العرض الأول للفيلم السوري «مريم» بحضور جماهيري لافت في سينما سيتي بدمشق

21 آذار 2013

.

المرأة هي الأم، هي الحياة..

الوطن هو الأم، هو سورية التاريخ والحاضر ومستقبلنا..

مريم هو الإسم المقدس عند السوريين بمسلميه ومسيحييه..

الحرب هي القدر الأعمى، هي الظلم، هي الشرخ، ودمار العمران والنفوس..


الفنانون المشاركون في فيلم «مريم» على خشبة مسرح سينما سيتي في عرضه الأول

«مريم» لم يكن فيلماً تقليدياً له بداية وحبكة قصصية وذروة درامية وخاتمة.. بل هو فيلم يحمل ثلاث قصص وثلاث حبكات وثلاث ذروات درامية.. ونكتشف بالنهاية أنها قصة واحدة بثلاثة وجوه، إنها باختصار قصتنا جميعاً نحن السوريين، وقد بدأ عرض الفيلم بالتزامن مع الاحتفال بعيد الأم، وفي هذا إشارة..

فيلم «مريم» هو بالتأكيد نقلة نوعية للسينما السورية، كنا قد قلناها في مقال سابق نقلاً عن عدد من الآراء، أما اليوم فنقولها باسمنا نحن المشاهدين. لقد استطاع المخرج باسل الخطيب مع نجومه الفنانين والفنيين أن ينجزوا وبأصعب الأوقات فيلماً متكاملاً راقياً، يتوهج الإبداع فيه بكل لحظة من ساعتَي عرضه، فيختزل الخطيب قرنين من تاريخنا في ساعتين دون إهمال التفاصيل المؤثرة، ويقذفها في وجوهنا دفعة واحدة عسى أن تعصف بأذهاننا وتعيد عقولنا إلى مكانها.


مشهد من فيلم مريم للفنانة المتألقة سلاف فواخرجي مع الفنان عابد فهد

لقد كان العرض الأول أمس الثلاثاء 19 آذار 2013 في سينما سيتي بدمشق بحضور لافت وكثيف، حتى أن عتبات درج الصالة تحولت إلى مقاعد إضافية لعدد من الحضور الذي لم يجد له مقعداً في الصالة، وكان الحفل راقياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث كان لمحمد الأحمد -المدير العام للمؤسسة العامة للسينما- كلمته، تلتها كلمة سريعة للفنانتين المبدعتين سلاف فواخرجي وديمة قندلفت ثم المخرج الرائع باسل الخطيب، وينزل أبطال الفيلم إلى خشبة المسرح ليتواصلوا مع الجمهور، وبعدها يبدأ عرض فيلم مريم الذي استطاع أن يحبس أنفاسنا ويجمد دموعنا طيلة فترة عرضه.

يتناول الفيلم قصة ثلاث نساء: الأولى لمريم الشابة المغنية -وتؤديها لمى حكيم- في نهاية الاحتلال العثماني، ومريم الثانية وتؤديها سلاف فواخرجي خلال الاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان، ومريم الثالثة في زمننا الحاضر لمريم العاشقة للحياة والعائلة -وتؤديها ديما قندلفت-.


مشهد من فيلم مريم للفنانة الكبيرة نادين خوري

يبدأ العرض بنظرة قلقة من أم مريم 1918، تؤديها المبدعة ميسون أبو أسعد، نظرة تكاد تلخص القصة كلها، فهي قلقة على ابنتها "مريم" ذات الصوت الجميل والتي كانت تعمل على إنقاذ "الحصان" من غرقه بالوحل في تلك الليلة الكانونية الماطرة. لم نعرف لمن تعود "ملكية" ذلك الحصان، ولكن نستطيع قراءة رمزيته التي أراد باسل الخطيب أن يوصلها لنا في واحدة من رسائل كثيرة رافقتنا طيلة العرض.

أما الفنانة سلاف فواخرجي فقد تألقت بأداء دورها أي تألق وهي مريم الثانية في الفيلم والذي تعود تاريخ قصتها إلى 1967 ابنة الجولان، النجمة سلاف استطاعت أن تعيدنا إلى أيام النكسة وهي المرأة الخائفة على ابنتها من القدر الأعمى وزوجة الشهيد، ويبقيها قدرها في القنيطرة تحت قصف الطائرات الإسرائيلية الهمجي.

أما مريم الثالثة فقصتها تجري في عام 2012 والتي جسدت دورها الفنانة ديما قندلفت بعفوية وتألقت كما المريمات الأخريات، وتتمحور قصتها حول دفاعها عن جدتها -والذي أدته الفنانة الرائعة صباح جزائري - والتي أبعدتها عائلتها إلى مأوى للعجزة، في إشارة إلى الشرخ الاجتماعي الذي تعيشه المدينة في ظل أزمة مستمرة.


مشهد من فيلم مريم للفنانة المبدعة ميسون أبو أسعد

أعطانا باسل الخطيب ثلاث مريمات، يتطابقن بشكل أو بآخر، وكأنه يقول لنا أن التاريخ يعيد نفسه الآن. ويضع هذا التاريخ أمامنا من خلال نجوم أبدعو في أدائهم، وفنيين محترفين بإدارة إخراجية راقية لنحصل على مشاهد سينمائية هي بالحقيقة لوحات تشكيلية تتالت أمامنا بجمال كوادرها مع روعة الإضاءة وانسجام متكامل مع الموسيقى التصويرية وتنفيذ متقن لعمليات المونتاج لتنافس هذه المشهدية المتكاملة مآسي المشاهد.

ذكرنا هذا الفيلم بأحد إبداعات هوليوود «The Hours» الذي قدّمه ستيفن دالدري في 2002 وبطلاته الثلاث: كلاريسا (ميريل ستريب)، لورا (جوليان موور)، ونيكول كيدمان (فيرجينيا). فبالقدر الذي استطاع فيه دالدري أن يعرض ثلاث قصص من فترات زمنية مختلفة وبشكل متوازي أتاح للمشاهد ألاّ يضيع في زخم أحداث القصص الثلاث مستمتعاً بها؛ كذلك استطاع باسل الخطيب في «مريم» أن يقدّم فيلماً ملتصقاً بالمُشاهد، لثلاث نساء واجهت مخاوفها بشجاعة وشهامة، جعلتنا نؤمن بهن ونحس بفرحهن وحزنهن في العقل والقلب معاً، وننتقل مع الأحداث والأزمان بأسلوب إخراجي لافت.


مشهد من فيلم مريم للفنانة سلاف فواخرجي

ينتهي العرض.. نخرج منه ممتلئين بعدد هائل من الأسئلة والرسائل التي استطعنا قراءة أجوبة بعضها: كالمقدسات والمرأة الأم، والوطن، والحب والحرب والإنسان والتصدع الاجتماعي، والإصرار على الحياة..؛ فيما يبقى البعض الآخر من الأسئلة برسم المشاهدة المتأنية.

من شارة نهاية الفيلم:

..«كيف الحلم بالصيف.. ولع واحترق
وجن الشتي بكانون..
والخيل غرقانة
خلص الربيع بغيبتك.. والصيف
وحزن الخريف المر ع السما خيم
ومهما الشتي يمحي قصص
بيبقى اسمك ع شفافن صلاة
آه
مريم»


اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

السيدة لبانة مشوح وزيرة الثقافة و الفنان أسعد فضة

نجوم العمل في «سينما سيتي» قبل بداية العرض الأول

الفنانة سلمى المصري والدكتور محسن بلال وزير الإعلام السابق

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق