ندوة كاتب وموقف تستضيف الدكتور نبيل طعمة
30 كانون الأول 2010
في نقاش حول كتابه فلسفة التكوين الفكري
استضافت ندوة «كاتب وموقف» التي أقيمت في المركز الثقافي العربي - أبو رمانة، مساء يوم الثلاثاء 28 كانون الأول 2010، الكاتب الدكتور نبيل طعمة، ودار النقاش حول كتابه «فلسفة التكوين الفكري»، ويدير الندوة الناقد الإعلامي عبد الرحمن الحلبي، واشترك في النقاش كل من الدكتور محمد محفل والأستاذ نبيل خياط، وحضر الندوة عدد من المفكرين والأدباء.
بدأ الأستاذ عبد الرحمن حديثه قائلاً: «إن هذه الندوة ستحاول الموازنة بين عقلين، يوزعان للإنسانية جمعاء، أحدهما عقل مترابط ساكن تقليدي، والثاني عقل متحرك محلق يعتمد التغيير. وقد وصف بعض أصحاب الاختصاص، صاحب العقل التقليدي بأنه يتمتع بالموسوعية من حيث سعة الاطلاع والمعرفة، وربما اتسم بالمنطقية في التفكير والذكاء، وقد يحصل صاحبه على أعلى الدرجات في المراحل التعليمية، ولكن أن يصبح مبدعاً وذا عطاءات جديدة، فهذا أمر صعب المنال لأنه عقل مقلد غير مبدع. وأما العقل المتحرك، بتعبير الدكتور شاكر عبد الحميد، فهو أشبه بطائر حر يجوب الفضاء ويكون الكون مداه كله، فيصبح رمزاً من رموز البحث المتجدد المنفتح».
ويتابع الأستاذ عبد الرحمن الحلبي حديثه النقدي فيقول: «والدكتور نبيل طعمة، فيما لاحظته، ينحاز إلى العقل المتحرك، ويمثله بقوله أن الإقرار والإيمان، حالتان من الحالات الخاضعة للنقاش والتغيير عند العقل المتفكر، فالاستدامة العاقلة من خلال الحوار الهادف تنجب ثقافة متنورة، تحمل خصوصية التطلع إلى التطور. وقد ورد هذا القول في كتابه "فلسفة التكوين الفكري"، ووفقاً لهذا الانتظام فيجب علينا التمييز بين السماء الإيمانية والسماء الفكرية، وقد نختلف مع بعضنا في الجوانب التي أثارها المؤلف في كتابه، ولكن المؤلف لن يكون ضد هذا الاختلاف، ولكنه يأمل أن يحظى عنوان كتابه بالتأمل الفكري ويأخذ وقته بين يدي القراء».
ويشير الأستاذ الحلبي إلى حوار الحضارات في كتاب الدكتور طعمة حيث يقول: «ومن اللافت للانتباه أن صوت الدكتور نبيل طعمة، وهو كاتب مسلم، يتطابق مع صوت أكاديمي كاثوليكي في كتاب الإنجيل، وذلك عندما قال هذا الأكاديمي: نحن الذين كانت تعاليمنا خاطئة منذ الصغر، مما تناقلناه من التوراة، وبهذا يتفق الصوتان حول خطورة التوراة المنقولة على فكريهما، وبذلك نجد أنه لولا تواجد العقل المتحرك لما اتفقا على ذلك، دون أن يتلاقيا. وإن الدكتور نبيل طعمة،هو مؤرخ شديد الاعتزاز بحضارة الشرق، وبأمته العربية، وشديد الإيمان بمكون الكون ومرسل الرسل»، ثم أعطى مدير الندوة الدور لصاحب الكتاب كي يشرح وجهة نظره قائلاً: «وأترك الآن الحديث للدكتور طعمة ليحدثنا عن كتابه ومحتوياته».
وتحدث الدكتور نبيل طعمة قائلاً: «أنا أشكر الأستاذ عبد الرحمن، الذي أتاح لنا جميعاً أن نتلاقى حول موضوع فكري، وأعتقد أنه عندما تتطلعون إلى الكتاب تدركون، كم أننا نحتاج إلى إعادة إنجاب الحراك الفكري، وكما أشكر الدكتور محمد محفل، والأستاذ محمد نبيل خياط، لمشاركتهما في هذه الندوة الفكرية وفي هذا الحوار. إننا ملتزمون بالحوار، لأنه لغة إنسانية وتطويرية، وعندما يكون الحوار موجوداً تتواجد الحلول مهما كان الاختلاف كبيراً. وإن كتاب فلسفة التكوين الفكري، هو عبارة عما يسمى بمدن الروح، ومدن المادة، وهو جزء يخضع لمسميات الجمع العلمي والمنع الفكري، فهناك فكر خاص في كل ما طرح، منذ ذلك التاريخ القديم وحتى هذه اللحظة».
ويكمل الدكتور طعمة: «وأقصد بهذا العنوان، أن الفلسفة هي الجوهر، والتكوين هو المظهر، والفكر هو لغة رابطة بينهما، ويوجد أيضاً إثارة أثرية في مدخله، وهي قضايا التاريخ والتأريخ. فالتاريخ هو السياق الطبيعي لحدث ما، وأما التأريخ فهو الآليات التي توضع على هذا الحدث، والمقصود بمدن الروح المدن التي خرج منها المرسلون وظهرت العبادات فيها، وهي سبع مدن، من مدينة أبراهام مروراً بدمشق والقديس بولس، وقدس النبي عيسى، وطيبة النصر النبي موسى، ومكة المكرمة والنبي محمد، وأثينا الآلهة الإبداعية، وروما حاضرة الفاتيكان. ومدن المادة، هي مدن العالم الجديد من الدول القوية المسيطرة وهي سبع مدن. وعند ظهور العالم الجديد، منذ عهد النهضة والقرن الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والثورة الصناعية، وهي انعكاسات لفلسفة الصراع بين المادي واللامادي، بين العلم والروح، وأعبر من خلال مقولة في هذا الكتاب، أن بصر وبصيرة النبي محمد أخضعت للنقاش، وأما في المكون فلا نقاش أبداً».
بدوره شارك الأستاذ محمد نبيل خياط قائلاً: «لقد درست البنية الفكرية لهذا الكتاب ولخصت عنوانه، إن التكوين لغة من المقابلة، والتكوين الفلسفي هو مجموعة العناصر المكونة، أي هندسة هذا التكوين، و ذلك من خلال عدة أمور. وأولها الفروق بين الشرق والغرب، وهي الزمان والمكان، والروح والمادة وهي حالة الإنسان، والتاريخ والتأريخ وهي متعلقة بالزمان، والأسطورة والحقيقة، وغير ذلك أنه توجد عودة للتكوين الفكري للبشرية، والذي كان له الفضل الأكبر في الشرق، وأعطى الغرب لنفسه شيئاً جديداً اسمه المادة».
وتحدث الدكتور محمد محفل، مبدياً ملاحظة للمؤلف، أولاً في المستوى والمنهج، والتقييم والتقويم، وثم في المعرفة قائلاً: «عندما نكتب وننشر فيكون الهدف أن نسهل للقارئ، ونجعله أكثر ارتباطاً بالماضي القديم. وإن عنوان الكتاب له طابع أسطوري، والأسطورة هي واقع، ولكن يجب أن نحللها، وهي تختلف عن الخرافة، لأنها عبارة عن تاريخ شفهي نستنتج منها ونبني عليها المعطيات، لتكون النتائج أقرب إلى الواقع، وذلك مما تناوله المؤلف في امتداد أصول الفكر».
ثم ختم الدكتور نبيل طعمة تقديمه للكتاب بالقول: «إن بلادنا هي أصل الحضارات، وقد جاء مؤرخون من جميع أنحاء العالم، وكتبوا عنها وأنا لم أضع فهارس في هذا الكتاب، والهدف من ذلك تنشيط الذهن والفكر العربي، في البحث والتدقيق».
وأنهى الأستاذ عبد الرحمن الحلبي الندوة بشكر الدكتور نبيل طعمة، والدكتور محمد محفل، والأستاذ محمد نبيل خياط، لنقاشهم ومحاورتهم في كتاب «فلسفة التكوين الفكري» وإبداء ملاحظاتهم وردودهم، وبشكر جميع الحضور.
عبد القادر شبيب - دمشق
اكتشف سورية
مداخلة الأستاذ عبد الرحمن الحلبي في ندوة كتاب فلسفة التكوين الفكري بحضور المؤلف الدكتور نبيل طعمة والباحثين الدكتور محمد محفل والأستاذ محمد نبيل الخياط |
جانب من الحضور في ندوة حول كتاب فلسفة التكوين الفكري |
جانب من الحضور في ندوة حول كتاب فلسفة التكوين الفكري |