أوبرا توراندوت الصينية في دار الأسد: ساعتان ونصف من الدهشة والجمال

قدَّمت دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق، بالتعاون مع وزارة الثقافة الصينية وسفارة جمهورية الصين الشعبية بدمشق، عملاً أوبرالياً كبيراً بعنوان «توراندوت» للمؤلف جياكو بوتشيني وفرانكو ألفانو، وعرضتْ العمل فرقةُ وأوركسترا دار الأوبرا الوطنية الصينية بقيادة يو فينغ وإخراج وانغ هوكان، كما شارك في العرض عددٌ من الموسيقيين السوريين عازفي النفخيات النحاسية، وهم: ناهل الحلبي، وميسون اسحاق، وراني الياس، ومجد شحيد، ومحمد نعنوع، وحسام الطيفي على الترومبيت، فلاديمير كراسنوف، وأماديس دنكل، وعماد منصور، وإيهاب قطيش على الترومبون، وعبد الرحمن مطر على الإيقاع، بالإضافة إلى أطفال من جوقة «ألوان» وراقصين من فرقة «إشارات» للرقص المعاصر، وذلك لثلاثة عروض متتالية مساء 6، 7، و8 أيار 2010.

قدمت الفرقة ما يقارب الساعتين والنصف من حبس الأنفاس والدهشة والجمال، حيث جعلنا الديكور الضخم والجميل نعيش في زمان الأسطورة، لا قطعة ناقصة ولا قطعة زائدة، كانت السينوغرافيا بأكملها قد وُضعت بضخامة ولكن بدون ترف، بأصوات قوية لا تعرف التعب وأداء موسيقي راقٍ بمستوى يفوق الخيال.

لم يكن السبب في تألق هذه الأوبرا تمكُّن بوتشيني من فنه الموسيقي العالي أو إحساسه العميق بالهيكل العام للعمل الذي حقق توازناً بين التعبير عن الشهوات الدفينة وتصوير الشخصيات المتقن فحسب، بل تمكُّنه من الدخول إلى أعماق عواطف شخصياته وبراعته الفائقة في تقديمهم بموضوعية ظاهرة، كما أظهر أن نتائج تصرفاتهم تثير فينا المشاعر بشكل عميق.

وفي هذا العرض حاول المخرج وانغ هوكان إدخال بعض الفنانين السوريين، كما عزف بعض عازفي النحاسيات جمل صغيرة مرادفة مع الجو العام من الأوركسترا الأساسية، وكذلك الأمر مع أطفال جوقة «ألوان» وراقصي فرقة «إشارات».


المؤثرات البصرية كان لها حضورها الكبير

تنطلق الأوبرا من إحدى حكايا «ألف ليلة وليلة»، التي تدور أحداثها في الصين في فترة القرون الوسطى، نسجها أوبرالياً المؤلف الموسيقي المشهور الايطالي جاكامو بوتشيني، الذي توفي عام 1924 قبل أن ينهيها، فأتمَّها من بعده المؤلف فرانكو ألفانو. وقد عرضت الأوبرا لأول مرة في شهر أبريل من عام 1926 على مسرح سكالا دي ميلانو بقيادة المايسترو توسكانيني، الذي أوقف العزف فجأة أثناء العرض واستدار للجمهور ليقول له: «هنا ينتهي العمل الذي كتبه بوتشيني، لأن الموت كان في هذه المرة أقوى من الفن». وبعد قوله، هذا ساد صمت قصير ثم انفجرت القاعة بالتصفيق للمؤلف الراحل.

أما قصة هذه الأوبرا فتندرج في ثلاثة فصول، يبدأ الأول عندما يعلن أحد منادي القصر الإمبراطوري أنه يتوجب على الرجل الذي يرغب بالزواج من توراندوت الإجابة على أسئلتها الثلاث، وإلا فإن رأسه سيُقطع. وبينما يتدافع الحشد نحو بوابات القصر، يسقط عجوز أعمى على الأرض في حين يكتشف شاب أن هذا الرجل العجوز هو والده المفقود تيمور ملك التتار المخلوع. ينبهر هذا الشاب -أمير التتار- بجمال توراندوت، ويسعى إلى المشاركة، وتقبل توراندوت تحديه من على شرفة القصر.

أما في الفصل الثاني، تقدم الأميرة أحجياتها الثلاث: «ما الذي يولد كل ليلة ويموت كل فجر؟»، و«ما الذي يرتجف كاللهب بالحمراره ودفئه، ولكنه ليس بالنار؟»، و«ما الذي يشبه الجليد ولكنه يحترق كالنار؟». يجيب الأمير بسرعة «الأمل» على الأولى و«الدم» على الثانية. تهتز توراندوت وسط هتاف الحشد للأمير الأمر الذي أثار غضبها. وعنده تردده بالجواب على الثالثة، تتهكم عليه توراندوت ولكنه يصرخ فجأة بالجواب «توراندوت»! يهتف الحشد للأمير المنتصر وترمي توراندوت بنفسها على قدمي والدها متوسلة ألا يتركها تحت رحمة الأمير. إلا أن الإمبراطور يصر على أن القسم مقدس وأن واجب توراندوت هو أن تتزوج الأمير. وبينما هي في غمرة غضبها، يبادرها الأمير بأحجية: «أنتِ لا تعرفين اسمي. قولي لي ما هو اسمي قبل شروق الشمس، وعندها سأموت». تقبل توراندوت التحدي.

السوبرانو ليو هونغلينغ والتينور وانغ فنغ

في الفصل الثالث ينادي المنادي «هذه الليلة، سوف لن يغفو أحد في بكين! سيكون الموت عقوبة الجميع إذا لم يتم اكتشاف اسم الأمير عند الصباح». تسحب مجموعة من الجنود كل من تيمور وخادمته ليو، الذين شوهدا يتكلمان مع الأمير، فتدَّخل توراندوت وتأمرهما بالكلام، فتصرح ليو بأنها وحدها تعرف اسم الأمير ولكنها لن تفصح به. وفعلاً قاومت ليو التعذيب الذي مارسته توراندوت عليها، التي تسألها عن مصدر قوتها، فتجيب ليو: «إنه الحب أيتها الأميرة». ثم تستل خنجراً من حزام أحد الجنود وتطعن نفسها لتموت لكي لا تفصح عن أسم الأمير. ثم نرى الأمير يقترب الأمير من توراندوت ويضمها بين ذراعيه ويقبلها رغم مقاومتها.

وهنا ينتهي عمل بوتشيني ليكمل الأوبرا فرانكو ألفانو، حيث يحاول الأمير إقناع توراندوت بحبه. فتشعر بالعاطفة بعد تقبيله لها، فيفصح الأمير عن اسمه وهو «كالاف، ابن تيمور»، واضعاً حياته بذلك بين يدي توراندوت، التي تأخذه إلى عرش الأمبراطور، وتفاجئنا بأنها تعرف الآن اسم الأمير: «إنه .. الحب»، فيهتف الحشد عالياً ويشيد بالعاشقَين.

إدريس مراد - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

فرقةُ دار الأوبرا الوطنية الصينية تؤدي أوبرا توراندوت

مسرح الأوبرا يتألق بعرض فرقةُ دار الأوبرا الوطنية الصينية

لوحات لونية رائعة في عرض أوبرا توراندوت

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق