أفاق رحبة من الحوار في معرض «عوالم إبداعية متنوعة» بدمشق القديمة

22 آذار 2012

تسعة من الفنانين ينتمون إلى جيلين مختلفين يجتمعون في معرض واحد

«عوالم إبداعية متنوعة» عنوان المعرض المشترك في غاليري قزح للفنون بدمشق القديمة، لتسعة من الفنانين ينتمون إلى جيلين، الفرق بينهما حوالي الثلاثة عقود من الزمن، من جيل السبعينات شارك كل من الفنانين: «عبد الله مراد، نذير إسماعيل، وإدوار شهدا»، الذين قدموا نماذج من جديد نتاجاتهم في التصوير، كما قدم ستة من الفنانين الشباب وهم: «الياس أيوب، مازن الفيل وفادي عطورة» في التصوير، وكل من: «عيسى قزح، يامن يوسف، وعلاء أبو شاهين» في النحت، هذه المجموعة من الشباب التي قدمت تجاربها بصياغات ربما تباينت في مدى إفصاحها عن مكنوناتها وما تريد أن تقول من خلال تلك الأعمال التي لاشكّ اتفقت جميعها في تقديم أشكال حداثية من حيث طرحها والأساليب التي تقاطعت أحياناً وفي التفاصيل والتقنيات مع تجارب هامة موجودة على الساحة التشكيلية اليوم محلياً وعالمياً بشكل أو بآخر وبمستويات مختلفة، إلاّ أن الأهم لدى هؤلاء برأيي تلك الجرأة في الإعلان عن نفسها كتجربة تبحث عن ملاذ آمن وبلغة بصرية تخصّها أو تميّزها من خلال بحث مجتهد وتجريب في مختلف الأدوات والمواد المتاحة أمامهم من خلال ورشات عمل تعوّدوا المشاركة فيها لتفتح أمامهم مزيداً من الآفاق الرحبة للحوار والعمل.

وهذا استعراض مكثـّف لما قدمه الفنانون المشاركون في المعرض المميّز: «عوالم إبداعية متنوعة»، وبعض الإضاءة على تجربة كل منهم.


التشكيلي عبد الله مراد

عبد الله مراد
الذي قدم لوحتين بمقاسات كبيرة نسبياً، والفنان من مواليد حمص1941، أقام أكثر من خمسة عشر معرضاً فردياً، ومتخرج من قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة 1970.

لم يغادر عبد الله مراد ضفاف تجربته التي بدأ التأسيس لها ما بعد تخرجه مباشرة وذلك بتأكيد حضوره من خلال مشاركته في المعرض السنوي وبعض المعارض الجماعية الهامة مع فنانين معروفين منتصف السبعينات داخل وخارج سوريا، تلك الفترة والتي شهدت حراكاً تشكيلياً ملحوظاً كان عُرف الفنان بصياغاته التجريدية التي ما زالت تميّز تجربته التي تصل في تغريبها في بعض الأحيان إلى حدود التجريدية الغنائية والموسيقى اللونية، التي تحافظ في بعض الكوادر على بقايا أشكال تسبح في فراغ اللوحة بتماهٍ مع منظومة الألوان ومشتقاتها باتفاق وتناغم مُلفتين من حيث استقرارها المتأرجح الذي يمنح المشهد كثيراً من الحيوية و الحركة.


من أعمال التشكيلي عبد الله مراد


إنه التجريد الغنائي بامتياز، حيث نلاحظ تصادم تلك الألوان وكيف تتداخل من جديد للتصالح للحظة هنا وتتنازع في مكان آخر، وجميع تلك المعالجات اللونية تحدث بشهادة إضاءة غزيرة تفيض على حدود المشهد مُحدثة في مختلف أرجاء الكادر تلك المشتقات البديعة من الألوان وتوهّجها هنا أو هناك، واستقرارها في المكان الأكثر أهمية من المساحة الرحبة التي تحتوي بالنهاية جميع تلك العناصر بنفس الاهتمام والتقدير لدور كل منها، في حين يكتفي الفنان أحياناً بإغراء درجات الأصفر و"الأوكر" على مساحات من البنـّي أو الرمادي الحامل للأزرق أو بعضاً من الأخضر والبرتقالي، مع تأثيرات غرافيكية واضحة يطغى عليها الأسود الذي يفشل هو أيضاً في رسم معالم شكل واضح مها كان في أي مربع من لوحات الفنان التي تفاجئك برحابتها رغم قلة العناصر فيها، أو ازدحامها وهكذا إلى أن يكتمل المشهد تدريجياً فيصل إلى ذروة نشوته، ودائماً باتفاق جميع العناصر في اللوحة التي تبدأ بالإعلان عن احتفاليتها البصرية بعد توقيع الفنان عليها.


التشكيلي نذير اسماعيل

نذير اسماعيل
من مواليد دمشق1948، مشارك في المعارض العامة منذ1966، وكان شارك الفنان في هذا المعرض بسبع أعمال بمقاسات صغيرة ومتوسطة، جسّد في واحدة منها رؤيته حول بلدة معلولا، بينما عالج في ما تبقى منها نفس الموضوع «البورتريه»، ذلك الوجه الذي لطالما اعتمده دائماً كموضوع رئيس وعرف من خلال صياغاته التعبيرية الخاصة به والتي مازال يحاور من خلالها تلك الوجوه بنفس الرغبة ومتعة الاكتشاف لحالات جديدة ربما يضيف من خلالها أثراً أو تأثيراً مختلفاً من خلال تجريبه الدائم في الأدوات والمواد التي غالباً ما يحضـّرها بنفسه في مختبره التقني، ومستفيداً من ثقته بمقدرة ما تحتوي تلك الوجوه الإنسانية من تعبيرات متباينة بهذا الشكل من الإفصاح عن مكنونات كل وجه على حِدا، وبالتالي ليساند كل واحد منها مجاوره لإغناء الكادر الذي يضمّ مجموعة منها ومظهراً بوضوح حجم تمزّقـها الداخلي، وهو المتمكن من أدواته الخاصة التي يتفرد بها على صعيد ألوان الأكرليك والأحبار وأنواع الورق المحضّر يدوياً والمعالج، مظهراً على السطح تأثيرات غاية في الإدهاش، لما تشكله من عامل أساسي في تصعيد دراما المشهد لديه، بحيوية اللون في غياب بعض الشكل الذي يبدو متماهيا في طبقات متأخرة من اللوحة، وحضور بعض علاماته أو دلالاته هناك، التي تفصح بالإشارة إلى المعنى والغاية والقصد.

في وجوه الأشخاص التي يستحضرها عموماً الفنان نزير اسماعيل -والتي تكاد تخرج من تلك الكواد- تضاريس قاسية يمكن أن نتلمسها ببصرنا، وأمنيات ومشاعر نبيلة فاضت من بعض الثقوب أو التشققات التي تـُدلـّل على مواقع العيون في الأعلى، فهي تستغيث مستنجدة، وأحياناً حالمة ربما بوضع أقل بؤساً.


من أعمال التشكيلي نذير اسماعيل


وفي لوحة معلولا هناك وجوه تطلّ من نوافذ بيوتها المنغرسة في سفوح تلك البلدة الجميلة والتي تمتلك من الخصوصية ما يميّزها، فنلاحظ هنا اجتهاد الفنان الذي حافظ على تلك الخصوصية لكل من معلولا ولوحته ففيها بيوتات وتضاريس ووجوه أهلها يطلّون من شبابيكها الواسعة وألوان التراب من مشتقات البني والأخضر المائل إلى الزرقة، والأصفر «الأوكر» من ألوان الصخور الشاهقة التي تتماهى بشفافية مع الغيم في سماء سديمية أظهرت مشهدية مؤثـّرة ومدهشة من رصانتها.


النحات يامن يوسف

يامن يوسف
من مواليد 1982، خريج قسم النحت من كلية الفنون الجميلة بدمشق 2005، قدّم في هذا المعرض ثلاثة أعمال من الخشب الذي لوّنهم النحات بالأحمر، حيث بقي في الأسلوب تعبيرياً وفي الموضوع اعتمد التشخيص لعنصر إنساني متأخر في تطوّره ليظهر وكأنه يتماهى بين الإنساني والحيواني، يقف منتصباً على قدميه في أحد الأعمال ويزحف على أربعة في عمل آخر، مبسّطاً ومحوراً الشكل إلى درجة تفاجئنا أحياناً، بينما العمل النحتي الثالث قرّر أن ينهض معكوساً ينتصب على رأسه بعد أن فقده، بينما طال الخراب والتشويه كامل الجسد في الأعمال الثلاثة التي لا تعكس أكثر من أشكال إنسانيةً مفترضة.

يحاول النحات الشاب يامن يوسف مجتهداً أن يؤكد ذاته الفنية ومقولته في النحت من خلال بعض المشاركات ونتاج معرض شخصي كان أقامه في نفس الغاليري قزح 2010، والتي كانت معظم المنحوتات فيه أقرب من حيث صياغاتها إلى ما قدمه اليوم من خلال مشاركته هذه بالأسلوب والمعالجة، وإن تمايزت بالخامة التي اقتصرت وقتها على مادة البرونز.

في هذه المشاركة أراد النحات أن يضيف من خلال الصباغ الأحمر نفحة تعبيرية خاصة مستفيداً من رمزية اللون ومدى قدرته على التعبير والتأثير على بصر وبصيرة المتلقي من مأسوية وخيبة تفيض من أشكال شخوصه المشوّهين والتي أرادها الفنان أن تظهر بهذا الشكل من الإخراج والحضور اللافت كما في كل محاولة عرض شخصية أو مشاركة.


من أعمال النحات يامن يوسف


شارك في أكثر من ورشة عمل بالإضافة إلى مشاركات هامة في معارض جماعية داخل وخارج سورية، وثلاثة ملتقيات للنحت: «حمص 2009،دمشق 2010، وطرطوس 2010».


التشكيلي مازن الفيل

مازن الفيل
من مواليد 1981، خريج كلية الفنون الجميلة بدمشق 2004، كان شارك الفنان في ثلاثة أعمال تصوير في هذا المعرض: «عوالم إبداعية متنوعة»، لوحات تتنازع فيها الألوان مع الأشكال على الأهمية في الحضور وتحقيق الجماليات البصرية الآنية والتي يمكن لها أن تدوم إذا ما اطلنا في التأمّل، وإذا ما استعرضنا بعض المحطات في تجربته القصيرة نسبياً والتي قدم خلالها ثلاثة معارض فردية تقدم ثلاثة أشكال مختلفة من التعبير وصياغات خاصة بكل محتويات معرض على حدا، كما يمكن ملاحظة استفادة الفنان من خلال ما قدمه في هذا المعرض من التجارب السابقة والتي يمكن وصف أكثر من تجربة منها بنضوج واكتمال بحثها التشكيلي والتقني.

تعكس لوحات الفنان الشاب مازن الفيل للوهلة الأولى تجربة غنية ومتمرّسة تفاجئك بعمرها القليل نسبياً، هذه الميزة تعزّزها خبرة الفنان التقنية وتمرّسه الواضح في استخدامه للون وقدرته على اتفاق أكثر من متناقض في تكوين وبناء لوحة متحرّرة من أي نظم أكاديمية صارمة يمكن أن تؤطّر أو تحدّ من الحرية التي تفكّك الشكل بهدوء لتعيد توزيع أشلائه من جديد وبفهم يستقر بالتجريد كصياغات وعوالم أقرب إلى الموسيقى العالمية التي نستمتع بها دون الدخول في مفاهيمها ومرجعياتها.


من أعمال التشكيلي مازن الفيل


يعتمد الفنان على منظومة من الألوان الأساسية (الأزرق، الأحمر والأصفر)، ليحلّق من خلال تداخلها وتناغمها في فضاء من الغنائية التجريدية التي تراعي الجماليات البصريات الراقية وذائقة المتلقي العارف والمطّلع على فضاءات التشكيل في العالم اليوم.

تسبح بقايا الشكل في لوحة مازن الفيل كشرائط ملونة متداخلة في فراغ اللوحة -الذي يحافظ الفنان على نصاعته- والذي يُظهر تحوّلات كل لون لحظة اقترابه من مجاور آخر، مستفيداً من رمزية بعضها ومكتفياً بجمالية وتألّق بعضها بحسب تموضع كل منها في الكادر الملفت عموماً.


التشكيلي إدوار شهدا

إدوار شهدا
من مواليد 1952، تخرج من قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة بدمشق 1976، عرض الفنان عملين في التصوير، تنتمي بشكل أو بآخر إلى فن الأيقونة (الأول بعنوان سورية 2011، والثاني العشاء الأخير)، يتابع من خلالهما تواصله تشكيلياً بين الماضي بتخيلاته وحلميته من الحكايا، وبين الحاضر بما يحتوي من قضايا معاصرة، وهنا لابدّ من الإشارة إلى أهمية الأدب - هذا الجانب الذي يهتم به الفنان عندما يصرّ على تسمية أو تحديد عنوان للوحاته دائماً - بينما الأهم برأيي ورأي العديد من المهتمين تلك الصياغات التي يشتغل عليها الفنان (شهدا) منذ زمن والتي تتمثل بمفهوم الحداثة ورؤيته للواقع من خلالها بشكل مختلف وذاتي، ومن غير أن يفقد المشهد أو الحدث المجسّد في عمله أيّاً من عناصر إدهاشه أو لياقة حضوره.


من أعمال التشكيلي إدوارد شهدا


وأي متابع لتجربة الفنان إدوار شهدا لابدّ أن يلاحظ أيضاً مجموعة من الإشارات في لوحته تدلّل ومن غير جهد على علاقتها السرية مع كل من ( المنمنة، المخطوط، الأيقونة، وما أضافته تجربة الواسطي إلى الفن العربي )، وهذا ما بدا واضحاً في اللوحتين التي عرضهما من حيث المعالجة التي تنزاح باتجاه التشخيصية كموضوع والتعبيرية كأسلوب الذي يستند إلى الأسطورة أو ما يماثلها في الواقع، ولكن دائماً بطريقة تفكير ورؤية بصرية تخصّه وتميّز لوحاته عموماً توازي بأهميتها توقيع الفنان.


التشكيلي فادي عطورة

فادي عطورة
من مواليد 1978، وهو متخرّج من قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة 2002، شارك الفنان بثلاث لوحات اعتمد فيها على اللون كعنصر أساسي يوزّعه على المساحة وفق تصميمات مسبقة ونظام تقطيع هندسي، يقارب في نتيجته وأناقة إخراجه فن الرسوم المتحركة، هذا المجال الذي خبر العمل فيه ومارسه كرسام ومخرج، بينما اتسمت تجربته السابقة بالتشخيص كموضوع وبالتعبيرية كأسلوب وتلوين، فاشتغل لفترة على موضوع البورتريه (الوجه) الذي يعكس معاناة الأشخاص وحالات من العزلة والانكسار يتقاطع فيه مع مجموعة من التجارب الفنية في المشهد التشكيلي السوري والعربي عموماً، وفي التشخيص عالج حالة من الجمهرة لأناس داخل البيت أو خارجه، والذي أولى المكان فيه ولتفاصيله أهمية خاصة إلى جانب حركة شخوصه في تكوين المشهد الذي قارب في بعض الأحيان الملحمي من حيث المعالجة والألوان وغيرها من العناصر التي اجتمعت باتفاق وتناغم بصري ملفت.


من أعمال التشكيلي فادي عطورة


وفي عودة إلى ما قدمه الفنان الشاب فادي عطورة في هذا المعرض، بالمقارنة مع محطات في تجربته القصيرة نسبياً نلاحظ فارقاً كبيراً، وهذا ما لاحظناه لدى معظم الفنانين الشباب في الأسلوب واختيار الموضوع أو شكل الصياغات، وهذا جميعه مبرّر له ولغيره لطالما ما زال يبحث كل منهم مجرباً في أدواته والمواد التي يشتغل عليها بحثاً عن ذاته الفنية وشخصيته وهمّه التشكيلي الذي ربما بدأ يتلمس الفنان (عطّورة) بعض خطاه في هذا النوع من الفنون والذي يجمع فيه بين التشخيص والزخرفة الذي كان دائماً حاضراً ومنذ تخرّجه، بالإضافة إلى التجريد بالمفهوم الهندسي في بناء اللوحة وتوزيع الألوان الصريحة التي تتداخل فيها تلك الأعمال مع مفهوم التصميم والإعلان كفن منافس اليوم مع تطوّر أدوات الميديا البصرية.


النحات عيسى قزح

عيسى قزح
من مواليد 1973، خريج قسم النحت من كلية الفنون الجميلة بدمشق 1998، أقام ثلاثة معارض فردية كما شارك في العديد من ورشات العمل والتظاهرات الفنية، قدم في هذا المعرض ثلاثة منحوتات من البرونز بنفس المفهوم والصياغات التي عمل عليها سابقاً وهي مزيح ما بين التحوير والتبسيط الذي دائماً يعتمد فيه التشخيص الإنساني وعلاقة الكتلة بالفراغ الداخلي، وتناغم ذلك التأليف بما فيه من بناء مع الفراغ الخارجي الذي يحتويها، مراعياً ثقالة الكتلة ومستفيداً من أمكانية مادة البرونز التي يعتمدها دائماً في تنفيذ أعماله التي تتسم غالباً بالحركة أو توهمنا بها تلك الفراغات الناشئة على أكثر من مستوى في المنحوتة، وخاصة عندما يكمل رسم الحجم أو الموضوع بفراغ، والتي تنتهي في معظمها مقنعة عند حدود تعبيريتها المستندة على الواقع في التأليف والموضوع المستقى من الحكايا غالباً والأسطورة في بعض الأحيان وما له من دلالات فلسفية ونفسية تهيم في فضاءات أعماله وإن بشكل غير مباشر، وهذه برأيي ميزة تضاف على قيمة العمل الذي يولي النحات الأهمية له في جانبيه التشكيلي والتقني.


من أعمال النحات عيسى قزح


غالباً ما نلاحظ اهتمام الفنان بتناغم شخوصه المنتصبة في الفراغ بعلاقتها مع الكرة ومتوازي المستطيلات ككتلة من خلال توليفها مع هذين الحجمين في أكثر من محاولة لتأليف تكوينات متحرّرة من عامل الجاذبية التي تتحول إلى تلك الكتل الكبيرة نسبياً والصامتة (الكرة، المكعب، أو متوازي المستطيلات)، مظهراً جمالية ذلك التناقض الحاصل في صياغة الحجم مابين الصمت والحركة في كل منهما بحيوية وانسيابية تختلف من منحوتة إلى أخرى بحسب انسجامهما واستقرار التكوين في كل مرة.


التشكيليل الياس أيوب

الياس أيوب
من مواليد 1986، خريج قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة بدمشق 1995، قدم ثلاث لوحات أظهر فيها اجتهاداً واضحاً بمعالجاته اللونية من خلال تجريبه بالأدوات والمواد العديدة بحثاً عن صياغات خاصة يصل من خلالها إلى أسلوب في التصوير يتمايز فيه عن الآخرين من زملائه الذين اشتركوا معاً في أكثر من مسابقة وتظاهرة فنية بالإضافة إلى ورشات العمل، وللفنان معرض فردي في نفس الصالة (قزح) 2009.

في أعمال الفنان الشاب الياس أيوب الذي يعتمد فيها التشخيص دائماً، يُلاحَظ في الأسلوب نفحة تعبيرية ورغبة بانطباعية خاصة يسعى الفنان مجتهداً لتحقيقها من خلال إضاءات جريئة يسلّطها على بؤر محدّدة في الكادر يتوهـّج فيها اللون الذي لا يقارب الحقيقة أو الواقع بشيء متحرّراً من بعض المفاهيم الأكاديمية التي تعلّمها، محلّقاً بخياله لإرضاء رغباته هو في تحقيق الجماليات البصرية التي تخدم لوحته بعيداً عن حسابات السوق ورغبة المقتنين، بدليل وصول لوحته في أكثر الأحيان إلى حدود الوحشية في الأسلوب عندما يفرش اللون بأدوات مختلفة غير الفرشاة تحقق سيولات سخية من العبوة على (باليت) الألوان مباشرة وبسماكات لافتة تصل اللوحة فيها إلى المنطقة التي تبدو وكأنها تراوح بين التعبيرية والانطباعية في الألوان والأشكال على حدّ سواء.


من أعمال التشكيلي الياس أيوب


تعكس أعمال الفنان (أيوب) رغبة في التحرّر من القوالب الجاهزة والجماليات السهلة مقابل اهتمامه بتحقيق ذاته الفنية وخصوصية بدأت تتوضّح بعض معالمها من خلال متابعة جدّية لمشاركات الفنان العديدة، وهذه الرغبة غالباً كانت السبب في تجريبه وبحثه عن المختلف دائما في الصياغات والأسلوب وهذا ما نلاحظه في اللوحات الثلاث التي شارك فيها الفنان في هذا المعرض.


النحات علاء أبو شاهين

علاء ابو شاهين
من مواليد 1983، وهو خريج قسم النحت من كلية الفنون الجميلة بدمشق 2003، شارك في ثلاث منحوتات من البرونز لموضوع الحيوان، بأسلوب وصياغات خاصة قارب فيها التعبيرية من حيث الشكل الذي تحدّث عنه الفنان: «هنالك تحوير باتجاه أنسنة هذه الحيوانات مبتعداً عن الشكل الخرافي أو الكاريكاتوري من خلال إدخال بعض التفاصيل البشرية ضمن كتلة العمل، أو إحداث تشكيل حركي خاص بالإنسان مع المحافظة على الشكل الحيواني...».

استفاد النحات من حركية الجسد لدى بعض الحيوانات والداجنة منها بشكل خاص، ربما لعلاقتها اليومية مع الإنسان كمعيشة، مثل (الطائر، الديوك، والكلب) وغيرها من التي لَفَته إمكانية التحوير والتغيير في شكلها إلى درجة يداخل فيها بين الإنسان كحالة متأخرة وبين ذلك الحيوان الذي يحاول أنسنة بعض مناطق من جسده مزاوجاً فيها بين الحالتين، ومولياً الأهمية للحالة التشكيلية كتكوين لافت وكتلة رشيقة ناهضة في الفراغ موحية في حركتها وحيوية من حيث اختيار نقطة تماسها أو ارتكازها على القاعدة.

في بعض أعمال (أبو شاهين) والتي يعتمد فيها على الإنسان منفرداً كموضوع تظهر فيها الحالة التعبيرية أكثر مأسوية من حيث التفاصيل التي تحدّد بشاعة تلك الأشكال أو الأشخاص التي تتضمن مجموعة من التناقضات في حضورها النهائي كمنطق وعقلانية، تضيف بالنهاية قيماً جمالية خاصة، باللون أحياناً أو من قيمة المادة وأهمية الإخراج الملفت في أكثر الأحيان.


من أعمال النحات علاء أبو شاهين


وبأعمال هذا النحات المجتهد نكون قد شملنا في استعراضنا كافة الأعمال المشاركة لكل من الفنانين المخضرمين ومجموعة الشباب في هذا المعرض: «عوالم إبداعية متنوعة»، الذي أقيم في غاليري قزح للفنون بدمشق القديمة نهاية العام 2011.

«عوالم إبداعية متنوعة» ..عنوان المعرض الذي شكّل بانوراما تلقي بعض الضوء على شباب متحمّس يشتغل بحرية وثقافة تعتمد على كل ما يمكن الاستفادة منه تقنياً من ومواد وأدوات ووسائل اتصال حديثة، كما تضيئ على ما وصلت إليه بعض التجارب المخضرمة نسبياً كممارسة وحضور أو كشهرة، بالإضافة إلى ما يمكن أن تضيفه هذه المناسبة من فرص حوار بين جيلين متباعدين زمنياً ومتجاورين من حيث حداثة ما يطرحه كل منهما في معرض كان استثنائياً للمشاهدة كمتعة وفائدة.

==
* غازي عانا: فنان تشكيلي وناقد فني.


غازي عانا

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

اسمك

الدولة

التعليق