السويداء


نصب تذكاري
للسلطان باشا الأطرش
في إحدى ساحات السويداء


السويداء محافظة سورية تقع جنوبي القطر العربي السوري، يحدها من الشمال حوضة دمشق، ومن الجنوب مرتفع الأردن، ومن الشرق مرتفع الرطبة، ومن الغرب سهول حوران. مساحتها نحو 5550كم2.

تتكون أراضي المحافظة من كتلة مركزية عالية، أعلى قممها في الجينة (1803م)، ينتشر على سطحها عدد كبير من المخاريط البركانية أعلاها مخروط تل قليب (1696م)، تعرض معظم هذه البراكين لعوامل الطبيعة، حيث غطت معظم السطح هنا تربة زراعية خصبة حمراء داكنة أو صفراء داكنة رقيقة نسبياً، وتراوح أمطارها بين 350-500ممن سنوياً.

تنتشر فيها الحرّات البركانية المعقدة المشوشة، التي تمتد بين طريق دمشق ـ شهبا ـ السويداء شرقاً وطريق السويداء ـ الشيخ مسكين جنوباً وحتى قرية المسمية غرباً وبراق شمالاً.

أما الزاوية الشمالية الشرقية، بين طريق دمشق، شهبا ـ السويداء من الغرب، وصبات الكراع من الشرق، ومخروط خزفيل جنوب شقا وتل الأصفر شمالاً، فتغلب على تربتها الصفراء صفة قلة التطور بسبب نقص كمية الأمطار، حيث يقع هذا الجزء في ظل المطر (أقل من 250مم).

الثلوج تغطي السويداء

تقع محافظة السويداء ضمن منطقة المناخ المتوسطي الداخلي الجبلي (نصف الجاف): وتتميز هذه المنطقة بأن ارتفاعها يجعلها كمكثف لبخار الماء القادم مع هواء فتحة الجولان، ما يؤدي لسقوط كميات من الأمطار تزيد على كمية أمطار المناطق الداخلية في شرقي المتوسط، التي لها نفس البعد عن البحر المتوسط.
وتتميز المحافظة بصيف مشمس معتدل وشتاء بارد ماطر؛ أما فصلا الربيع والخريف فهما انتقاليان قصيران. وتعد الأمطار المصدر الوحيد للمياه في المحافظة، إذ لا وجود لمجار مائية دائمة فيها. وتلبية لحاجة المواطنين للمياه قامت الدولة ببناء عدد من السدود السطحية لتخزين كميات كبيرة من مياه الأمطار؛ وأهمها سد جبل العرب الذي يحجز خلفه 19.5 مليون م3 من الماء بنيت عليه محطة للتنقية تؤمن مياه الشرب للعديد من القرى، وسد الروم الذي يحجز خلفه /4/ مليون م3 من الماء. إضافة إلى ذلك حفرت الدولة عدة آبار منها: آبار بريكة، آبار منطقة اللجاة (داما)،بئر كوم الحصى. أما مدينة السويداء، فقد جُرت إليها مياه نبع مزيريب.

من آثار الشهبا

لمحات من تاريخ المحافظة


أشارت عمليات المسح التي أجرتها البعثة الأثرية الفرنسية في المحافظة بين عام 1983 و1988 إلى أن الإنسان قد تنقل في هذه المنطقة منذ العصور الحجرية، وترك مخلفاته الصوانية في مراحات عديدة ومتنوعة منها: كوم التينة، ومراح المزرعة.
وقد أثبتت عمليات المسح الأثري أن مواقع دير الأسمر بين نجران وأم العلق وغيرها، فيها آثار من عصر الممالك الكنعانية الأمورية، وتقدم المتونة مثالاً على ذلك، حيث عثر فيها على قبور، فيها أوانٍ فخارية من صنف الآنية التي انتشر استعمالها في عصر الهكسوس.

وحينما احتل تيغلات بيلاصر الثالث دمشق عام 733ق.م، حوّلها مع المناطق الست عشرة التابعة لها إلى ولايات آشورية، كانت إحداها ولاية حوران بما فيها جبل العرب.

ويرجح أن دخول العرب الأنباط إلى الجبل وضمه إلى ملكهم، ثم بعد معركة «موتانا» المعروفة اليوم بـ «امتان» إثر تغلبهم على خلفاء الإسكندر المقدوني عام 88ق.م. وتوجد آثارهم في بصرى وصلخد والسويداء وسيع وغيرها.

من آثار الشهبا

ضمَّ الرومان في عام 106م المنطقة إلى ملكهم، وسموها الولاية العربية وعاصمتها بصرى. وبعد اندحار الجيوش الرومانية في معركة اليرموك (636م) استمر الجبل جزءاً من الدولتين الأموية والعباسية. وتكشف آثار وجدت في قلعة صلخد عن امتداد سلطة الفاطميين)+) إلى الجبل، وهي تعود على أيام المستنصر بالله الفاطمي (1036-1096م).

ومع بداية الحروب الصليبية، تمركز الأيوبيون فيه وبنوا الحصون والقلاع وزادوا في قلاعه النبطية القديمة. ولـصلاح الدين بصمات بارزة في صلخد بعد النصر المؤزر في معركة حطين 1187م.

بقي الجبل في أثناء الحكم العثماني جزءاً من لواء حوران. وقد تصدى سكانه لحملات الدولة العثمانية التي كانت أشهرها حملة ممدوح باشا وحملة سامي باشا افاروقي. وبعد إعلان الثورة العربية الكبرى في الحجاز عام 1916م. كان سلطان باشا الأطرش وفرسان الجبل في مقدمة من انضوى تحت لوائها.

بعض المناطق التاريخية والأوابد الأثرية في السويداء



فيليب العربي
إمبراطور روما

مدينة شهبا


تقع جنوبي مدينة دمشق، وتبعد عنها مسافة 90كم، وترتفع 1080م عن سطح البحر، وهي مسقط رأس الإمبراطور فيليب العربي الذي حكم روما بين عام 244 و249م، ومن آثار هذه المدينة: داره بمعنى قصر، وتحوي اليوم على متحف الفسيفساء، ومسرح شهبا، وكليبة شهبا (معبد) التي يبلغ عرض واجهتها 30 متراً، وحمامات شهبا.

مدينة صلخد


سميت قديماً باسم سلخة وصَرْخد، وتقع على مسافة 34كم جنوب شرقي السويداء، وترتفع عن سطح البحر 1380م؛ أهم آثارها: القلعة الأيوبية التي بناها الأنباط وجدّدها الأيوبيون، مئذنة صلخد، آثار قبور أيوبية، وحجارة مكتوبة بالخط العربي.

القنوات الرومانية
في بلدة قنوات

بلدة قنوات


سميت القنوات أيضاً كاناثا أو كيناث أو نوباه؛ وأقدم المكتشفات الأثرية فيها أدوات حجارة صوانية تعود للعصر الحجري، وأهم الآثار الموجودة فيها: السراي الأثرية (مجمع المعابد والكنائس)، معبد إله الشمس، معبد الإله زيوس، معبد إله المياه، ومسرح قنوات الصغير (الأوديون).

موقع سيع


يقع على بعد 2كم جنوب شرق قنوات، وهو موقع حصين تحيط به الأسوار العالية، وله أبواب، ولا يزال الباب الشرقي منها واضحاً. وقد بنى الأنباط ضمن الموقع من الغرب معبدين في عام 33ق.م.

بلدة شقا


تقع إلى الشرق من مدينة شهبا، وفيها الأوابد التاريخية الآتية: القيصرية وهي مقر حاكم المقاطعة في زمن الرومان، كليبة شقا، الدير والأبراج.

بلدة عتيل


وفيها معبدان: الجنوبي يعود تاريخ بنائه إلى عام 151م، والشمالي بُني 211 و212م.

السكان


بلغ عدد سكان محافظة السويداء 268337 نسمة في تعداد 1994 منهم 76607 يعيشون في الحضر و191730 نسمة يعيشون في الريف، أي أن سكان الحضر يؤلفون 28.54% من السكان، وقد أصبح عدد سكان المحافظة في نهاية عام 2003 (وفقاً لمديرية الشؤون المدنية بالسويداء) 428601 نسمة.

الوضع الاقتصادي


تعدّ محافظة السويداء زراعية؛ حيث يعتمد اقتصادها على الزراعة بالدرجة الأولى. أما الصناعة فحديثة العهد، والتجارة خدمية محلية.

الزراعة


يعتمد قسم كبير من السكان على الزراعة، إذ يزرعون الكثير من المحاصيل (الحبوب كالقمح والشعير، البندورة، القثاء، البطيخ الأحمر، الكوسا، الخيار، الباذنجان، الفليفلة). وتشتهر المحافظة بزراعة عدد من الأشجار المثمرة، لاسيما العنب والتفاح.

وفي المحافظة ثلاث معاصر للزيتون أنشئت برأسمال خاص في قرية الثعلة ومدينة شهبا وقرية رساس.

الثروة الحيوانية


يتزايد اهتمام سكان المحافظة بتربية الحيوان، لأهمية ذلك في تلبية احتياجاتهم من اللحوم والحليب ومشتقاته. وقد تألف قطيع الحيوانات عام 2003 من أكثر من 11243 رأس بقر، و277893 رأس غنم و53282 رأس ماعز، وفي المحافظة نحو 81 مدجنة دجاج، كما تربى الطيور الداجنة الأخرى، وفي المحافظة 2716 خلية نحل.

الصناعة


اشتهرت المحافظة ببعض الصناعات التقليدية، كصناعة السجاد اليدوي، وتطورت هذه الصناعة لاحقاً من خلال الوحدات الإرشادية، حيث آمنت وزارة الشؤون الاجتماعية أنوالاً حديثة معدنية سهلة الاستخدام ساعدت في إنتاج أفضل أنواع السجاد اليدوي. كما اشتهرت في صناعة الأطباق والصواني والقفف المصنوعة من سوق نبات القمح بعد تلوينها بمختلف الألوان.

وقد أقيم في المحافظة عدة صناعات حديثة منها: معمل تقطير العنب ومعمل السجاد الصوفي الحديث ومصنع للأحذية. ويوجد في مختلف مناطق المحافظة أيضاً عدد من المعامل، كمعامل البلاستيك والرخام والبلاط والبلوط والنجارة ومعامل الحدادة والألمنيوم ومشاغل التريكو وغيرها.

الطرق


ويوجد في المحافظة شبكة من الطرق تربط القرى والمدن في المحافظة بعضها بعضاً وبالمحافظات الأخرى.

الثقافة


وقد شهدت المحافظة نهضة تعليمية في مختلف المجالات ظهرت نتائجها في الإنتاج الفكرية والثقافي والعلمي لعدد من المثقفين والمتخصصين في مختلف ميادين العلم من أبناء المحافظة.
وتوجد في المحافظة مديرية ثقافة السويداء، وتضم ستة عشر مركزاً ثقافياً موزعة على مساحة المحافظة، وتعدّ مراكز لإقامة الأنشطة الفكرية والثقافية والعلمية في المحافظة، ويتبع لمديرية الثقافة أيضاً مركز الفنون التشكيلية، ومعهد الثقافة الشعبية، إضافة على مكتب محو الأمية الذي يقوم بمهام إقامة دورات محو الأمية في المحافظة. وقد تم الإحتفال بخلو السويداء من الأمية في عام 2008.

منظر عام لمدينة السويداء

مدينة السويداء


وهي مركز المحافظة. والسويداء تصغير سوداء، كما قال ياقوت في معجم البلدان، وكان اسمها أيام الأنباط «سودا» أي السوداء الصغيرة، لأن المدينة بنيت بالحجارة البركانية السوداء، واسمها اليوناني «سوآدا». وكانت تدعى أيام الرومان «مكسيميانوبوليس» أي «بلدة مكسيميان». بنيت المدينة على منحدر يأخذ شكل تلة واسعة أو هضبة بركانية صغيرة متموجة، يزداد ارتفاعها شرقاً، وترتفع 1025م عن سطح البحر، ويمر بها خط الطول 36 درجة و34 دقيقة شرقاً وخط العرض 32 درجة و42 دقيقة و30 ثانية شمالاً.

النشأة والتاريخ


كانت مدينة السويداء إحدى المقرات النبطية في المنطقة، وتحوي المدينة آثاراً من العصر الروماني كالمسرح والمعبد الذي حوّل من معبد ذي الشراة إلى معبد روماني. وفي العصر البيزنطي أنشئت فيها كنائس على أنقاض المعابد القديمة، منها الكنيسة الكبيرة في القرن السادس الميلادي. إعمارها الحالي يعود إلى مطلع القرن الثامن عشر؛ حيث هاجر إليها السكان قادمين من لبنان وحلب وفلسطين بعد عام 1711م. أما العثمانيون فقد بنوا فيها داراً للحكومة وسجناً. لقد كان لسكان المدينة نضال مشهود في مقاومة الاستبداد العثماني والمستعمر الفرنسي وفي المشاركة بفاعلية مع الثورات الوطنية حتى نال القطر العربي السوري استقلاله عام 1946. وفي السبعينات من القرن العشرين توسعت المدينة وانتشر العمران على محاذاة طرق السويداء ـ شهبا، والسويداء ـ رساس، والسويداء ـ قنوات، والسويداء ـ الرحى، وأصبحت المدينة أكثر تنظيما.


من الآثار الكثيرة في محافظة السويداء

وظائف المدينة


تعد مدينة السويداء أهم مركز إداري في المحافظة، وتتصدرالنشاط الصناعي والتجري؛ حيث يوجد فيها عدد من المعامل والشركات (معمل السجاد الآلي، معمل الأحذية، ومعمل البلاستك، وشركة عصير الجبل...) وتنتشر في أطرافها عدة معامل لصنع البلاط والرخام وصناعة الأبواب والنوافذ والمطابخ الألمنيوم.
معرض السويداء
يقام في مدينة السويداء معرض سنوي للتفاحيات والعنب، حيث تشتهر ـ منذ قديم الزمان ـ بإنتاج أصناف جيدة منها. وعلى يمين المدخل الشمالي للمدينة تقع مديرية السياحة، تقدم الخدمات والمعلومات السياحية للسياح والمهتمين بالسياحة.

متحف السويداء


تحتضن المدينة متحف السويداء الضخم الذي أنشئ بين عام 1982 و1988. وهو ذو عمارة من الحجر البازلتي وقبة جميلة.
محتويات المتحف من الآثار تماثيل حجرية بازلتية مختلفة الأشكال منها النبطي ومنها الروماني، وأدوات حجرية وصوانية، ولوحات من الفسيفساء الجميلة النادرة، وأوان فخارية... ومجموعة من النقود الذهبية والفضية والبرونزية والنحاسية تعود إلى عصور العرب الأنباط والعهود الرومانية والبيزنطية والعربية الإسلامية.