عيسى قزح في غاليري قزح: لكل باب قصة تتقاطع مع الإنسان عبر علاقة غير محسوسة

13 04

معرض فني آخر في غاليري قزح النشيط، متميز بمفرداته وتفاصيله النحتية التي أتقن اللعب فيها النحات عيسى قزح عبر 25 عملاً فنياً، مجسداً من خلالها مساحات شاسعة من التفكير والتأمل تتسع ما بين علاقة الإنسان بالباب كفكرة أساسية لمعرضه، الذي بدأ يوم الجمعة 9 نيسان ويستمر لغاية 24 نيسان 2010. أتت أفكار المعرض من إحدى مفرداتنا اليومية، مفردة منسية في زحمة الطريق عبر حارات دمشق القديمة، التي تروي عبر أبوابها قصص من الحب والشوق والقلق والحزن والمجهول، باب نستقبل منه القريب المسافر ونودِّع غيره وآخر ننتظر أن يُقرع لنفتح للحبيب الذي طال انتظاره، باب يدخل منه الهواء الغربي المنعش وآخر تدخل منه شمس الصباح الشرقية.

من هنا بدأ الفنان عيسى قزح مشروعه النحتي باحثاً في ثنايا تلك العلاقة المنسية بين أبوابنا وحياتنا، وقصصنا التي تختبئ خلف الأبواب الموصودة ضد أي فضولي باحثاً عن قصة تُحكى أو رواية تُنسج من خيال أحدهم. في بعض أعماله، ترى أبواباً موصدة كسجن بينما تفتح على مصراعيها لعزلة تبحث عن الانعتاق من خوف داخلي في بعض الأعمال الأخرى.

كنا في افتتاح المعرض، وكان لموقع «اكتشف سورية» أن حاور مبدعه، الذي أخبرنا بدايةً: «بدأت العمل على هذا المعرض منذ ستة أشهر، سبقتها سنة من التحضير على الفكرة الأساسية المحرِّضة لعملي النحتي، ثم انتقلت للعمل المباشر لتجسيد هذه الأفكار على مادة البرونز الذي يأخذ وقتاً طويلاً من العمل».


من أعمال عيسى قزح في معرضه بغاليري قزح

مِن أين يستقي عيسى قزح تلك الأفكار التي تمازجت مع مادة البرونز في عمل تشكيلي مميز؟
المحيط الذي يعيش فيه الفنان هو المنبع الرئيسي لأفكاره وفنه، ومن هنا كان لمشاهداتي اليومية للمحيط الذي أعيش فيه التأثيرُ الكبير ليعطي نتيجته الفنية في أعمال نحتية خاصة بي. في البداية، أقوم بتسجيل ملاحظاتي على شكل رسم، لتتبلور الفكرة في ما بعد بعمل فني كترجمة فنية لها، متمازجة مع مادة البرونز الذي يحتاج لكثير من العمل الدؤوب لخلق توازن صحيح، فالحركة في الفراغ بحاجة لكثير من التنقيح والاختزال، الذي يبدأ قبل العمل على البرونز وذلك لصعوبة تصليح أي خطأ في مسار العمل على هذه المادة، فهي بعكس باقي الفنون التشكيلية من حيث تقنية العمل.

ما هي خصوصية مادة البرونز عندك؟
إنني أعتبر مادة البرونز المادة الأهم والأقوى من بين جميع أنواع المعادن أو المواد الأخرى كالخشب والحجر، فالأفكار لدي تتمركز حول نقطة واحدة قد لا تتحقق مع مادة أخرى. تحقق لي مادة البرونز هذه المعادلة لترجمة الأفكار كما أريد. من ناحية أخرى، فإن ما يميز البرونز عن باقي المواد الأخرى هي طريقة تفاعله مع اللون بطريقة مدهشة وبحسب الفكرة التي يريدها النحات، فقد مازجتُ بين اللون الأخضر وبعض الأعمال الفنية التي أعطاها خفة وبُعداً جمالياً، وخاصة عند تنفيذ بعض الأبواب والجداران.

نرى بعض الأعمال معنونةً تحت اسم ما. بالنسبة لك، هل يسبق العنوانُ العملَ الفني أم العكس؟
بالنسبة لي، تسبق الفكرةُ العملَ الفني، وهي أساس التكوين الفني. في بعض الأحيان، يتشكل كلاهما في وقت واحد.

عيسى قزح في
معرضه في غاليري قزح

طالما شاهدنا الجسد كمفردة من مفردات العمل النحتي لدى الكثير من الفنانين. أين تكمن فرادة الجسد لدى عيسى قزح؟
لم أكتفِ في معرضي هذا بالجسد كمفردة مجردة، بل سعيتُ وراء التكوين الثنائي ما بين جسم الإنسان والباب، فما أقوم به في هذه التجربة هو المزج بين هذين العنصرين، والذي أرى من خلالهما تقاطعاً وتشابهاً كبيراً منذ قِدم البشرية، من خلال تنوعهما من حيث المضمون؛ لذلك فإن المزج بينهما يخلق لديَّ قصصاً وأفكاراً ورموزاً مختلفة. لكل باب قصته التي تتقاطع مع قصة الإنسان، عبر وجود علاقة خفية في اللاوعي بين الجسد والباب وهي علاقة غير محسوسة، رغم أن وجود الباب مرتبط بالإنسان منذ المسكن الأول له، وتطوَّر مع تطوُّر البشرية ليأخذ أشكالاً مغايرة ومتناقضة.

معرض يحاكي أبواب دمشق وأسرارها! هل تختلف أبواب دمشق عن أبواب المدن الأخرى؟
بكل تأكيد، فلأبواب دمشق القديمة خصوصيتها المتفردة، ومنها استقيتُ هذه الأعمال التي نفذتُها في مرسمي المتواجد في دمشق القديمة والتي أعرضها في هذا الغاليري ذي الطابع الدمشقي. لا بد أن كل تلك العناصر قد أعطتْ لهذه الأعمال طابعها الخاص بتكامل العمل الفني مع المكان الذي تُعرض فيه.

العلاقة بين الكتلة والفراغ في العمل النحتي تتسم بموازين وقوانين مدروسة، وخاصة عندما نشاهد عملاً فنياً يجمع بين مفردتين!
هذا موضوع أساسي، فتشكيل الكتلة بالفراغ شيء مهم بالنسبة لي، فأنا أجمع بين النحت والعمارة في العمل الفني، وعندما أقوم بموازنة القطعة الفنية، أتكئ على دراسات مُعمقة وحتى ولو كانت قطعة صغيرة. في النهاية، أتعامل معها كعمل نُصبي وكأنني أتصورها في ساحة من ساحات المدينة، تُشاهَد من كل الجهات والزوايا، مما يدعو للتأني في تشكيل العمل، لأنتهي معه كمحور أدور حوله مكتشفاً تفاصيل كتلته بعد أن يحددها الفراغ.

جانب من الفسحة السماوية في غاليري قزح في حفل الافتتاح

وفي حفل الافتتاح، تحدثنا مع الفنان التشكيلي وليد الآغا حول رأيه في تجربة عيسى قزح، حيث قال: «عيسى قزح فنان مجتهد ومثابر ومتمكن من أدواته، فهو فنان لا يعرف الكلل أو الملل تجاه عمله الفني، خاصة عندما نشاهد نتاجه الفني الذي يتسم بالدخول في تفاصيل الفكرة، وهذا يعود لصدقه الفني البعيد عن تسطيح الفكرة، من خلال بحثه المُعمق في تفاصيل المادة والموضوع الذي يعمل عليه، فهو صاحب مشروع خاص. من خلال متابعتي لتجربته النحتية، أستطيع القول أنه يسير وفق خط بياني متصاعد، وخاصة أن حضوره التقني يتسم بالدسامة، وخاصة بمادة البرونز التي أصبحت كمادة مطواعة بين يديه في تنفيذ هذه الأعمال التي نراها اليوم تتسم بمشروع جديد وهو علاقة الإنسان بالباب، وهي علاقة أزلية بين المفردتين استطاع من خلالهما أن يخلق حالة وجدانية وحوار بصري جميل».

النحات عيسى قزح في سطور:
من مواليد مدينة دمشق، 1973.
خريج قسم النحت في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، 1995.
معارض مشتركة في سورية، بين 2000 و2002.
معرض في غاليري عشتار بدمشق، 2002.
معارض مشتركة في سورية، والكويت، ولبنان، وتركيا، بين 2005 و2007.
معرض في غاليري بيت ماما سعاد بدمشق، 2006.
معارض مشتركة في سورية، 2009.


مازن عباس – دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

انحناءات، عمل تشكيلي نحتي للفنان عيسى قزح من معرضه في غاليري قزح

أجساد وكرة، عمل نحتي من البرونز للفنان عيسى قزح

الصعود، عمل نحتي من البرونز من معرض الفنان عيسى قزح

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

جاد العبدالله:

ألف مبروك للنحات عيسى قزح على معرضه الجميل في هذا الغاليري الجميل والرائع، وبالحقيقة تفاجأت بمستوى الأعمال المعروضة والتي استطعت أن أتأملها أكثر على هذا الموقع المحبب، المعرض جميل وأتمنى للموهبة المتألقة للفنان قزح أن تثابر وتنتج دائماً، مبروك مرة أخرى.

الشام/مقيم في كندا

الشام/مقيم في كندا

محمود محمد مرعى:

روعة فى الابداع ودقة فى التنفيز

مصر