الجامع الأموي في دمشق


الجامع الأموي في دمشق

الزيارة لجامع دمشق الكبير، جامع بني أمية، هي زيارة للتاريخ الإسلامي، وللعمارة الإسلامية، فهو أشهر آثار دمشق على الإطلاق وهو الأثر الوحيد المتكامل والباقي من آثار حكم بني أمية في دمشق.

بدأ العمل في عمارة هذا المسجد الخالد عام 705 واستغرقت عملية بنائه وزخرفته عشر سنوات، وذكر ابن كثير أن الوليد قد أنفق على بناء الجامع خراج الشام سنتين، وفي رواية أخرى أن ما أنفق كان أربعمائة صندوق في كل صندوق أربعة عشر ألف دينار.

بني المسجد على هندسة قال بعضهم أنها مقتبسة من العمائر السورية القديمة، بينما يرى باحثون وعلماء أنه لا توجد عمائر قديمة تُشبه في تخطيطها مخطط الجامع، وأن شكل بنائه يخالف تقاليد العمارة السورية القديمة، وهو في واقع الأمر نموذجٌ معماريٌ متجانسٌ وزخارفه الإسلامية البديعة تنسجم مع البناء.

يبلغ طول الجامع 157 متراً وعرضه 97 متراً وتقدر مساحته بـ15.229 متراً مربعاً، يحتل صحن الجامع مساحة 6000 متراً مربعاً من جهة شمال الحرم.


بقي هذا الجامع على مرّ العصور التي تعاقبت على دمشق الأثر الخالد، الذي يتعرض للمآسي والنكبات ثم يعود ليقف شامخاً من جديد، حتى أصبح وكأنه متحف دمشقي تخبىء جدرانه كل تاريخ أقدم مدينة مأهولة في العالم، دمشق الفيحاء، فجدران الجامع الخارجية مازالت تحتفظ ببقايا زخارف وكتابات رومانية ومن تحت أحجارها ظهرت آثار آرامية ويوجد بقايا بيزنطية من خلال تيجان الأعمدة المستخدمة، وبعض الأعمدة المنتشرة أمام أبواب الجامع، أما البصمة الأموية فهي الأوضح والأبقى من خلال مخطط الجامع وبقاياه الأصلية كالفسيفساء والزخارف والنوافذ، وهناك بقايا سلجوقية وأيوبية ومملوكية كالأبواب والشريط الكتابي المؤطر للأروقة وبعد الكتابات على الأعمدة والسواكف ومئذنة قايتباي، وبقايا عثمانية أتت إثر الزلزال المدمر عام 1759 والحريق الكبير عام 1893.

في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد تمت أكبر عملية ترميم وصيانة شهدها الجامع، وفق خطة وطنية أعادت للجامع رونقه ومتانته ليبقى أثراً خالداً صامداً على مر العصور.

للجامع الأموي أربعة أبواب، ثلاثة أبواب تنفتح على صحن الجامع وهي الشرقي، والغربي، والشمالي، أما الباب الرابع وهو الباب القبلي فينفتح على حرم الجامع.

تؤكد المصادر التاريخية والأثرية أن صحن الجامع في عهد الوليد كان خالياً من القباب وقد شيدت هذه القباب الثلاث القائمة حالياً في عهود لاحقة، يتموضع في صحن الجامع ثلاث قباب متوزعة، الأولى غربية تعرف بقبة الخزنة وفي وسط الصحن تتموضع القبة الثانية وتضم بركة ماء فوقها أقواس وعلى جانبيها عمودان، والثالثة وهي القبة الشرقية المسماة بـقبة الساعات.

وتشرف على صحن الجامع ثلاث مآذن هي مئذنة قايتباي ومئذنة عيسى ومئذنة العروس.

يحيط بصحن الجامع الرواق الغربي وهو يبدأ بـباب بريد وعلى جدار هذا الرواق تتوضع أطول وأقدم قطعة فسيفسائية أموية أصيلة في العالم، والرواق الشمالي والذي يتوسطه باب العمارة، والرواق الشرقي والذي ينتهي بـباب جيرون.

في جانبي الصحن من جهة الشرق والغرب أربعة قاعات مستطيلة الشكل وقد سميت هذه القاعات بمشاهد للخلفاء الراشدين رضي الله عنهم. ففي الجهة الغربية يتوضع على يسار الباب الغربي مشهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد تحول هذا المشهد إلى قاعة الاستقبال الرسمية للجامع.

وعلى يمين الباب الغربي من جهة صحن الجامع يوجد مشهد أبو بكر الصديق رضي الله عنه. وفي الجهة الشرقية من صحن الجامع يوجد على يمين باب جيرون مشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذي يضم متحف الجامع. وعلى يسار باب جيرون يوجد مشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه والمشهد عبارة عن  قاعة كبيرة، بحجم بقية القاعات إلاّ أنها تنفتح على قاعة أصغر منها تتضمن مقاماً لرأس سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ويُعتقد أن هذه الإضافة قد تمت في العهد الفاطمي.

لقد تغيرت أسماء هذه المشاهد خلال العهود التاريخية، وقد استخدمت في أغراض شتى، كقاعات للحكم، وقاعات للتدريس والصلاة والإجتماعات وخزائن للكتب والمستودعات..

ويتوضع حرم الجامع في النصف الجنوبي من الجامع وفيه ضريح النبي يحيى، وبئر بجانبه عمودين رائعين، ويطل الحرم بواجهته الجميلة على صحن الجامع. تعلو الحرم قبة النسر بعظمتها لتزيد البناء فخامة وعظمة.