مهرجان المسرح الجامعي الـ24 في طرطوس: ثمانية عروض، ستة أيام، وخمس جوائز

23 تشرين الثاني 2011

فاز عرض «السبعة ونص» لفرقة معاهد دمشق المسرحية بجائزة أفضل عرض متكامل في مهرجان المسرح الجامعي الرابع والعشرين، الذي أقيمت فعالياته في مدينة طرطوس بين 16 و22 تشرين الثاني 2011، في حين حصد جائزة أفضل إخراج؛ المخرج أحمد البدري من فرقة جامعة تشرين عن عرضٍ بعنوان «العميان»، وذهبت جائزة الجمهور لعرض «زورقان في قارب» الذي قدمته فرقة جامعة دمشق المسرحية.

مهرجان المسرح الجامعي بنسخته الرابعة والعشرين؛ اختتم فعالياته مساء الثلاثاء 22تشرين الثاني 2011 متحدياً الظروف التي تمر بها البلاد، ومفسحاً المجال، أمام العديد من المواهب الشابة للإفصاح عن نفسها، في حوارٍ من نوعٍ خاص على خشبة المسرح يدور حول الحب، الصداقة، العنف، والعلاقة بالآخر، ولأول مرَة تم اختيار توقيت المهرجان خلال فترة الدراسة، وعن اختيار التوقيت قال ميخائيل شحود رئيس مكتب النشاطات في الاتحاد الوطني لطلبة سورية: «أردنا أن يكون توقيت فعاليات مهرجان المسرح الجامعي لهذه السنة، خلال فترة الدوام الجامعي، لأننا نتوجه بشكلٍ أساسي لطلاب الجامعات، ونرغب بتحفيزهم على المشاركة معنا كجمهور، وكراغبين في تشكيل فرق مسرحية».

وضم مهرجان المسرح الجامعي لهذا العام فرقاً من دمشق، اللاذقية، طرطوس، إدلب، حمص، حيث حسم اتحاد طلبة سورية خياره بإقامة المهرجان رغم كل ما يجري، وعن ذلك قال شحّود: «ربما يكون المزاج العام في سورية فاقداً للتركيز، مما وضعنا أمام حيرة كبيرة حول مدى قدرتنا على إنجاز مهرجانٍ مسرحي في مثل هذه الظروف، لكن إصرار المشاركين على إقامة المهرجان ساعدنا في حسم قرارنا، وتوجيه رسالةٍ مفادها أننا نعمل من أجل بناء سورية»، وأكدَ رئيس مكتب النشاطات في الاتحاد الوطني لطلبة سورية أن الإقبال الجماهيري كان مفاجئة المهرجان: «كنّا متخوفين من أن يكون الإقبال الجماهيري ضعيفاً بسبب اختيار التوقيت، والظروف التي تمر بها البلاد، لكن النتائج أتت عكسية، لدرجة أننا كنَا نعتذر يومياً عن عدم توفر أماكن كافية سواءً في المركز الثقافي بطرطوس، أو في المسرح القومي»، وختم ميخائيل شحّود قائلاً:«أثبت جمهور مهرجان المسرح الجامعي هذا العام أن هناك عطشاً للأحداث الثقافية في البلاد رغم كل ما يجري، وما نريده من مؤسسات الدولة هو عدم إلغاء أي حدث ثقافي تنوي إقامته، بل الاصرار على استمرارية هذا النوع من الفعاليات».


الفنّان بسام داود
مدير مهرجان المسرح الجامعي


كما التقى «اكتشف سورية» الفنّان بسام داود مدير مهرجان المسرح الجامعي، الذي أكد لنا أن انتقاء العروض المسرحية لهذا العام تم على أساس مجموعة من المعايير البسيطة، أهمها: «أن تمتلك بنية مسرحية تمكنها من العرض أمام الجمهور، بالإضافة لامتلاكها ذائقة فنية، أو تلك التي تكشف عن بداية خامات على مستوى الإخراج والتمثيل، بحيث يمكن لأصحابها التعلم من تجربة العرض على خشبة المسرح، والاحتكاك بالجمهور، كما آثرنا أن يكون التركيز على النصوص التي تتناول تفاصيل حياة الشباب وهمومهم، إلى جانب اختياراتهم لنصوص ترتكز على المسرح العربي والعالمي».

وقال داود:«أن لجنة مشاهدة شكلتها إدارة المهرجان من متخصصين في المسرح، تنقلت بين العديد من المحافظات السورية لاستقطاب العروض، وتم الاعتذار عن إشراك تلك التي لا تملك السوية الكافية، وللتأكد من مدى صلاحية اختياراتنا كنّا نوزع خلال المهرجان استبيانات رأي للجمهور بعد كل عرض، وتبين أن التصويت تراوح بين الجيد والوسط لمعظم العروض بنسبةٍ تفوق الـ70%، مما أشعرنا بالارتياح لآلية الاختيار».

وفيما يتعلق بالدور الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الوطني لطلبة سورية في دعم هواة الإخراج والتمثيل، على مستويات التأهيل والتمويل، قال الفنّان بسام دواد: «ما نعمل عليه في المرحلة المقبلة هو نقل المسرح الجامعي من حالة النشاط، إلى المؤسسة، وحينما ننجح في ذلك يبرز دورنا الحقيقي في هذا المجال، حيث نتجه إلى خلق مؤسسة المسرح الجامعي، وسنسعى للحصول على التمويل الكافي لها، وفي حال نجحنا في تحقيق ذلك ستنصب جهودنا في المرحلة المقبلة على تأهيل الهواة في مجالات الإخراج والتمثيل، وربما الكادر التقني في مراحل متقدمة، سنبدأ بورش عمل للمخرجين الهواة ممن يمتلكون الخبرة من خلال عروض سابقة، ومع شباب جدد تتوفر لديهم الرغبة، وتنقصهم الخبرة، وبعد اختيار النصوص، سنعمل معهم على تأهيل الممثلين، عملنا يحتاج إلى صيغة تراكمية، وربما لن نقطف ثماره بشكلٍ مباشر في النسخة المقبلة من المهرجان، لكننا علينا أن نُقلع بطريقة مبشرّة في الموسم المقبل، نأمل ذلك، وإلا سيكون عملي كمدير للمهرجان بلا جدوى، ولن أتمسك به لمجرد الحصول على اللقب».

المخرج هاشم غزال من فرقة جامعة تشرين المسرحية، والمشتغل في مسرح الهواة على مدى سنوات طويلة، شدد من جهته أيضاً على الدور الذي يمكن أن تلعبه مؤسسة المسرح الجامعي -قيد التأسيس- في المرحلة المقبلة، قائلاً: «لدى الاتحاد الوطني لطلبة سورية هاجس في تطوير العمل المسرحي منذ زمنٍ بعيد، والدليل على ذلك وصولنا للنسخة 24 من المهرجان، وحالة الترقب السنوية لفعالياته في أوساط الطلاب، والمهتمين، وأظن أن تحويل المسرح الجامعي إلى مؤسسة بدأ خطواته الفعلية هذا العام، ولكن علينا أيضاً استثمار هذه الحالة التراكمية من التجارب، والتي تظهر بوضوح لدى بعض الفرق، لاسيما فرقة جامعة تشرين منذ ثمانينيات القرن الماضي، وإذا نجحنا في ذلك أتصور أن يكون المسرح الجامعي موجوداً على خارطة المسرح السوري بشكلٍ لائق، لكننا أيضاً -وهذا في غاية الأهمية- بحاجة لتمويل كافي، وقادر على تأمين ميزانيات حقيقية لعروض المسرح الجامعي، ليس ذلك فقط، وإنما تحويل هذا المهرجان لظاهرة عربية ودولية».

ورأى هاشم غزال أن معظم عروض مهرجان المسرح الجامعي 2011 تدور حول الوسط من ناحية المستوى، لكنه لفت إلى وجود العديد من الخامات الطيبة بين المشاركين هذا العام، لاسيما في مجال التمثيل، وقال إنها تحتاج إلى القليل من الوقت لتبرز بشكل صحيح.

من تكريم الفنان نضال سيجري في مهرجان المسرح الجامعي بطرطوس

الفنّان شادي مقرش عضو لجنتي التحكيم والمشاهدة لمهرجان المسرح الجامعي، قال: «النوايا الطيبة لا تكفي لصنع مسرح جيد، لكنها تشكل البذرة الرئيسية لإنتاج فنٍ قائم»، وشدد مقرش على ضرورة تأمين التمويل اللازم لاستمرار هؤلاء الشباب الذين يشكلون عماد الثقافة في سورية، وأوضح أن ما لم يرض عنه في هذا المهرجان هو التقشف، وعدم وجود الإمكانيات المادية: «لتكون كل الأمور بنصابها الجيد بالحد الأدنى»، في حين اعتبر أن أبرز الإيجابيات: «إصرار الشباب على العمل حتى ضمن هذه الظروف السيء».

مهرجان المسرح الجامعي بطرطوس بنسخته الرابعة والعشرين؛ كرًم الفنًان نضال سيجري في افتتاحه، وفي يوم الختام، منح جوائزه الخمس: أفضل عرض متكامل، أفضل إخراج، أفضل ممثل، وأفضل ممثلة، بالإضافة إلى جائزة الجمهور، ووجه المهرجان تحية حياة خاصة للفرقة التي مثلت حمص، معتبراً مشاركتها: استمراراً للحياة في مواجهة الموت.


محمد الأزن - طرطوس

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

اسمك

الدولة

التعليق