زنوبيا


النقد التدمري الشهير
وعليه صورة زنوبيا

هي زوجة الملك التدمري أذينة وأم ولي عهده وهب اللات والوصية عليه، هي «بت زبّايْ» الذي هو اسم الملكة زنوبيا في النصوص التدمرية.

بعد مقتل أذينة ملك تدمر الفذ مع هيروديس ابنه الأكبر، وهو من زوجة أولى أو ثانية، في مدينة حمص وفي ظروف يكتنفها الغموض ويرى البعض أنها من تدبير زنوبيا، ترك ثلاثة أولاد أكبرهم ابنه الصغير وهب اللات، فقامت أمه بالوصاية عليه، وبدأت بمشروعها الكبير في الاستيلاء على الشرق ثم الغرب، فضمت سورية بكاملها ومصر وآسيا الصغرى. ثم اتخذت وابنها ألقاب الأباطرة في حدود 270م.وصكّت في أنطاكية والإسكندرية نقوداً مستقلة تحمل اسمها واسم ابنها وصورتيهما.

تقاعس الإمبراطور كلوديوس عن المسير لمحاربتها. لكن الإمبراطور الجديد أورليان تقدم لحربها بجيش قوي. وكانت معركتا أنطاكية وحمص في صالح الرومان، فتحصن التدمريون مع ملكتهم في عاصمتهم وقاوموا الرومان مقاومة ضارية.

سقطت زنوبيا أسيرة وهي تحاول طلب النجدة من الساسانيين، فاستسلم التدمريون في خريف 272. ثم قتلوا الحامية الرومانية. وأدى ذلك إلى نهب مدينتهم الجميلة وتخريب معالمها.

ويختلف الأخباريون في نهاية هذه الملكة الشجاعة النبيلة والجميلة. وقد جاء في تاريخ الإمبراطورية الرومانية المعروف باسم التاريخ الأوغستي أن زنوبيا أنهت حياتها بهدوء كسيدة رومانية. وإن قصرها كان قائماً بين قصر هادريان الشهير في بلدة تيبور (التيفولي قرب روما)، في المكان المسمى "كونكه" الذي كان يحمل في أيامه اسم "زنوبيا". ويضيف أن أورليان قتل بعض أولادها أما الآخرون فقد ماتوا ميتة طبيعية ـ ولعله يقصد أفراد أسرتها، إذ أن أولادها لم يتجاوزوا الثلاثة (وهب اللات وتيم اللات المعروف باسم تيمولاوس وثالث قد يكون اسمه حيران) ويؤكد أنه في أيامه كان هناك بعض المتحدرين من نسل زنوبيا بين نبلاء الرومان. على أن المؤكد وجود نصب ضخم في روما من القرن الرابع الميلادي يحمل اسم سيدة تسمى سبتيميا ونسبتها إلى أذينة.

أما فلافيوس فوبيسكوس، من القرن الرابع الميلادي، فيذكر في التاريخ الأوغستي في القسم الخاص بحياة أورليان أن زنوبيا، بعد أن مشت في موكب نصر أورليان، الذي يسهب في وصفه، عاشت عيشة بسيطة في مكان حُدِّد لها. وقد تبعه في ذلك الكتاب المتأخرون مثل جورج لوسانسيل وزوناراس.

ويذكر زوسيموس من النصف الثاني للقرن الخامس الميلادي أن زنوبيا مرضت في الطريق لامتناعها عن الطعام وظلت على تلك الحال إلى أن ماتت.

ويروي مالالاس أنها قتلت بعد المعركة مع أورليان. وذلك بتناقض مع خطاب أورليان الذي قال فيه إنه أبقى على حياتها لخدماتها وللاستفادة منها في التعامل مع الفرس.

أما أوتروبوس وسان جيروم فيذهبان تقريباً إلى ما ذهب إليه التاريخ الأوغستي، ويقولان أنها عاشت بعد موت أورليان وتزوجت رجلاً من مرتبة الشيوخ وأنهت أيامها في قصر ببلدة تيبور (التيفولي قرب روما).

وفي عام 1990 زعم الطبيب الايطالي الشهير ديلفو غاليلو ماروني، الذي يملك قصراً ومزرعة في منطقة التيفولي بجوار روما، أن بقايا قصر زينب موجودة في أرضه وكذلك بقايا جسر الإمبراطور أورليان. ولدى التدقيق لم يتضح أي شيء يدل على قصر لزينب.

وفي تعريب كتاب عن حفريات منطقة اللاتزيو، من تأليف ستيفانو كابرال وفاوستو ديل ري، وفي الفصل الرابع عشر منه المسمى فيلا زنوبيا، يُذْكَر أن المركيز ابن الدوق فيديريكو تشيزي وجد قبضة باب ذهبية وإناءً فضياً قديماً في تلال فيرو في قبر إحدى بنات زنوبيا. تلك هي الحكايات المروية عن زنوبيا الحقيقية فلننتقل إلى الأسطورة.


==
المرجع: الحوليات الأثرية العربية السورية|المجلد الاثنان والأربعون|1996 وزارة الثقافة|دمشق