الأستاذ والباحث محمد قجة يحاضر عن تاريخ حلب وآثارها

05 آب 2010

ضمن فعاليات مهرجان ليالي حلب

ألقى الأستاذ والباحث محمد قجة محاضرة بعنوان «تاريخ حلب وآثارها» ضمن فعاليات مهرجان «ليالي حلب» وذلك على مسرح مديرية الثقافة في حلب مساء يوم الثلاثاء 3 آب 2010، حيث تطرق فيها إلى تاريخ مدينة حلب عن طريق سرد عدد من المعلومات التاريخية القيمة عن المدينة منذ نشوئها وحتى يومنا هذا.

وذكر الباحث قجة في البداية أن اسم حلب جاء من اللغة العمورية والتي تنتمي إلى عائلة اللغات الكنعانية، حيث يتألف اللفظ «حلب» من مقطعين «حل» و«لب» وتعني «مكان النزول»، مشيراً أن مدينة حلب لعبت دوراً كبيراً منذ الألف الرابع قبل الميلاد وحتى يومنا هذا.

كما استعرض الباحث قجة تاريخ الممالك التي مرت على مدينة حلب، مشيراً إلى أن العديد منها مر على المدينة بعد عصر «ممالك الدول» الذي شهدته، حيث تلا ذلك تأسيس مملكة يمحاض، ومن ثم خضعت المدينة لسيطرة الحثيين الذين قدموا من الأناضول، مضيفاً بأن التنقيبات الأثرية أكدت وجود معبد حثي يعود عمره إلى ما يقارب خمسة آلاف عام داخل قلعة حلب، وبالتالي فإن عمر القلعة يعود إلى 5000 عام بحسب تقديرات الآثاريين.


من محاضرة الأستاذ محمد قجة حول تاريخ حلب

وأضاف بأنه بعد ذلك توافدت الشعوب والأقوام على المدينة فمن المتانيين (أو الهكسوس كما دعوهم في مصر)، إلى المصريين القدماء إلى الآراميين ومن ثم الآشوريين تلاهم الكلدانيون ومن ثم الفرس الأخمينيون لتخضع بعدها المدينة لسيطرة الإسكندر المقدوني حيث دعيت آنذاك باسم «بيرويا»، إلا أن سكانها الأصليين أبقوا على تسمية حلب سائدة فيها. ويضيف الباحث قجة إلى أن المدينة خضعت للسيطرة الرومانية ومن ثم البيزنطية ليأتي بعدها العرب من شبه الجزيرة العربية ويستحوذوا عليها.

ويقول بأن الدلائل تشير إلى الوجود العربي ضمن المدينة منذ الألف الأول قبل الميلاد حيث تورد بعض الوثائق آثاراً لهذا الوجود وذلك قبل الفتح العربي لها بزمن طويل. ويضيف بأن مدينة حلب أصبحت منذ الفتح العربي مدينة عربية الطابع وبقيت كذلك حيث شهدت ازدهاراً كبيراً في ظل الدولة الحمدانية وذلك على يد سيف الدولة الحمداني حيث تحولت إلى دولة مشجعة للشعر وفنون الأدب المختلفة، مضيفاً بأن سيف الدولة الحمداني كان يقوم وقتها باستقبال أعلام العصر على النحو الذي لم يقم به أي سلطان قبله خلال الفترة العربية بكاملها، وحتى خلال العصر الذهبي العباسي، مشيراً إلى أن بلاط سيف الدولة استضاف كلاً من الفارابي، وأبو الفرج الأصفهاني، وابن جني، وابن خلويه، والمتبني ذاك الشاعر الكبير الذي حظيت به مدينة حلب لمدة عشر سنوات.

وأضاف بأن الدور التجاري لمدينة حلب كان كبيراً وهاماً، وقد قيل أن ما كان يباع في مدينة حلب في يوم واحد كان يحتاج ثلاثة أشهر ليباع في مدينة القاهرة، وبأن مدينة حلب كانت تستضيف في يوم واحد ما يعادل حمولة 20 ألف جمل من البضائع المختلفة، إلا أن شق قناة السويس في أواخر القرن التاسع عشر أدى لأن تخسر المدينة ما يقارب 93% من مجمل تجارتها وذلك مع الخط البحري الأرخص الذي تم شقه (قناة السويس).

ومن المعلومات المثيرة للاهتمام التي ذكرها الباحث قجة، أن مدينة حلب كانت أول مدينة في المشرق يُفتتح فيها قنصلية، وذلك في العام 1207، في حين افتتحت أول قنصلية في دمشق في العام 1834. كما استضافت حلب أول مطبعة عربية وأول جريدة تصدر وكان عنوانها «مرآة الأحوال» في عام 1855، كما تم في حلب تأسيس أول غرفة تجارة وأول بلدية.

وبعد انتهاء المحاضرة، أقيمت أمسية موسيقية للفنان عبد القادر أصلي وفرقته الموسيقية حيث قدم فيها عدداً من الأغاني والمقطوعات والموشحات الحلبية الأصيلة.

والجدير بالذكر بأن الأستاذ محمد قجة هو كاتب وباحث كبير يرأس جمعية العاديات في مدينة حلب، إضافة إلى أنه رئيس التحرير والمدير المسؤول لمجلة العاديات الفصلية وكتاب عاديات حلب السنوي. كما أن له أكثر من 20 كتاباً في الدراسات الفكرية والتاريخية والأدبية حول ‎الأندلس وبلاد الشام، ومئات الدراسات والبحوث في الدوريات، ومئات البرامج التلفزيونية الثقافية. وكان الأمين العام لاحتفالية ‎حلب عاصمة الثقافة الإسلامية، إضافة إلى أنه رئيس لجنة السجل الوطني للتراث الثقافي غير المادي، المستشار الثقافي لمحافظة حلب، عضو مجلس الأمناء في مؤسسة العلوم والتكنولوجيا في بريطانيا، ومجلس إدارة متحف المخطوطات في مكتبة الإسكندرية، عضو اتحاد الكتاب العرب والآثاريين العرب والجمعية السورية لتاريخ العلوم.

ومحاضرة عن أصول الغناء في حلب:
كما ألقى الباحث والموسيقي عبد الحليم حريري محاضرة عن «أصول الغناء في حلب»، تحدث فيها عن أنماط الغناء السارية في مدينة حلب منذ القديم وحتى يومنا هذا، وذلك مساء يوم الأحد 1 آب 2010، حيث تحدث عن أن المنطقة تعتبر منطقة موسيقية منذ مئات السنين مع اكتشاف آلات موسيقية قديمة منها آلة الهارب التي تشبه القيثارة وعدد من الآلات الإيقاعية النقرية الأخرى.


من محاضرة الباحث عبد الحليم حريري عن الغناء في حلب

وأضاف الباحث حريري بأن مدينة حلب كانت ملتقى الحضارات وبالتالي جمعت وصهرت الحضارات الموسيقية التي مرت عليها ضمن بوتقة واحدة لتخرج من المدينة أنماط موسيقية جديدة لا زلنا نسمعها حتى يومنا هذا. كما تطرق إلى أنواع التصنيفات الخاصة بأنماط الغناء في مدينة حلب، حيث تحدث عما وصل إلى مدينة حلب وكيف قامت حلب بتصنيفه مثل تصنيف القصيدة الثلاثي والذي كان: «القصيدة المرتجلة»، «القصيدة الملحنة مع وزن»، و«القصيدة الملحنة غير الموزونة». كما تحدث عن الموال السبعاوي الذي يعتبر صناعة حلبية بالكامل وفقاً لتعبيره، إضافة إلى تطرقه «للدور» المصري الذي وصل إلى مدينة حلب، والذي تم تطويره والعمل عليه.

وتحدث الباحث عن المجهودات الحلبية في مجال الموشحات وكيف أبدع أهل حلب في تغييرها شكلاً ومضموناً مع الإبقاء على اسمها الأصلي وهو «الموشحات الأندلسية». كما ذكر وجود العديد من الألحان الموسيقية التي ما زالت باقية حتى يومنا هذا رغم قدم الكلمات واللحن مثل لحن «اسقي العطاش» والذي يعود عمره إلى 300 سنة وغيره من القدود والموشحات.

وقد رافق الأستاذ «الحريري» فرقة موسيقية قامت بتقديم الأمثلة الحية حول الأنماط الموسيقية التي كان يتحدث عنها.

والباحث والموسيقار عبد الحليم حريري حاصل على مرتبة «قائد فرقة» منذ ما يقارب 25 عاماً، وهو باحث موسيقي ومدرس في المعهد العربي للموسيقى، ومؤسس فرقتي «نغم» و«النغم الأصيل» والأخيرة مختصة بالتراث والألحان القديمة. تم تكريمه من قبل العديد من الجهات وشارك في عدد من المهرجانات.

بقي أن نشير إلى أن مهرجان «ليالي حلب» بدأ في الثلاثين من شهر تموز الماضي، وسينتهي في الرابع من شهر آب الحالي حيث تضمن عدداً من الفعاليات الفنية والثقافية المنوعة منها أمسية طربية بمشاركة عدد من الفنانين الحلبيين والفنانة اللبنانية آلين خلف، إضافة إلى أمسية غنائية للفنان علي الديك والفنانة «رولا سعد»، وكذلك المحاضرتين حول «تاريخ حلب» و«أصول الغناء فيها». وسيختتم المهرجان بحفلة للفنانة ميادة بسيليس بالاشتراك مع عرض لفرقة «أونو» للرقص الفلكلوري.


أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من محاضرة الأستاذ محمد قجة حول تاريخ حلب

المطرب عبد القادر أصلي وفرقته

المطرب عبد القادر أصلي وفرقته

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق