«تحفيز القراءة لدى الناشئة» في ورشة عمل في حلب

11 تشرين الأول 2011

«تحفيز القراءة عند الناشئة» كان عنوان الورشة التي أقامتها المكتبة الوقفية في حلب بالتنسيق مع عدد من الجهات العامة والأهلية في المدينة على مدار يومي السبت والأحد الثامن والتاسع من شهر تشرين الأول 2011 في مقر المكتبة. وقد تضمنت ورشة عمل جرت بمشاركة ما يقارب من المائتي شخص ضمن عدد من المحاور المتنوعة التي تعنى بواقع القراءة.

وتأتي فكرة الورشة ـ كما يقول لنا الدكتور محمود المصري أمين المكتبة الوقفية والمحاضر في جامعة حلب ـ بجمع مجموعة من المثقفين والمتخصصين والخبراء والأساتذة في مكان واحد بهدف الحديث عن كيفية تحفيز القراءة لدى الأطفال وذلك عن طريق التطرق إما إلى العوائق الموجودة التي تمنع الأطفال عن القراءة، أو المحفزات التي تشجع هذا الجيل على القراءة ويضيف: «منذ سنة مضت طرحت المكتبة الوقفية فكرة تحفيز القراءة عن طريق مشروع يهدف إلى استثمار أوقات الانتظار في الأماكن العامة وشغل تلك الأوقات بالقراءة، غير أننا لم نجد استجابة من الإدارة آنذاك، كما طرحت المكتبة الوقفية مشروعا لإنشاء مركز ثقافي وقفي خاص بالناشئة، ولم يُكتب له القبول عند الجهات المعنية أيضاً. إلا أنه منذ شهر تقريباً، وفي اجتماع لي مع المهندس الأستاذ زياد موصللي مدير المتابعة في وزارة الأوقاف وبحضور السيد معاون الوزير، أعدت طرح هذه الفكرة حيث كنت سعيداً جداً بحماسهم للفكرة وحرصهم على إنجازها. وأود أن أعرب عن تمنياتي بأن تكون هذه الورشة نواة مشروعين قادمين: مشروع القراءة في أماكن الانتظار ومشروع المركز الثقافي للناشئة».


من أجواء ورشة عمل تحفيز القراءة لدى الناشئة
في المكتبة الوقفية بحلب


ويضيف بأن فكر الورشة كانت تقوم على الإفادة من خبرة أهل العلم والثقافة
والاختصاص في دراسة ظاهرة الابتعاد عن القراءة عند الناشئة، ومناقشة الأسباب والآليات والوسائل الكفيلة بمعالجتها حيث يتابع بالقول: «بالنسبة لطريقة سير الورشة، فقد جرى خلال اليوم الأول تقديم عدد من الأفكار ضمن ورقات بحثية مقتضبة حيث سُمح لكل محاضر بتقديم ورقة واحدة مقتضبة وذلك لمدة 5 دقائق على الأكثر حيث سمح لنا هذا الأمر بتقديم 15 ورقة عمل وفكرة بحث في جلسة واحدة وذلك في اليوم الأول. وقد تضمنت كل ورقة من هذه الأوراق واقع القراءة لدى المؤسسات الأهلية والجمعيات والمنظمات مع عرض تجارب سابقة حول الترويج للقراءة. وهنا أود أن أقول بأن هذه الأوراق كانت رصداً للواقع أكثر منها أبحاثاً توثيقية أكاديمية. أما اليوم الثاني فقد جرى فيه الطلب من المشاركين كتابة أفكارهم حول المحاور الخمسة التي اخترناها على أوراق وتسليمها لمسؤولي هذه المحاور، وتم مناقشة هذه البطاقات أمام الجميع في جو عام لتحفيز الفكر والأفكار لديهم وبطريقة العصف الذهني للوصول إلى خلاصات ونتائج».
وقد تم تقديم محاور الورشة على النحو التالي:
المحور الأول: تقديم رؤية نظرية لمشروع القراءة تنطلق من ثوابتنا العربية والإسلامية حيث قُدمت الأوراق التالية:
- القراءة في سورة اقرأ: د. عبد البديع نيرباني - كلية الآداب / جامعة البعث
- ظاهرة القراءة في دلالاتها المختلفة: د. محمد شريح / باحث في العلوم الإنسانية والشرعية
- القراءة واللغة والأمة: أ. د. أحمد فوزي الهيب - باحث في اللغة والأدب
المحور الثاني: تسليط الضوء على عمل المؤسسات في مجال القراءة، من حيث رصد واقع القراءة في تلك المؤسسات، وعرض التجارب التي أقيمت في هذا المجال. وقد قُدمت الأوراق التالية:
- واقع القراءة في المراكز الثقافية (رصد وإحصائيات): أ. غالب البرهودي - مدير الثقافة في حلب
- دور كلية التربية في تحفيز القراءة عند الناشئة: د. عهد حوري - كلية التربية / جامعة حلب
- واقع المطالعة في التعليم ما قبل الجامعي: أ. إياد الحلبي - مديرية التربية
- أسباب البطء في القراءة: أ. سامر الرفاعي - مركز تأهيل الدعاة والتنمية البشرية / وزارة الأوقاف
- واقع النشر الموجه لليافعين: أ. أحمد طلحة - دار الملتقى
المحور الثالث: تسليط الضوء على العمل الأهلي في مجال القراءة من خلال الجمعيات والمنظمات، أيضا من حيث رصد الواقع ، وعرض التجارب. وقد قُدمت الأوراق التالية:
- تحفيز الناشئة على القراءة في الأسرة/عرض كتاب: أ. أحمد حسن الخميسي - مديرية الثقافة
- استبانة الورشة حول واقع القراءة في مدارس حلب: أ. عبد الرحمن ددم - جمعية العلوم الاقتصادية
- المكتبة المتنقلة: م. غادة الرفاعي - الأمانة السورية للتنمية
- تحفيز القراءة من خلال مكتبات الأطفال: أ. مريانا حنش - مديرية الثقافة
- دور الجمعيات الأهلية في تحفيز القراءة (جمعية التعليم نموذجا): أ. منال مراد - جمعية التعليم ومكافحة الأمية
- تحفيز القراءة من خلال مشروع "معًا نرتقي": أ. رفيف مجني – فريق معًا نرتقي
أما اليوم الثاني فقد جرى إقامة ورشات العمل وفق خمس محاور هي «مع الأساتذة المشرفين عليها»:

المحور الأول: الأهداف والأهمية – الدكتور «عبد الرحمن حللي» /كلية الشريعة في جامعة حلب

المحور الثاني: المعوقات – الدكتور «بلال الدين الصفي»/ كلية الشريعة في جامعة حلب

المحور الثالث: الآليات والوسائل – الأستاذ الدكتور «جلال الدين خانجي»/ جامعة إيبلا الخاصة

المحور الرابع: توجيه القراءة – الأستاذ الدكتور «بخر الدين قباوة»/ باحث في اللغة والأدب

المحور الخامس: الجهات المعنية ونوعية مشاركتها: المهندس «أحمد فتوح»/ عضو مكتب تنفيذي في مجلس مدينة حلب.

ويتابع الدكتور محمود المصري بأنه بعد توزيع البطاقات على المشاركين الضيوف، جرى مقاطعة المعلومات الواردة في البطاقات للوصول إلى الصيغة النهائية في كل محور والتي سوف يستفيد منها عدد من الباحثين في صياغة بحث يتحدث حول تحفيز القراءة لدى الناشئة وذلك اعتمادا على نتائج الورشة؛ ويضيف: «حالما يتم إعداد محتويات البحث اعتماداً على مخرجات الورشة، سيجري نشره وتعميمه على الجهات المعنية والتي تشمل كل من القطاعات الحكومية والرسمية والمنظمات الشعبية والجمعيات الأهلية وغيرها من الجهات المهتمة بهذا الموضوع. كما سيتم الاستفادة من المشاركين أنفسهم (والذين ينتمون إلى طيف واسع من الجهات والمنظمات) في المشاركة في الترويج لهذا البحث وتطبيق التوصيات التي سيخرج بها والتي ستساعد على تحفيز القراءة لدى الناشئة».

أما عن سبب اختيار موضوع «تحفيز القراءة لدى الجيل الناشئ» عنواناً لهذه الورشة فيقول بأنه يعود إلى عدد من الأسباب المتنوعة التي يعددها بالقول: «كجزء من عملنا - كمكتبة وقفية - هو الاهتمام بالقراءة والترويج لها بين الناس، إلا أن التركيز على الجيل الناشئ بدلاً من ذاك الأكبر عمراً جاء لكون هذا الجيل يمثل مستقبل الأمة من جهة، ومن جهة ثانية ذي قابلية لاكتساب عادات جديدة بعكس الكبار والذين غدا من المستحيل تعلميهم أمور وعادات جديدة. يمكن أن نقول بأن الهدف من الورشة هو وضع "إرادة بالغة في إرادة قاصرة" أو "إرادة إيجابية في إرادة سلبية" خصوصاً وأن زرع ثقافة القراءة هي أسهل لدى الأطفال الصغار ذوي العمر المبكر على اعتبار أن الأطفال أسهل تشكيلاً وذوي مرونة أكبر في تقبل الأمور الجديدة».


من أجواء ورشة عمل تحفيز القراءة لدى الناشئة
في المكتبة الوقفية بحلب


أوراق ... ودلالات...
العديد من الأوراق البحثية المهمة جرى تقديمها خلال ورشة العمل، من بين تلك الأوراق، كانت الورقة المقدمة من مديرية الثقافة بحلب والتي تضمنت أرقاماً إحصائية حول واقع القراءة في منشآت مديرية الثقافة في مديرية حلب قدمها الأستاذ غالب البرهودي حيث عرض السيد البرهودي إحصائيات قال عنها أنها تمثل واقع الثقافة في حلب. وقد قال بأن عدد الكتب المعارة على سبيل المثال في دار الكتب الوطنية هو 76 كتاباً يومياً، تليها 27 كتاباً يومياً في المركز الثقافي في العزيزية، في حين يصل مجموعة إعارات الكتب اليومية لكل المراكز الثقافية مجتمعة في المدينة والريف إلى 19 كتاباً فقط، مضيفاً بأن هذه النسب تقل مع حلول العطل المدرسية والصيفية بدلاً من أن تزيد!

ويضيف بأن المديرية عملت على تشجيع ثقافة القراءة لدى الأطفال عن طريق افتتاح المكتبات المتخصصة بالأطفال في أكثر من مركز ثقافي والتي تضم كتباً وأجهزة حاسب ويجري فيها ورشات عمل وعروض سينمائية دورية لأفلام تعليمية وتثقيفية إضافة إلى جلسات استماع. كما عملت المؤسس على إقامة معارض الكتب مع تقديم حسومات كبيرة عليها إضافة إلى إقامة حملات واحتفالات تشجع على القراءة بين الجمهور الحلبي مع دعم منابر الإبداع الأدبي خصوصاً لدى الأطفال واليافعين. ويختم بالقول بأن هناك عدد من المعوقات التي تحاول المديرية تلافيها مثلا ضعف التعاون بين المديرية والمدارس، وضعف الميزانيات المخصصة لشراء الكتب لأجل المكتبات وغيرها.

ومن الأبحاث المهمة في مجال تشجيع القراءة كانت الورقة البحثية التي قدمها الدكتور محمد عادل شريح والتي تحدث فيها عن فعل «القراءة» ضمن دلالاته الثقافية والاجتماعية في كل من الأمة العربية والأمم الغربية حيث قال بأن القراءة من حيث المبدأ هي أمر مهم، إلا أنه في الوقت نفسه يجب الانتباه على توجيه القراءة تجاه «القراءة الصحية» ذات التوجه والأهداف، وليس «القراءة العشوائية» والتي لها من السيئات أكثر ما لها من الإيجابيات.


من أجواء ورشة عمل تحفيز القراءة لدى الناشئة
في المكتبة الوقفية بحلب


ويضيف بأنه لدى النظر إلى المجتمع الغربي وقابليته المرتفعة للقراءة، نجد أن معظم من يقرأ في الغرب (ضمن الدقائق القليلة التي يقضيها في الانتظار لدى عيادة طبيب الأسنان أو المواصلات) ذي عرضة لفقدان المعنى والقلق الوجودي والإحساس بالضياع (وذلك بعكس الفكر السائد لدى معظم الناس حول أهمية القراءة)، هذا الأمر يجعل منهم ذوي احتمالية أكبر للإصابة بالأمراض النفسية أو ارتكاب حماقات كالانتحار في ردة فعل لظاهرة «القراءة العشوائية» التي يمرون بها، في حين قد نجد أحد فلاحي منطقة «الصعيد» المصري والذي لم يقرأ في حياته أي كتاب بخلاف القرآن الكريم ذي هدوء نفسي ووعي وثقة أكبر. ما سبق يؤدي إلى وجوب التركيز على القراءة «كحالة معرفية» بدلاً من كونها حالة نفسية لها ما لها من دلالات قد تصل إلى الحالة المرضية.

ويتابع بالقول بأنه من الواجب قبل تشجيع الناس على القراءة النظر في محتويات الكتب الموجودة وطبيعة الدراسات المنشورة مضيفاً بأن هناك العديد من الكتب التي تقف ضد الأمة العربية وبعيدة جداً عن ثقافتها وتراثها وبالتالي تأخذ القراءة هنا فعلاً سلبياً بدلاً من كونها إيجابياً. أما الأمر الأخير فهو أن الأمة العربية تقرأ بشكل أكبر مما تشير إليه الإحصائيات إنما قراءة منهجية ومركزة أكثر وجزء كبير منها يذهب إلى الكتب الدينية وتلك التي تحث على الفضيلة وتتحدث عن الثقافة العربية والإسلامية بالمجمل.

قد لا تسع تلك الأسطر القليلة السابقة في التحدث عن موضوع كبير ومتشعب مثل موضوع «تحفيز القراءة» وخصوصاً لدى التعامل مع جيل ناشئ في ظل زمن مختلف فيه الأدوات الحديثة ووسائل الاتصال والتكنولوجية ذات أثر سلبي مبعد لهم عن أي نشاطات رياضية أو فكرية مفيدة. إلا أن هذه الورشة قد تشكل حجر الأساس الذي يجري الاعتماد عليه من أجل الوصول إلى الغاية المثلى وهي تطوير الأمة العربية بشكل عام وسورية بشكل خاص عن طريق تخريج جيل واعٍ مثقف قادر على المساهمة والبناء لأجل هذه البلاد.


أحمد بيطار- حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من أجواء ورشة عمل تحفيز القراءة لدى الناشئة في المكتبة الوقفية بحلب

من أجواء ورشة عمل تحفيز القراءة لدى الناشئة في المكتبة الوقفية بحلب

من أجواء ورشة عمل تحفيز القراءة لدى الناشئة في المكتبة الوقفية بحلب

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق