افتتاح أعمال مؤتمر اللقاء التشاوري للحوار الوطني الشامل في مجمع صحارى بمشاركة شخصيات تمثل أطيافاً سياسية واجتماعية مختلفة

10 تموز 2011

الشرع: متفائلون بمستقبل الحوار الوطني الذي لا رجعة عنه هو أكثر انسجاماً وتماهياً مع تاريخ سورية

انطلقت في مجمع صحارى اليوم أعمال اللقاء التشاوري للحوار الوطني الشامل الذي أعلن عنه السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته على مدرج جامعة دمشق بمشاركة شخصيات من مختلف أطياف الشعب السوري تمثل قوى سياسية حزبية ومستقلة ومعارضة وأكاديميين ومثقفين وناشطين شباباً.

ويناقش اللقاء على مدى يومين القضايا المدرجة على جدول أعماله وهي دور الحوار الوطني في المعالجة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأزمة الراهنة والآفاق المستقبلية وتعديل بعض مواد الدستور بما في ذلك المادة الثامنة منه لعرضها على أول جلسة لمجلس الشعب وعدم استبعاد وضع دستور جديد للبلاد إضافة إلى مناقشة مشاريع قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام.

ويأتي اللقاء بعد أن وجهت هيئة الحوار الوطني دعوات لأكثر من 200 شخصية من مكونات المجتمع، لحضور اللقاء، بينهم هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي وشخصيات معارضة من الداخل والخارج، لبحث أسس مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وعرض موضوع التعديلات التي تبحث في الدستور ولاسيما المادة الثامنة منه على جدول أعمال اللقاء، إضافة إلى طرح مشروعات القوانين التي تم إعدادها على اللقاء التشاوري، وخاصة قوانين الأحزاب والانتخابات والإدارة المحلية والإعلام.

تحدث في افتتاح اللقاء التشاوري الأستاذ فاروق الشرع – نائب رئيس الجمهورية – مؤكداً أن اليوم العاشر من تموز هو بداية حوار وطني وليس كغيره من الأيام، لأننا نأمل منه أن يفضي في نهاية المطاف إلى مؤتمر شامل يعلن فيه انتقال سورية إلى دولة تعددية ديمقراطية يحظى فيها جميع المواطنين بالمساواة ويشاركون في صياغة مستقبل بلدهم. ومن هذا المنطلق – وفقاً لما قاله الشرع – تم توجيه الدعوة إلى مختلف الشخصيات الفكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية، كي يكون هذا الحوار منطلقاً إلى المؤتمر الأشمل الذي سيبدأ التحضير له بعد انتهاء هذا اللقاء التشاوري وسيدعى إليه المزيد من الشخصيات الوطنية. وأكد الشرع للمؤتمرين أن «إيصال أصواتكم هو حق مشروع كما هي المطالب المحقة الأخرى التي تتعلق بحياة الناس المعيشية وهذا الحوار ليس منة من أحد على أحد ولا يمكن اعتباره تنازلاً من الحكومة للشعب بل هو واجب على كل مواطن عندما ننطلق من الإيمان الراسخ بأن الشعب هو مصدر السلطات كباقي الدول المتقدمة». ونوه الشرع بصدور قرار واضح من القيادة يفضي بعدم وضع عقبات غير قانونية في وجه سفر أو عودة أي مواطن سوري إلى وطنه متى شاء ولقد أبلغ وزير الداخلية بهذا القرار لتنفيذه خلال أسبوع من تاريخه. وأضاف الشرع «أن اللاحوار فكرة عبثية، فالحروب الكبرى والصغرى والأزمات الوطنية والقبلية لم تنته يوماً إلا بالحوار أو بواسطته وعلى أساس هذه المفاهيم المبدئية والموضوعية نتفاءل بمستقبل هذا الحوار الوطني. إن وطننا غالٍ علينا جميعاً، وهو الآن على محك في هذه الظروف التي يجب أن نستعيد فيها الشجاعة والحكمة آملين وواثقين بإيفاء السيد الرئيس بشار الأسد بما وعد به». وأكد الشرع أن مجتمعنا لن يستطيع بغير النظام السياسي التعددي الديمقراطي الذي سينبثق عن هذا الحوار أن يصل إلى الحرية والسلم الأهلي اللذين يرغب بهما كل مواطنيه فى أرجائه كافة وإذا نجح الشعب السوري في التحرك الديمقراطي سلمياً وبالتعاون بين جميع أطيافه ودون أي تدخل أجنبي فهو سيكون قد نجح في كسر الحلقة المفرغة التي يدور فيها جدل محتدم بين الحل السياسي للأزمة والحل الأمني ونجح في أن يعزل عن بيئته من لا يهمهم مستقبل هذا الوطن أو التغيير تحت سقفه أياً كان هذا التغيير دون أن يدركوا أن هذا يخدم مصلحة أعداء سورية في تقسيم الوطن فقد أثبتت مختلف مراحل التاريخ أن استعانة العرب بالأجنبي واستقوائهم به لم تجلب لهم الحرية المنشودة وإنما المزيد من فقدان الأمن والأرض.


من أجواء اللقاء التشاوري

من جهته توجه الأب الياس زحلاوي بالتحية لأرواح الشهداء والجرحى وجميع ذويهم وقال: «إنني لا أتردد عن الإعلان أن ما جرى ويجري جزء أساسي من حملة استعمارية صهيونية قديمة كانت ترمي كما يعرف الجميع إلى تقسيم العالم العربي بل إلى تفتيته وقد خطط لهذه الحملة منذ الفترة التي سبقت ورافقت سايكس بيكو ووعد بلفور وعهد الانتدابين البريطاني والفرنسي اللذين فرضاً على الشرق العربي. ولا أتردد عن الإعلان بأن ما جرى ويجري جاء أيضاً نتيجة حتمية وطبيعية في نهج سياسي عام وضع البلد وفق دستور جديد في يد حزب واحد طوال 40 عاماً فترتب على ذلك من جهة أولى الادعاء المفرط بقدرات هذا الحزب ومن جهة ثانية الاستبعاد لقدرات لا حصر لها لدى من استبعد». وأكد الأب زحلاوي ضرورة الاعتراف بالآخر بغض النظر عن معتقده وعرقه ولونه ومنشئه في ظل إيمان طرفي الحوار السابق بضرورة الوصول إلى نتائج حقيقية. فيما ركز على ضرورة كتابة دستور جديد يستوعب قيام أحزاب جديدة ما يأتي منسجماً مع بناء دولة حديثة متطورة تستند إلى اقتصاد قوي ممنهج.

كما تحدث الدكتور أنيس كنجو: «إن الجيش مؤسسة وطنية وهو سياج الوطن المنيع لعنوان الوحدة الوطنية وهو محط آمال الجميع وموضع احترامهم»، كما أكد أن «الرئيس بشار الأسد يتمتع بفكر وثقافة وسلوك ورؤى ومؤهلات قيادية تسمح للمعارضة بالاستجابة إلى دعواته في الحوار والقبول بزعامته لمرحلة تنقل البلاد إلى بر الأمان، فالمطلوب الآن من المعارضة أن تشكل عامل ترجيح وتغليب لمنطق التغيير الذي يمثله الرئيس بشار الأسد في مقابل من قد لا يتحمس للتغيير». وأشار كنجو إلى أن «معالجة الأزمة لا تكون من نتائجها وإنما من أسبابها» واقترح أن يناقش اللقاء مشروع دستور جديد يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية في حال توفره وإذا لم يكن قد توفر، أن تدعى اللجنة الدستورية المشكلة منذ زمن إلى إنجازه بسرعة وأن يطلق مشروع الدستور الجديد على الاستفتاء الشعبي خلال شهرين على الأقل ومع إعلان نتائج الاستفتاء ستكون البلاد قد دخلت في عهد جديد هو عهد الجمهورية الثامنة منذ الاستقلال.

من جهته قال الكاتب والصحفي حسن م. يوسف: «إن جوهر الثقافة وروحها هو الحوار وروح سورية هو الحوار بدليل أن سورية على شاطئها ابتكرت أول أبجدية بتاريخ البشرية والأبجدية هي لغة للحوار باعتراف هيرودوت الذي قال: لقد أخذنا الأبجدية من الشاطئ السوري وبدليل أن نسق الحروف في اللغة اليونانية هو نفس نسق الحروف في أبجد». وأكد يوسف أن الحروب تحدث بسبب انسداد الحوار وذكر حادثة حصلت في عام 1996 عندما كلف الكاتب الكبير سعد الله ونوس كتابة كلمة يوم المسرح العالمي في 27 آذار فقال لو شئت أن أضع عنواناً لهذه الكلمة لاخترت عبارة «الجوع إلى الحوار».

ومن جانبه قال الأديب عبد الكريم الناعم: «نحن هنا مدعوون لنساهم في تلمس الحلول في لقاء تشاوري يمهد لعقد مؤتمر وطني بمعنى أننا نضع بعض الأسس الأولية لما سيتمخض عنه ذلك المؤتمر وأرى أن حجم ما نلتقي عليه هو أكثر بكثير مما قد نختلف فيه فنحن جميعاً مع التعددية والديمقراطية والتقدم والإصلاح بمعناه الشامل في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية هذا الذي نلتقي عليه أرجو ألا نسمح بأن يؤثر على وضوح ذلك الغبار الذي أريد منه أن نفقد معالم الطريق فيه». وأوضح الناعم أن السيد رئيس الجمهورية وضع خارطة طريق في خطابه الأخير ودعا إلى أن تتشابك السواعد من أجل سورية التي غناها في تعددها من أجل سورية الممانعة والمقاومة من أجل سورية قلعة الحلم العربي الجميل من أجل سورية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

كما تحدث الدكتور محمد حبش – عضو مجلس الشعب السابق – فحيا شهداء الشعب والجيش العربي السوري، وأكد على ضرورة الإسراع في البحث عن حلول من أجل مستقبل سورية. واعتبر حبش أن المؤامرة لا تزيد في أحسن الأحوال عن عشرين بالمئة وأن ثمانين بالمئة مما تشهده سورية هو احتقان داخلي نشأ نتيجة ممارسة دور الدولة الأمنية. وقال حبش: «إن المخرج من وجهة نظري يتمثل في إنهاء الدولة الأمنية والعمل من أجل دولة مدنية ديمقراطية متحضرة فيها تعددية حزبية وسياسية وحريات إعلامية وإنهاء حكم الحزب الواحد والسماح بقيام حياة سياسية مدنية حرة». واقترح حبش أن يقوم السيد رئيس الجمهورية باقتراح تعديل فوري للدستور يرسل إلى مجلس الشعب لعرضه على أول اجتماع له ويتضمن بصراحة تعديل المادة الثامنة من الدستور والمادة الرابعة والثمانين بحيث ينتهي حكم الحزب الواحد اضافة الى تشكيل هيئة خاصة لحقوق الإنسان بقرار جمهوري تضم معارضة وموالاة وتملك حق التدخل والمتابعة في شأن كل مواطن يتعرض لحجز الحرية ومتابعة تأمين محاكمة عامة عادلة له والإفراج الفوري عن المواطنين الذين احتجزوا دون مذكرات قضائية واضحة معللة.

من جهته حيا عمر أوسي - رئيس المبادرة الوطنية للأكراد السوريين - جميع الشهداء الأبرار الذين عمدوا بدمائهم وحدتنا الوطنية مدنيين وقوات أمن والجيش السوري البطل مضيفاً: «أن سورية هي جنة الله على الأرض وكانت منذ قبل ميلاد السيد المسيح وحتى الآن ملتقى للحضارات وللشعوب. سورية أيها الإخوة فيها العربي وفيها الكردي، فيها المسلم والمسيحي، فيها الكلداني والآشوري والأرمني، وفيها اليزيدي والشركسي وفيها طوائف أخرى كالتركماني وغيرهم، وفعلاً سورية كانت دائماً واحة للعيش المشترك وواحة للسلام». وأضاف أوسي إن سورية تتعرض اليوم لمؤامرة أنغلوساكسونية صهيونية فرانكوفونية أطلسية شرسة وبمساعدة بعض دول المنطقة مع الأسف عربية وغير عربية. ولخص أوسي مطالب أكراد سورية بمسألة الإحصاء الذي جرى عام1962 والذي جرد بموجبه عشرات الآلاف من الأسر الكادحة الكردية من هويتهم السورية وأصدر الرئيس الأسد وله الفضل المرسوم 49 الذي أعاد الجنسية وأعاد الحق لأصحابه بعد خمسين عاماً. مبيناً أن أكثر من عشرة آلاف مواطن كردي سوري حتى أمس استلموا هوياتهم وأصبحت لديهم جوازات سفر وهناك قرابة 150 ألف كردي سوري ينتظرون حتى الآن استلام هوياتهم. ودعا السلطات في دمشق والسلطات المحلية في الحسكة الإسراع في هذه العملية وعدم إخضاعها للرشاوى وللإجراءات البيروقراطية. وأشار الأوسي إلى أن هذا الحوار هو المخرج الوحيد لتلافي تداعيات هذه الأزمة التي بدأت بالانحسار، ونحن على أعتاب الجمهورية السورية الثالثة، لافتاً إلى أن الجمهورية الأولى كانت بقيام الدولة السورية في العشرينيات من القرن الماضي، والجمهورية الثانية كانت جمهورية حافظ الأسد في حركته التصحيحية المجيدة، والجمهورية الثالثة التي نحن الآن على أعتابها هي جمهورية بشار الأسد.

بدوره قال الدكتور علي حيدر – رئيس الحزب القومي السوري الاجتماعي (الانتفاضة) - «جئنا لنعمل معاً والحقيقة أننا أتينا إلى هذا اللقاء التشاوري لاختبار الجدية وهذا يستوجب العمل للتوجه نحو برنامج تغيير بنيوي وشامل يضع سورية على خط التغيير والانتقال من الدولة الأمنية إلى الدولة المدنية القائمة على مؤسسات دستورية تتجسد فيها سيادة القانون وتداول السلطة مدنياً وسلمياً». وأكد الدكتور حيدر أن التغيير الذي ننشده هو تغيير يهدف إلى خلق روح المواطنة السورية المسؤولة في تناول ومعالجة كل قضايا الوطن وبمشاركة كل القوى السياسية في اتخاذ القرارات المصيرية بعيداً عن الإقصاء والتمييز والقصر»، وتساءل الدكتور حيدر كيف يستقيم الحوار ومازال تراشق التهم مثل اللاوطنية تارة والتخوين تارة أخرى جارياً، ومحاولات الإقصاء والتغيير والسحق والمحق قائماً هنا وهناك. ونوه الدكتور حيدر أن هذا الحراك لا يستطيع اليوم أحد ادعاء تمثيله ولا بد من وجود من يمثله على طاولة الحوار وهنا لا بد من إيجاد آلية صحيحة لفرز قيادات حقيقية لهذا الحراك الشعبي لتكون ممثلاً أميناً ومعبراً صادقاً عن احتياجات وهموم وتطلعات من يمثلهم وعندها تستقيم الدعوة إلى مؤتمر حوار وطني على قاعدة الندية والمساواة بين جميع المتحاورين بلا شروط ولا سقف إلا سقف الوطن ووضع مصلحة سورية فوق كل مصلحة وعلى قاعدة أن التغيير السياسي هو المقدمة والمفتاح لأي تغيير آخر.

من أجواء اللقاء التشاوري

من جهته قال المفكر والكاتب الدكتور الطيب تيزيني: «إن أول شرط في بلد مثل سورية الآن يجب أن يكون "الرصاص حرام على كل سوري" فنحن في بلد واحد ولسنا بلدين، من يطلق الرصاص عدو خارجي ومن يقم بتظاهرات سلمية فهو الداخل» متمنياً إيقاف الرصاص في حمص وحماة وألا يسمح لأي فريق بإطلاق الرصاص من أجل بناء سورية جديدة. وأكد الدكتور تيزيني أن التأسيس لمجتمع سياسي يتطلب مباشرة التأسيس لعملية تفكيك الدولة الأمنية المهيمنة في سورية معتبراً ذلك شرطاً لا بديل عنه. وأكد أن مسألة الحوار الديمقراطي تستدعي أمرين اثنين أولاً أن تكون اللجنة التأسيسية للحوار الوطني الديمقراطي نفسها ثمرة لحوار وطني ديمقراطي ولا تأتي عبئاً على الحوار حتى لو كانت لجنة مثلى. ثانياً أن يكون برنامج العمل أيضاً مثالاً يحتذى من أجل أن يغطي كل الحاجات المطروح البحث عنها في هذا المؤتمر.

وتحدث الدكتور عماد فوزي الشعيبي فأكد «أنه علينا أن نعترف بأن ثمة أزمة للثقة لم يقترب منها الكثيرون ولذلك يجب علينا أن نجسر الهوة بين المختلفين وعلينا أن نضع قواعد للحوار في وقت نجتمع فيه لبناء الجمهورية العربية السورية الجديدة ولابد لنا أن نؤكد أننا نجتمع كي نبني دولة الحق والقانون والتعددية والديمقراطية والدولة التي لا تقصي رأياً ولا تحتكر سلطة ولا تفكر باختزال السلطة إلى فكرة أو نظرية أو حزب واحد وتقبل المتنوع من التفكير وبالتالي نحن هنا لتنظيم تغير النظام السياسي إلى نظام سياسي جديد عادل تعددي أساسه قبول صناديق الاقتراع حكما حيث الشعب هو مصدر التفويض لأي السلطة». وتابع الشعيبي: «لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين وعلينا أن نرسي ثقافة سياسية جديدة، ونحتاج زمناً كي نعتاد عليها ونألفها وزمناً كي تترسخ قواعد سلوكنا، وهنا المغامرة الكبرى وعلينا منذ اللحظة الأولى في هذا المؤتمر أن نحترم الاختلاف فلا قول الـ "لا" يجعل البعض يتهم صاحب الـ "لا" بالتآمر ولا قول الـ "نعم" يعني تهمة الانصياع والانتهازية فكلاهما موقف ورأي يجب أن يحترم بدون قيمة مضافة من التقييم والاتهام والازدراء». وأضاف الشعيبي إننا مسؤولون أمام التاريخ وأمام الأجيال عن صنع مستقبل أفضل ولهذا لن يكون أمامنا إلا أن نرفض السجال وأن نقبل الحوار وأي تدخل خارجي في شؤوننا الوطنية سيكون لزاماً علينا الحوار وسرعة الإنجاز قطعاً للطريق على استثمار الأزمة الداخلية خارجياً أو الدخول في متاهة الفوضى. وأضاف الشعيبي «إننا مسؤولون أمام التاريخ وأمام الأجيال عن صنع مستقبل أفضل ولهذا لن يكون أمامنا إلا أن نرفض السجال وأن نقبل الحوار».

كما تحدث الدكتور قدري جميل - رئيس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين – فقال: «إن الأزمة في البلاد عميقة والحلول يجب أن تكون بعمق الأزمة فإذا بقيت الحلول جزئية وترقيعية ومتأخرة فإن هذه الأزمة ستتفاقم بلا شك، والجميع متفقون على هذا. إن العوامل الأساسية للأزمة هي عوامل داخلية، اقتصادية واجتماعية بسبب توسع دائرة الفقر والبطالة وسياسية بسبب الانخفاض الشديد لمنسوب الحريات السياسية، وهذه العوامل الداخلية هي ثغرات ينفذ منها العدو وفي هذه اللحظات البلاد أمام خطر جدي، يجب أن نعي هذا الموضوع بكل مسؤولية». وأضاف جميل: «من هنا يرتدي الحوار أهمية كبرى في الوصول إلى القواسم المشتركة للحلول المنشودة فهو شكل من أشكال الصراع، وهو صراع آراء سلمي وحضاري لذلك مع تفهمي للزملاء الذين قاطعوا الجلسة التشاورية إلا أنني أضع سؤالاً؟ إذا كنا لا نريد الصراع السلمي الحضاري فماذا نريد؟ يضعون بعض الشروط وبعض الآراء وهي مشروعة ومحقة». ورأى جميل أن هناك قضايا تحتاج إلى تشاور وبحث وحلول وهي مبادئ الحوار وآلياته والمشاركون بالحوار القادم وكيفية تمثيلهم وأنه إذا لم يستطع المؤتمرون أن يخرجوا بتوصيات بهذا الاتجاه فإن اللقاء التشاوري سيكون قد فشل في تنفيذ أحد الأهداف الكبرى المطلوبة منه.

وقالت رشا سيروب طالبة دكتوراه في كلية الاقتصاد: «إن فكرة الحوار خطوة جيدة جداً في هذه الأوقات التي تمر بها سورية، وأعتقد أنه حتى ينجح هذا الحوار أتمنى الإجابة عن سؤالين مهمين. ما هي الأسباب الحقيقية التي أدت إلى نشوء هذه الحركات الاحتجاجية وبهذا العنف؟ وما هي الأدوات التي تم استخدامها لزيادة حدة الحركات الاحتجاجية؟». وأكدت سيروب أنه يجب أن نطبق مبدأ سيادة القانون فالقانون فوق الجميع وسبب مشاكلنا عامة هو عدم تطبيق القانون والسلطة القضائية غير المستقلة. كما دعت إلى إعادة صياغة العقد الاجتماعي ما بين الدولة والشعب وإقامة دولة مؤسساتية تقوم على حكم المؤسسات التي تحكم المصلحة العامة ولا تخدم المصلحة الخاصة. وختمت سيروب بالقول إنه لا يمكن تحقيق أي تنمية بدون حرية ولا يمكن أن يتقدم المجتمع بدون أي حرية، ولا أقصد فقط الحرية السياسية بل الحرية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بمختلف أنواعها الحرية وحتى الثقافية. مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحرية والديمقراطية والحياة المدنية لا يمكن أن تطبق فوراً فنحن الآن يجب أن نضع الأسس لتطبيق هذه المراحل.

من جانبها ترحمت هبة الله بيطار على أرواح الشهداء وقدمت العزاء للشعب السوري لأن كل من استشهد هو فرد من أفراد العائلة السورية أولاً وأخيراً وقالت إن شريحة الشباب التي تشكل نسبة 60 بالمئة من الشعب السوري عانت من التغييب والتجاهل فشعبنا شعب فتي يتمتع بقدرات وطاقات إنتاجية عالية لذلك لم يعد من الممكن إهمال هذه الشريحة الاجتماعية التي باتت تشكل الأغلبية وخاصة مع الدور الكبير الذي لعبته خلال الفترة الأخيرة. وقالت بيطار إن أبرز المشاكل التي نعاني منها كشباب تتمثل في ارتفاع تكاليف المعيشة والزيادة في الفقر والممارسة السلبية للخدمة العسكرية وانعدام تكافؤء الفرص وصعوبة الحصول على عمل والتفاوت التنموي بين المحافظات الصغيرة والأرياف وبين المحافظات الكبيرة ووجود الإجراءات البيروقراطية المعقدة للبدء بمشروع صغير جديد ما يصعب إمكانية افتتاح شركات متناهية الصغر، إضافة إلى نظام التعليم الحالي الذي يستخدم الطرق والمناهج والأساليب التعليمية التقليدية غير المعاصرة والتي لا تتلاءم مع احتياجات يومنا فهي قديمة ونظرية وتعتمد على التلقين أكثر من التفكير التحليلي والنقدي. وأكدت بيطار أن تشجيع الشباب وتمكينهم من ممارسة حرية الاختيار والتعبير وتحمل المسؤولية ستبقى ناقصة ما لم تتعزز بتوفير فرص المشاركة المجتمعية وحرية الرأي من خلال فتح باب الحوار مع الشباب، فالحوار البناء والموضوعي هو الطريقة المثلي لإيجاد حلول للمشاكل ولإيصال الصوت والتعبير عن الرأي وتقبل الآخرين وهو نقطة الانطلاق لبناء المستقبل الأفضل الذي يضمن تمثيل ومشاركة الجميع كما أنه الأساس لتجاوز الأزمة التي نمر بها.

من جهته تحدث الفنان عباس النوري: «أتحدث باسم مجموعة صغيرة حيث كنا في أكثر من اجتماع مع عدد من الناس وجميعنا ندرك أن هناك آلاف الناس ممن هم أجدر منا بالجلوس على طاولة الحوار السياسي الذي نفقده ونعرف تماماً أننا منذ خمسين عاماً أو أكثر نفتقد الحياة السياسية الحقيقية في سورية ونفتقد الاختلاف المحترم والقرار المشترك فدائماً نحن في حالة إقصاء وعقلنا ما زال إلى حد ما أسير موروثات إقصائية». وأضاف النوري: «إن موقع كلامنا اليوم هو كلام المواطن المستقل في الشارع الذي لا ينتمي إلى أي حزب، وعلى المستوى الشخصي أدعو إلى فك الارتباط مع الجبهة الوطنية التقدمية كاملة بكل أحزابها وفك أحزابها لإعادة إنتاج حياة سياسية مختلفة جريئة قادرة على قراءة الواقع الجديد فنحن نعيش في عصر الديجيتال وليس في عصر الشعارات وكفى فالدم أصبح في الشارع». وقال النوري: «نحن لا نعيش في زمن الانقلابات ولا زمن الإطاحة بفلان الزعيم أو الرئيس أو النظام. نحن في زمن التغيير وليس الانقلابات ومن هنا فإن الإصلاح يبدأ حكماً من عقل إصلاحي وليس من عقل محافظ فالإصلاح تحت سقف الدولة والتغيير داخل البيت السوري وتفكيك النظام يختلف عن تفكيك الدولة». ودعا النوري الى إشراك المواطن في مكافحة الفساد بدلاً من أن يقتصر الأمر على المؤسسات الرسمية من لجان وقرارات وإعادة النظر بمشروع قانون الإدارة المحلية من المجالس المحلية ومجالس المدن والتعيين بالطريقة الحزبية والأمنية والعائلية والطائفية ففي الانتخابات تصبح العلاقة مع المواطن إضافة الى رفع الوصاية عن المجتمع الأهلي بشكل عام إذ يكفي مخافر ودوريات. كما طالب بتحرير السلطة القضائية نهائيا من السلطة التنفيذية وتحرير المؤسسات الحكومة من القبضة الأمنية وتدخلات الحزب وتفعيل مجلس الشعب واستعادة اسمه السابق (مجلس النواب) وتعديل قانون الأحوال الشخصية بما يتناسب مع دستور البلاد الذي يؤكد مساواة المرأة مع الرجل في الحقوق والواجبات اضافة الى مناقشة البنود غير الديمقراطية في الدستور ومنها 8 و3 معبراً عن رغبته بتغيير الدستور كاملا وإنتاج دستور جديد يليق بكرامة كل مواطن وليس بهذا الحزب أو ذاك.

من أجواء اللقاء التشاوري

وقال الإعلامي محمد الخطيب: «نحن مجموعة من الشباب السوري لا ننتمي للسلطة ولا للمعارضة ولا لأي حزب ولسنا تجاراً ولا صناعيين ولا مستفيدين، أتينا لأننا نحب وطننا. ويحق لنا أن نقول ما لا يقوله غيرنا وأن ننقل ما يحس به الشارع ولذلك أرجو الموافقة من الجميع إن تكرمتم على أن يفسح المجال للشباب الذين يجلسون بجانبي للحديث فنحن موجودون قبلكم بساعة ولم تسجل أسماؤنا لنعطى فرصة كي نتكلم». وأضاف الخطيب: «أتيت اليوم لا بدعوة من السلطة أو المعارضة ولكن أتيت احتراماً للتضحيات التي ما كان لهذا اللقاء أن يعقد لولاها. وقد فرض وجودي تضحيات أخوتي وأهلي من المدنيين والعسكريين المنتمين إلى الجيش العربي السوري ومن أهلي المنتمين إلى الأمن وهم ثلاثة يمثلونني». وتابع الخطيب قائلاً: «هناك وطن ينزف هو وطننا جميعاً، نحن لا نحمل سلاحاً ولن نحمل فنحن أخوة. نحن هنا لنتحاور معكم فأنتم أهلنا ونحن أبناؤكم أرجو أن تسمعونا ولو مرة واحدة فالجميع بعيد عنا نحن الشباب للأسف. نحن هنا اليوم ليس لدينا ما نخسره بل لدينا ما نكسبه وهو سورية موحدة قوية بعيدة عن أي تدخل خارجي ونحن قادرون على أن نحل مشاكلنا لكن قبل ذلك يجب أن نعترف جميعاً بأننا مقصرون سلطة ومعارضة وجميع مؤسسات المجتمع المدني وإن غيبت للأسف في سورية». وقال الخطيب: «نحن كشباب لا نريد أن نهمش دور أي شخص ونحترم جميع الخبرات ونقدرها ولكن آن الأوان لجميع هذه الخبرات في كل مكان أن تعي أن في سورية شباباً قادراً أن يكون مثالاً لكل من هو حوله. فمن حولنا ليسوا أفضل منا. فنحن نمتلك التاريخ والثقافة والحضارة وكل شيء. لن أقول أعطونا فرصة فواجبنا أن نأخذ فرصتنا».

هذا وتبدأ الجلسة الثانية في تمام الساعة الخامسة ويرأسها الدكتور إبراهيم دراجي وتتضمن عرضاً للتعديلات الدستورية ومداخلات، حيث من المقرر أن تنتهي الجلسة في تمام الساعة السابعة.

ويستأنف اللقاء التشاوري يوم غد الإثنين بجلسة تبدأ الساعة العاشرة صباحاً برئاسة الدكتور محمد حبش وتتضمن عرضاً لمشروع قانوني الاحزاب والانتخابات ومداخلات للمشاركين في اللقاء، تليها استراحة غداء يليها جلسة برئاسة ديانا جبور لعرض مشروع قانون الإعلام ومداخلات، فيما سيصدر في ختام اللقاء التشاوري بيان ختامي.


اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

من أجواء اللقاء التشاوري للحوار الوطني الشامل

من أجواء اللقاء التشاوري للحوار الوطني الشامل

من أجواء اللقاء التشاوري للحوار الوطني الشامل

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق