الملتقى الثامن عشر لمعاهد الموسيقى في دول حوض البحر الأبيض المتوسط يختتم أعماله في دمشق بنجاح

24 11

تكريم الموسيقية الراحلة سنثيا الوادي بمناسبة اللقاء

اختتمت فعاليات الملتقى الثامن عشر لمعاهد الموسيقى لدول حوض المتوسط على مسرح الدراما في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق، بحفلة مهداة إلى روح السيدة سينثيا الوادي وذلك مساء يوم الأربعاء 18 تشرين الثاني 2009، وقد تصدرت صورة للراحلة الصالة عن طريق جهاز إسقاط بالإضافة إلى صورة أخرى وضعت أمام العازفين.

وقبل أن ندخل إلى تفاصيل الحفل لابد أن نعّرف القارئ على الراحلة سنثيا الوادي بشكل أوسع.

التعريف بسنثيا الوادي:
عازفة بيانو لامعة وخريجة الأكاديمية الملكية البريطانية للموسيقى، تزوجت بالأستاذ صلحي الوادي الذي يعتبر من مؤسسي الحركة الموسيقية الكلاسيكية في سورية، وساهمت معه بتأسيس المعهد العربي للموسيقى عام 1962 وعملت فيه كمدرسة لآلة البيانو حتى عام 2005، كما درست في المعهد العالي للموسيقى منذ بداية تأسيسه عام 1991 حيث كانت تشغل منصب رئيسة قسم البيانو حتى عام 2009.

السيدة سنثيا الوادي ذات البال الطويل والخبرة الفنية عالية المستوى كانت الملهم الأول للأستاذ صلحي الوادي في مؤلفاته العديدة وقد كانت عازفة البيانو الأولى في أعماله، إضافة لذلك فقد كانت تشرف على تدريبات الأوركسترا السيمفونية وكان المايسترو الراحل صلحي الوادي يستعين بها في غالب الأحيان لكي تبدي مشورتها من أجل تطوير وتحسين العمل الموسيقي.

امتلكت السيدة سنثيا الوادي رؤية فنية متجددة دوماً وأسلوباً أبوياً في التدريس حيث كانت دوماً تنشئ العازف ليتمكن من الأداء بأسلوبه الخاص، وتخرج تحت إشرافها عدد كبير من العازفين البارعين نذكر منهم: همسة الوادي، غزوان زركلي، دانيا الطباع، ميساك باغبودريان، سماء سليمان، جنادة عويتي، أمل عيسى، سعاد بشناق، وكان آخرهم أيهم حمور الذي تخرج هذا العام. وقد تمكن معظم طلابها من الحصول على جوائز وتقديرات عالية في المهرجانات الموسيقية الدولية. كما تميزت أيضاً كعازفة بيانو بارعة في العديد من الحفلات وأظهرت تميزاً خاصاً في أداء موسيقى الحجرة حيث عزفت مع العديد من العازفين المشهورين وكذلك مع أساتذة المعهد العالي للموسيقى (فيكتور بونين – يفجيني لوغينوف – أثيل حمدان وغيرهم).

أشرفت دوماً على الخطة التدريسية في معهد صلحي الوادي والمعهد العالي للموسيقى بما يتلاءم مع تطور إمكانيات العازفين من مرحلة إلى أخرى، وساهم احتكاكها الدائم مع الأستاذ صلحي الوادي بعازفين ومؤلفين وقادة أوركسترا عالميين برفد الحركة الفنية وتطوير مقدرات الأداء عند العازفين. وقد امتلكت حساً تربوياً عالي المستوى حيث كانت تقوم بالتدريس رغم صراعها مع المرض. إننا نفتقد الآن لأهم شخصية موسيقية أسهمت بشكل فاعل برفد الحركة الفنية في سورية ومربية فاضلة كان لها الفضل بتخريج نخبة من عازفي البيانو السوريين ولكن في أعماقنا سوف لن ننسى أبداً هذا العطاء والإخلاص اللذين أغدقت بهما السيدة سنثيا الوادي على الموسيقى في هذا البلد.

ميساك باغبودريان عازفاً:
بدأ الحفل بمقطوعة موسيقية على البيانو لشوبان عزفها الموسيقي السوري أيهم حمور، والعازف من مواليد دمشق عام 1985، بدأ التعلم على على آلة البيانو في معهد صلحي الوادي منذ عام 1992 ثم تابع دراسته في المعهد العالي للموسيقى وتخرج منه عام 2009، حيث أشرفت الراحلة سنثيا الوادي على دراسته في المعهدين، وقد عزف مع الفرقة الوطنية السيمفونية في كونشيرتو للمؤلف هايدن بقيادة الأستاذ صلحي الوادي عام 1997، وقام بورشات عمل ومشاركات في كل من سورية، هنغاريا، براغ، بولندا، اليونان.

وكانت المفاجأة في الفقرة الثانية من الحفل حيث رأينا قائد الفرقة السيمفونية الوطنية السورية المايسترو ميساك باغبودريان عازفاً على البيانو بمعزوفة للمؤلف ساتي حملت الكثير من الحزن، وكان باغبودريان قد استهل مشاركته بكلمة وجدانية أدمعت عيون الحضور.

وختام معزوفات البيانو كان للموسيقية همسة الوادي حيث عزفت ثلاثة معزوفات الأولى لموتزارت والثانية لصلحي الوادي واختتمت مشاركتها بعمل لشوبان.

وهمسة الوادي من مواليد بغداد وترعرعت في دمشق حيث بدأت دراستها للموسيقى في المعهد العربي للموسيقى بدمشق الذي أسسه والدها صلحي الوادي، تتلمذت على يد والدتها السيدة سنثيا الوادي، وانتسبت في عام 1976 إلى كونسرفتوار تشايكوفسكي في موسكو حيث تخرجت منه عام 1982 بتميز ومن ثم أتمت دراستها العليا فيه، حصلت على الجائزة الرابعة في مسابقة بتهوفن في فيينا عام 1981، وقدمت حفلات في بلدان عديدة مثل: دول البلطيق، الإكوادور، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، أيسلندا، روسيا، الدول الإسكندنافية، وبعض دول الشرق الأوسط والخليج العربي. وكان ظهورها الأول مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية بقيادة والدها المايسترو صلحي الوادي عام 1998، وعزفت مع الفرقة نفسها في الحفلات التي أقيمت في أمريكا (في قاعة رويس في جامعة UCLA، ومركز الفنون في أورنج كاونتي-لوس أنجلوس). تعمل همسة الوادي حالياً مدرسة في أكاديمية سيبيليوس (هلسنكي، فنلندا)، وغالباً ما ينال طلابها شهادات تقدير في مسابقات عالمية مختلفة.

أوركسترا طلاب المعهد العالي:
كان القسم الثاني من الحفل من نصيب أوركسترا طلاب المعهد العالي للموسيقى بدمشق، بقيادة المايسترو ميساك باغبودوريان، حيث قدمت الأوركسترا عملاً لرافييل وآخر لبتهوفن، نال إعجاب الجمهور الذي صفق طويلاً لأوركسترا طلاب المعهد بقيادة باغبودوريان.

وتعتبر أوركسترا طلاب المعهد العالي للموسيقى بدمشق حديثة العهد نوعاً ما، حيث تم تشكيلها في عام 2003، وهي تأخذ على عاتقها تحضير موسيقيين محترفين إلى جانب دراستهم الموسيقية الأكاديمية في المعهد العالي للموسيقى، ليكونوا عازفين صولو أو عازفين في الفرق الأوركسترالية المحترفة. تتراوح أعمار الطلاب في أوركسترا المعهد العالي للموسيقى بين 18 إلى 28 سنة معظمهم من الطلاب مع بعض الخرجين الجدد اللذين يتابعون عزفهم داخل الأوركسترا لمتابعة الخبرة وعدم الانقطاع عن التدريب الأوركسترالي.

تعتبر أوركسترا طلاب المعهد العالي أوركسترا كاملة كتشكيل آلي فهي تتضمن كل الآلات الأوركسترالية، ويتضمن برنامجها أعمالاً أوركسترالية متنوعة، فمن البرنامج الكلاسيكي متضمناً بعض القطع الموسيقية التصويرية السينمائية إلى أعمال للمؤلفين الموسيقيين السوريين استطاعت الفرقة في هذه الفترة تقديم عدة حفلات داخل سورية وخارجها.

ملتقى مدارس الموسيقى لبلدان البحر المتوسط:
يذكر أن هذا الملتقى بدأ فعالياته في 15 تشرين الثاني 2009 على مسرح الدراما بحفلة لأوركسترا معهد صلحي الوادي للموسيقى العربية بقيادة عدنان فتح الله حيث قدمت العديد من المعزوفات الشرقية وأغانٍ من التراث العربي والسوري. كما غدا المعهد العالي للموسيقى ميداناً لورشات العمل التي أقامها الملتقى، بالإضافة إلى حفلات لبعض الأساتذة والطلاب في المسرح الإيطالي في المعهد العالي للفنون المسرحية.

وتحدث الأستاذ جوان قره جولي – مدير المعاهد الموسيقية في وزارة الثقافة، ومدير معهد صلحي الوادي – لـ «اكتشف سورية» عن هذا الملتقى قائلاً: «يقام هذا الملتقى كل عام في دولة من دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وهو أحد فعاليات منظمة أكيوم (التبادل الثقافي بين دول البحر المتوسط)، وكانت هذه الدورة استثنائية كونها تقام في ربوع دمشق، حيث استفاد طلابنا كثيراً من ورشات العمل، كما استفاد مدرسونا من تبادل الأفكار والخبرات وطرق التدريس الجديدة».


إدريس مراد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

الملتقى الثامن عشر لمدارس الموسيقى في البحر الأبيض المتوسط

الأستاذ جوان قره جولي في الملتقى الثامن عشر لمدارس الموسيقى في بلدان البحر الأبيض المتوسط

أوركسترا طلاب المعهد العالي للموسيقى في ملتقى مدارس الموسيقى لبلدان البحر الأبيض المتوسط

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق