تشكيليون يتشاركون الفرح مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في حلب

22 كانون الثاني 2010

بمبادرة من دار الفنون ورشة رسم لذوي الاحتياجات الخاصة في متحف حلب

ما إن بدأ اللون يتدفق على الورق، حتى أصبح الجميع -من تشكيليين وموجهين وإعلاميين- جزءاً من عملية التلقي والمشاركة، التفاعل والفرح، وما بقي هو هذا الطفل الذي يلعب بمزج اللون، ليقول صرخته أو حلمه المخفيين تحت جناحيه.

كيفما جاء الرسم، وكيفما تكسرت الريشة على حواف الورق، كان الرسم واضحاً، كفرح باصطياد الصور وتحويلها إلى بحر من لون، أو سيارة وطيور وبيت وأشجار ووجوه وأهل يمسكون بأيادٍ مرتجفة تحاول وتريد الوقوف، لم يكونوا يرسمون بقدر ما كانوا يخبروننا بما يمتلكونه، لم يكن الرسم لوحة بقدر ما كان حالة ارتجاف ورغبة، أمل ومقدرة.

الرسم يا أصدقائي ليس مجرد لون على الورق بل ما يحمله اللون إلى الورق، وهكذا كان، صرخة في ضمائرنا جميعاً من قبل هؤلاء الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، فهل سنبقى محرومين منكم؟!

الموضوع: عيد المعاق أو الإعاقة العالمي.
المكان: بهو المتحف الوطني بحلب.
الزمان: من 16حتى 19 كانون الثاني 2010.

أكثر من ثلاثين طفلاً من ذوي الاحتياجات الخاصة بينهم الصم والبكم، وهذه المجموعة أشرف عليها الفنان ياسر حمود. أما المتوحدون ومفرطو النشاط فأشرف عليهم الفنان صفوان داحول. بينما أشرفت الفنانة ريما سلمون على مجموعة من أصحاب الاحتياجات الخاصة ممن لديهم شلل دماغي أو حركي.


التشكيلي ياسر حمود
مع أطفال مجموعته في ورشة الرسم

ياسر حمود: الأطفال كانوا ملجئي الجميل!
عندما عرفت ياسر حمود لم أعرفه كفنان فقط، إذ سرعان ما امتزج الأمر لدي ما بين فنان وطفل، وهذا ما كنت أقوله حتى له، دون أن أعرف أن كلامي كان دقيقاً فعلاً، وبعد أن تابعت ياسر في هذه الورشة، عرفت كم هو طفل بالفعل، ليس لأنه لعب مع الاطفال وتراشق معهم بالألوان، وليس لأنه رسم معهم وشاركهم، وليس لأنه أجاد كسر الجدران والحواجز معهم، وليس لأن ياسر كان يحرص كل الوقت على تذكر أسماء جميع أفراد مجموعته، ولذا راح يصورهم ليبقوا في ذاكرته، ثمة شيء آخر مختلف هو أن ياسر كان يتعامل مع الأطفال كأساتذة كبار، حتى أنه أهدى كل الأطفال كتالوج معرضه الأخير موقعاً بإهدائه، ومما كتبه لمريم في الكتاب الذي قدمه لها: «لمريم كل محبتي طوال الوقت». ياسر أخبرني عندما انتهت الورشة أنه كان يجب أن لا تنتهي الآن.

«اكتشف سورية» توقف في البداية مع الفنان ياسر حمود، لنتعرف على خصوصية مشاركته وانطباعه.

أكثر ما استرعى الانتباه هو مقدرتك على التواصل مع الأطفال، فبأقصر وقت لاحظنا أنك استطعت التواصل معهم، وخصوصاً أنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، كيف تفسر لنا هذا النجاح من اللحظات الاولى في هذه التجربة الجديدة عليك؟
حتى يتعرف إليك الأطفال ويحبونك، يجب أن يتجاوزوا فكرة أنك أستاذ، وهذا بدايةً ما حاولت أن أكسره كحاجز نفسي بيني وبينهم، فبعد أقل من ساعة بدأ الاطفال يتواصلون معي، وهذا كان بمثابة فرح لنا وساعدنا على أن نكون أصدقاء من البداية.

نعرف مدى انشغالاتك، ومع ذلك تفرغت لمدة أربعة أيام لتشارك هؤلاء الأطفال الرسم، وكنتيجة لهذه المشاركة الإيجابية، كيف يدعو الفنان ياسر حمود زملاءه الفنانين للمساهمة بتقديم الفرح لهؤلاء الاطفال؟
كنت متشوقاً لأجد مثل هذه الفرصة كي أكون بين الأطفال، وعندما وُجهتْ إلي الدعوة لبَّيتُها دون تردد، فأنا في رسمي أعتمد على ذاكرتي البعيدة (الطفولة)، وأنا بشوق لملامسة هذا الجانب من شخصيتي من جديد، فكأني أصبحت أنا هم وأصبحوا هم أنا، وهذا حلم يحلم به أي إنسان، بأن يهرب من أعباء المعرفة التي تثقل كاهله، ويلجأ إلى ملجأ آخر، وهؤلاء الأطفال كانوا ملجئي الجميل. كنت أتمنى أن تكون هذه الورشة أطول، فما تشعر به يشدك أكثر إلى صفائك الإنساني بل يحرضك أكثر لتكون أكثر صفاء. أستطيع أن أقول لك أن هذه المشاركة كانت عودة إلى ذاكرتي الطفولية، للتحرر من أعباء كثيرة بينها المعرفة، وما فعلتُه أنني حاولت أن أكون مثلهم.

الفنان ليس مجرد صانع أو مبدع لوحة، بل هو في الجانب الأكثر أهمية ابن مجتمعه وعليه واجب المشاركة في بنائه. فهل تعتبر أن هذه الورشة وأمثالها تتمة لواجبه؟
ليس تتمة، المسألة تكمن في السؤال التالي: هل أنت ابن هذا المكان والزمان أم لا؟ وإذا قررتَ أنك ابن هذا الزمان والمكان فأنت مواطن، تنتمي وتحب وتعتز، أي أنك تكون جزءاً من كل. وكيف تكون جزءاً ومواطناً إذا كنت لا تعرف من هم هؤلاء الأشخاص؟ إن هؤلاء الأطفال هم أيضاً جزء ويجب أن تتعرف عليهم، ومن هذا المنطق تكون الدعوة إلى الآخر أي آخر، فناناً كان أو غير فنان، المهم هنا أن يكون إنساناً، كي يتعرف على هذا الجانب من الوطن، فهذا الطفل يمكن أن يكون ابني أو ابنك، فلماذا يجب أن تنتظر ليكون ابنك حتى تتعرف إليه بهذه الخصوصية. هذا ابنك لأنه مواطن وابن مواطن، أي انه ينتمي إلى الزمان والمكان والمجتمع الذي تنتمي إليه. نعم هذه دعوة وهي مفتوحة للجميع.

كيف تكون دعوة ومفتوحة للجميع؟
دعني أخبرك أمراً، ليس بالضرورة أن يدعوني أحد لأتعرف إلى هذا الجزء، بل أنا من يجب أن أبحث عنه. فإذا اعتبرنا بمفهوم المرض أن هذا الجزء متأخر عنك، سيكون عليك أن تبحث عنه أنت.

لو سألتك من أعطى أكثر، أنت أم هم، ماذا تقول؟
لا شك أنهم قد أعطوني أكثر، هم من يستطيع ويعرف أن يعطي أكثر، ربما مجموعتي كانت ذكية إذ لم تكن تعاني من احتياجات عقلية بل مجرد إعاقات سمعية ونطقية، وهذا ساعدني كثيراً في التواصل معهم، طبعاً مع بعض المساعدات من المشرفات عليهم، ولذا استطعت أن أعلمهم بعض الأساسيات في مزج الألوان وهذا أفرحهم كثيراً، فقد اكتشفوا من أين يأتي اللون الأخضر أو البنفسجي، وهذا كان مفاجأة لهم وضحكوا لهذا، وكانت هذه الضحكات أول التفاعل فيما بيننا في رحلة الأيام الأربعة هذه، خصوصاً وأن الألوان التي كانت موجودة في الورشة هي الألوان الأساسية فقط. بعد هذا الدرس بدؤوا هم بالعطاء، إذ استطاعوا التوصل إلى استخراج لون الأشجار.

نعرف جميعاً أننا لا نستطيع فرض محبتنا على الأطفال، لكن الأطفال عبروا عن حبهم لك بأن رسمك عددٌ كبير منهم، كيف نفسر هذا الفعل من الأطفال؟
هؤلاء الأطفال كانوا مهيئين للتعامل مع أستاذ، والأستاذ بالنسبة إليهم ولكل الطلاب قد يعني حاجزاً أو جداراً، إلا أنني كسرتُ هذا الجدار، وسرعان ما اكتشفوا أني طفل مثلهم، وأنني جئتُ لأعيش وألعب معهم طيلة هذه الأيام الأربعة، وقد وصلهم أنني لست أستاذاً، بل مجرد شخص مثلهم، وعلى هذا قبلوني في بيتهم، لدرجة أننا صرنا نلوِّن ونرسم على ثيابنا، هم رسموا على ثيابي وكذلك فعلت أنا، لقد امتزج التعلم والرسم واللعب في ذات الوقت، وكيف يمكن أن يبادلوك هذا إن لم يشعروا بأنك صديقهم، وأنا أعتز كثيراً بصداقتهم.. هكذا أفسر الأمر.

لا شك أنه قد تكونَتْ لديك خبرة بعد هذه الورشة والتي نتمنى أن تتكرر. ماهي النصائح التي يمكن أن تقدمها للورشات المقبلة في هذا السياق؟
لا يمكن النظر إلى الإعاقة أو الاحتياجات الخاصة على أنها تشكل فرقاً كبيراً بالمقارنة مع الأسوياء، بل يمكن النظر إلى الأمر على أنه فرق في سرعة التطور أو في سرعة استقبال وحفظ المعلومة، وأن الطفل (المعاق) هو طفل أولاً، وليس ذا حاجة أولاً. هكذا يجب أن يُنظر إلى الأمر في كل تعامل مع هؤلاء الأطفال، وألاّ يكون التعليم علاقة بين أستاذ وطالب بل كمشاركة وتعايش من أجل أن يستطيع الطفل المشاركة والخروج من حالة الوحدة، وبعد المشاركة يجب النظر إلى الطفل بندية ودون تساهل لتحفيزه أكثر على العطاء، فالرسم هنا يخلق هذه المشاركة ويساعد الطفل على الانطلاق بفكره وخياله، ويساعده أيضاً على تفريغ الشحنات السلبية، وهذا بدوره يُحوِّل الإعاقة إذا ما أُحسن التعامل معها إلى طاقة.


التشكيلي صفوان داحول
مع أطفال مجموعته في ورشة الرسم

صفوان داحول: ورشة العمل هذه كانت بالدرجة الأولى لنا!
حتى بعد انتهاء الورشة كان الفنان صفوان داحول ما يزال عالقاً بصبر ومحبة مع أحد الأطفال ممن يعانون من فرط النشاط، وكلما رسم ذاك الطفل بحراً، أراد أن يرسم بحراً آخر، حتى أنه رسم البحر بكل الألوان، وصفوان لا يزال يساعده بتحضير اللوحات حتى تجاوزت الثلاثين، ولولا أن المشرفة أنهت بالتراضي تلوين البحور، لكان داحول لا يزال يحضر اللوحات حتى الآن.

«اكتشف سورية» توقف مع الفنان صفوان داحول للتعرف أكثر إلى شعوره وانطباعه عن الورشة.

لا شك بأن ما قمتم به هو جزء من محبتكم، هنا أسألك كيف قبلت الدعوة للمشاركة بهذه الورشة مع كل الخصوصية التي تعنيها؟
سبق لي وأن شاركت في عشرات الورشات في عدة أمكنة، وإن كانت هذه الورشة تختلف عن باقي الورشات التي شاركت بها، ومشاركتي بهذه الورشة ليس كرم أخلاق أو تطوعاً، لأنه من الطبيعي أن تشارك بهذه الورشة، وإنه لقليل أن تعطي من وقتك فقط أربعة أيام لهؤلاء الأطفال، هذا يشعرنا بالخجل، وهذه أول المشاعر التي تنتابك بعد أول احتكاك مع هؤلاء الأطفال الذين يحرضوك على الابتسام. وبعد انتهاء هذه الورشة يخطر لي أنها الآن بدأت، بالنسبة لنا وللآخرين، ونحن إذ نتحدث عن هذه الورشة، لا نفعل هذا لأننا بحاجة إلى الظهور عبر وسائل الإعلام، بل لأن الإعلام والحديث عنها جزء من محاولة الدفع بهذه الفكرة إلى واجهة الاهتمام بالنسبة لبقية الفنانين وفي كل المحافظات السورية، لأن هذا جزء من وجودنا كأفراد وفنانين.

أتعتقد أن دور الفنان ينحصر في رسم اللوحة وحسب، أم أن عليه واجب المشاركة في نشاطات أخرى تخدم المجتمع الذي ينتمي إليه؟
الفنان إذا انحصر دوره بأن يكون آلة لإنجاز اللوحات، فلا داعي لوجود الفن، لأن الفنان ليس آلة، الفنان هو بشر لديه أطفال. منذ أسبوع ارتفعت حرارة ابني كثيراً، ولا أعرف ما الذي حدث لي في تلك اللحظة من الخوف عليه، هل كنت صفوان الرسام؟ لا، كنت صفوان الأب، وشعرت بمشاعر الأب الذي لا يستطيع أن يفعل شيئاً، وبقية الأطفال هم أولادك أو يشبهون أولادك، نحن شاركنا بهذه الورشة لأننا نعتبر هؤلاء الأطفال كأولادنا، ونحن أطلقنا هذه الشرارة عبر أربعة أيام لتكون دعوة للآخرين لأن يقدموا شيئاً من وقتهم لهؤلاء الأطفال، لكن الأهم أن يكون هناك رعاية من الجهات العامة، وأن ينظر المعنيون في الجهات الرسمية إلى الأمر من زاوية إنسانية، ويتخيلوا أن أحد أبنائهم كهؤلاء الأطفال، وبالتالي هل يمكنهم اعتبارهم أولاد الآخرين؟! نحن نعيش في دولة، ومن المهم أن ترعى الدولة هذا الجزء من المجتمع بدرجة أكبر مما هي عليه الآن. نعم، أنا تعنيني كل سورية لأني جزء منها، نحن نقدم وعلى الآخر المعني أن يقدم لهؤلاء الأطفال البالغي البراءة، وبأمانة أقول لك أنهم كانوا طوال الورشة أصحاب طرفة ونكتة، وهم من قدم الفرح لنا، وأمام هذا الذي قدموه نشعر بكثير من التواضع، لا أعرف بعد أكانت ورشة العمل هذه لهم أم لنا؟ وأستطيع أن أقول لك أن ورشة العمل هذه كانت لنا بالدرجة الأولى.

أتعتقد أن هذه التجربة يمكن تعميمها على باقي المحافظات في سورية؟
هذه الحالات موجودة في سورية ويمكن ملاحظة أن هذا الاهتمام من خلال الجمعيات الخاصة والعامة موجود بقوة في حلب، ويظهر هذا بمدى التفاني الذي يظهره المشرفون على هذه الجمعيات. بين هؤلاء الأطفال من هم رسامون بشكل حقيقي، ويمكن أن يكونوا فعالين في المجتمع، تخيل أن البعض من هؤلاء الأطفال لا يستطيع الكتابة أو تعلم الرياضيات أو متابعة الدراسة، لكنه يستطيع الرسم والتعبير، ألا يكون الرسم هنا هو الخلاص بالنسبة إليه. في هذه الورشة شاهدت أطفالاً موهوبين فعلاً، وهذا ما حاولت قوله للمشرفين، في أن يستمروا بتقديم أدوات الرسم لهؤلاء الأطفال، إلا أنني تفاجأت أن هذه الجمعيات لا تجد الدعم الكافي لهذه الأشياء، وهذه الأشياء الحيوية غير مكلفة، وما تطلبه هذه الجمعيات دعمٌ معقولٌ ومتواضعٌ جداً، وربما يقلب تقديم خمسين ألف ليرة سورية لهذه الأشياء سنوياً الموازين لصالح هؤلاء الأطفال، وهذه دعوة لكل الجهات الخاصة والعامة أن تلتفت بجد إلى هذه الناحية، ولا يمكن أن نفكر أن هؤلاء الأطفال لن يلتقوا بفنانين في المستقبل، بل يجب أن يبقوا على احتكاك ببعض الفنانين من حين لآخر، وهنا دعوة للفنانين لأن يذهبوا إليهم، والأفضل أن يكون معهم مختصون في هذه المجالات، تخيل كم سيقدم هذا فائدة لهم؟ في هذه الورشة أحبنا الأطفال كثيراً، ونحن أيضاً بادلناهم هذا الحب، صدقني إن ما يثمر هو المحبة.


التشكيلية ريما سلمون
مع أطفال مجموعتها في ورشة الرسم

ريما سلمون: أنا تعلمت منهم العفوية والتعبير الحر
أم وفنانة وطفلة وأحياناً مشرفة تساعدهم على الوقوف والمشي، كان لا بد أن تفعل كل هذا وأن تغمس ريشتها باللون لتحرك ردات الفعل في أطفال مجموعتها. كانت لا توزع وقتها بينهم بقدر ما كانت تتجزأ لهم فتكون أماً، لأنه لا بد أن تقترب كثيراً منهم لتتداخل الالوان والخطوط، ولتشكل السيرة الداخلية لكل منهم. ورغم أن مجموعتها كانت من أصعب المجموعات المشاركة في الورشة، إلا أنها استطاعت أن تساعدهم ليس على المشي وحسب، بل والسير في دروب فرح اكتشاف الذات واللون.

«اكتشف سورية» التقى الفنانة ريما سلمون وكانت البداية مع هذا السؤال:

بماذا تميزت أعمال مجموعتك بالمقارنة مع المجموعات الاخرى؟
نعم مجموعتي كانت تشكل لي صعوبة وخصوصاً في الجانب الحركي، إذ كانوا متميزين عن باقي المجموعات لخصوصية احتياجاتهم الحركية. لكن هذا فقط في التحرك، أما في التواصل عبر الرسم فلم أجد صعوبة بالتعامل معهم، لأن الرسم أساساً هو الطريقة المثلى للتعامل مع هؤلاء الأطفال، وبالإضافة إلى أنه يساعدهم في التعبير عن أنفسهم، فهو يساعدهم على التطابق الحركي والبصري والفكري، المشكلة تكمن فقط بسرعة تعلمهم أو سرعة تطبيقهم للمعلومة التي يتلقونها، إلا أنهم استطاعوا تعلم مزج الألوان. وفي هذه المجموعة، فإن أكثر من طفل رسموا بلغة فنية تعبيرية متقدمة جداً، وهذا يؤكد على أن الرسم لا يساعدهم على التواصل مع الآخرين وحسب، بل من الممكن أن يشكلوا لأنفسهم حضوراً في المجتمع واكتفاءً ذاتياً. مجموعتي تميزت، وأقصد بذلك أعمالهم وطريقة رسمهم بتلك الارتعاشات المفاجئة وتداخل الخطوط، بحيث أن كل طفل كان يرسم بأسلوبه المميز.

تابعنا مدى تفاعلك مع هؤلاء الأطفال، أكان في الرسم أثناء الورشة وحتى خارجها، إذ بقيت تتحدثين عنهم، هل تعلمت شيئاً من هؤلاء الأطفال؟
لا يمكن إلا أن تتعلم من هؤلاء الأطفال، أنا تعلمت منهم هذه العفوية غير المدروسة والتعبير المباشر والحر، هذه الإرادة القوية لأن تجد الريشة المغموسة في اللون طريقها إلى ذات المكان في اللوحة لتتمة الرسم، رغم كل الرجفان أثناء هذه الحركة. لكنهم كانوا يوفقون في النهاية، وإذا كان الأمر صعباً على بعضهم، فإنه كان يرسم بكلتا يديه، ولك أن تتصور كيف أن تكون يدا الطفل اللتان تتحركان بالكاد مغموسة باللون ثم تتحركان ببطء لتتركا حضوراً على اللوحة. إن هذا الطفل يقول أنا هنا وموجود بالفعل فهل تصدقوني؟

كيف توجه الفنانة ريما سلمون دعوتها لمزيد من الاهتمام بهؤلاء الأطفال؟
أريد أن أخبر الجميع أن الرسم مع هؤلاء سعادة حقيقية، وهم الذين يفرضونها عليك، ولا يمكن إلا أن تشعر بها، وفي البداية أتوجه بالدعوة إلى الأهل والمدرسة في أن يهتموا بهذا الجانب عند الطفل لما له من آثار إيجابية عليه، وعلى إحساس الأطفال الخاص بأنهم يقدمون للآخرين. كما أقترح على زملائي الفنانين أن يجدوا بعض الوقت للتطوع به من أجل هؤلاء الأطفال، لأنهم بحاجة حقيقية لمثل هذا الوقت حتى يمكن تعميم التجربة على باقي المحافظات، ومن الضروري أن تعمم.

سعد يكن:
كما التقى «اكتشف سورية» الفنان سعد يكن أثناء زيارته للورشة وكانت فرصة في أن نتعرف على انطباعه، حيث قال:
فكرة العمل مع الأطفال، وخصوصاً الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، هي فكرة إنسانية وقريبة من القلب، ذلك لأن اندماجهم في المجتمع على الغالب يكون صعباً، وهذه النشاطات تسهم بخلق علاقة إيجابية بين الطفل والعالم الخارجي لخلق حد أدنى من الاحتواء الاجتماعي والذي من الممكن أن يساعد الطفل بتحسين أو تطوير حياته من خلال إحساسه بأنه عنصر فعال في مجتمعه. وتجربة من هذا النوع مع فنانين كبار ومهمين في سورية تؤكد على أن دور الفنان لا ينحصر في اللوحة الصالونية، بل في خلق علاقة إنسانية مع المتلقي، لأن الفن في الأصل هو دفاع عن الإنسان بشكل أو بآخر، لأنه لا يمكن للفنان الحقيقي، وفي لحظة حقيقية، إلا أن يكون مساهماً فعالاً، إنسانياً ومجتمعياً، والأطفال جزء من المجتمع، وأحد رموزه الفعالة للمستقبل، والتي لا بد وأن يعمل من أجل تطويرها، وتطوير حياة الطفل - سواء كان معاقاً أو طبيعياً - هي من مهمات المؤسسات التعليمية ومن مهمات الدولة بالدرجة الأولى، فتجربة ورشة العمل هذه تساهم بتوعية الأهل والمجتمع لدور الفنان وأهميته وأهمية الفن، وهذا بحد ذاته يفرض على المؤسسة التعليمية احترام المادة الفنية في المدارس من أجل خلق جيل يعي أهمية الفن في حياته، لأن الفن ليس مجرد لوحة وحسب. ولنجاح ورشات عمل (مثل هذه الورشة) نحن بحاجة إلى وجود الفنان الذي يمتلك الرغبة الحقيقية بمساعدة ومشاركة هؤلاء الأطفال. وتبقى أهمية الدعم المادي سواء جاء من الجهات العامة أو الخاصة، فهكذا مشاريع بحاجة إلى تمويل، والرغبة بمفردها لا تكفي، والفعاليات الاقتصادية هي رديف هام في دعم هكذا نشاطات كما حدث في هذه الورشة، ووجود هذه الجهات وتعاونها يخدم حقيقة الطفل والمجتمع على السواء.

هل من الممكن أن تكون هذه الورش ناجحة دون تفاعل ومشاركة حقيقية من الفنان، وهل تجد أن الفنانين المشاركين كانوا ناجحين في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصاً وأنت تمتلك في رصيدك أكثر من خمش ورش من هذا النوع قمت بها بمفردك؟
لا يمكن للفنان عندما يختار التعامل مع هؤلاء الأطفال إلا أن يكون متفاعلاً، وإلا يصبح الأمر تمثيلية من الدرجة الثالثة، والفنانون الموجودون في هذه الورشة هم فنانون حقيقيون ولهم تجربتهم وحضورهم في سورية وخارجها، وتفاعلهم ونجاحهم في هذه الورشة هو أمر حقيقي.


السيد خلدون مخلوف
الداعم الرئيسي لورشة الرسم

جوليا دومنا:
ولاكتمال الصورة لا يمكن أن نغفل عن أحد الداعمين الرئيسيين لهذه الورشة، ورغم رغبته بأن لا يكون في مشهد الصورة إعلاميا، إلا أن تقديمه كنموذج ربما يساعد ويحفز أصحاب الفعاليات الاقتصادية للقيام بدورها في مجتمعاتها، من أجل إنجاح مثل هذه الفعاليات على امتداد الوطن.

«اكتشف سورية» تحدث إلى السيد خلدون مخلوف صاحب مجموعة «جوليا دومنا»، وتوجه إليه بالسؤال: هل هي المرة الأولى التي تقدم فيها الدعم للفعاليات الاجتماعية وبالتعاون مع دار الفنون؟
لا، ليست هذه المرة الاولى مع دار الفنون، إذ لدي هذا التوجه لدعم أي نشاط يستفيد منه المجتمع، وأفضله على أي مشروع آخر كالحفلات الغنائية مثلاً، في برنامجنا ميزانية لدعم مثل هذه النشاطات الأهلية أو الثقافية، كما أدعمها من خارج الميزانية أيضاً، بشرط أن يكون لها رسالة وتخدم المجتمع السوري.

جوليا دومنا تسمية غير مفهومة بالنسبة إلي، أهي مجرد تسمية؟
جوليا دومنا هي ملكة سورية عاشت بإيطاليا، وكانت ابنة أحد الكهنة، وجوليا باللغة السورية القديمة تعني السيدة وتزوجها الإمبراطور سبتيموس سيفيروس، وكانت قوية الشحصية سيطرت على الحكم في روما بعد وفاته، وهي أم الإمبراطور كركلا، الذي قتل أخاه جيدا في حضنها، وقد اضطرت أن تخطب في وزراء روما لتقول أن سبتيموس أوصى بتولية كركلا الحكم، وأن جيدا هو من قتل نفسه. نحن نستعيد رمزياً هذا الاسم القوي لهذه الملكة السورية.

هلا نتحدث عن دوركم كرجال أعمال في دعم الجوانب الثقافية والاجتماعية المختلفة؟
صحيح أننا ندعم مثل هكذا نشاطات، لكن الآخرين يجب أن يشاركونا، هذه الأمور لها فائدتها في المجتمع وتقوم على تكامل الأدوار، ويجب أن تكون هذه النشاطات تحت رعاية الدولة، فمثلاً هذه الورشة يجب أن تكون وزارة الشؤون الاجتماعية مشاركة بها، كي لا نشجعها على إهمال دورها، وهو الأساس، هذا برأيي. هذه الورشة بكل الأطراف التي أسهمت بها هي بمثابة الصوت لتنبيه الآخرين والجهات الرسمية إلى ضرورة الاهتمام بهؤلاء الأطفال، ولا يمكن أن يستمر شخص بمفرده في دعم هذه النشاطات، وهنا أكرر أن المسألة تشاركية بين الجهات الأهلية والاقتصادية، ولكن تحت رعاية الدولة، كي تبقى الجهات المعنية مضطلعة بدورها. إذا كانت هذه التجربة ناجحة على سبيل المثال فسيكون من الإيجابي أن تنظر إليها الدولة بعين الاهتمام من أجل تعميمها.

رحاب ناصر: ما قدمه هؤلاء الأطفال لنا، تجاوز الفرح بكثير
بين الوقت والآخر كنا نتوقف مع رحاب ناصر مديرة دار الفنون لنتعرف منها إلى هذا النشاط بكل تفاصيله، لكن سرعان ما يتوقف الحوار لانشغالاتها الكثيرة، ورغم تكرار المحاولة لأكثر من مرة إلا أن الحوار معها لم ينته، لكنه كان كافياً للتعرف على فكرة هذا النشاط وتوجه الدار.

أحب أن أسألك أولاً، من أين أتت الفكرة للقيام بهذه الورشة، ومع كبار الفنانين السوريين من المرة الأولى، ثم ماذا عن تجاوب الفنانين معك؟
لقد جاءت الفكرة بالصدفة، إذ كنت أشاهد عرضاً مسرحياً يدمج بين ممثلين أسوياء وممثلين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد ظننت أن الأمر تمثيلٌ في البداية، حتى تبين لي أنهم من أصحاب الإعاقات فعلاً، ومن هنا انطلقت الفكرة، خصوصاً والعالم يحتفي بيوم الإعاقة العالمي، ونحن لا بد وأن نهتم بهذا الجزء من مجتمعنا، هكذا بدأ الامر. أما بالنسبة للفنانين المشاركين، فقد كان متوقعاً بالنسبة لي أن يشاركوا في هذا النشاط، لكن بعد أن يأخذوا وقتهم في التفكير وترتيب الوقت المناسب لهم للقيام بهذه الورشة، لكن المفاجأة كانت بأنهم لم يأخذوا أي وقت للتفكير في الأمر، بل وافقوا على الفور، وتركوا كل أشغالهم والتزاماتهم ليبدؤوا هذه الورشة.

يخطر لي أن أسألك، لماذا لم يكن هذا النشاط في مدينة دمشق؟
دمشق هي العاصمة، وتشهد الكثير من هذه النشاطات، ومن هنا كانت الفكرة أن ندعو بعض الجمعيات للخروج بأطفالها إلى تدمر لنقيم الورشة هناك، كي يكون الأمر بالنسبة للأطفال ذا هدف مزدوج، التعرف إلى تدمر وورشة رسم معاً. إلا أننا توقفنا عند فكرة أن نسافر إلى حلب لنتعرف على هؤلاء الأطفال هناك، وهي فكرة تنطلق شرارتها لأول مرة في هذه الورشة، وذلك تمهيداً لأن تكون الورشة القادمة في محافظات أخرى. ومن هنا فقد دعونا الجمعيات الخاصة والعامة لهذه الورشة وقد شاركت أربع جمعيات بثلاثين طفلاً من مختلف الاحتياجات الخاصة.

وأنتم تنهون هذه الورشة، هل تعتقدين أن جهدكم كان في محله، وهل تعتقدين أن أطفالنا من ذوي الاحتياجات الخاصة ينالون ما يستحقون من اهتمام؟
يمكن القول أن هذه الورشة كانت ناجحة على أكثر من مستوى، ومنها تجاوب هؤلاء الفنانين الكبار، وهذا يبشر بأن بقية الفنانين السوريين لن يترددوا في المشاركة في مثل هذه النشاطات مستقبلاً. الأثر الطيب الذي تركته هذه الورشة عند الأهل كان كبيراً، إذ رأوا فيها اهتماماً بأطفالهم وكشفاً عن قدرات هؤلاء الأطفال، بما يسهم في توجيه طاقاتهم والإفادة منها على الصعيدين الشخصي والعام. وقد تفاعل المجتمع والقطاع الخاص مع هذه البادرة والتي تلفت إلى هذا الجزء الهام والحيوي من مجتمعنا، ما يعني أن هذا النشاط يمكن تعميمه على باقي المحافظات وأن الجهات الخاصة والعامة ستدعم هذا النشاط. وإضافة لذلك، أقول أن هؤلاء الأطفال يحتاجون لاهتمام إضافي منا جميعاً، وما اكتشفناه من استعداد هؤلاء الأطفال للتفاعل كشف عن طاقات كبيرة لديهم يمكن الإفادة منها، بما يخدم الجميع. صحيح أننا فكرنا أن نقدم لهم الفرح، لكن ما قدمه هؤلاء الأطفال لنا تجاوز الفرح بكثير.


السيدة رحاب ناصر
مديرة دار الفنون

دار الفنون:
والتقى «اكتشف سورية» السيد أحمد درويش أحد المتطوعين الشباب من «دار الفنون»، للتعرف على دوره وانطباعه، حيث قال:
نحن كمتطوعين من دار الفنون نشارك على الدوام بما تقوم به الدار في مختلف المجالات، ويأتي دورنا في المساعدة على توفير مستلزمات المكان وتهيئة الظروف والأشياء الضرورية لإقامة النشاطات. هذا النشاط كان مختلفاً بالنسبة لنا، ولم أتوقع هذا العدد من الأطفال، ثم تزايد العدد في الأيام التالية، وأنا كمهتم بالفن حقاً فاجأتني سوية الأعمال التي قدمها هؤلاء الأطفال.

ومن المتحف الوطني بدمشق:
وللتعرف أكثر على أسباب اختيار المكان توقف «اكتشف سورية» مع السيدة فتاة جديد مسؤولة النشاطات التربوية والتعليمية في المتحف الوطني بدمشق، والتي كانت جزءاً حيوياً من هذه النشاطات، سواء بتقديم التسهيلات أو مشاركة الأطفال ومساعدتهم بالرسم. حيث سألناها: من الهام أن نتعرف منك على أسباب اختيار هذا المكان لإقامة هذا النشاط في المتحف الوطني بحلب؟
لأن الإنسان هو الأسمى، وهو غاية الحياة، يكون الاهتمام بهؤلاء الأطفال. ومن هذا المنطلق، ولأن هذه الورشة تهتم بحقيقة وجوهر الإنسان يكون من الهام أن نربط ما بين عراقة الفنان والإنسان السوري القديم والفنان والإنسان السوري اليوم، واختيارنا للمتحف يأتي من هنا، ليحدث هذه الربط، ولندلل على أهمية هذا الجزء من المجتمع السوري الذي لا يلقى الاهتمام المطلوب. إن وجود هذا النشاط في المتحف هو لتسليط الضوء على المتحف بالنسبة للجمهور المحلي، ولتعريف هؤلاء الأطفال بهذا المكان، ومن خلال وجودهم فيه على مدى أربعة أيام، سيغدو جزءاً من بيتهم وثقافتهم البصرية. هذه الورشة أقيمت في بهو متسع مع حرصنا على عدم إعاقة حركة زوار المتحف من الأجانب والسوريين، وكان من المفاجىء لنا تقبل زوار المتحف من الأجانب، لهذا النشاط في هذا المكان، إذ اعتبروا ذلك فعلاً إنسانياً متقدماً جداً وغير مسبوق، ويسجل لسورية خصوصاً مع هؤلاء الأطفال.


صورة جماعية لأطفال ورشة الرسم
مع التشكيليين والمشرفين والمتطوعين

بيت التدريب والتأهيل السمعي:
ومن اجل استكمال الصورة توقف «اكتشف سورية» مع نسرين جمل إحدى مشرفات بيت التدريب والتأهيل السمعي.

هل تؤمنون فعلاً بأهمية الرسم، وكيف ترون أنه يقدم خدمة لهؤلاء الأطفال، خصوصاً في هذه الورشة؟
نعم، الرسم وسيلة تواصل هامة جداً، وخصوصاً بالنسبة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبالأخص هنا ذوي الإعاقات السمعية والنطقية، إذ يساعدهم في التعبير عن مشاعرهم التي لا يستطيعون التحدث عنها، لقد كان هؤلاء الأطفال يرسمون بالأقلام عادة، لكنهم في هذه الورشة يرسمون باللون والريشة للمرة الأولى، حتى أنهم تعلموا بسرعة مزج الألوان، وهذه الخبرة لم تكن موجودة لديهم، وقد ساعدتهم بالتعرف على ألوان جديدة. الأطفال في هذه الورشة كانوا سعيدين جداً، لأنهم كانوا يرسمون بشكل جماعي وحر ويعبرون عما يريدون، ويمكن أن تلاحظ مدى تفاعل الأهل مع هذه الورشة.

أين تكمن أهمية هذه الورشة برأيك؟
هذه الورشة كشفت عن ميول الأطفال ومدى موهبة البعض وتميزهم في الرسم، وخصوصاً بعد تأكيد الأساتذة الفنانين على هذا، وهذا يساعدنا كثيراً كمشرفين على تنمية هذه المواهب، واللافت فعلاً أن طلابي أحبوا الأستاذ ياسر، لأسلوبه المميز في التعامل والتواصل معهم، وما لاحظته أن الأستاذ ياسر كان يعامل الاطفال كأسوياء، وبطريقة ندية. وللتعبير عن محبتهم له، رسمه أغلب أطفال المجموعة. إن هذه الورشة هي فرحة عظيمة لأطفالنا ونتمنى أن تتاح لنا الإمكانيات المناسبة لنقوم بنشاطات أخرى، فهؤلاء الأطفال بقدر ما نعطيهم نكون نعطي أنفسنا والوطن.

يداً بيد:
وفي ذات السياق التقى «اكتشف سورية» أمل الشيفو المشرفة بمدرسة «يداً بيد» والتي تعنى بالشلل الدماغي والتوحد، حيث سألناها أن تخبرنا انطباعها عن هذه الورشة، فقالت:
اشتراك هؤلاء الأطفال من مختلف الاحتياجات مع بقية المشاركين في هذه الورشة من أساتذة ومشرفين ومتطوعين وغيرهم، وتفاعلهم معهم، هو أمر إيجابي جداً. وهذا كان غريباً بالنسبة لأطفال مدرستنا وخصوصاً المتوحدين منهم، إذ إنهم لا يميلون إلى التفاعل مع الآخرين، ومع ذلك تفاعلوا مع الورشة ومن اللحظات الأولى، وهذا يعود إلى مدى تقبل وتفاعل الأساتذة الفنانين مع الأطفال. ونتمنى أن تؤسس مشاركة هؤلاء الفنانين للقاءات وورشات في كافة محافظات القطر لأن أطفالنا يستحقون منا هذا. هذه الورشة جعلتنا نطلع على مدى إمكانية أطفالنا وما يملكونه من طاقات، وهذا سيدفعنا لأن نهتم بهذه الطاقات ونسعى لتفعيلها بشكل أكبر. ما أحب قوله أخيراً، أن هؤلاء الأطفال يملكون مواهب كبقية الأطفال الطبيعيين ونحن دورنا هنا يكون بتفعيل هذه الطاقات والقدرات والمواهب. ولكل من شارك وأسهم بهذه الورشة كل الشكر من جمعيات حلب.

أهل الأطفال:
وبعد التعرف على انطباعات وأفكار المشاركين، توقف «اكتشف سورية» مع انطباعات أولياء أمور الطلاب الذين رافقوا أبناءهم إلى الورشة، وخلص بهذه الآراء.

محمد دوبا والد الطفلة ماجدة (شلل دماغي): «هذه الورشة من الأهمية إلى درجة أنها يجب أن تصبح في كل وقت، فهي تساعد أطفالنا على تنمية مواهبهم، الفنان صفوان داحول الذي أشرف عليها أخبرنا أن لديها إمكانية وموهبة وأعطانا فكرة عن كيفية مساعدتها على تطوير موهبتها».

مارييت حلاق والدة الطفلة جورجيت (إعاقة دماغية): «هذه الورشة تسهم بدفع أطفالنا للتعبير عن أنفسهم وهذا يساعد على تطورهم وتوازنهم النفسي، أدعو المعنيين لتقديم دعم أكبر لهؤلاء الأطفال، فهم يستحقون، تأكد أنهم يستحقون».

غزوى عكش والدة الطفلة علا (احتياج نطقي وسمعي): «لأن علا تحب الرسم تشجعت في أن تشارك بهذه الورشة، وقد لاحظت أن علا سرعان ما تعلمت مزج الألوان واستخدامها في الرسم، كانت سعيدة ومتفاعلة جداً مع هذه الورشة، ابنتي تريد أن تصبح رسامة وهذه الورشة كشفت عن أن علا تمتلك هذه المقدرة، الأستاذ ياسر أكد لي أن علا تمتلك هذه الموهبة».

.


عمار حسن
تصوير: عبد الله رضا
حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

التشكيلية ريما سلمون ومتابعة عمل أحد الأطفال في مجموعتها

التشكيلي صفوان داحول وأطفال مجموعته

التشكيلي ياسر حمود وأحد أطفال ورشة الرسم

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق