«ليس شعرا» جديد الشاعر عبد الكريم الناعم… نصوص بين الحداثة والعفوية

27 شباط 2016

.

يحاول الشاعر عبد الكريم الناعم في مجموعته الجديدة “ليس شعرا” أن يبقى مرتبطا بعفويته رغم الحداثة التي ظهرت في تحولات نصه الشعري مستخدما ألفاظاً ساهمت في نشوء ظاهرة عاطفية بين القارئ والنص.

وتضمنت المجموعة 4 نصوص شعرية حملت عناوين “كلمات” و”قناطر” و”من تلك الهطولات” و”أضغاث” جاءت أشبه بالمطولات الشعرية فقسم الشاعر بعضها إلى أرقام دون عناوين فرعية.

وجاء الخطاب الذي بناه الشاعر مع القارئ في صور عديدة وإحدها ذاك المقطع الذي اختاره بداية لمجموعته الشعرية فيقول.. “أشعل ضوءا في بيت مغلق لا نافذة فيه .. ولا شق باب .. تدرك قيمة الحواس .. الشخير يقلق أهل اليقظة .. أما النائمون الموتى .. فإنهم لا يقلقون”.

ويذهب الناعم في نصه الشعري إلى رؤى فلسفية معتمدا على الصور المحسوسة في تشخيصها بالمجرد والإشارة فيهتم بالعلاقات الشكلية لمضمون النص ويطرح ما يصل إليه من فلسفات يرى أنها تخص عالم الإنسان في سلوكه الفردي والجمعي ويقول.. “لكي تخلد إلى النوم .. أوقف طرح الأسئلة .. لأن تلقي الأجوبة لا ينتهي .. ما دمت تفكر فستداهمك صقور المعاني .. كي تذهب للنوم أوقف شغب العقل .. أطفئ قناديل الأفكار .. أقفل الحواس الظاهرة والباطنة”.

ويكون الناعم عبر منعطفه الشعري الحديث موضوعا قصصيا طريفا يجمع معانيه في وحدة موضوعية تشير إلى التمسك بالأصالة والجمع بينها وبين المعاصرة في طرح القضية الشعرية المعبأة بالفلسفة الإجتماعية التي خلص إليها الشاعر حيث يقول.. “في زمن ما اعتاد أن ينام وهو يستمع إلى الموسيقا.. بعد أسطوانتين وثلاثة مساءات.. وجد نفسه يأنس بالصمت.. يضع أذنه الآن على جدران الصمت.. ليسمع أناشيد الأعماق”.

ثم تتكثف المعاني تبعا للعوامل الثقافية التي ساهمت في بناء شخصية الشاعر من خلال ما وجده ضروريا في نسيج النص لتفسير مكنونات الذات اللاشعورية فتشخص علاقة الذات بالمقابل وتترك الصورة الفنية واسعة المدى في كلمات قليلة ويقول.. “الوقت يتبرج على الأرصفة الصبايا يتبرجن في القلوب في شرفة القلب قمر مطوق بالكمال”.

وللبيئة أيضا حضور في خيال الشاعر فتتفاعل مكوناتها بالأوضاع والتوترات النفسية إزاء نظرته للحياة أو لموقف ما فيعمد على اقتناص أدواته دون أن يخضع لحضور الزمان فيترك مسافات قصائده شاسعة وعباراته متحركة في فضاء الخيال فيقول.. “أفاميا مدينة برية..تصاعد من رئة الأرض.. تتبع خطوات النبات.. في انتشال قامتها”.

ويهتم الناعم في نصه الشعري بمتطلبات الضمير الإنساني فيرتقي بالحب إلى أسمى المشاعر وتأتي الحركة الشعرية مكتسبة قيما فنية وجمالية خلال حضور الوجدان الذي يأتي مع هذه المكونات لتكون النفس الشاعرة حاضرة في قداسات الحضارة السامية التي تميز بها الشعر العربي فيقول.. “في اليوم الخامس .. نثرت لقلبي حفنة من حب الجوى بين ظلال الحجر الأبيض والمسجد الكبير دافعني الأبنوس”.

اشتغل الشاعر على حالة شعرية وجدانية اتسمت بحداثة عريقة في مجموعة صدرت عن الهيئة العامة السورية للكتاب بلغت صفحاتها 159 في تسلسل منطقي لعالم القصيدة دون أن يترك دورا إلا لموهبته فكان حذرا من الحداثة الغريبة لحد طغيان الشعور الشفاف.

يشار أن الشاعر عبد الكريم الناعم من مواليد عام 1935 في قرية “حربنفسه” بحماة صدر له نحو عشرين مجموعة شعرية وكتابان في النقد التنظيري والتطبيقي وكتاب شعر باللهجة المحكية البدوية سيرة ذاتية وهو عضو في جمعية الشعر ضمن اتحاد الكتاب العرب.


محمد خالد الخضر

sana.sy

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق