العرب الأنباط


مدرج بصرى

قبائل عربية ظهرت لأول مرة في القرن السادس قبل الميلاد، في الصحراء الواقعة في شرقي الأردن، وقد قدمت من جنوب شرقي جزيرة العرب ونزلت أولا في سلع (البتراء) ثم امتدت منازلها إلى حوران والشام. وكانت بصرى عاصمتهم.

قيل انهم من نسل (بنايوط = بنايوت) بكْر اسماعيل بن ابراهيم، وقيل انه كان لاسماعيل اثنا عشر ولدا ألفوا قبيلة، ونزل أكثرهم في نجد، أما ولده نابت (بنايوت) فسكن الحجاز مع (جرهم). وقيل ان (نابت) هذا استلم سدانة الكعبة من أبيه وتسلمها بعده جدهم.

وقيل ان أبا الأنباط لما رحل بهم نزلوا في جبل شمر في أواسط بلاد العرب، ولما داهمهم آشور بانيبال لجأوا إلى وادي عربة (الغور) ما بين البحر الميت وخليج العقبة.

ظل الأنباط حتى القرن الرابع قبل الميلاد رحلا يعيشون في الخيام، ويتكلمون العربية، ويكرهون الخمر، ولا يهتمون بالزراعة، وفي القرن الثاني تركوا حياة الرعي واستقروا وعملوا في الزراعة والتجارة، وفي أواخر القرن الثاني كانوا قد تحولوا الى مجتمع منظم متطور.

ذكر الأنباط المؤرخ اليوناني «هيرودوت» وعدَّد بعض معبوداتهم، ومنها الاله اوراتول، وأول تاريخ ثابت في عهد الأنباط هو عام 312ق.م حين نجحوا في صد هجمات حملتين من سورية بقيادة (انتيفونس) أحد خلفاء الإسكندر الكبير ضد (صخراتهم) (أم البيارة)، وكانت عاصمتهم التي بدت كحصن جبلي، ثم أصبحت محطة للقوافل عند ملتقى طرق التجارة التي كانت تنقل اللبان وتجارة التوابل، وكان هذا الملجأ الصخري الذي دُعي فيما دعي (البتراء) قبل عهد الأنباط مدينة يلتجيء اليها الآدوميون، وكانت محفورة في قلب صخر رملي يظهر ألوان قوس قزح، ولذلك كانت تشكل مزيجا فريدا من الفن والطبيعة، وكلمة (بتراء = بطرا Petra) هي كلمة يونانية معناها (صخرة)، وفي العربية الفصحى (الرقيم).

وسع الأنباط سلطتهم، وبرعوا في استخراج المياه الجوفية، وفي استخدام مياه الأمطار، وأصبحت لهم قوة تهاب، وأنشأوا دولة تولاها ملوك كثيرون دعي معظمهم باسم (الحارث = اريثاس) ومنهم (الحارث الثاني = ايروتيموس، حوالي 110-96ق.م) الذي حاصر أورشليم. ومنهم الحارث الثالث الذي تغلب على سورية المجوفة، وأصبح ملك دمشق برضا أهلها سنة 85ق.م، ولقَّبه السلوقيون (فيلهلين) أي (محب اليونان). ومنهم الحارث الرابع (9ق.م – 40 ب.م) الذي نشر الحضارة الرومانية في بلاده.

وأثناء وجود نائبه في دمشق هرب (القديس بولس) متدليا بزنبيل من السور لأن هذا النائب أراد القبض عليه.

وكان آخر ملوك الأنباط (مالكو الثاني) الذي دخلت دمشق في عهده في أيدي الرومان، وانتهى بموته عصر الأنباط الذهبي الذي بدأ في عام (50 ق.م).

بقيت دولة الأنباط قائمة رغم الاحتلال الروماني لسورية سنة 64 ق.م حتى كانت سنة 106 للميلاد عندما قرر الإمبراطور تراجان أن يخضعهم لسيطرته، فوجه إليهم حملة احتلت بلادهم وقضت على دولتهم وجعلت من مناطقهم ولاية رومانية عرفت باسم الولاية العربية الرومانية.

كانت حضارة الأنباط عربية في لغتها، آرامية في كتابتها، سامية في ديانتها، ويونانية-رومانية في فنها وهندستها المعمارية.

برع الأنباط في الفن الحربي –وبخاصة في رمي النبال- وسيطروا على تجارة الشرق، وأقاموا كثيرا من القلاع والأبراج، ووصلت قوافلهم الى ايطاليا وفرنسا.

كانت لغتهم الوطنية لهجة عربية شمالية، وتلاحظ في كتاباتهم الأثرية ذكر أسماء (علي، وحبيب، وسعيد). وكلمات عربية أخرى مثل (قبر، وغير) وفي كتابات أثرية عديدة يكاد النص كله يكون عربياً، وكانت الكتابة بالحروف الآرامية، وحوالي منتصف القرن الأول قبل الميلاد أصبح للكتابة النبطية صفتها المميزة، ويستدل من دراسة الكتابات الأثرية العربية القديمة أن الأبجدية العربية انحدرت مباشرة من الحروف النبطية.

مواضيع ذات صلة: