أفلا: الدوران بين الدرويش والرسم والموسيقى

18 نيسان 2013

.

قدمت دار الأسد للثقافة والفنون، أمسية متنوعة بعنوان: «أفلا..مشروع تفكير» أحيتها فرقة تهليلة، وكورال (أفلا) المكؤّن من جوقتا الفرح والتهليلة بقيادة الموسيقيين نزيه أسعد وحبيب سليمان بتناسق جميل مع لوحات التشكيلي بديع جحجاح وذلك يوم الاثنين 15 نيسان 2013 على مسرح الكبير (الأوبرا).

بدأت الأمسية بمادة فلمية عنوانها: «تحولات نقطة» من إخراج وتنفيذ الفنان "جحجاح" ومن ثم لوحة (الحالة) مع الدراويش، وتضمن الحفل أيضاً مجموعة من الأناشيد الدينية والتراتيل وهي (افتتاحية أفلا، طلع البدر علينا، آية الله نور السموات والأرض، كانت الحياة، مجدلة قدوس الله..قدوس القوي..قدوس الذي لا يموت ..ارحمني، المزمور 50 أرنا يا رب، آية الله لا اله هو الحي القيوم، لوحة صوفية كلنا محبة نصلي، آية لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم، المناجاة، ىية وجعلناكم شعوباً وقبائل للتعارفوا) وأخيراص يا ناس حبو الناس، ورافقت كل المشاهد لوحات مولوية.

وفي نهاية الحفل أفتتح معرض للفنان (بديع جحجاح) بعنوان (دوران 2) الذي تضمن لوحات قامت على وقعها مضمون الحفل الإنشادي.

واستندت رباعية (أفلا..مشروع تفكير) على أربع آيات من القرآن الكريم التي تتماهى مع الإنجيل المقدس، ويطمح هذا المشروع البصري إلى مخاطبة العقل لإدراك معنى الوجود وعلاقة الكائن الإنساني بخالقه عبر إعلاء شأن الروح الإنسانية من أجل ترميم النفس وتهذيبها بالفن لمداواة ما أصاب هذا الكائن من شروخ وجدانية ونفسية في رحلته الخاطفة على الأرض متأملا جوهر المسافة التي تقوم على وعي الإنسان بالكون الذي يعيش فيه كروح وجسد في آن معاً.

وفي لقاء مع «اكتشف سورية» قال الششتكيلي بديع جحجاح: «إن الرسم عنصر جوهري للتواصل تتبعت حركة الدراويش ودورانهم وعلاقته بالكون فولد شعار (دوران) والذي يتشكل من أربعة أقواس كلها حرف (نون) مشتركة بنقطة المركز محاولاً طرح تساؤلات لا نهاية حول سر نون في القرآن الكريم«.

وأضاف: «ومن خلال العين تتجسد الأشياء وعبرها يتم العناق الروحي للمحيط فعندما يدورون تبدأ الرحلة وتشعر أنك مأخوذ لنوع آخر اللانهاية، ذاك الدوران هو الذي دفعني للتفكير لأجد المنهج الجديد في اعادة تشكيل الثابت، وأنهى حديثه قائلاً: من خلال الرسم والتقنية عشت جمال التجربة، فكان الدراويش بالنسبة لي أبطالي الذين يشكلون المنهج والتجربة معاً».

وبدوره قال الموسيقي نزيه أسعد: «للموسيقا أيضاً دورانه نسمعها ولها نصيب من تلك الروحانية المطلقة حيث يتلازم الدوران مع الموسيقا ولا يستغني أحدهما عن الآخر، ولعل آلة الناي هي الآلة الموسيقية التي تقربنا أكثر من غيرها للوصول إلى معاني المولوية>>.
وأضاف: <<وظهور بقية الآلات المتصاعدة بالتسلسل يوحي بإنطلاق الطاقة وتوزيعها فالآلات الوترية الاثنتي عشر (الكمان، فيولا، التشيللو) التي تسمع وتشاهد على المسرح هي نفسها الاثنتي عشرة علامة الدالة على الطاقة المنبعثة من الدرويش وهو يدور إلى أن تنتشر الموسيقا لتملأ الفراغ بظهور كورال أفلا وتبلغ الحالة ذروتها عند غناء ..أفلا...أفلا».

وأنهى حديثه قائلاً: «أن دوران (أفلا) كمشروع فني لخدمة المجتمع يأخذ بعداً انسانياً مسؤولاً لأنه يتجاوز حدود لوحة ليتحول إلى رموز للحياة تحمل قيمة الاستدامة ومنهاج تفكير للمستقبل حيث يتحرر الدرويش من داخل إطار اللوحة ليحلق عبر فضاء النقطة والحرف والكلمة ليؤلف النص عبر (أفلا تعقلون.. تتذكرون..يشكرون..)، والذي يؤكد قيمة حياة الإنسان بالعقل مع نظيره في هذا الكون فالموسيقى هي صوت روحه ونبض قلبه انها أفكارنا الجامحة لإعادة توليد رؤانا من جديد».

أما الموسيقي حبيب سليمان المدير الفني لجوقة الفرح قال: «عملي هذا مع فرقة تهليلة وكورال أفلا مستند إلى التقليد الإنشادي الكنسي القائل من يرنم يصلي مرتين فالمرنم يصعد صلاته نغما نحو السماء ويتيح للإنسان فضاء من التأمل والخشوع.
وأضاف: حين يتحول النغم والإيقاع إلى حركة منسابة متواترة فهو يعكس شعاع الخالق ويجعل الكون كله أنشودة شكر وترنيمة حية لا نهاية».

وأنهى حديثه قائلاً: «فإن كان الترنيم والإنشاد من لغات التواصل بين المخلوق وخالقه. فما أحوجنا اليوم إلى تواصل بين الخلائق نفسها، وهل سوى الإبداع سبيلاً لهذا التواصل والفهم المشترك للحياة».


إدريس مراد - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

اسمك

الدولة

التعليق