احتفالية «دوران2» بعنوان «أفلا ... مشروع تفكير» في دار الأوبرا بدمشق

17 نيسان 2013

التشكيلي بديع جحجاح يقدم تجربته بمشاركة فرقة تهليلة وجوقة الفرح

«نزرع البغض فيأكلنا معاً... ونزرع الحب فيزهر بيننا»، قد تكون هذه الجملة المفردة الأكثر التصاقاً بما قُدم في دار الأوبرا بدمشق بدمشق أمس الاثنين 15 نيسان 2013، ضمن احتفالية «دوران2» بعنوان: «أفلا ... مشروع تفكير» الذي جمع ما بين الفن التشكيلي والسينما والموسيقا والرقص الصوفي، بمشاركة فرقة تهليلة و جوقة الفرح بالتعاون مع الفنان التشكيلي بديع جحجاح -صاحب المشروع- والذي يدعو من خلاله للعودة للقيم العليا التي يحملها الإنسان عبر التركيز على روحانيات النص المقدس إن كان في القرآن أو الإنجيل.

وتضمن برنامج الحفل الذي أخرجه الممثل مؤيد الخراط فيلماً بعنوان: «تحولات نقطة»، ليبدأ بعده كورال «أفلا» بتقديم مقطوعات موسيقية روحانية دار في فلكها راقصو المولوية الذين تماهوا بدورهم مع أنشودة طلع البدر، وكانت حياة، أرنا يا رب، كلنا محبة لله نصلي، النوبة الرفاعية، المناجاة و يا ناس حبوا الناس.

وتستند رباعية «أفلا.. مشروع تفكير» على أربع جمل من آيات في القرآن الكريم وتتماهى مع الإنجيل المقدس وهي بالترتيب: الله نور السماوات والأرض، وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم، وكل في فلك يسبحون، أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها، وينبثق جوهر الرباعية من: وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللـه أتقاكم إن اللـه عليم خبير» (سورة الحجرات، آية 13). و المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسّرة(إنجيل لوقا، الإصحاح2، عدد 14) ، فتلاقت رؤية الرباعية ومضامينها الجمالية مع مؤسسة «تهليلة» للإنشاد والموسيقا الروحية وكورال أفلا لتكريس المعاني الإنسانية ومد جسر التواصل والتلاقي .

كما قدم المعرض مفاهيم روحانية تشكيلية كمشروع بصري يدعو إلى مخاطبة العقل لإدراك معنى السديم المحيط بالكائن البشري وترميم العطب الروحي الذي أصابه خلال رحلة عبوره الحياة دون أن يتأمل جوهر المسافة التي تقوم على المفاهيم الروحانية الأربعة: «أفلا تعقلون، أفلا تتفكرون، أفلا تتذكرون، أفلا يشكرون».



من أجواء احتفالية دوران
بدار الأوبرا بدمشق


«اكتشف سورية» التقى وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح وعن خصوصية هذا الحفل بما قدمه من صوفية سورية نتمناها في هذا الوقت تقول لنا: «لقد شاهدنا في هذا العرض صوفية جميلة وأجواء مختلفة نحن بأمس الحاجة إليها، وهي لا تعبر فقط عن حقيقة الإنسان السوري إنما تعبر عن الإنسانية بالمطلق، وتذكرنا نحن السوريون على وجه التحديد بأن جوهرنا عظيم، وأن الله خلق لنا العقل لنفكر في هذا الكون عسانا أن نتلاقى على محبة الوطن والإنسان، وأي عمل نقوم به وخاصة في هذه الأوقات العصيبة ماهو إلا دليل لقناعة راسخة أن وطننا غالٍ وسنخرج من هذه المحنة بالمحبة والصفاء».

كما التقينا التشكيلي بديع جحجاح الذي قدم هذا العمل كصلاة لكل السوريين مضيفاً: «العمل الفني يجمع كل السوريين، فهو أي " الفن" المثبت الحقيقي للقيم الإنسانية لذا اقترحت هذا العمل بتحويره وتطويره عبر الحرف الذي يتحول لكلمة وبدورها تتحول لنص والنص يخدم الإنسان المؤمن الذي يولد بالزمن الصعب. ويضيف " مشروعي قائم على التفكير كمنهج حقيقي للحياة من خلال التحول والدوران فـ " نون" المفتوحة على الكون هي المنهج الحقيقي للتفكر وليست الدائرة المغلقة، فالدائرة المفتوحة عبر نقطة تتحول صوتياً لنون نستقيها من القرآن المقدس وما أتمناه أن نعيد قراءة " الحجرات - الأية 13" فنحن شعوب وقبائل لنتعارف وليس لنتقاتل ودورنا أن نعيش بسلام ومحبة».


من أعمال التشكيلي بديع جحجاح


وفي تعريفه عن مشروعه يقول: «لا يتكئ هذا المشروع على الماورائيات بقدر عنايته بقدرة العقل على اكتشاف أسرار الوجود لتحقيق طمأنينة روحية تتطلع إلى متعة فكرية وبصرية باللون والخط في كيمياء خاصة تبعث طاقة الحب المتجددة لدى المتلقي. كما يشمل رؤى بصرية وحروفية مفتوحة على أكثر من مقترح جمالي تجمعها رباعية " الإنسان، الضوء، الحركة والطاقة" من خلال حركة " الدرويش" الدائرة حول نفسه، والتأمل بهدف التماهي مع حركة الكون والتخفّف من سلطان البدن وشهواته».

وعن عمله التشكيلي يضيف الفنان جحجاح: «اللوحة تحولت لقصة أتجاوز من خلالها
حدود العمل الكلاسيكي كمنهج للحياة من خلال اكتشاف الرموز المهمة التي يجب إعادة تفكيكها وتحويرها فـ " أفلا" كلمة ديمقراطية مليئة بالحرية وهي كلمة الله للإنسان يدعوه من خلالها للتفكر " أفلا تعقلون، أفلا تتفكرون، معتبراً من جهة ثانية " أن الرسم عنصر جوهري للتواصل، تتبعت حركة " الدراويش" ودورانهم وعلاقته بالكون فولد شعار " دوران" الذي يتشكل من أربعة أقواس كلها حرف " نون" مشتركة بنقطة المركز، محاولاً طرح تساؤلات لا نهائية حول سر نون في القرآن الكريم، ومن خلال العين تتجسد الأشياء وعبرها يتم العناق الروحي للمحيط فعندما يدورون تبدأ الرحلة وتشعر أنك مأخوذ لنوع آخر من اللانهاية، ذاك الدوران هو الذي دفعني للتفكير لأجد المنهج الجديد في إعادة تشكيل الثابت، ومن خلال الرسم والتقنية عشت جمال التجربة فكان "الدراويش " بالنسبة لي أبطالي الذين يشكلون المنهج والتجربة معاً».


من أعمال التشكيلي بديع جحجاح


وكما قدم العرض اندماجاً إبداعياً مابين التصوير الزيتي، والمسرح بكل تقنياته الضوئية والفراغية، إضافة لمشاركة فرقة " تهليلة" للإنشاد والتعابير الروحية بقيادة الفنان هشام الخطيب الذي أكد أنه يطمح إلى إيجاد صيغ جديدة لفرق المولوية لتندمج في مشتركات إبداعية تتوازى مع فنون الغناء والرقص واللوحات التشكيلية، إلى جانب كورال " أفلا" وجوقة الفرح.

بدوره أشار نزيه أسعد مايسترو الكورال إلى أن دوران «أفلا» كمشروع فني لخدمة المجتمع يأخذ بعداً إنسانياً مسؤولاً لأنه يتجاوز حدود لوحة ليتحول إلى رموز للحياة تحمل قيمة الاستدامة ومنهاج تفكير للمستقبل حيث يتحرر الدرويش من داخل إطار اللوحة ليحقق عبر فضاء النقطة والحرف والكلمة ليؤلف النص عبر «أفلا تعقلون.. تتفكرون.. تتذكرون.. يشكرون»، والذي يؤكد قيمة حياة الإنسان بالعقل مع نظيره في هذا الكون.

أما حبيب سليمان المدير الفني لجوقة الفرح فأكد استناده إلى التقليد الكنسي «من يرنّم.. يصلي مرتين، لأن المرنّم يُصّعد صلاته نغماً نحو السماء ويتيح للمؤمنين فضاءً من التأمل والخشوع، وحين يتحول النغم والإيقاع إلى حركة منسابة متواترة فهو يعكس شعاع الخالق ويجعل الكون كله أنشودة شكر وترنيمة حية لا نهاية لها. وختم بالقول: إن كل الترانيم والإنشاد من لغات التواصل بين المخلوق وخالقه، فما أحوجنا اليوم إلى تواصل بين الخلائق نفسها».

يذكر أن المعرض مستمر حتى 24 نيسان 2013 في دار الأوبرا بدمشق.


مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

من أعمال التشكيلي بديع جحجاح

من أعمال التشكيلي بديع جحجاح

من أعمال التشكيلي بديع جحجاح

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق