جوقة الفرح من دمشق إلى العالم

30 أيار 2016

الأب زحلاوي: أشكر الله أني خُلقت في سورية

أطلق الأب إلياس زحلاوي كتابه «جوقة الفرح من دمشق إلى العالم» في احتفالية على مسرح الأوبرا بدار الأسد للثقافة والفنون بدمشق، وهو كتاب يروي مسيرة تسعة وثلاثين عاماً من تأسيس الجوقة إهداءً منها لكل أسرة سورية، واعتباره عربوناً لإيمان أُسر سورية الراسخ والمتحد بالإنسانية وأرض بلدنا ومصيرها.

ووزعت الجوقة على الحاضرين الكتاب الذي يروي فيه حكاية تأسيس هذه الجوقة سنة 1977 بعدد ضئيل من الأطفال وانطلاقتها من إطار الكنيسة لتقيم حفلاتها على مختلف البقاع السورية وتنطلق منها لتجوب حاملة معها رسالة سورية في المحبة والسلام.

وتحدث خلال الاحتفالية كل من الدكتورة بثينة شعبان، وغسان الشامي، وأحمد الخطيب، وحبيب سليمان، إضافة إلى الأب زحلاوي، تخللتها وصلات غنائية للجوقة حسب الفئات العمرية من الطفولة مروراً باليفاعة والشباب والكهولة وبإشراف كل من كلوديا توما نخلة، وكارول نزر، ورجاء الأمير شلبي، وحبيب سليمان، حيث قدموا أغاني «الوردة الجورية» و«في صباح الألف الثالث» و«اشتقنا كتير يا حبايب» و«يابلادنا» و«أتهلل يوم تناديني».

وقدم خلال الحفل فيلمان قصيران تضمن الأول صوراً من ذاكرة جوقة الفرح وتدريباتها ومسيرتها الفنية والحفلات التي أحيتها في سورية ومختلف دول العالم والتي كان آخرها على مسرح تدمر الأثري، على حين احتوى الثاني على شهادات لمغتربين سوريين كانوا في طفولتهم أعضاء في الجوقة.

وقدم أعضاء الفرقة القدامى درعاً تكريمية للأب زحلاوي، قبل أن تختتم الجوقة الحفل بأغنية «مهما تتجرح بلدنا» ثم النشيد العربي السوري.

منبع المحبة والسلام
أكدت د. بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية لرئاسة الجمهورية في تصريح لـ«الوطن» أن الاحتفالية تشكل رسالة مهمة من الأب زحلاوي إلى العالم برمته وأن سورية عصية على الانكسار والهزيمة، وأنهم مهما حاولوا النيل من سورية فإنها ستبقى مهد الحضارة ومنبعاً لنشر المحبة والسلام وما قام به الأب زحلاوي بتأسيس هذه الجوقة تعجز المؤسسات عن القيام به.

وأشارت إلى أن العالم لا يفهم سر استمرار سورية وأن دمشق أقدم عاصمة مأهولة بالتاريخ، لماذا؟ لأن أهل سورية يأبون الهزيمة طوال حياتهم.

وشددت شعبان على أن ما شهدناه اليوم يعد أنموذجاً للعيش المشترك الذي لن يتمكن أحد من كسره، وبلدنا منتصر بإذن الله وسيغير المنطقة والعالم إلى المنطق السوري.

وفي كلمة ألقتها أمام الحشد الكبير قالت: إن سورية التي تنجب أبناء أمثال الأب زحلاوي عصية على الانكسار، لأن سورية وعلى الرغم من الاستهداف المركز لحضارتها وقيمها وشعبها تنتج الفرح وتحمله رسالة إلى كل أنحاء العالم.

وأضافت: إن الأب زحلاوي قامة سورية استثنائية تؤمن بقانون المحبة والعطاء وزرع البسمة على شفاه الإنسان أياً كان، حيث أولى اهتماماً خاصاً بالطفولة عكس إيمانه وروحه على هذه الجوقة فكانت مدرسة لاكتشاف مواهب الأطفال وطاقاتهم الهائلة كعناصر قادرة وفاعلة في مجتمعها.

وأكدت أن الأب زحلاوي لامس موضوع الطفولة بأسلوب مدروس يشكل فيه فريق العمل أساس مشروعه، والعلاقات التي نسجت بين الأطفال أصبحت قاعدة صلبة لأدائهم وفرحهم ولإبداعهم حيث الإيمان والإرادة كانا الحصن المنيع الذي يمنع هذه القلعة من الاهتزاز.

واختتمت كلمتها بالقول: إن سورية تحتاج إلى أمثال الأب زحلاوي في وطن يناشدنا أن نزرع الفرح والمحبة على كل ذرة من ترابه رداً سورياً على آلات القتل والفتك.

قيامة باهرة
بدوره قال الأب زحلاوي: أشكر الله أني خلقت في سورية، وأنه ألهمني بأن أهتم بالطفولة والشبيبة، وكنت ألمس يوماً بعد يوم في أعماق أطفالنا وشبابنا طاقات هائلة حيث إن كل ما قدمته لهؤلاء الأطفال هو الثقة، والثقة تنبع من الحب، والحب ينبع من الإيمان، وكنت مؤمناً أن في أعماقهم كنوزاً تنتظر من يوقظها ويطلقها حتى وصلت جوقة الفرح لما ترونه الآن.

وتحدث عن العيش المشترك المستمر، ملمحاً أننا مؤمنون ومحبون نعيش جنباً إلى جنب مسيحيين ومسلمين لنقدم للعالم نموذجاً.

وأشار إلى أن الجوقة في كل جولاتها خارج سورية كانت تسترعي انتباه الجمهور بأغانيها وترانيمها، مؤكداً أن الفرنسيين تساءلوا خلال جولة جوقة الفرح الأخيرة عن الكيفية التي تمكن عبرها هؤلاء الأطفال من تجاوز آثار الحرب على بلادهم والغناء بمحبة، فأجابهم «بأنكم ترسلون القتلة إلى بلادنا لكننا سنبقى مؤمنين متحابين وسنغني دوماً رسالتنا في الحب والإيمان».

وعن كتابه قال: صدر الكتاب في دمشق في قلب هذه الجحيم المجنونة التي شاؤوها لسورية أم الحضارات جميعاً، وثقتي تامة أن من سيراه سيعود إليه اليقين أن الإنسان في سورية قادر دائماً على صنع المستحيل.

وتابع: دون ادّعاء وغرور، أقدم الكتاب دليلاً على يقيني المطلق بعودة سورية قريباً، بعد صلبها بيد الغرباء وبعض أبنائها وأشقائها، إلى قيامة باهرة، تماماً كما حدث لأعظم أبنائها، يسوع المسيح.

وأوضح أن الكتاب صدر باللغة العربية إلا أننا ننوي ترجمته إلى اللغات الإنكليزية والفرنسية والروسية والإسبانية.

عائلة كبيرة
ولفت حبيب سليمان أحد أعضاء جوقة الفرح القدامى إلى أن الجوقة تحولت بعد سنوات قليلة من تأسيسها إلى تجمع موسيقي ضم أطفالاً ويافعين تلقوا عبرها دروساً في الرياضة والغناء والموسيقا وباتت كعائلة كبيرة تشد أواصر أسر المنتسبين إليها.

على حين تحدث أحمد الخطيب من أصدقاء الجوقة بأن الجهود التي بذلها الأب زحلاوي أثمرت عن ظهور وطن صغير يختصر سورية ويحمل اسم جوقة الفرح التي لم تقتصر في نشاطها على الترتيل الديني بل تعدته إلى الغناء بمختلف القوالب الموسيقية وبصورة طوعية دون أي مقابل.

أما الإعلامي اللبناني غسان الشامي فاعتبر أن عراقة دمشق عبر التاريخ انعكست جلية في جوقة الفرح والتي أثبتت مجدداً أن هذه المدينة تحمل في أزقتها وأوابدها معنى المحبة والتسامح والاستمرارية ورفض الظلم.

الروح السورية
من جانبها رأت النجمة سلاف فواخرجي في تصريح لـ«الوطن» أن أطفال جوقة الفرح سفراء سورية ليقولوا للعالم إننا مازلنا أحياء ومستمرين على الرغم من أن هناك حزناً كبيراً ولكننا في نفس اللحظة ننهض من تحت الرماد ومن الحزن والألم لنقول للعالم: إنه لا قوة في العالم تستطيع أن تقتل بسمة وفرح وأحلام أطفالنا، والروح السورية التي تعيش بداخلنا.

وقالت: أشكر الله دوماً أني سورية، واليوم زاد هذا الشعور أكثر فأكثر، إذ إنني محظوظة لأنني أنتمي لنفس البلد الذي ينتمي إليه هؤلاء العمالقة أمثال الأب إلياس وجميع السوريين الشرفاء.

سفراء سورية
أما المخرج السينمائي المهند كلثوم فأكد أن الموسيقا أقوى من أصوات الرصاص، والفن عامة في سورية منذ بداية الأزمة، ما يعني أننا شعب متمسك بالحياة، وعندنا عقيدة وإيمان أن الفن أقوى من الإرهاب، أما أطفال جوقة الفرح فهم سفراء سورية شأنهم شأن كل السفراء السوريين في العالم.


وائل العدس

الوطن السورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق