مدينة تدمر الأثرية

24 أيار 2015

.

جغرافية وتاريخ الموقع:
تقع هذه المدينة الأثرية في البادية وسط سورية على ارتفاع يتراوح بين 400 حتى 1400م، وتبعد عن دمشق مسافة 240كم.

شكّل موقع تدمر المتوسط من بادية الشام نواة فريدة لقيام تجمع بشري منذ أقدم العصور، فعلى طول هذه السلسلة الجبلية الشمالية وسلسلة الجبال الممتدة من الجنوب الغربي وصولا ً إلى دمشق وجبال لبنان وإلى الشمال الشرقي من العاصمة دمشق ينبع العديد من الينابيع التي تغذي الواحة والقرى. قد استقر الانسان التدمري في هذا المكان حول نبع أفقا الكبريتي المتدفق من نهاية سلسلة الجبال التدمرية الغربية، ليعمّر الصحراء ويقيم فيها حضارة عظيمة.

تنتشر أطلال تدمر على مساحة تزيد على عشرة كيلومترات مربعة تمثل ما تبقى من المدينة في عهد يمتد بين القرنين الأول والثالث بعد الميلاد ويعد من أكثر عهودها ازدهاراً، فتدمر كانت مدينة للقوافل، هذه القوافل حملت إليها البضائع الثمينة والكثير من العادات والتأثيرات الثقافية والحضارية والإنسانية، فغدت المدينة بذلك، كوعاء حاوي لكل الفنون والثقافات حتى بات نسيجها العمراني ذو طابع خاص يحمل تقاليد الشرق وعراقته وبعض فنون الغرب وجماله، وقد اتبعت المدينة في تخطيطها النظام الروماني – اليوناني السائد آنذاك في تخطيط المدن «المخطط الشطرنجي» وتمتد من نبع أفقا إلى معبد بل، وتشمل الواحة والمدافن خارج الأسوار.

تم اعتماد أسلوب تخطيط المدينة الشطرنجي التي تضم الشارع المستقيم ذوالأعمدة والساحة العامة والمسرح والحمام. ومع بداية القرن الأول بعد الميلاد تم بناء معبد بعل، على أنقاض معبد هيلنستي سابق، كان قائما ً فوق تل أثري يعود للألف الثاني قبل الميلاد. كما تم بناء أربع معابد أخرى هي: معبد نبو، معبد بعلشمين، معبد اللات، ومعبد بعل حامون. في القرن الثالث بعد الميلاد، وفي حوالي العام 300 بعد الميلاد تم إنشاء قصر ديوكليتيان وسور المدينة الذي رُمم خلال فترة جوستنيان في القرن السادس ميلادي.

وعلى بعد 10 كم شمال المدينة توجد المقالع الحجرية التي فرشت المدينة بالأحجار الكلسية القاسية المستخدمة على الأجزاء الظاهرة من الأبنية. أما المقاطع الحجرية من الكلس الطري التي استخدمت في الأساسات، فقد تم الحصول عليها من مقالع جبل الطار «خلف القلعة العربية» على بعد 5 كم شمال غرب المدينة.


نبع أفقا في مدينة تدمر الأثرية

نبع أفقا:
تنبع من سفوح سلسلة الجبال التدمرية العديد من الينابيع التي تروي الواحة ومجموعة من القرى. هذا الوضع المتميز يفسر سبب وجود المستوطنات البشرية منذ فترات ما قبل التاريخ.

توجد على مسافة قريبة من تدمر مجموعة من الكهوف التاريخية في مواقع متعددة تحوي أدلة على أنها كانت مسكونة في فترات تعود للألف السابع قبل الميلاد.

اعتنى التدمريون بالزراعة، فواحة تدمر الغناء تُزرع فيها كافة أنواع المزروعات وأهمها النخيل، كما وأنهم نظموا الأقنية المتطورة وأساليب الري وأقاموا السدود لحجز وجمع المياه وتنظيم توزيعها وفق نظام وترتيب متطور خاص. وحفروا الآبار للشرب والري وشيدوا الأحواض والخزانات. ويوجد في منطقة تدمر الكثير من مواقع ما قبل التاريخ، وقد ورد اسمها في بعض نصوص الألف الثاني قبل الميلاد، وازدهرت المدينة في العهدين الروماني والبيزنطي وخاصة في عهد الملكة زنوبيا القوية وأصبحت مدينة تدمر الأثرية عاصمة المملكة أهم مدن الشرق ونافست روما وسيطرت على المنطقة من حدود آسيا الصغرى في الشمال إلى مصر في الجنوب ومن شمال شرق سورية إلى غرب سورية والبحر الأبيض المتوسط، وقد عرفت الملكة زنوبيا ملكة تدمر بأنها أهم ملكات الشرق وأكثرهن قوة لذلك أطلق عليها «ملكة ملكات الشرق».

واستمرت تدمر كحاضرة من حواضر البادية بعد الفتح الإسلامي إلى أن هدم تيمورلنك مدن الفرات فقل شأنها وعاشت في عزلتها في العصر العثماني يلفها الإهمال والنسيان.


واحة تدمر

واحة تدمر:
تتألف الواحة من أشجار النخيل وتصل مساحتها إلى حوالي 3 آلاف هكتار وقد أعطى الإغريق الذين أسسوا المملكة المقدونية في نهاية القرن الرابع ق.م المدينة اسم بالميرا للدلالة على أشجار النخيل التي تنمو فيها. تتم فيها أيضاً زراعة الزيتون والرمان وأشجار النخيل، وتعتبر واحتها الأكبر بين واحات سورية الثلاث وتعطي صورة أشجار النخيل الكبيرة التي تتمايل مع الهواء على خلفية زرقاء سماوية قيمة سياحية إضافية للموقع.


قلعة فخر الدين المعني في تدمر

قلعة فخر الدين المعني الثاني:
تُنسب هذه القلعة للأمير فخر الدين المعني الثاني «القرن 17م» إلا أن طراز عمارتها يدلُّ على أنها تعود للفترة الأيوبية «12-13م». تقوم القلعة فوق رابية صخرية في الشمال الغربي من تدمر بارتفاع «150م» فوق سطح المدينة، للقلعة مخطط شبه منحرف غير منتظم، وهي مبنية بالحجارة الكلسية القاسية المشذبة الوجه، أما جدرانها فهي أسوار عالية حصينة تدعمها أبراج مربعة و مستطيلة عددها «18برج» تتخللها نوافذ بارزة لرمي الحجارة والمواد المشتعلة، وهي مؤلفة من عدة طوابق.


وادي القبور في تدمر

وادي القبور:
كان لكل أسرة تدمرية مدفنها الخاص المحلى بالزخارف الجصية والحجر المنحوت والفريسكات..، ويجهز المدفن عادة ببئر للسقاية والتطهير ويغلق بباب من الحجر المنحوت وعلى ساكفه كتابة تذكر اسم مؤسس المدفن وأسرته وتاريخ التأسيس والمشاركين فيه تتوزع المدافن في الشمال والجنوب الشرقي والجنوب الغربي والغرب على طول الوادي.

القيمة العالمية الاستثنائية:
تقع تدمر إلى شمال شرق مدينة دمشق وسط واحة في الصحراء السورية وتحتوي على أوابد وأنقاض المدينة العظيمة التي كانت واحدة من أهم المراكز الثقافية في العالم القديم.

وقد وقف الفن والعمارة في تدمر، منذ القرن الأول إلى القرن الثاني، على مفترق طرق لعدة حضارات، ظهرت آثارها من خلال تمازج تقنيات البناء اليونانية الرومانية مع التقاليد المحلية والتأثيرات الفارسية.

ذكرت تدمر للمرة الأولى في وثائق مدينة ماري في الألف الثاني ق.م. وأسست المدينة على طرق القوافل خلال الفترة الرومانية في منتصف القرن الأول الميلادي، كجزء من المقاطعة الرومانية في سورية. ونمت أهميتها بشكل مطرد كمدينة على طريق التجارة التي تربط بلاد فارس والهند والصين مع الإمبراطورية الرومانية، كعلامة واضحة على مفترق طرق عدة حضارات في العالم القديم.

يشكل الشارع ذو الأعمدة الذي يبلغ طوله 1100 متر المحور الأثري الرئيس للمدينة، جنباً إلى جنب مع الشوارع الثانوية المعامدة له والتي تربط المعالم الأثرية كالأبنية العامة مثل معبد بل، معسكر ديوقليسيان، الأغورا والمسرح وغيرها من المعابد والمعالم الحضرية مع المدينة. وتظهر الزخرفة المعمارية السائدة بما في ذلك الأمثلة الفريدة التي ظهرت في المنحوتات الجنائزية، وقد توحدت بقوة أشكال الفن اليوناني الروماني مع العناصر الأصلية والتأثيرات الفارسية في النمط المعماري الأصلي. وتظهر خارج أسوار المدينة بقايا القناة الرومانية والمقابر الكبيرة.

ويتمتع موقع تدمر بشهرة عظيمة وهو يدين بذلك أولاً إلى جماله الطبيعي وروعة وعظمة الأطلال المبعثرة في رحابه، وثانياً إلى الدور التاريخي الذي لعبته تدمر في السياسة والاقتصاد.

تتألف المدينة من عدة أجزاء:

■ الموقع الأثري.
■ بساتين الواحات.
■ المدينة الصغيرة بسكانها ومتحفها الأثري.

هذه المدينة الساحرة تم وصفها من قبل الرحالة روبرت وود بأنها «تمثل خلاصة إبداع الإنسان التدمري من حيث الفن والعمارة فقد جمع بين فنون الشرق العريق مع فنون الغرب ليصوغ منه أجمل قلادةٍ حضارية تزين جيد الشرق العربي إلى الأبد تتحدث إلى كل العالم بكل اللغات عن ماضٍ سعيد وحاضرٍ يتجدد».


الشارع المستقيم في مدينة تدمر الأثرية

الشارع المستقيم في تدمر

إن تدمر تمثل إنجازاً فريدًا فنياً أو جمالياً، وتحفة من عبقرية الإنسان الخلاقة. حيث بهاء أطلال تدمر، التي انبثقت من الصحراء السورية شمال شرق دمشق هي دليل على تحقيق جمالية فريدة لمدينة غنية ضمن الواحة على طرق القوافل التجارية ظهرت خلال حكم روما في الفترة ما بين القرن الأول إلى القرن الثالث الميلادي. إن الشارع ذو الأعمدة يشكل مثالاً مميزاً لآبدة تمثل تطوراً فنياً كبيراً.

مارست تدمر نفوذاً كبيراً خلال فترة من الزمن وضمن الساحة الثقافية في العالم، كما أظهرت تطوراً في مجال العمارة والفنون، بالإضافة إلى تخطيط المدن وهندسة المشاهد الطبيعية.

إن الاعتراف بروعة أطلال تدمر من قبل الرحالة في القرنين السابع والثامن عشر ساهم إلى حد كبير في إحياء الطرز المعمارية الكلاسيكية والتصميم الحضري للمدينة في الغرب.

إن الشارع ذو الأعمدة الضخمة، الذي يلتقي في منتصفه مع الممرات الجانبية المغطاة التي تُظهر نفس التصميم، جنباً إلى جنب مع المباني الرئيسة العامة، تشكل مثالاً بارزاً للهندسة المعمارية وتخطيط المدن في ذروة فترة التوسع للإمبراطورية الرومانية في منطقة الشرق. ويعتبر معبد بل الكبير بتصميمه الفريد أحد أهم المباني الدينية في الشرق خلال القرن الأول الميلادي. إن فن النحت والتماثيل التي تظهر في الأقواس المشكلة للممر الضخم الذي يصل بين المعبد الكبير والمدينة تعد من الأمثلة البارزة للفن التدمري. وتظهر المقابر الجنائزية على نطاق واسع خارج أسوار المدينة في المنطقة المعروفة باسم وادي القبور حيث تعرض زخرفة وأسلوب بناء مميز.

الأصالة
إن السمات الرئيسة للموقع تعرض بشكل جيد عظمة وبهاء المدينة. إلا أن ازدياد عدد سكان المدينة الحديثة يعرض الموقع أحياناً للتعديات.


التترابيل في تدمر

التترابيل:
وهي مفترق الطريقين الرئيسن في المدينة وتتألف المصلبة من أربعة قواعد متقابلة فوق كل منها أربعة أعمدة غرانيتية ذات تيجان كورنثية، كانت تماثيل الشخصيات البارزة في المدينة تقام فيما بين الأعمدة


صورة جوية لمسرح تدمر والشارع المستقيم والتترابيل وجانب من الآغورا

المسرح:
يعود بناؤه للقرن الثاني الميلادي، وهو بشكل نصف دائرة قطرها «50م» مؤلف من مدرج فيه «13» درجة للجمهور ومنصة تمثيل لها واجهة جميلة محمولة على أعمدة تحوي محاريب غاية في الدقة والجمال تقام فيها تماثيل ربات الفنون والجمال، أما صحن المسرح فهو مبلط بالحجر المنحوت.


معبد بل في تدمر

معبد بل:
يعتبر من أكبر وأشهر المعابد الدينية في الشرق القديم. بني في القرن الأول الميلادي وظل يبنى ويتوسع حتى أواخر عهد تدمر إلى أن أصبح بمقاييس ضخمة «220 x 205» متر، وأحيطت جدرانه ب 375 عموداً طول الواحد منها أكثر من 18 متراً، وهو من الضخامة بحيث لا يوازيه أي معبد آخر في الشرق، ولا يزال قائما من أعمدته سبعة في الواجهة الرئيسة وعدد آخر في محيط المعبد.


اكتشف سورية

dgam.gov.sy

Share/Bookmark

صور الخبر

الشارع المستقيم في مدينة تدمر الأثرية

الشارع المستقيم في مدينة تدمر الأثرية

نبع أفقا في مدينة تدمر الأثرية

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق