افتتاح معرض «معركة سورية للدفاع عن ماضيها» في المركز الوطني للفنون البصرية بدمشق

17 تشرين الثاني 2016

.

من صالة المركز الوطني للفنون البصرية وبالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف افتتح مساء أمس الخميس 16 تشرين الثاني معرض بعنوان «معركة سورية للدفاع عن ماضيها» ضم 70 قطعة أثرية منها ما تم ترميمه أو استعادته، كما شمل المعرض صور ضوئية تظهر مدى الخراب والدمار الذي ألحقه الإرهاب على نسبة لا يستهان بها من التراث الأثري السوري، بالإضافة لعرض لوحة فسيفسائية نادرة قيد الترميم اكتشفت في قرية «برهليا» شمال غرب العاصمة دمشق.


السيد غياث الأخرس مدير المركز الوطني للفنون البصرية


ونقلاً عن وكالة «سانا» للأنباء أشار مدير مركز الفنون البصرية الدكتور غياث الأخرس إلى ضرورة تعريف المواطنين بالآثار السورية التي تمت استعادتها بفضل جهود الجيش العربي السوري ومديرية الآثار مبينا أن المركز مجهز لاستضافة مختلف أنواع الفعاليات من معارض تشكيلية وموسيقا ومسرح وهذا المعرض سيكون مقدمة لمشاريع سيعلن عنها لاحقا.

وبين الأخرس لـ «سانا» أن الهدف من ترميم اللوحة الفسيفسائية أمام الجمهور التعريف بجهود مديرية الآثار بجميع كوادرها لإظهار صعوبة ترميم هذا النوع من اللوحات وتحقيق التفاعل بين العامل والجمهور بهدف الحصول على عمل تكاملي.


من معرض معركة سورية للدفاع عن ماضيها



الدكتور مأمون عبد الكريم المدير العام للمديرية العامة للآثار والمتاحف، تحدث إلى «اكتشف سورية» عن أهمية المعرض المقام حالياً في المركز الوطني للفنون البصرية وقال: «إن معركة سورية للدفاع عن ماضيها؛ تعتبر معركة ثقافية، معركة تخص كل أبناء الشعب السوري بكل أطيافه، إن التراث بما يمثله من عامل جامع لكل السوريين يعتبر هويتنا المشتركة والذاكرة الجمعية لأبناء الوطن الواحد.. الحروب تنتهي والخسائر كبيرة.. ولكن خسارة التراث تعتبر خسارة فادحة لا تعوض، وفقدان هذا التراث سيشكل نقطة مفصلية في تاريخ سورية عبر الأجيال، وسيكون هناك نزيفاً وحزناً لدى الأجيال القادمة، فرغم كل مآسينا والدموع التي تُذرف بسبب الحرب الدائرة فإننا نعمل على حفظ تركة الأجداد ليسعَد بها القادم من الأبناء، لقد أنقذنا مئات الآلاف من القطع الأثرية من المتاحف السورية أي مايقارب 99% من مقتنيات المتاحف، وتمت تخبئتها في أماكن آمنة إلى أن يعود الأمن والاستقرار إلى سورية».


من معرض معركة سورية للدفاع عن ماضيها


وعن أهمية معرض «معركة سورية في الدفاع عن ماضيها» قال الدكتور مأمون: «يجب تسليط الضوء على الجهود الوطنية المشتركة في العمل والتي ساهمت باستعادة 7000 قطعة أثرية مسروقة من قبل المافيات، واللحاق بها قبل الخروج من حدود البلاد، ولا بد بهذه المناسبة من ذكر التعاون القائم مع الدولة اللبنانية في استعادة الكثير من القطع المسروقة والتي كانت مهربة إلى لبنان؛ وبعض هذه القطع تم عرضه اليوم لإبراز أهمية هذا التعاون المثمر من جهة، وإظهار جمالية آثارنا من جهة ثانية، وللتعريف بالمحاولات المستميتة التي قمنا بها للدفاع عن تلك الآثار، كما نتحدث في معرضنا اليوم عن جهود المجتمع المحلي في الحفاظ على اللوحة الفسيفسائية المعروضة هنا والمكتشفة بقرية برهليا عام 2014، حيث وقف ابناء القرية لإنقاذ اللوحة والدفاع عن تراثهم وتاريخهم وقاموا بنقلها وتسليمها إلى المديرية العامة للآثار والمتاحف حيث عملنا على ترميمها وصونها من الضياع، في محاولة منا لإيصال رسالة ليس فقط لأبناء قرية برهليا بل لأبناء سورية كافةً مفادها أن هذا التراث شرفٌ يعنينا جميعاً ومصدر فخر وعز لنا.. إنها دعوة للجميع للدفاع عن هذا التراث رغم المأساة والمعاناة، لأننا مدركون أن ضياع التراث لا يمكن تعويضه بأي ثمن».

وتابع: «القسم الآخر من هذا المعرض عبارة عن صور ضوئية تعبر عن قسوة الحرب وما خلفته من دمار للتراث الثقافي السوري كمدينة تدمر الأثرية وأماكن مختلفة من البلاد سببها الفكر الظلامي التكفيري، كذلك نُظهر هذه الصور أعمال الترميم القائمة والمستمرة إلى الآن على القطع التي أصابها التخريب أو التدمير وفق أحدث التقنيات العالمية التي تملكها المديرية في أقسامها المختصة ضمن فريق عمل يشمل 1500 موظف بكافة الإختصاصات بالإضافة إلى التعاون مع الجهات الوطنية والمنظمات الدولية كمنظمة "يونيسكو" للمحافظة واحترام القواعد العلمية فيما نقوم به».

وختم الدكتور مأمون بالقول: «كلنا أمل في عودة الأمن والسلام لكافة أرجاء الوطن، وبتضافر الجهود سنكون قادرين على التغلب على كل الصعوبات التي تواجهنا فيما يتعلق بقضايا الترميم، إن أصعب الظروف وأقساها كانت حماية المقتنيات الأثرية من الدمار والسرقة حتى لا تتكرر عندنا حادثة متحف بغداد وقد انتصرنا في هذه المعركة بقوة، وسوف ننتصر في معركة ترميم خراب ودمار التراث الثقافي السوري.. نعّول للإنتصار في هذه المعركة على تضافر جهود كل السوريين وأتمنى أن نجتمع جميعاً على مائدة الوطن فالتاريخ والذاكرة تجمعنا وتراثنا مصدر فخرنا».

وفي حديث خاص لـ «اكتشف سورية» مع السيد لويس مونريال مدير مؤسسة «آغا خان» للثقافة خلال تجواله في صالات المركز الوطني للفنون البصرية في حفل افتتاح المعرض الهام «معركة سورية في الدفاع عن ماضيها» قال: يأتي هذا المعرض اليوم للتذكير بأهمية الثقافة ودورها في رص صفوف المجتمعات تحت بند العيش المشترك، من هذا المفهوم نرى أن الدمار الذي لحق بجزء من التراث السوري يؤكد على الحاجة للإحترام المتبادل بين الناس.


من معرض معركة سورية للدفاع عن ماضيها


ويضيف السيد لويس: «اعتقد أن فكرة المعرض التي قام الدكتور مأمون عبد الكريم على إخراجها بالصورة المتألقة التي نراها عليه الآن يُعتبر عمل رائع يتحدث عن نفسه لا يحتاج لكتيبات للتفسير، عملٌ مؤثرٌ للغاية لأنه يتعلق بالفن خاصة الجزء الذي يسلط الضوء على مدينة تدمر الأثرية وحضارتها التي تعود في تاريخها إلى ألفي عام مضت».

وعن تنظيم المعرض قال السيد لويس: «من الملفت والمثير للإعجاب بشكل خاص خلال تجوالي في أرجاء المعرض أنني كزائر أحصل على ميزة فردية من خلال مصاحبة دليل متخصص يقدم الشرح والإيضاح لكل المقتنيات المعروضة»..

وفي معرض زيارته لسورية قال: «حضرت إلى المعرض كزائر تقاطعت إقامتي خلال تواجدي في دمشق مع افتتاح هذا المعرض الرائع، ووجودي في دمشق اليوم أتى من خلال زيارة رسمية حيث نتواجد للتباحث والتشاور مع العديد من القطاعات العامة المتمثلة بـ وزارة السياحة و وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار والمتاحف لبحث ودراسة السبل التي يمكن أن تقدمها مؤسسة آغا خان للثقافة من خلال إعادة تفعيل عملها وإقامة المشاريع المشتركة مع الجهات المعنية تحديداً فيما يتعلق بترميم وإعادة تأهيل المرافق الثقافية التي تضررت على مدار السنوات المنصرمة».


الفنان التشكيلي أكثم عبد الحميد من بين الحضور


الفنان التشكيلي أكثم عبد الحميد قال لـ«اكتشف سورية»: «المعرض مبادرة رائعة في إقامتها ولو أنها أتت متأخرة، كان من المفترض إقامته خارج سورية ولكن إتاحته للجمهور السوري جاء في سبيل إظهار مدى الدمار والخراب الذي لحق بتراثه حيث يلامس عن كثب آثار الأزمة السورية وما خلفته من خلال الصور الضوئية لمناطق وأبنية أثرية مدمرة ومنحوتات وتماثيل منهوبة تمت استعادتها».

ويضيف الفنان أكثم: «من الواجب إقامة المعرض في كل المحافظات السورية ومن ثم إنطلاقه للدول الأوروبية حيث اقتسر عرضه سابقاً على فرنسا وإيطاليا.. في عام 2014 حاولنا إقامة مؤتمراً عالمياً للآثار إلا أن تكلفته الباهظة أعاقت إقامته حيث اقتصر الأمر على إقامة المعارض والمحاضرات خلال فترة ترؤسي للمركز الثقافي السوري في إسبانيا، ما أود قوله أن إقامة مثل هذه المعارض ترفع من سوية الثقافة البصرية وتُعرف المواطن بحضارته وتُسلط الضوء على الآثار السلبية التي خلفتها الأزمة السورية على تراثنا العظيم».


برهان الزراع اختصاصي ترميم فسيفساء من المديرية العامة للآثار والمتاحف والمسؤول عن ترميم اللوحة المكتشفة بقرية «برهليا» قال لـ «اكتشف سورية»: «إنها اللوحة الوحيدة في ريف دمشق التي اكتشفت بحالة شبه كاملة تم إحضارها بمساعدة المجتمع المحلي للقرية بعد احتجازها من قبل العصابات المسلحة، يعود تاريخها للعصر الروماني المتأخر وبداية العصر البيزنطي.. واللوحة فيها أشكالاً هندسية وهي بطول سبعة أمتار وعرض 6 متر، اُكتشفت في موقع قيد التنقيب لذلك لا تتوفر حاليا معلومات كافية عن حقبتها، يتم ترميم اللوحة وفق منهجية عالمية حديثة اعتمدها مؤتمر المرممين في باليرمو -إيطاليا مؤخراً، وسوف يتم عرض اللوحة على الجمهور فور الإنتهاء من عمليات الترميم».


لوحة فسيفسائية قيد الترميم



زين .ص الزين

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

جانب من حفل افتتاح معرض «معركة سورية للدفاع عن ماضيها» في المركز الوطني للفنون البصرية

من معرض «معركة سورية للدفاع عن ماضيها»

من معرض «معركة سورية للدفاع عن ماضيها»، قطعة أثرية مستردة

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق