حماة



نواعير حماة على نهر العاصي
في الأربعينيات من القرن العشرين

تقع مدينة حماة في وسط المحافظة التي تحمل اسمها، وتمتد على جانبي نهر العاصي. حيث ترقد المدينة ضمن وهدة منخفضة، وتحيط بها الهضاب من الأطراف. تبعد مدينة حماة عن دمشق 209كم وعن حلب 150كم، وتبتعد عن الساحل السوري بمقدار 120كم عبر الطرق الواصلة بينهما، ولموقع مدينة حماة على نهر العاصي أهمية كبرى، فهي المعبر لمن يريد أن يتنقل في أرجاء سورية من أي جهة كانت. كما أن موقعها على طرف البادية السورية الغربي جعل منها سوقاً رئيساً لمنتجات البادية. وتحتضن المدينة نهر العاصي من جانبيه مما جعلها وثيقة الارتباط به، حيث أنها استخدمت النواعير لتوزيع مياهه لري بساتينها وتأمين المياه الضرورية لبيوتها وخاناتها وحماماتها.


وحماة مدينة عريقة في التاريخ، يعود تاريخها إلى الألف الخامسة قبل الميلاد. واسمها مشتق من كلمة القلعة أو الحصن، إذ أن الحصن في اللغات الشرقية القديمة يسمى «حامات». ويذهب البعض إلى أن بانيها هو حمث بن كنعان، ويرى بعضهم أنها سميت على اسم أول ملك آرامي لها، وهو حماه. وعرفت المدينة في دور السلوقيين باسم «أبيفانيا» وتعرف أيضاً باسم مدينة أبي الفداء الذي كان ملكاً عليها (1310-1332م).



نواعير حماة في الأربعينيات من القرن العشرين

وكان لنهر العاصي دور أساسي في اختيار الموقع الأول لمدينة حماة، حيث شكل الطرف الشمالي الغربي من الوهدة موقع المدينة الأولى بحكم أن الوهدة كانت الأرض التي اعتمد عليها الأقدمون في الزراعة وتحصيل المعاش، وفي هذا الطرف الشمالي الغربي تقع قلعة حماة النواة الأولى للمدينة في العصر الحجري الحديث في الألف الخامسة قبل الميلاد، ثم توسعت المدينة خارج حدود القلعة في العصور اللاحقة بدءاً من العصر الآرامي حتى أيام الرومان بظهور النواعير وتطور الزراعة، واستمرت في التطور في العصر البيزنطي. فتح العرب المسلمون المدينة عام 17هـ/638م على يد أبو عبيدة بن الجراح.

ازدهرت المدينة ازدهاراً كبيراً في العهدين الزنكي والأيوبي، وعاشت كافة الأحداث التي تلتها من العهد المملوكي فـالعثماني فـالانتداب الفرنسي إلى الاستقلال عام 1946، لتتطور بعد ذلك تطوراً كبيراً.



الشارع المستقيم في مدينة أفاميا الأثرية

تأثر مخطط مدينة حماة عبر تاريخها الطويل بمجرى العاصي والهضاب المحيطة بالمدينة من الجهة الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية إذ يجتاز نهر العاصي مدينة حماة في منتصفها، قاسماً إياها إلى قسمين كبيرين، هما الحاضر شمال العاصي والسوق جنوب العاصي، ويصل بين الحاضر والسوق خمسة جسور قديمة كبرى مقامة على النهر، وجسر حديث يقع في الطرق الشرقي من المدينة هو جسر سلمية.



ولم يكن هناك أي مخطط منظم للمدينة في العهدين السلوقي والروماني، وأول حي من أحياء المدينة ظهر خارج القلعة هو حي المدينة في الألف الأولى قبل الميلاد، وقد نمت المدينة باتجاه الطرق الخمسة الرئيسة التي كانت تنطلق منها باتجاه المدن الأخرى .



وحماة بتاريخها العريق تحوي الكثير من المعالم التاريخية التي تشكل أماكن استقطاب لأعداد كبيرة من السياح، منها قلعة حماة والجامع النوري والجامع الكبير وجامع أبي الفداء وخان أسعد باشا العظم وخان رستم باشا وبيمارستان النوري وحمام السعدية وحمام العبيسي وحمام العثمانية بجانب متحف حماة الغني بكنوزه الأثرية. وليس أقل أهمية مما سبق نواعير حماة الشهيرة البالغ عددها ضمن المدينة 16 ناعورة (أشهرها وأكبرها المحمدية).