اختتام فعاليات مهرجان الشباب للفنون المسرحية في دورته الخامسة بمدينة حلب

16 أيار 2010

ماذا عن سويّة المهرجان؟ وهل تشكل الأعمال الجيدة طفرة في الحركة المسرحية بشكل عام؟

اختتم مهرجان الشباب للفنون المسرحية بدورته الخامسة في مدينة حلب، والذي أقامته وزارة الثقافة، مديرية المسارح والموسيقى، بالتعاون مع محافظة حلب وبرعاية الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة، اختتم فعالياته يوم الخميس 13 أيار 2010، بتكريم رؤساء بعض الجهات الحكومية في المدينة والداعمة للمهرجان، وبتوزيع الجوائز على الفائزين في هذه الدورة.

وقد شاركت في هذا المهرجان اثنتا عشرة فرقة مسرحية من مختلف المحافظات السورية، إضافة إلى جمعية الشارقة للفنون الشعبية والمسرح بدولة الإمارات العربية المتحدة، التي افتتحت عرضها الخميس الماضي بمسرحية «ليلة بعمر» من تأليف جاسم الخراز وإخراج محمد صالح.

وفي أيام المهرجان التي استمرت أسبوعاً كاملاً، عرضت الأعمال المشاركة على كل من خشبتي دار الكتب الوطنية ومديرية الثقافة، إذ قدمت فرقة المسرح العمالي في الحسكة مسرحية بعنوان «مشدود كوتر» تأليف إسماعيل خلف وإخراج فراس الراشد، وتحدثت المسرحية عن قصة رجل وامرأة التقيا صدفة في محطة قطار لينتظر كل واحد منهما حبيبه القادم، ومضت الأيام والسنون دون أن يأتي الحبيب المنتظر فتنشأ بينهما علاقة إنسانية شفافة يتخللها التعبير عن بعض المشاعر الراقية. فيما عرضت فرقة سما المسرحية بحلب مسرحية «الرسول المجهول في مأتم أنتيغونا» من تأليف سعد الله ونوس وإخراج محمد دباغ، وجسدت المسرحية فكرة توق الإنسان الدائم إلى الحرية بمختلف مستوياتها الشخصية والعامة، حيث قدم العمل نماذج متعددة من الشخصيات التي تحركها أهدافها ومصالحها المشروعة وغير المشروعة.

بينما عرضت فرقة نقابة الفنانين باللاذقية مسرحية «العرس الوحشي» للكاتب فلاح شاكر وإخراج هاشم غزال، والتي تناولت قصة امرأة عراقية عانت ظلم الاحتلال وتعرضت للاغتصاب من قبل جنود أمريكيين في العراق، مما أدى إلى إنجابها طفلاً يصبح شاباً دون أن تكون العلاقة بينهما علاقة أم بابنها بسبب تأثير الحالة غير الطبيعية لظروف إنجابه. وأما فرقة المسرح العمالي في دمشق فكان عرضها لمسرحية «نور العيون» تأليف جوان جان وإخراج سهيل عقلة، وأتت المسرحية تجسيداً لحالات متناقضة في المجتمع، فيتحدث العمل عن شخصيتين إحداهما وصولية وانتهازية تستخدم الأساليب الملتوية كافة للوصول إلى أهدافها، والثانية طبيعية ومستقيمة، وتدور أحداث المسرحية في أجواء كوميدية وخلفية تاريخية تبدأ منذ عام 1920 وتنتهي عام 1948.

وأما فرقة صدى الصمت من حمص فكان عرضها بعنوان «رماد أمل»، إخراج محمد جلال مندو والنص لنمر سلمون وميسون جنيات وراسم المرواني تناولت قصة ثلاث شخصيات يجمع فيما بينها ويوحدها اليأس والأمل الذي لابد منه كي تتوازن الحياة، وتشبه حكايتهم أسطورة الفينيق الذي كلما احترق عاد إلى الحياة من جديد على أمل أن يكون الغد أفضل.

وفي السياق ذاته قدمت فرقة المسرح الشبيبي في اللاذقية عرضاً لمسرحية «هيه هيك» من تأليف وإخراج مجد يونس أحمد تحدثت عن فرقة مسرحية شابة تعاني الكثير في سبيل إثبات وجودها وتقديم مسرح نظيف مما ينعكس على طبيعة علاقة أعضاء الفرقة بعضهم ببعض وبالمحيط، إذ تحاول المسرحية الدخول إلى أعماق الشخصيات وملامسة الجانب الإنساني فيها.

وعرضت فرقة المسرح الشبيبي بدمشق مسرحية «بلغني» التي أدهشت الحاضرين وهي من تأليف علي عبد النبي الزيدي وإخراج خالد أبو بكر، وتناولت قصة زوجة تعاني من مرض زوجها الأمر الذي أدى بها إلى مرض نفسي، وعندما يقوم طبيب نفسي بمعالجتها لمدة خمس سنوات يصبح هو ذاته بحاجة إلى علاج.

كما قدمت فرقة المسرح الشبيبي في طرطوس مسرحية بعنوان «دعوى ضد مجهول» من تأليف وإخراج علي رمضان تناولت قصة ثلاثة شبان يلتقون في مكان مفترض ليعرض كل واحد منهم بأسلوب «الفلاش باك» حكايته مع المرأة الأم والأخت والزوجة، وحاول العرض مناقشة بعض القضايا الاجتماعية داعياً إلى وضع حلول لها.

وعرضت أيضاً فرقة المسرح الشبيبي بدمشق مسرحية أخرى بعنوان «حياة حوار» من تأليف وإخراج سعيد الحناوي جسدت بأسلوب شائق صراع الأجيال الذي يجب أن يسوده الحوار الدائم للوصول إلى هدف تكاملي داخل الأسرة بعيداً عن العنف والقسوة.

فيما تناولت فرقة «همسات حلب» خمسة محاور طرحت خلالها بعض القضايا الاجتماعية التي قد يتعرض لها الشباب والمراهقون في ظل التأثيرات السلبية، والمسرحية من تأليف عابد ملحم وإخراج حكمت نادر عقاد. كما تناولت فرقة كاريزما (حلب) قصة مقاتل في الجيش السوري في لبنان يتعرض إلى إصابة أثناء تصديه للعدو الإسرائيلي عام 1982 ورد فعل زوجته، حيث يلقي العمل الضوء على تضحيات جنودنا في سبيل الدفاع عن الأرض والكرامة وهي من تأليف عمرو حاج محمد وإخراج بلال جركس.

واختتمت عروض المهرجان بمسرحية «الليلة التي أمضاها ثورو في السجن» لفرقة مديرية الثقافة بحماة من تأليف جيروم لورانس وروبرت إي لي وإخراج صدر الدين ديب، وتتحدث عن قصة الفيلسوف والشاعر الأمريكي هنري ثورو الذي كان من أشد المعادين للحرب الأمريكية على المكسيك والذي تأثر بفلسفات الشرق ودافع عن حريات الأفراد ورفض سطوة المادة على العالم.


توزيع الجوائز في مهرجان الشباب المسرحي بحلب

وكان لـ «اكتشف سورية» وقفة مع بعض الكتاب المسرحيين والمخرجين وأعضاء لجنة التحكيم، لتسليط الضوء على أهمية المهرجان ودوره في إغناء الحركة المسرحية بحلب ومعايير انتقاء الفرق المشاركة ومدى تباينها وغيرها من الأسئلة.

الكاتب المسرحي وليد إخلاصي: غياب المسرح عن مدينة حلب
عند سؤالنا الكاتب وليد إخلاصي عن المسرح في مدينة حلب قال: «نحن في حالة ركود، بل في حالة هزال مسرحي، ووزارة الثقافة، مديرية المسارح، مشكورة في محاولتها إيقاظ الجمر الميت في الرماد، والنفخ في الرماد الذي لا يتوفر له الجمر. ولكن ماذا يقدم لنا المسرح القومي بحلب في كل عام سوى مسرحية يتيمة فقط، إضافة إلى ما يقوم به مسرح الطفل؟ ماذا يحدث الآن، ولماذا لا يتم السؤال من قبل الناس عن نشاط المسرح، في حين أنه يتم السؤال على سبيل المثال إذا توقف البث التلفزيوني؟ المعهد العالي للفنون المسرحية تخرج فيه كبار الفنانين الذين نراهم اليوم على شاشة التلفزة، هؤلاء برزوا عن طريق التلفزيون لا عن المسرح، والتلفزيون هو الابن الشرعي للمسرح. ومن وجهة نظري أقول رحمة الله على الرئيس الخالد حافظ الأسد الذي وضع هدفاً له في أن ينشئ منشأة ليست على مستوى سورية وحسب وإنما على مستوى الوطن العربي، ألا وهي دار الأوبرا التي تحوي عدة مسارح، هذا الأمر كان في فكر الدولة وفي نظرتها إلى الأمام مما يمهد الطريق للمستقبل، لكننا نحن لم نواكب الأمر في إداراتنا ومشاريعنا المسرحية. وزارة الثقافة أرادت أن تحيي العظام وهي رميم في مهرجانها هذا، ولكن أعتقد أننا لم نصل بعد إلى نتائج مشرفة. هناك تساؤلات عديدة، وهي متعلقة بالمشروع الثقافي الخاص بالدولة ككل والذي يجب أن تقوم به منذ سنوات، ليصبح المسرح عادة كما هي كل العادات التي نقوم بها، هناك نوع من الثقافة الاجتماعية، نوع من تكريس لعادة، والمسرح يجب أن يكون خاضعاً لهذا الموضوع. نحن أمة بلا مسرح، والمسرح هو أعظم نتاج حضاري أفرزته الإنسانية، هو وهج ثقافي، إلا أن الأمر الآن في منتهى الخطورة. لا أستطيع أن أدرك ما السر في مسرحنا، هناك أعمال مدهشة قامت بها منظمة الشبيبة، ولكن هذه الأعمال بإمكاننا أن نقول عنها إنها طفرة، نحن نفكر بإقامة مهرجان دائم للمسرح في حلب، والفكرة الأساسية كامنة في إمكانية تطوير أدوات الممثلين. مسرح الشعب بحلب كان في حالة متقدمة بالرغم من إمكاناته الضعيفة، هناك أسئلة متراكمة تطرح نفسها، وأعلى درجات الفكر العربي هو في طرح الأسئلة، لتلقي الأجوبة، والأجوبة حول المسرح ليست عندي وإنما هي عند الجهات المسؤولة الممولة. قلت في وقت سابق: نحن لا نريد مسرحاً قومياً، نريد بيوتات مسرحية ترعاها الدولة لسنوات وسنوات كي يكون للمسرح ألقه الخاص».

د. وانيس باندك: عدم تمويل الفرق الخاصة سبب من أسباب ضعف المهرجان
وعن هذا المهرجان وأسباب هبوط مستواه الفني، يقول الدكتور باندك: «بشكل عام كان هذا المهرجان موجوداً في بداية السبعينيات باسم مهرجان الهواة، واستمر لثماني دورات حتى عام 1977، بدأ بدمشق وانتهى بحلب، هذا المهرجان خرج كل الفنانين المهمين في تلك الفترة والذين استمروا حتى الآن، كل هؤلاء ظهروا في مهرجان الهواة، وكان رديفاً لمهرجان دمشق المسرحي العربي. في عام 2006 قامت وزارة الثقافة بإعادة هذا المهرجان من جديد باسم مهرجان الشباب، وهو على نفس خطوات مهرجان الهواة، وأول دورة أقيمت في إدلب، ثم انتقل إلى الحسكة فدمشق فطرطوس ثم حلب. نحن نعيش الدورة الخامسة في حلب، والملاحظ أنه يشكل حالة جيدة واستثنائية في حياتنا المسرحية في سورية، لأنه ينتقل في كل عام إلى محافظة أخرى، فينشط الحركة المسرحية في تلك المحافظات التي يقام فيها، وتكاد تكون المشاركات من كل المحافظات. يشارك في هذا المهرجان ثلاث فرق من حلب تعمل بالتعاون مع مديرية الثقافة، والملاحظ في هذا المهرجان ضعف المشاركات، فقد شاركت في المهرجان الأول الذي أقيم في إدلب وكنت عضو لجنة تحكيم فيه، وكانت المشاركات فيه أقوى، وما نراه اليوم أن العروض الجيدة نادرة حتى الآن، ويجب البحث في أسباب هبوط المستوى، إذ أنه كلما تقدم المهرجان عبر سنواته يجب أن تحسن عروضه، وما نراه هو العكس، وأعتقد أن مديرية المسارح يجب أن تبحث في هذه الأسباب، ونأمل في المهرجانات القادمة أن تكون أفضل، لأن الشباب هم مستقبل المسرح، وهذا المهرجان هو رديف لمهرجان دمشق العربي المسرحي، هؤلاء يمكن أن يتطوروا من خلال هذه المهرجانات ومن خلال الاحتكاك والحوار ومشاهدة العروض وتبادل الخبرات، هذا الحراك المسرحي يجعل المسرح بشكل عام في سورية يمضي إلى الأمام ويتحرك وينشط باتجاه الأفضل. المهرجان فرصة جميلة للقاء المسرحيين الشباب وأصحاب الخبرات والضيوف وأنا باعتباري عضو لجنة تحكيم في المهرجان أقول حرصنا على أن يكون المهرجان فرصة للتطوير، ونأمل أن يتم تحفيز الشباب كي يعملوا بحماس أكثر وبروح عالية ليقدموا نتاج أعمالهم . هناك فرق شاركت في البدايات وهي الآن غير مشاركة، وسبب هذا التمويل الذي يجب أن يبحث فيه، حتى تكتمل عملية تنشيط الحركة المسرحية، ليس فقط بإقامة المهرجان ولكن بإنتاج الأعمال المسرحية».

ويتابع الدكتور باندك: «لاحظنا أن أغلب الفرق ليس لها ديكور تقريباً، تعمل بأدوات بسيطة وبإكسسوارات بسيطة، وبوجود التمويل ينظر للعمل نظرة أخرى مختلفة. هناك ضعف في النصوص المسرحية المقدمة، ومعظمها من تأليف الشباب، وهناك نصوص تم تأليفها عن عدم خبرة ودراية، وهذا سبب ضعف المهرجان. يجب أن يتم اختيار نصوص جيدة لكتاب متمرسين معروفين أو شباب موهوبين لا أن يتم الأمر اعتباطياً. وفي الوقت نفسه عدم التمويل سبب أساسي للتراجع والضعف، لأن معظم الأعمال فقيرة من حيث اللباس والديكور (السينوغرافيا) أي الأمور الفنية عدا التمثيل والإخراج».

الفنان القدير عمر حجو: ليس كل ما يعرض على الخشبة جديراً بالمشاهدة
وبعد عرض مسرحية «ديسكوتيك» على مسرح مديرية الثقافة، كان لنا لقاء مع الفنان عمر حجو الذي امتعض من هذا العرض، وقال: «لم تعجبني الأعمال التي عرضت، وخاصة هذا العمل الذي رأيناه (ديسكوتيك)، أنا لم أر مسرحاً فيما رأيت، هذه فوضى مسرحية. أنا لم أحضر سوى هذا العرض المسرحي، وإذا كانت الأعمال الأخرى على هذا المستوى فمصيبة، حتى من ناحية الإلقاء فإننا لم نستطع فهم ما تحدث عنه الممثلون في هذا المعرض، سوى صراخ وضوضاء، وموسيقى عالية، إلى درجة أنني لم أعرف في أي مكان أنا. هذا ليس مسرحاً وأنا لا أؤيد مثل هذه الأعمال، ليس كل ما يعرض على خشبة المسرح جديراً بأن يشاهده المتلقي المتذوق للأعمال المسرحية».

الفنان موسى الملا: لابد من وجود تفاوت في العروض
أما الفنان موسى الملا فكان له رأي آخر في المهرجان، وخاصة حول تفاوت العروض والجرأة في الطرح، إذ أشار إلى أننا نجد في العروض التي رأيناها تفاوتاً من حيث الأداء والإخراج والنصوص، وهناك جرأة في الطرح، فالشباب لديهم هذه الروح المتجددة.

وقال: «أرى أن إقامة هذا المهرجان يرفد الحركة المسرحية بالكثير وينشطها، على الرغم من تفاوت النصوص، إذ لابد من وجود هذا التفاوت سواء أكان على صعيد الإخراج أو الكتابة أو الأداء وغيرها، وهذا شيء طبيعي، وتجمع الفرق في مهرجان كهذا فرصة لتبادل الخبرات والاطلاع على تجارب الآخرين».

عابد ملحم مؤلف مسرحية «ديسكوتيك»: عدم التمويل ثغرة في المهرجان
أما مؤلف مسرحية «ديسكوتيك» وحول ما دار عن العرض من انتقادات، قال: «ديسكوتيك هو تجربة مسرحية قدمت من خلاله فكرة هي فكرة السلطة التي يختلف مفهومها من شخص إلى آخر، فربما يرى البعض السلطة بأنها الضمير، وربما يراها الآخر بأنها دولة ما، أو رئيس في العمل، هذا الرمز كان رمزاً مفتوحاً، فكل يفهمه على هواه، اليوم رأينا أن هذه المجموعة المتخبطة كما وصفها البعض هي متخبطة نتيجة لتحكم شيء ما بها، هذا الشيء لم يتم التصريح عنه، إنما ترك للمشاهد كي يفسره كما يريد، وفي حال غياب هذه السلطة والتمرد عليها كما رأينا بالقضاء على الناطق الرسمي الذي ينطق باسم هذه السلطة فإن ذلك سوف يشعرنا بالضياع، دليل على ذلك هو مشهد الخرس، وعندما عادت السلطة بحلّة جديدة وبلهجة شديدة وبشكل جديد عادت بنفس المفاهيم وبنفس الطروحات إنما بشكل جديد وبهرجة جديدة، هذا ما كنت أريد أن أقوله في النص. ما حدث اليوم وصفه البعض بأنه فوضى، وربما يتحمل المخرج جزءاً من المسؤولية، إنما بالمجمل في هذا العرض أقول إن هذه التجربة قابلة للنقاش ولوجهات النظر ولأن تكرّس في المستقبل أو لا تكرّس، هذا يعود للنقاد والمتخصصين، وهم الذين يضعون التسميات والتصنيفات، نحن علينا أن نعمل وعلى الآخرين أن يحكموا ويتلقوا».

وعن تفعيل وزارة الثقافة لطاقات الشباب يقول: «أنا أرى أن الشباب يقدمون ما لديهم، سواء أكان في مهرجان أو لا، فعندما ينتهي هذا المهرجان سوف يلجؤون إلى مهرجان آخر، وعندما لا يجدون مهرجاناً، أنا واثق من أنهم سوف يعرضون على مدرج الحديقة العامة، فدائماً هناك طريقة للتعبير، لكن أنا أدعو المؤسسات الثقافية ووزارة الثقافة أن تكون جناحاً لهؤلاء الشباب، ففي هذا المهرجان على سبيل المثال تم تقديم العديد من التجارب المهمة، إن على صعيد الإخراج، أو النص، أو الممثلين، وهي تجارب قوية جداً، لكن هناك باعتقادي ثغرة صغيرة في هذا المهرجان وهو موضوع التمويل، فالمهرجان لا يقدم أي تمويل لأية فرقة خاصة، إذ هي التي تمول نفسها بنفسها، ففرقتنا على سبيل المثال تم تمويلها ذاتياً، وبغض النظر عن الجوائز المادية فليس هذا هو طموحنا، أي العمل من أجل جائزة، لذلك أدعو المؤسسات الثقافية إلى إعادة النظر في هذا الجانب، وهو الجانب المادي، وخاصة للفرق التي لا تمويل لها وليست تابعة لأية جهة رسمية، كما أدعوها لإعادة النظر في الركود المسرحي الذي نلمسه».

الكاتب المسرحي الشاب صهيب عنجريني: إلغاء الندوات المرافقة للعروض يفقد المهرجان أهم أهدافه
كما كان لقاء مع الكاتب المسرحي صهيب عنجريني الذي أشار إلى عدة نقاط مهمة كان على القائمين على المهرجان تفاديها، وحول سؤال هل استطاع المهرجان رفد الحركة المسرحية في سورية بشكل عام قال: «لا هذه الدورة ولا المهرجان على العموم استطاع أن يرفد الحركة المسرحية، أي أنه لم يستطع تحفيز طاقات إضافية، أو أن يكون مفجراً لولادة مواهب جديدة، وربما لا نستطيع أن نعتبر هذا الأمر من أولويات المهرجان، فالمفترض في المهرجان أن يكون وسيلة لتسليط الضوء على المواهب التي قدمتها المهرجانات الهاوية. بمعنى أن يشكل المهرجان أول خطوة احترافية للمسرحيين الشباب الذين يفتقدون إلى منبر يقدم لهم هذه الخطوة الاحترافية، لكن للأسف حتى هذه الخطوة لم يستطع المهرجان أن يقدمها، فماذا سنستفيد من مهرجان لم يستقطب جمهوراً ليشاهدنا، سواء أكان هذا الجمهور مشاهد المسرح العادي، أم الناقد المختص؟ ويعود ذلك حتماً إلى قلة الترويج الإعلامي والإعلاني للمهرجان، ذلك أننا لم نر لافتة واحدة تعلن عنه، ثم إنه تم إلغاء الندوات الحوارية المرافقة للعروض أو جلسات مناقشة العروض، لأسباب غامضة ومجهولة، وقد سمعت من أحد المقربين من إدارة المهرجان، أن السبب هو وجود عروض متدنية المستوى. هناك أمر آخر وهو أن الفرق المشاركة ليست موجودة طيلة فترة المهرجان، بحيث يتم تبادل الخبرات والحوار الذي يجب أن يتم بالدرجة الأولى، وهذا يفقد المهرجان أحد أهم أهدافه. عموماً لا أعتقد أنه من المناسب أن توجه مثل هذه الملاحظات على مهرجان في دورته الخامسة، ولدي تساؤل آخر وهو أنه يُكتفى في نهاية المهرجان بتوصيات تقدمها لجنة التحكيم، فلماذا لا نسمع من المشاركين، ولماذا لا يكون هنالك هامش ليقدم المشاركون ملاحظاتهم لتطوير المهرجان؟ مع احترامي للأساتذة أعضاء لجنة التحكيم بشكل عام، في مهرجان يقدم نفسه على أنه مهرجان الشباب للفنون المسرحية، فمن المهم جداً أن يكون هناك عضو واحد على الأقل في لجنة تحكيم يكون أقرب إلى جيل الشباب ولا أقصد هنا سناً وإنما مغامرة على الأقل، حتى في لجنة اختيار العروض، لا يمنع أن يكون هناك عنصر واحد من هؤلاء الشباب، وهم كثيرون».

ثم يضيف الكاتب عنجريني : «لاحظت أن العروض تفوقت بصرياً على الشق الفكري، بمعنى أن لدينا طاقات مهمة إخراجياً قدمت نفسها خلال المهرجان، لكن ربما ظلم هؤلاء المخرجون أنفسهم في انتقاء الحامل الفكري لعروضهم، وهذا يدعو للاستغراب، فهناك الكثير من النصوص المحلية المهمة. وهناك جانب آخر يتعلق بالاستسلام لفكرة مسبقة الصنع في ذهننا، بمعنى أن أكون أسير فكرة وأطلب من مؤلف ما أو من نفسي أن أكتب هذه الفكرة مسرحياً، وهذا يحرمنا من نقطة مهمة جداً في الإبداع وهي تعدد الرؤى وتصادم الأفكار، مثال على ذلك: في أحد العروض كان المخرج والمؤلف والسينوغرافيك وبطل المسرحية شخصاً واحداً، وقد شتت نفسه بهذا الفعل، مع العلم بأنه يمتلك موهبة إخراجية مهمة جداً. هناك مغامرات نصية جيدة جداً، وفكرة الإقدام على هذه المغامرة مهمة جداً، ومثالي على ذلك: ما فعله عابد ملحم، رغم وجود كثيرين لم يتقبلوا شكل النص، لكن كان هناك جرأة ومغامرة على صعيد آلية تناول النص، وهذا الشيء مهم جداً، سواء أنجحنا في تقديم العمل بالمطلق، أم بشكل جزئي، فتبقى المغامرة هي روح الإبداع».

جوائز المهرجان وتوصيات لجنة التحكيم:
قامت إدارة المهرجان يوم الخميس 13 أيار 2010، وعلى مسرح مديرية الثقافة، بتكريم بعض الجهات الرسمية التي دعمت المهرجان، ثم قرأ الدكتور نبيل الحفار عضو لجنة التحكيم توصيات اللجنة التي شاهدت العروض كافة وعددها اثنا عشر عرضاً مسرحياً، وهي كما يلي:
- لوحظ أن أغلب العروض لا تعبّر عن روح الشباب، وليس المقصود هنا أن ينفذها مسرحيون شباب فقط، بل الأهم أن تعكس قضايا وهموم ومشاكل الشباب بأساليب تعبير شابة.
- نقترح ألا يتجاوز عمر مخرج العرض الأربعين عاماً.
- لم تكن جميع العروض على سوية فنية وإبداعية واحدة، بل تفاوت مستوى العروض وسويتها الفنية والمسرحية.
- لوحظ وجود عدد من العروض التي نفذّت قبل فترات زمنية متباعدة لذلك توصي اللجنة بأن يكون من شروط الاشتراك في المسابقة أن يكون العرض قد أنجز قبل عام فقط من انعقاد الدورة الحالية.
- توصي اللجنة باتباع آلية المشاهدة الميدانية لعروض كل محافظة من قبل لجنة المشاهدة وانتقاء العروض الأفضل للاشتراك في المسابقة، على أن تكون هذه المشاركة من قبل اختصاصيين يساعدون الفرق في تدارك الأخطاء الفنية والتقنية قبل انعقاد دورة المهرجان.
- توصي اللجنة باتباع مبدأ السوية الفنية والإبداعية مرجحة هذا المبدأ على كمّ العروض المشاركة.
- توصي اللجنة بإقامة دورات تخصصية للشباب المسرحي قبل فترة كافية من انعقاد دورة المهرجان القادمة، على أن يقوم اختصاصيون بإدارة هذه الدورة، ويفضل أن ينتج عنها عروض مسرحية أو أساس لعروض مسرحية تتابع الفرق العمل عليها، على أن تشرف مديرية المسارح والموسيقى على إقامة هذه الدورات وتحدد الاختصاصات وأهمها: دورات إخراج وتمثيل، دورات في التقنيات كالديكور والإضاءة والصوت وغيرها.
- توصي اللجنة بتقديم منحة مالية (من الميزانية المرصودة للمهرجان) لكل فرقة تم اختيار عرضها للاشتراك في أعمال المهرجان القادم، وتدفع المنحة قبل بدء المهرجان بفترة كافية ليتسنى لهم تدارك الاحتياجات المطلوبة.
- توصي اللجنة بضرورة تفعيل اللجنة الإعلامية للمهرجان قبل فترة كافية من انعقاده في المحافظات المعنية.
- توصي اللجنة بإقامة فعاليات وأنشطة موازية تتناسب مع روح الشباب كعروض الشارع أو احتفالية، كرنفال، وغير ذلك مما يقترحه الشباب بأنفسهم.
- تتمنى لجنة التحكيم أن تأخذ إدارة المهرجان القادم بهذه التوصيات كيلا تضطر اللجنة القادمة لإعادة صياغة توصيات مماثلة ومكررة.

المهندس علي منصورة محافظ حلب
في حفل توزيع جوائز مهرجان الشباب المسرحي

ثم قام السيد محافظ حلب المهندس علي أحمد منصورة، والسيد محمد حاج حميدي عضو قيادة فرع حلب لحزب البعث العربي الاشتراكي، ومدير المهرجان السيد عماد جلول، ولجنة التحكيم المؤلفة من الدكتور نبيل حفار، والدكتور محمد قارصلي، والدكتور وانيس باندك، بتوزيع جوائز المهرجان التي كانت على النحو الآتي:
- منح شهادة تقدير للطفل طارق خليلي على عرضه في مسرحية «الرسول المجهول في مأتم أنتيغونا» ومكافأة مالية قدرها خمسة آلاف ليرة سورية.
- جائزة أفضل ممثل دور ثان للممثل شريف ديوب عن دوره في عرض «الليلة التي أمضاها ثورو في السجن»، وقيمة الجائزة خمسة عشر ألف ليرة سورية.
- جائزة أفضل ممثلة دور ثان للممثلة نور جوان عن دورها في عرض «نور العيون»، وقيمة الجائزة خمسة عشر ألف ليرة سورية.
- جائزة أفضل ممثل دور أول للممثل يوسف أبو دان عن دوره في عرض «الرسول المجهول في مأتم أنتيغونا»، وقيمة الجائزة ثلاثون ألف ليرة سورية.
- جائزة أفضل ممثلة دور أول للممثلة فيحاء أبو حامد عن دورها في عرض «بلغني»، وقيمة الجائزة ثلاثون ألف ليرة سورية.
- جائزة أفضل إخراج وقد أعطيت مناصفة لكل من المخرج خالد أبو بكر عن عرض «بلغني» وسعيد حناوي عن عرض «حياة، حوار»، وقيمة الجائزة خمسون ألف ليرة سورية.
بينما حجبت كل من جائزة أفضل نص، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة، وجائزة أفضل عرض متكامل.


بيانكا ماضيّة - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من عروض مهرجان الشباب المسرحي الخامس في حلب

من عروض مهرجان الشباب المسرحي الخامس في حلب

من عروض مهرجان الشباب المسرحي الخامس في حلب

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

وائل شريفي:

يعني ليش لتنحجب أهم جائزة بالمهرجان ( أفضل عرض متكامل ) ..مو كان في لجنة لأختيار العروض المشاركة ..... هل من المعقول أنو مافي ولا عرض متكامل يستاهل الجائزة .... ولا في سبب تاني ؟؟؟

سوريا

ليلى:

مرحبا
لقد لفت انتباهي هذا المنتدة فعلمت بمواهب الكثير من الفتيان و الفتيات و هذا يجعلني افتخر بدولتي
انني ارغب بالمشاركة و اصبح فردا من افردكم ايمكنني ان اشارك و كيف????/

سوريا

باسل الخميس:

إن مهرجان الشباب للفنون المسرحية بحلب كان من أعرق المهرجانات التي حصلت في محافظة حلب ؛ وأنا كوني من هوات المسرح ومحبيه ادعو كل الشباب لمسرح دنيانا وأقول (إن كان الشباب بخير فالمسرح بألف خير) وشكرا.

سوريا