القباني نزار بين النكسة والانتصار: محاضرة في ثقافة حلب

02 حزيران 2011

ألقى الدكتور محمد حسن عبد المحسن محاضرة حملت عنوان «القباني نزار بين شعر النكسة والانتصار» ضمن مديرية الثقافة في حلب يوم الثلاثاء 31 أيار 2011، تحدثت المحاضرة عن القصائد الشعرية التي قدمها الشاعر نزار قباني خلال ست سنوات تبدأ من عام 1967 وهو عام النكسة، إلى العام 1973 وهو عام حرب تشرين مقدماً عدداً من القصائد التي ألفها الشاعر خلال تلك الفترة.

يقول الدكتور عبد المحسن: «هدف هذه المحاضرة هو التحدث عن شعر نزار قباني في استحضاره لنكسة حزيران في أشعاره وصولاً إلى ما كتبه حول حرب تشرين.

أود القول هنا بأن الفكرة السائدة حول نزار هو أنه شاعر النساء وهي فكرة غير دقيقة حيث استطاع تكوين قاعدة جماهيرية لم يحظ َبها شاعر من قبل من ناحية، ومن ناحية ثانية كان متنوع الجمهور وجمهوره كان من النساء والرجال. كتب قباني الشعر صغيراً، وكانت البداية موضوعات جريئة تتحدث عما كان من المحظورات في وصفه للمرأة. ولكن نكسة حزيران التي جرت والهزيمة العربية الكبيرة فيها جعلت منحى الشعر لدى نزار يأخذ منحًى أخر حيث تحول إلى شاعر قومي استطاع بإبداعاته أن يطرح مشكلات المواطن العربي وهمومه من خلال عدد من القصائد التي كتبها في تلك الفترة. خلال فترة ما قبل النكسة رأينا له عدداً من القصائد الوطنية والقومية منها قصة راشيل عام 1955 التي عالج فيها القضية الفلسطينية، وقصيدة جميلة بوحيرد عام 1957 وعدة قصائد أخرى. كانت النكسة صدمة صاعقة له ونقطة تحول في موقفه الشعري - من شعر قضية المرأة إلى الشعر السياسي - رغم أنه لم يتخل عن المرأة. حملت قصائده وقتها رفضه للهزيمة ونبرة صدق ووعي مدركاً أن تلك الهزيمة حولته من شاعر عزل إلى شاعر ثائر».

ويضيف بأن تلك النكسة جعلته يقدم قصائد تنتقد الحكام العرب بشكل كبير منها «الممثلون» و«الاستجواب» و«إفادة في محكمة الشعر» وغيرها ويتابع: «أقر نفر من النقاد أنه بالغ في توصيف الهزيمة وتأنيب الضمير العربي. ونرى أن مبالغته نتيجة حتمية لقسوة الأحداث وشدة الصدمة حاله كحال العرب، على سبيل المثال قصيدة على هوامش النكسة تمثل بحثاً عن الهزيمة تشابك فيها الفكر مع العاطفة مع الغضب وأحاط بها واقع مرير. السبب هو أنه أراد أن يكون الشعر سلاحاً في حد ذاته حيث نراه يقول: "الشعر بعد حزيران يكون قطعة سلاح أو لا يكون/ يكون بندقية، خندقا، نغما، أو لا يكون". ويقال أن القصيدة نُشرت في مجلة الآداب اللبنانية، إلا أنها مُنعت وأحرقت أعداد المجلة ومُنع بعدها نزار من الدخول إلى عدة دول مثل مصر ما دفعه لمراسلة الرئيس جمال عبد الناصر وشرح الموضوع له حيث سمح له بنشر هذه القصيدة ودخول القاهرة وتداول شعره في مصر».

ويضيف بأن علاقته مع نزار وشعره بدأت بمصادفة قدرية بعدما كان من الهاجرين والمعارضين لشعره حيث يقول: «قبل عدة سنوات، كنت في الكويت أحضر مؤتمراً. وكان على هامش المؤتمر معرض للكتب حيث كان فيه عدة دور نشر عربية. وبينما أنا أتجول فيه، مررت من أمام أحد الأجنحة ورأيت ازدحاما شديداً: رجال ونساء من كل الأعمار يتجمعون حول رجل يقف على طاولة منخفضة الارتفاع ويقوم بالتوقيع على الكتب. كان هذا الرجل هو نزار قباني! شعرت بالصدمة وقتها خصوصاً وأنني كنت غير مرتاح له وأراه خارق لمحظورات تربينا عليها. عندما عدت إلى الفندق، لم أستطع النوم وأنا أفكر فيما رأيته، شاعر كبير يوقع كتبه لأجل أن تباع أكثر! وسألت نفسي: لو أنه قام بمدح أحد الزعماء العرب، كم كان نال من النقود؟ هنا تغير موقفي إلى الإعجاب الكبير به وبدأت أتناوله بالدراسة مقدماً عدداً من الكتب التي تتحدث عنه، وعرفت وقتها أن نزار لم يكن من الشعراء المتكسبين من شعرهم والمنافقين للسلاطين».

وقعت حرب تشرين في العام 1973 وأعادت للأمة عزتها وزلزلت الكيان الصهيوني في تحطيم القوات العربية لخطي آلون في الجولان السوري، وباريف في قناة السويس. ورفعت هذه الحرب من معنويات العرب وغيرت من نظرة العالم تجاههم. هذا الأمر تجلى في شعر نزار كما يقول الدكتور عبد المحسن: «كان شعر نزار وقتها أكثر موضوعية، ولم نعد نرى تلك المبالغة التي لمسناها في قصائد النكسة. كان وصفه للانتصار دقيقاً بعكس أدب الهزيمة الذي بالغ فيه. وبقدر وعي نزار بحقيقة هزيمة حزيران، بادر بالحديث عن حرب تشرين التي أعادت زمام المبادرة للعرب في صراعهم حيث قدم طوفان قصائد مثل "ملاحظات في زمن الحب والحرب" وغيرها. كما عاد وقتها للمرأة ليكتب لها حيث باتت تمثل له وطناً».


أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق