قراءات أدبية من روايتي دفاتر القرباط وحارس الخديعة للكاتب خالد خليفة

29 05

يقوم كتاب وأدباء بقراءة مقتطفات من نصوصهم الأدبية، ضمن الفعاليات الثابتة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية، في أول أحد من كل شهر بالاشتراك مع فنانين شباب، وهي فعالية «قراءات أدبية».
يقام هذا النشاط في أمكنة متنوعة من دمشق يعلن عنها شهرياً، وتسعى الأمانة العامة للاحتفالية من خلاله إلى التعريف بالنص الأدبي، وخلق متعة الاستماع إليه، وتشويق المستمعين وتحفيزهم لمتابعة قراءته لاحقاً، لتشكل هذه الفعالية صلة الوصل بين النص والمتلقي، بما يساهم في تكريس عادة القراءة والمطالعة، إضافة إلى الخروج بالعمل الأدبي من مكانه التقليدي المغلق إلى أماكن بديلة تحقق للمستمعين متعة الاحتكاك المباشر بالنص المقروء.
كما أن الحوار والنقاش الذي يدور عقب هذه القراءات من شأنه أن يضيء الكثير من الجوانب التي تحكم علاقة المنتِج (الأديب أو الكاتب) بنصه والتي يتسنى عبر هذه القراءات التعرف إليها، وقراءة النص في ضوئها.
كما يسمح للكاتب من جهة أخرى باستطلاع ردود أفعال القراء على عمله المقدم، ضمن جو شبه مسرحي يخلقه القارئ بتلونات صوته المعبرة، وسبق للاحتفالية -في إطار هذا النشاط- تقديم قراءات من أعمال الكاتب الفرنسي جان لوك لاغارس، وكذلك مقتطفات من أعمال الأديبة السورية ناديا خوست، وأعمال الأديب السوري خيري الذهبي.
ستكون القراءات الأدبية في هذا الشهر ذات طابع متميز بعض الشيء عما سبقها، إذ سيشارك الكاتب خالد خليفة مع الممثلة الشابة ناندا محمد في قراءة مختارات من روايتيه «دفاتر القرباط» و«حارس الخديعة».
الكاتب خالد خليفة في سطور
ولد خالد خليفة في حلب عام 1964، وحصل على إجازة في الحقوق من جامعة حلب عام 1988، ساهم في تأسيس مجلة «ألف» عام 1990، كتب العديد من النصوص والسيناريوهات التلفزيونية، منها سيرة آل الجلالي وقوس قزح وحروف يكتبها المطر وأهل المدينة والوردة الأخيرة وزمن الخوف وظل امرأة، كما كتب للسينما عدة سيناريوهات منها سهرة مهذبة وباب المقام وحجر أسود وخريف حار، أما في مجال الأدب والرواية فله ثلاث روايات هي حارس الخديعة ودفاتر القرباط ومديح الكراهية.


احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

الدكتور طاهر سماق:

تحية للكاتب الفذ خالد خليفة علماً من أعلام سوريا الوطن نفخر به
وأهديكم عبره من قصصي القصيرة:

نَشْوة رَوَاح

لمْ يكُنْ في الدارِ أحدٌ غيري، كانتِ الدُنيا قدْ هَدَأَتْ إلا من زَقزقاتِ أطيار السنونو، وكانَ الجوُّ رَطِباً والسماءُ قدْ مَلَأَتها بعضُ أشتاتِ السُحُبِ هنا وهناكَ، وقد امتَزَجَ فيها لَونُ أوَّلِ الليلِ بآخرِ النهارِ فَبَدَتْ فضيةً، إذا ما نظَرَ المَرءُ خلالها وجدها بُعْدَاً سحيقاً ليسَ لهُ قرار.
مَلَأَتِ النَّشوى قلبي حينَئذٍ .. ضجَّتْ داخِلي نداءاتٍ قويةٌ لم أكُنْ أعرِفُ لها قَصْدٌ .. وازدَحَمتْ في رأسي ذكرياتٌ بعيدةٌ .. ذكرياتٌ عِشْتُها بِكُلِّ ما فيَّ منْ فَرَحِ الشبابِ ونَضَارَتِه.
كانتْ نسماتُ آذارَ تَنْفَحُ في صدري شوقاً إلى من أحِبُ، فقلبيَ يزدادُ شغفاً بها، وحبُّها يتَرَعرَعُ هناكَ كغَرسَةٍ أَحاطَتْها الطبيعةُ بعنايتِها ورِعَايتِها، فأخَذَتْ تنمو بسُرْعَةٍ مذهِلَةٍ.
الله .. لقد غابَتْ عن مسامِعي سرسَقَةُ مياهِ النافورةِ القديمة .. أحسستها بعيدةً بعيدةً في أعماقِ اللَّحَظات.
لقد غِبْتُ عن الوَعْيِ في تلْكَ السَّاعة .. حَلَّقَتْ في رأسي أحْلامٌ وذِكرياتٌ شتَّى .. كنتُ أُحاوِلُ أنْ أَجمَعها لكنَّها كانتْ تفلِتُ هاربةً، تارِكَةً إيَّايَ غارقاً في رِحابِ صمتٍ لا أسمَعُ من خِلالِهِ سوى صيحاتٍ تجوبُ الآفاقَ، مُدَوِّيةً في أُذُني، فلا أعرِفُ لها معنى.
لمْ أكنْ أعي شيئاً آنئذٍ، سوى أنني تَذكَّرتُها .. كانتِ الذِكرى مؤلِمَةٌ .. يتعَتَّقُ ألَمُها في صدري ليُصبِحَ أَعذَبَ وأجمل، وأُحِسُّ عندَئذٍ بقُربِها .. أحِسُّ بدِفْءِ حُبِّنا في ثنايا روحي، أُحِسُّ بالسعادةِ تَكبُر وتَكبُر حتى كأنها ستَغمُرُ قلبي.
عندئذٍ أعرِفُ طعمَ الحياةِ جيِّدا ً.. وأعرفُ أنَّ الحياةَ بغيرِ حُبٍّ كالجَّسدِ بلا روحٍ. ويضِجُّ في قلبي نداءٌ واحدٌ مفهومٌ هذه المرَّة .. نداءٌ يقول: أُحِبُّها أُحِبُّها أُحِبُّها.
أوه .. لقد أدركتُ الآنَ كُنْهَ تِلكَ الصيحات الَّتي تجوبُ الآفاق مدَوِّيَةً في أُذُني .. إنها زقزقاتُ أطيارِ السنونو.
ربيع عام 1980

سوريا