ماري عجمي

14 كانون الثاني 2015

.

(1888-1965)

ماري بنت عبده بن يوسف عجمي، أديبة نابغة شاعرة، ولدت في دمشق، وفيها نشأت، وتلقت علومها الأولى في المدرستين الروسية والإيرلندية، وتمكنت من اللغتين العربية والإنكليزية، وهذا فتح لها أبواب التعليم والترجمة، وأتاحت لها متابعاتها ومواهبها أن تثبت جدارة في الأدب شعره ونثره، وفي العمل الصحفي والمحاضرة في المنتديات، وفي النشاط الاجتماعي الموصول بالعمل الأدبي والثقافي.

كان جدها يوسف من مدينة حماة، وهو الذي انتقل بهذا الفرع من الأسرة إلى دمشق، وأعطاهم لقب «عجمي» لرحلاته بتجارة الحلي إلى بلاد العجم.

درست ماري فن التمريض في بيروت، ولم تكمله؛ فالتفتت إلى التعليم في المدرسة الروسية 1906م، وأتاح لها استقرارها أن تراسل عدداً من الصحف والمجلات بما تكتبه، مثل «المقتبس» في دمشق و«المهذب» في زحلة و«الإخاء» في حماة و«الحسناء» و«لسان الحال» في بيروت وغيرها.

وكان لها نشاط في مصر في حقل التعليم في بورسعيد والاسكندرية، وفي العراق، لمُدَدِ غير طويلة، إضافة إلى عملها السابق في لبنان وسورية، ولكن العمل الذي استهواها وطبعها بطابعه وأتاح لها تفجير طاقاتها الحقيقية كان الصحافة التي فتحت لها نوافذ الأعمال الأدبية المختلفة، وعرفها الناس من خلالها، ووصلت يدَها من خلال ذلك بأداء من أعلام عصرها. وساعدها على ذلك أنها عاشت وحيدةً (لم تتزوج) واكتفت بما شغلت به نفسها في هواياتها وعملها الأدبي والصحفي.

ارتبط اسم ماري عجمي باسم مجلة «العروس» التي أدرتها أول مرة 1910-1914م، ثم استأنفت إصدارها 1918-1925م، حيث توقفت نهائياً. قالت ماري في افتتاحية العدد الأول إن المجلة «تتناول ثلاثة أقسام: أولها باب الأدب والتاريخ، وثانيها لاقتطاف ما غزرت مواده وتعدّدت فوائد من الشؤون البيتية وكيفية تمريض الأطفال والعناية بهم، وثالثها للفكاهات من نوادر ومناظرات وروايات أدبية تهذيبية، وكانت مجالاً لأفلام أدباء وشعراء كبار، ولإبراز مواهب ماري المتعدّدة.

شاركت ماري عجمي في نظم الشعر، ونشرت شيئاً من شعرها، وحظيت بجائزتين للعشر من الإذاعة البريطانية عامي 1946 و1947م إحداهما عن قصيدة الفلاح، ومنها:

هو الزراعُ الفلاح لولا جهادُه ..|.. نبيٌّ فقد أوحى إلى القفر بالشذا
لما شِمْ بالريحان حُسْنَ المخايلِ ..|.. وعلّق أقراط الغصونِ الحوامل

وعلّق أقراط الغصونِ الحوامل وكثر اهتمامها في شعرها بقضايا اجتماعية مختلفة، وبحب الطبيعة، وخصوصاً طبيعة دمشق وغوطتها، وهي تميل في شعرها إلى شيء من الفخامة في العبارة والجزالة في الأسلوب، وربما استفادت من نهج المهجريين في التجديد:

دمشقُ إذا غبتِ عن ناظري

إذا فتّح الوردُ في روضتك
يهبُّ نسيمُ الصبا هاتفاً
سمعتُ شتاتَ الأغاني فما

فرسمُك في حسنه الزاهر
مقيمٌ على الدهر في خاطرين
وغنّى الهزارُ على دوحتك
أما والذي طاب من تربتك
اهتززتُ اهتزازي لأنشودتك

بعد إيقاف مجلة «العروس» التفتت ماري إلى أعمالها الأخرى من التأليف والترجمة والكتابة في الصحف والمجلات ومراسلة بعض الإذاعات، والانخراط في أنشطة عدد من الجمعيات الثقافية والاجتماعية، ممارسة وخطيبةَ: ولاسيما في الجمعيات النسائية.

أقيم لماري أكثر من احتفال تكريمي في بيروت 1926م، وحيفا 1929م، ودمشق 1929م، واستمرت شخصية أدبية واجتماعية مشهورة.

توفيت ماري عجمي في دمشق عن 77 عاماً، بعد مرحلة مرض طويل في مدة عاشتها منعزلة عن الناس، راغبة في عدم الاختلاط بهم، بعد أن جانت حاضرة في المجتمعات والمنتديات، وكان معروفاً عنها المرح وروح الدعابة.

نشرت جمعية الرابطة الثقافية النسائية في دمشق «مختارات من شعر ماري عجمي ونثرها» عام 1944م. وأصدرت وزارة الثقافة بدمشق «دوحة الذكرى» عام 1969م فيها مجموعة مختارة من آثارها، وأصدرت مجلة «العروس» عدداً خاصاً بها.


محمد رضوان الداية

الموسوعة العربية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

    صور الخبر

    ماري عجمي

    بقية الصور..

    اسمك

    الدولة

    التعليق