حصاد 2008: سلسلة من المعارض النوعية السياحية والآثارية شهدتها سورية لأول مرة

شهدت دمشق سلسلة من المعارض الحضارية والآثارية الفريدة، وضمّت هذه المعارض مجموعة من القطع والأعمال الفنية الأثرية النادرة التي عُرضت لأول مرة، إضافة إلى مجموعة من المعارض النوعية الأخرى.
فقد اعتاد محبي الآثار والكنوز الأثرية السورية في العام المنصرم 2008 على فعالية «ألف تحفة وتحفة» والتي أطلقتها احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية بالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف، وهذه الفعالية التي تم في إطارها عرض مجموعة من التماثيل والقطع الفنية النادرة واللقى الأثرية والتي كانت تندرج تحت عنوان متغير كل شهر، لتعرض جزءاً من مخزون المتحف الوطني الذي لم يتم عرضه من قبل. لقد أتاح هذا النشاط للجمهور معاينة هذه القطع الأثرية لأول مرة، مع تقديم شرح تاريخي مفصل من المشرفين على المعرض في المديرية العامة للآثار والمتاحف حول القطع المعروضة. وتَرافق إطلاق كل معرض من هذه المعارض الشهرية مع حفل موسيقي قدمه مجموعة من العازفين السوريين، وكان ينتهي كل معرض في أول يوم جمعة من كل شهر، ليَليه عرض مجموعة جديدة من القطع الأثرية بعنوان جديد.
ففي شهر نيسان كان معرض أقدم عربات العصور القديمة حيث قدم المعرض ستة نماذج استمدت أهمية إضافية إلى قيمتها التاريخية والأثرية من كونها دلالات وشواهد أساسية على استخداماتها في المعابد من أجل الشعائر والطقوس الدينية وللنواحي التجارية والجمالية والاقتصادية، وهي من الأهمية بمكان ما دفع العالم الفرنسي جان كلود مارغرون إلى التأكيد على أن «الدولاب وآثاره في هذه العربات لم يُعثر عليه من قبل في أي موقع من مواقع العالم» ومارغرون من العلماء الفرنسيين المشهورين فيما يتعلق بعصور البرونز، وهو مقيم في سورية منذ عشرين عاماً وما زال حتى يومنا يعمل في موقع ماري وأوغاريت ويرصد أبحاثه لإتمام عملية النشر المنهجي لآثار الحضارة السورية.
في شهر أيار افتتح معرض أدوات فاخرة للنساء الذي تضمن مجموعة من قوالب المجوهرات التي كانت تُستخدم خلال الألف الثاني قبل الميلاد والتي اكتُشف بعضها في مدينة أوغاريت، بينما كان البعض الآخر محفوظاً في المتحف الوطني بدمشق، وتضمن المعرض مجموعة من اللوحات التي تشير إلى أهمية الحلي والإنتاج الفني للمجوهرات في سورية منذ الألف الثالث قبل الميلاد حتى مجيء الاسكندر المقدوني.
وفي حزيران أقيم معرض الكنوز المجهولة في المتحف الوطني بدمشق، وضم المعرض مجموعةً نادرة من القطع النقدية المعدنية المنوعة المسكوكة في دمشق، وبلغت عشرين مسكوكة تعود للعصور الكلاسيكية ، وقد حمل بعضها تصاوير نادرة للغاية.
في شهر تموز كان معرض المجتمع التدمري عبر منحوتات صغيرة والذي تضمن عدداً من المنحوتات الجنائزية التدمرية، التي تُقدم معلوماتٍ مباشرة عن العادات التي كانت متبعة في طقوس الدفن في تدمر، والطقوس الجنائزية، بالإضافة إلى تسليطها الضوء على التقاليد الفنية السائدة في المجتمع التدمري، والعلاقة القائمة جنباً إلى جنب مع التقاليد الساسانية والرومانية.
وفي شهر آب ترافق افتتاح معرض مولد الألوهية مع محاضرة ألقاها الباحث الياباني الدكتور «يوشيهرو نيشياكي» بعنوان «مولد الإلوهية» دمية أنثوية طينية استثنائية من العصر الحجري الحديث، وهي تُمثّل واحدةً من صفات العناصر المكتشفة في المواقع التي تعود إلى العصر الحجري الحديث في سورية 9500-5500 ق.م. وقال نيشياكي: «إن اكتشاف الدمية الطينية الكبيرة مع رأسٍ حقيقي كامل في تل سكر الأحيمر بمحافظة الحسكة في عام 2004، كان مفاجأةً كبيرة لنا وهي تعود إلى بداية الألف السابع قبل الميلاد. وكانت هذه الدمية النادرة المكتشفة إحدى المعروضات الهامة في المعرض.
في شهر أيلول كان معرض روعة فن النحت الأموي والذي تضمن مجموعةً من المنحوتات التي تعود إلى العصر الأموي والتي تمّ اكتشافها أثناء الأعمال التنقيبية في قصر الحير الشرقي وقد تميزت المنحوتات المعروضة بدقتها العالية وتنوع المواضيع التي تتطرق إليها. وهي تُمثّل روعة الفن الأموي وانفتاحه على الفنون التي كانت سائدة في تلك الفترة الزمنية.
في شهر تشرين الأول افتتح معرض نعومة الفن المملوكي والذي تضمن مجموعة من الأواني المعدنية العائدة للعصر المملوكي والمحفوظة في مستودعات قسم الآثار العربية الإسلامية في المتحف الوطني بدمشق، وقد تميزت المعروضات بدقة تصنيعها وروعة الزخارف المنفذة عليها وضمت العديد من الكتابات المحفورة والصور الهندسية والنباتية المنوعة.
وخُصص معرض شهر تشرين الثاني معرض الشواهد الحجرية المكتشفة في مقبرة مدينة دمشق والمعرض عبارة عن مجموعة من الشواهد الحجرية المكتشفة والتي تعود للعصرين الأيوبي والمملوكي وهذه الشواهد محفوظة في مستودعات قسم الآثار العربية الإسلامية في المتحف الوطني بدمشق وهي تعرض للمرة الأولى. وتتميز هذه الشواهد بدقة تصنيعها وحسن تصميمها، كما وتحمل كتابات عربية نفذت بشكل هندسي دقيق ومتقن وبمختلف الخطوط المعروفة خلال تلك الفترات الزمنية.
في شهر كانون الأول كان معرض أسرار صانعي الفخار في الرقة عُرض في هذا المعرض مجموعة من القطع الفخارية المزججة الفريدة والتي أَُنتج غالبيتها الفنان السوري في مدينة الرقة في الفترة الزمنية الممتدة من العصور العباسية المتأخرة وحتى العصر المملوكي. وقد اتصفت بتنوع أشكالها ودقة تصاميمها ومهارة تصنيعها، ونافست مثيلاتها التي كانت تنتج في المشاغل الإيرانية والصينية آنذاك.
وخارج إطار سلسلة معارض «ألف تحفة وتحفة» فقد نظمت احتفالية دمشق عدداً من المعارض النوعية أهمها:
ففي حزيران كان معرض بين الكتابة والصورة ونُظمت ندوةً على هامش هذا المعرض والذي انطوى على أكثر من ثلاث وعشرين مخطوطة إسلامية وخمس وعشرين أيقونة، كنموذجٍ فني فريد مبدعٍ وخلاق. وقد حاضر فيها مجموعةٌ من المختصين، منهم الأستاذ محمود الزيباوي -الناقد المختص بالفن الإسلامي- من جامعة السوربون في باريس، وخاصة بالمنمنمات المنتشرة في المخطوطات الإسلامية، والسيدة منى المؤذن -مديرة الشؤون الإدارية بالمتحف الوطني- والمختصة أيضاً بالمخطوطات في الفن الإسلامي، والأستاذ الياس الزيات الذي أشرف على المعرض ووضع التصور العام له.
وفي آب افتتح معرض مخططات قصر الحمراء في معرض صور وضمّ المعرض أكثر من سبعين لوحةً هي عبارة عن مخططات لقصر الحمراء، ومساقط عرضية وطولانية لمقاطع من القصر، والحمامات، والأروقة، والساحات، والأسقف، والأرضيات المزينة بالفسيفساء، والرسوم المدهشة.
وفي تشرين الأول كان المعرض الهام رواد علم الآثارالسورية وقدم المعرض تاريخ العمل الأثري في سورية خلال مئة عام عبر عرض تسلسلي للعديد من الوثائق والصور الفوتوغرافية والمخططات واللوحات الفنية النادرة، التي جمعت من العديد من المؤسسات العلمية السورية والأوروبية في فرنسا وبريطانيا والدنمرك وألمانيا.
وفي تشرين الأول أيضاً افتتحت السيدة أسماء الأسد معرض العصر الذهبي للعلوم عند العرب، والذي نظمه معهد العالم العربي في باريس، بالتعاون مع احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية، والمديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية. واحتوى المعرض نصوصاً تعريفية، وشروحات، ومجموعة من الوسائل السمعية البصرية المستقدمة من معهد العالم العربي في باريس، ومقتنيات المتحف الوطني في دمشق -قسم الآثار الإسلامية-، والتي تضيء جوانب من تاريخ العلوم والإبداعات والاكتشافات العربية في مجالات الطب، والفلك، والرياضيات، والفيزياء، وفي كافة الاختصاصات العلمية الأخرى.
وفي تشرين الثاني افتتحت السيدة الأولى معرض سيراميك العالم والذي زارته فيما بعد برفقة سيادتها جلالة ملكة اسبانيا الملكة صوفيا. يحكي المعرض قصة تواصل إنساني استمر لأكثر من خمسة آلاف عام، وشكل المعرض فرصة نادرة لرؤية 116 قطعة من كنوز لم تبصر النور خارج متحف «فيكتوريا أند ألبرت» منذ اقتنائها، وهي قصة لعبت فيها سورية والشرق الأوسط دوراً رائداً، إذ عرفت سورية إنتاج السيراميك لأكثر من ثمانية آلاف عام لتكون واحدة من أقدم مراكز صنع الخزف في العالم. كما استعرض تاريخَ السيراميك في العالم ابتداءً من 3000 ق.م إلى يومنا هذا.

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق