النهاية: عمل تركيبي في التكية السليمانية

24 شباط 2010

«حجارة ونار من السموات، ستصنع بحراً من الحجارة، الموت المفاجئ في البر والبحر».

«سوف يشتعل النجم العظيم سبعة أيام، وستجعل الغيمة الشمس شمسين، وسينبح الكلب طوال الليل».

وغيرها مِن العبارات التي تنبأ بها نوستراداموس حول نهاية العالم، هذه هي بعض العبارات التي يقرؤها الزائر وهو محصور بين أربعة جدران المكعب الذي اشترك في تنفيذه أربعة فنانين من مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية بدمشق، وهم: إسماعيل نصرة – جهاد سعود – إياس عويشق – ريم الخطيب.


من أجواء المعرض

هذا وقد جاء هذا العمل التركيبي والمعنون بـ «النهاية» كنتاج لورشة مختبر الفنون المعاصرة، الذي اُفتتح مساء أمس الاثنين 22 شباط 2010، على أرض التكية السليمانية بدمشق.

«اكتشف سورية» تابع يوم الافتتاح وأجرى العديد من الحوارات ومنها مع الفنانة التشكيلية ريم الخطيب مديرة مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية التي تقول عن الورشة: «هذا العمل التركيبي نتاج ورشة "مزاج" ضمن مختبر الفنون المعاصرة، وهو مشروع نعمل عليه في مركز أدهم إسماعيل منذ سنتين، نستهدف من خلاله ردم الهوة ما بين الفن التشكيلي السوري، وما يجري من تطور ملحوظ في كيفية التعاطي مع آليات الفن التشكيلي في العالم والدول العربية المجاورة، ففي هذه التجربة التي تستهدف الأفكار كخطوة أولى للنتاج الفني، بدأنا بالاعتماد على الفكرة كمنطلق أساسي ورئيسي، أما معيار نجاح هذا العمل مع وجود أربعة فنانين لكل منهم طريقته الخاصة في تجسيد الفكرة فكان بالاتجاه إلى المكعب ذي الأربعة أسطح، أي أربع مساحات من الحرية لكل فنان».

الفنانة التشكيلية ريم الخطيب
مديرة مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية

ولكن هنالك فضاء خامس وهو تجويف المكعب الذي شكل مساحة لنبوءات نوستراداموس، لماذا نوستراداموس؟
في سياق عمل الورشة كنا في عملية بحث عن كل ما يخدم الفكرة التي قادتنا في هذا العمل، وعلى اعتبار أن فكرة "النهاية" كانت وما زالت الشغل الشاغل لكل الحضارات والثقافات التي مرت، كنا بحاجة لمقولات تتحدث عن النهاية بعيداً عن أي فكر ديني أو فلسفي، فكان لنبوءات نوستراداموس حول نهاية العالم جماليتها الخاصة، وخاصة أنها ذات رؤى مختلفة ومتناقضة تتقاطع مع فكرة النهاية في كل زمان ومكان، وإلى الآن الكثير من الأشخاص حول العالم يتكلمون عن تنبؤاته.

لنتكلم عن عملك في هذه التجربة التي جُسدت من خلال شكل الدرج وتقاطعها من حيث الشكل العام مع المدرسة السريالية.
يعتمد عملي على مبدأ الخداع البصري أكثر منه اعتماداً على المدرسة السريالية، وبرغم ذلك فإن جميع المدارس التشكيلية، هي مرجعية حتمية بالنسبة للفنان، فلكي يستطيع الفنان أو الناقد قراءة أو تحليل العمل الفني توجب عليه الإلمام بالمدارس التشكيلية على اختلافها. أما بالنسبة لعملي فقد قمت بتنفيذ الدرج بشكله الواقعي المجسد بثلاثة أبعاد، ولكنه ينتهي كرسم مجسد على سطح اللوحة، ومن المحتمل أن الطيور التي وضعتها في فضاء عملي التركيبي أعطى هذا الإيحاء بالمدرسة السريالية.

الفنان التشكيلي إسماعيل نصرة

من جانبه يقول الفنان التشكيلي إسماعيل نصرة - خريج كلية الفنون الجميلة 1986 ومدرس في معهد أدهم إسماعيل: «انقسم عملنا في هذا المشروع إلى أربع اتجاهات من خلال تعدد أوجه المكعب، وهذا ما جعلني أشارك في هذه التجربة الجماعية والفردية في نفس الوقت. بدأنا من الفكرة الأساسية وهي "النهاية"، وما ميز هذه التجربة وجود مساحة كبيرة من الحرية التي انطلق منها كل فنان مشارك، فتعددت التقنية المستخدمة على أسطح المكعب، مما شكل نسيجاً تشكيلياً مختلفاً عن الآخر».

الفنان التشكيلي إياس عويشق

ومن خلال تجربته في ورشة «مزاج» ضمن مختبر الفنون المعاصرة يقول الفنان إياس عويشق - خريج المعهد العالي للفنون المسرحية قسم الدراسات المسرحية: «تعتبر العبوات البلاستيكية المستخدمة في تعبئة المياه المعدنية من المواد الثابتة وغير القابلة للتفسخ لمدة تزيد عن 15 ألف سنة، لذا كان عملي المُنطلق من موضوع الورشة وهو "النهاية"، أن أُحرض الزوار على كتابة أفكارهم وهواجسهم ووضعها داخل هذه العبوات، لأنها ستكون مع البداية التي ستلي النهاية بمثابة الشاهد على أفكارهم وهواجسهم، ومن هنا سيكون الاختلاف بين العبوات المتشابهة باختلاف الأسرار التي تمت كتابتها من قِبل الزوار.

الفنان التشكيلي جهاد سعود

أما الفنان التشكيلي جهاد سعود خريج كلية الفنون الجميلة 1991، وحاصل على دبلوم دراسات عليا عام 1993 والمدرس في معهد أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية فيحدثنا عن تجربته قائلاً: «من خلال مختبر الفنون المعاصرة الذي أقامه مركز أدهم إسماعيل، اجتمعنا حول فكرة "النهاية" فكان لكل فنان طريقته الخاصة في تقديم أفكاره، المشكلة التي واجهتنا في البداية، هي أن العمل التشكيلي هو عمل فردي، لذا حاولنا ضمن حلول بسيطة أن نشكل مكعباً هندسياً لكي يستقل كل فنان بعمله الفني. لذا جاء عملنا متنوعاً من حيث الطرح، حيث ترى فناً معاصراً تركيبياً، وفي نفس الوقت لا نلغي قيمة اللوحة كقيمة تقليدية ومعروفة، ومن هنا جاء خياري في هذا الاتجاه. ففي عملي انطلقت مِن مفهوم الموت والحياة، فكان خياري اللوني معتمداً عل القيمة اللونية للأسود والأبيض ضمن تكوينات ومفردات إنسانية وبقايا حياة سابقة».

الفنان التشكيلي محمد الوهيبي

وفي حوارنا مع الفنان التشكيلي محمد الوهيبي المتابع الدائم للحراك التشكيلي السوري يقول: «العمل الفني مفتوح على كافة الاتجاهات وليس له نهاية محددة، فبابه مفتوح على مصراعيه لذا هو يتسع لكافة الرؤى والمواضيع، وهو في تطور دائم وخاصة بوجود الفنان التشكيلي الذي أعتبره المطور والناقد الأساسي في حركة الفن التشكيلي. أما بالنسبة لهذا العمل كفكرة مغلقة على أربعة وجوه من خلال سطوح المكعب المرئية، فنحن أمام أربعة فنانين عملوا بحب وإخلاص حول الفكرة التي شملت مساحة كبيرة من الحرية الشخصية لكل منهم، لذلك أرى أربعة وجوه مختلفة على سطح المكعب، وبوجود أربعة فنانين كان للفكرة صداها الخاص لدى كل منهم، وهي التي تحمل أكثر من وجه أو قراءة، وخاصة باعتمادهم على العمل التركيبي، الذي يعتمد على البساطة في الكم والكثير من النوع».

الفنان التشكيلي محمود الجوابرة

وفي سؤال للفنان التشكيلي محمود الجوابرة - رئيس فرع اتحاد الفنانين التشكيليين في درعا- عن رأيه بفكرة المعرض وهل استطاعت الأفكار المطروحة أن تخدم العنوان فيقول: «إن الفكرة بحد ذاتها كمُعطى تشكيلي سوف تخلق مناخاً حيوياً وإيجابياً، وخاصة للأجيال الجديدة. فعملية الخروج من سطح اللوحة والتي هي أساس العمل التشكيلي، إلى العمل التركيبي الذي قطع شوطاً كبيراً من خلال تاريخه العريق في أوروبا، ستفتح له أفاق أرحب في سورية وخاصة أنه فن مستحدث على عالمنا التشكيلي. أما في هذه التجربة فنحن أمام حالات إبداعية جديدة ممثلة بأفكار مختلفة، كنت آمل وهي وجهة نظر خاصة جداً، أن تتم الاستفادة من المكعب كعمل تركيبي متكامل، ففي أحد وجوه المكعب نعود لسطح اللوحة وهو خيار الفنان الخاص، ولكن بالعموم فإن ما أراه عمل جميل وصادم، وأنا أبارك هذه الخطوات التي تبعث على خلق عملية الإبداع والذي هو أساس العمل الفني.

يذكر أن العرض مستمر لغاية الخميس 4 آذار 2010 يومياً من الساعة 5- 8 مساء.


مازن عباس

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

أثناء التحضير للمشروع

عمل الفنان التشكيلي جهاد سعود

عمل الفنان التشكيلي جهاد سعود

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

مشارك:

الى الاخ حاتم، التكية السليمانية هي سوق المهن اليدوية، مقابل فندق الفورسيزن على نهر بردى

حاتم:

مرحبا أنا من العراق ولكن مقيم في دمشق
احببت المقدمة وأغرتني لكي أذهب إلى المعرض ولكن أين هي التكية السلمانية
ارجو ان ترودا على سؤالي
وشكر لكم

العراق

العراق