مسرحية شواهد لسمير البدعيش
26 01
منبر مضيء في مقبرة
«أن تحادث الأموات أفضل بكثير من أن تحادث الأحياء الأموات، مجنون من يطلق عقله مجنون». تلخص هذه العبارة محور العرض المسرحي «شواهد» الذي عرض على مسرح مديرية الثقافة في السويداء في 19 كانون الثاني 2010 ضمن فعاليات المهرجان المسرحي السنوي - الدورة الثانية. والعرض من تأليف وإخراج سمير البدعيش وأداء فرقة مديرية الثقافة في السويداء.
وفي حديث لـ «اكتشف سورية» عن فكرة العرض وأحداثه، يقول سمير البدعيش: «أبو كفاح، الشخصية الأولى في العمل، والذي يحمل الأفكار الخيرة وهواجس الإصلاح ويقاوم بكل ما فيه من ناموس ضد السوء والفساد في المجتمع، يقنع نفسه بعدم الانحناء وأهمية التعامل بما يمليه العقل على النفس ومن ثم على الأعمال لكي تصنع الحقيقة التي يريدها، ولكنه في نهاية الأمر يجد نفسه وحيداً لا يرى في عينه إلا الهزائم التي احتلت الماضي والحاضر والمستقبل، بعد أن تركه ابنه وزوجته التي لم تتحمل عواقب مواقفه، هذا بعد أن سيق إلى مستشفى المجانين، وبعد مرور فترة من الزمن تتحول الهزائم في المجتمع إلى انكسارات داخلية تتحكم بنفسه لتسوق أقدامه إلى إحدى المقابر فتكون موطنه الذي يستطيع أن يرفع صوته فيها وأيضاً يقوم ببعض الثورات التي تستنهض همم الموتى. ومن هنا يبدأ المشهد الأول في العمل حيث تنار الخشبة على صوته الذي ملأ بقوة فراغ المسرح صارخاً: استفيقوا، استفيقوا أيها الموتى، من يحادث الأموات أفضل بكثير من من يحادث الأحياء الأموات. وبعد ذلك يبدأ بسرد حكايته ليلتقي فيما بعد بالرجل (الشخصية الثانية) الذي يكمل وإياه سوداوية الحياة المعاشة، ويختتمان العرض بجملة تقول: مجنون من يطلق عقله مجنون، استفيقوا، استفيقوا».
الشخصيات لا تحمل اسماً محدداً بل حملت رموزاً كما هو الحال بالنسبة للمكان والدلائل التي طرحت كالفرق بين زمنين انتقل المشاهدون بينهما، وفي هذا يقول البدعيش: « لم تحمل الشخصيات أسماء معينة لأن هذه الحالة التي طرحت ليست فردية متعلقة بشخص واحد، بل هي حالة عامة تشمل الكثيرين ممن يحملون همّ الإصلاح وهمّ الوطن، والذين كانت نهايتهم في مشفى المجانين، أو منسيين في المقابر. لذلك حملت الشخصية الأولى اسم أبو كفاح، كفاح (الشهيد) مع عدم وجود اسم أو لقب للشخصية الثانية. والنص حمل رموزاً ودلائل للمفارقة بين زمنين، زمن البطولات والذي عبرت عنه بالموسيقى (يا مهيرة خلف الجبل)، والزمن الذي وصلنا إليه (عمشا عموشة)، بالإضافة إلى تضمين الكلام الكثير من العبارات والأفكار التي تحمل هذا القصد».
بعض الناس أبكاهم الحزن الموجود في تفاصيل الواقع المطروح على الخشبة، والبعض الآخر راودته السخرية من الوصول إلى هذه النهاية، وطالب البعض أيضاً بحق الوجود لطاقة أمل حتى ولو كانت ضئيلة يصعب رؤيتها في المقابر، وهنا يوضح البدعيش: «مهمة الفن الأولى عرض السلبيات والأخطاء لكي يراها الناس، أو توضيح رؤيتها للناس الذين يحاولون تجاهلها. أما بالنسبة إلى تناول الإيجابيات فان أكثر الناس تحسها وتتفاعل معها دون الحاجة إلى أحد الفنون لطرحها، ولكن رغم ذلك حاولت من خلال آخر كلمة (استفيقوا) أن أدعي بعض الأمل من خلال الانتظار، حيث يظل البطل ينتظر الإجابة التي ربما تتحقق بثورة هذه الهمم النائمة».
يتابع البدعيش متحدثاً عن دور الديكور وأهميته في هذا العرض: «الديكور عبارة عن قبور متناثرة على الأرض، وفي العمق هناك ستارة بيضاء للقيام بما يسمى خيال الظل، حيث مثلت الرقصات على الأغاني المذكورة سابقاً من خلال خيال الظل، والإضاءة التي غلب عليها اللون الأحمر، وذلك لتكون أقرب إلى سوداوية الممثل نفسه لأن الأحمر هو لون الدم».
شارك في العمل المسرحي:
الفرقة الراقصة: فرقة مديرية التربية بالسويداء، دائرة المسرح، بإشراف الأستاذ ناصر كمال.
الراقصون: ريتا النجم، مروة كرباج، وسام الصبح، قصي الحجلة، مجد كوكاش.
الموسيقى: يحيى رجب، مجلي أبو شاهين، تحسين نوفل، رواد أبو فخر، سلمان الدعبل، والمطرب شادي هلال.
تسجيل الموسيقى: أنس الباروكي.
صوت: مجلي أبو شاهين.
إضاءة: أسيمة الباروكي، وليم البدعيش، وئام البدعيش.
إدارة منصة: يوسف ثابت، أسيمة الباروكي.
أكثم الحسين - السويداء
اكتشف سورية
من مسرحية شواهد للمخرج سمير البدعيش |
من مسرحية شواهد للمخرج سمير البدعيش |
من مسرحية شواهد للمخرج سمير البدعيش |