانبه. القلعة: بنيت في المسرح الروماني في العصرين الأموي والعباسي، إذ سدت تجميع أبواب المسرح ونوافذه بجدران خارجية، وفي العهد الفاطمي تم بناء 3 أبراج ملاصقة لجدران المسرح، الأول في الشرق والثاني في الجهة الشمالية الغربية والثالث في الغرب، وكلها تتصل بأبواب تفتح على النوافذ العلوية للمسرح، وتم بناء 9 أبراج زمن الملك العادل بن أيوب وولده شرف الدين بن عيسى عام 599هـ في العهد الأيوبي، وأحيطت بخندق ودعمت جدران بعضها بجدران مائلة، يمر فوق الخندق جسر مؤلف من 5 أقواس ثابتة يتقدمها جسر خشبي يرفع عند الحاجة بحبال مثبتة عند باب القلعة. المسرح: يعد من أهم وأعظم المسارح الرومانية في العالم وقد بقي بحالة شبه كاملة، بني في القرن الثاني الميلادي، يبلغ عرض المسرح 45.5م من الداخل و54.35م من الخارج، قطر دائرة المسرح 102م، ويقسم بناؤه إلى 3أقسام تفصل بينها ممرات، ويتوج أقسامها الثلاثة رواق علوي يستند على أعمدة من الطراز اليوناني الدوري، تنفتح على منصة التمثيل ثلاثة أبواب، وراءها ممشى طويل، وأمام منصة التمثيل ساحة الجوقة (الأوركسترا). الملعب الروماني (هيبودروم): الشهير الآن بالميدان، يقع جنوب القلعة، شكله مستطيل لم تبق منه سوى أساسات خارجية لبعض الجدران، يرجع بناؤه إلى العصر الروماني. المسابح الرومانية: وتعرف الآن باسم المرج أو المطخ، وهناك مسبحان كبيران من العهد الروماني أبعاد كل منهما 50×20م، لا يزال جزء من جدارها الخارجية العالية، بينما غمر الطمي أجزاءها السفلية مع أرضية المسبح. جامع الملعب: يقع شرق المدينة على طريق بصرى-جمرين، عبارة عن غرفة صغيرة فيها محراب يرجع إلى العصور الإسلامية. المعسكر الروماني: يقع في أطراف المدينة، وقد أجرت مديرية الآثار التنقيبات فيه وكشفت وجود أساسات للمدخل الرئيسي المتصل بالسور الأساسي للمدينة.
يوجد مشروع لنقل سكان المدينة إلى مساكن جديدة تبنى لهم خارج منطقة الآثار، لتتمكن المديرية العامة للآثار من الكشف عن آثار المدينة بشكل كامل.