فعالية جديدة ضمن ألف تحفة وتحفة

10 06

دمشق من أولى دور الضرب السورية التي أصدرت نقوداً بين 333-323ق.م

ضمن إطار احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، تقيم المديرية العامة للآثار والمتاحف نشاطها الشهري «ألف تحفة وتحفة من الأرض السورية» تحت عنوان الكنوز المجهولة من المتحف الوطني بـدمشق. وجاء نشاط هذا الشهر يوم الجمعة الماضي في القاعة الدمشقية في المتحف الوطني بدمشق، حول «الإنتاج النقدي لمدينة دمشق خلال العصور الكلاسيكية» والذي يستمر معرضه الموازي لغاية نهاية الشهر الجاري.
ضم المعرض مجموعةً نادرة من القطع النقدية المعدنية المنوعة المسكوكة في دمشق، وبلغت عشرين مسكوكة تعود للعصور الكلاسيكية (الهيلينستية، والرومانية، والبيزنطية)، وقد حمل بعضها تصاوير نادرة للغاية.
خالد كيوان المسكوكات السورية القديمة تبدو أهمية دمشق في العصور الكلاسيكية من خلال النصوص القديمة التي تناولتها، وفق ما جاء به الباحث المختص بالمسكوكات خالد كيوان، الذي أعد وقدّم النص العلمي لنشاط هذا الشهر، وعكف على تقديم شرح علمي آثاري للقطع التي عرضها، حيث يقول: «يخبرنا المؤرخ كوينتوس كيروس بأن الملك الفارسي داريوس الثالث أرسل كنزه إلى دمشق، ويضيف المؤرخ أريان بأن الإسكندر المقدوني عندما علم بذلك كلف مساعده بارمينيون بالاستيلاء عليه، في حين يؤكد المؤرخ سترابون على أهمية دمشق في الفترة الفارسية-الإخمينية بقوله "لا تزال دمشق حتى اليوم على جانب عظيم من الأهمية، وفي زمن الحكم الفارسي يمكن اعتبارها أشهر مدينة في هذا القسم من آسيا". ويضيف بأن ملوك الفرس قد أقاموا فيها، بقوله "إن الملك الفارسي داريوس كان متواجداً في قصره الكائن بدمشق مع حاشيته وثرواته قبل معركة إيسوس عام 333ق.م"».
شريحة من محاضرة المسكوكات السورية القديمة وعليه وبعد كل ما تقدم، -والحديث لكيوان- «يمكننا القول بأن دمشق كانت من أوائل دور الضرب السورية التي أصدرت نقوداً على شرف الإسكندر المقدوني بين عامي 333-323ق.م. حيث تميزت نقودها بأنها مضروبة من معدن الفضة، تُظهِر على مركز الوجه رأسَ الإسكندر، أو هرقل، أو ملقارت، بينما حمل مركز الظهر الإله زيوس جالساً على العرش، ونُقشت في الجهة المقابلة منها مقدمةُ كبش كأول رمز لدار الضرب الدمشقية، كما أنها حملت الحرف الأول والثاني من اسمها».
وتابع كيوان «وقد أفادت دراسات النقود المكتشفة في جزيرة فيلكية بالكويت وفي مدينة آكاكال التركية بأنه بعد موت الإسكندر الكبير تسلم الحكمَ الملكُ فيليب الثالث أريدي 323-316ق.م، الذي أصدر نقوداً بدمشق من وحدة التيترادراخما الفضية، جاءت متناغمة مع إصدارات الإسكندر الكبير. غير أن دمشق انقطعت عن عملية إصدار العملات من عام 316ق.م وحتى عهد الملك السلوقي أنطيوخوس السابع إيفريجيت 129-137ق.م وديمتريوس الثاني نيكاتوريوس 129-125ق.م، الذي اتخذ من دمشق مقراً لإقامته وداراً رسمية لإصدار عملاته؛ بوسترات المسكوكات السورية القديمةفي حين تُنسب أهم النماذج النقدية المنتجة في دار الضرب الدمشقية، والتي اتسمت بالطابع الديني المحلي الأصيل، إلى الملك ديمتريوس الثالث فيلوباتور 95-88ق.م، حين حملت قطعة نقدية فضية في مركز الخلف نقشَ الربة أتارجاتيس السورية، وهي واقفة بشكل مواجه، مرتدية ثوباً من حراشف السمك، كما احتوى النقد على نقش إغريقي يذكر اسم الملك ديمتريوس الثالث فيلوباتور سوتيروس. أما النموذج النقدي الدمشقي الآخر الصادر في الفترة السلوقية، فقد تميز بحمله على مركز الظهر نقشاً يمثل الإله حدد الدمشقي واقفاً بين ثورين، وتُعتبر هذه القطعة من آخر النماذج المحلية النقدية الصادرة في عهد الملك السلوقي أنطيوخوس الثاني عشر فيلوباتور كالينيكوس الذي نقش اسمه بالكتابة الإغريقية».
كما وضّح السيد كيوان أنه «في عام 84ق.م، أصدر الملك النبطي الحارث الثالث بمناسبة دخوله دمشق نقوداً على الطراز السلوقي، حاملة على مركز الخلف نقش الربة تيكة دمشق، وهي جالسة على صخرة تشير إلى جبل قاسيون. وبين عامي 37-32ق.م، أصدرت كليوباترة السابعة ملكة مصر، التي حظيت بحكم جزء من سورية الجنوبية (من ضمنها دمشق) كهبة من ماركوس أنطونيوس، أصدرت عملات بدمشق تعد من وجهة نظر علماء النقود بأنها من النقود التذكارية المؤرِّخة».
بوسترات المسكوكات السورية القديمةومما لا شك فيه، فقد شهدت الإصدارات النقدية بدمشق نشاطاً فعالاً في عهد الأسرة السفيرية، وأضافت إليها امتياز إصدار نقود فضية من وحدة التيترادراخما الرومانية في عهد كركلا. وعن هذه الفترة، قال كيوان «نرى في هذه الفترة بداية ظهور نقوش في واجهات المعابد المكرسة للربة تيكة على النقود الدمشقية، ومن بعدها تابعت دمشق عملية إنتاجها النقدي في عهد الأسرة الفيليبية، التي تعددت على نقودها الأشكال والمشاهد المجسدة للعمارة الدينية، والآلهة، والحيوانات، والرموز العسكرية. وفي عام 268م، توقفت دمشق نهائياً عن عملية الإنتاج النقدي. وقد بينت الدراسة بأن أهم نماذجها النقدية خلال هذه الفترة تجسدت بتمثيل طاولة ثلاثية القوائم يعلوها سلة الألعاب الرياضية التي كانت تحمل الهدايا للفائزين بالمباريات، إضافة إلى حملها آخر تصوير يمثل معبداً مقاماً فوق نبع الفيجة على قطعة نقدية برونزية صادرة على شرف كورنيلا سالونينا عام 261-268م، وذلك قبيل تحول المعبد إلى كنيسة مسيحية في القرن الرابع الميلادي».
رافق المحاضرة حفل موسيقي توافق مع العرض المتحفي، قدمه الثنائي الموسيقي (+موسيقي:ميلاد باهي)+) على العود، و(+موسيقي:إبراهيم كدر)+) على الناي والكلارينيت، حسام الدين بريمو المسكوكات السورية القديمةبقيادة الفنان حسام الدين بريمو الذي ركّز اهتمامه على محاكاة موضوع المحاضرة (العملية الكلاسيكية المعروضة) أكثر من اهتمامه بتقاطع موسيقاه مع العنصر الزمني للمعروضات المتحفية، والتي تعود للقرن الأول والثالث والرابع قبل الميلاد، من خلال استخدامه لمقامات توحي بموسيقى أنتيك، حيث يقول: «العملة القديمة شعبياً تسمى أنتيك، وهي كلمة قد توحي بمعنيين، أولهما قديم ومهترىء، والآخر قديم ذي قيمة بمعدنه وجوهره، والقيمة التي كان يتداول فيها. وبناءً عليه، كنا اليوم بصدد موسيقى أنتيك قديمة ذات قيمة اعتمدنا فيها على آلتي العود والكلارينيت، وهما آلتان رخيمتان متوازنتان. من ناحية أخرى، جاء اختيارنا لخمس قطع موسيقية: ثلاثة منها تركية سريانية من القرنين التاسع عشر والعشرين توحي بقدم زمني يتجاوز المائة سنة، ومقطوعتين جديدتين للوكسيل باكتاكير مرتكزتين على مقام قديم من نفس عمق وعبق الماضي».
يذكر أن العرض القادم لنشاط «ألف تحفة وتحفة» يصادف يوم الرابع من تموز. وسيتناول موضوع «المجتمع التدمري عبر منحوتات صغيرة».


رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق