جورج بيلوني..فنان سوري يروي تعايش الأديان من خلال لوحاته

24 كانون الأول 2013

.

نقل الفنان التشكيلي السوري- إبن حلب- جورج بيلوني 20 لوحة ضخمة تشكل منذ 12 كانون الأول مضمون معرضه «تأملات روح» في غاليري «آفاق» وسط بيروت.

في هذا المعرض المستمر حتى 28 الجاري، يروي بيلوني بالباستيل والكولاج والألوان الترابية المعتقة، قصة الحضارات التي تعاقبت على سورية القديمة. واستعاد من الزمن السابق أساطير وميتولوجيا، فنحتها بلوحاته وكأنها مخطوطات تروي تعايش الأديان.

بيلوني الذي انقطع عن محترفه أكثر من عام وعاد إليه للتحضير لمعرضه البيروتي، تحدث للشرفة عن أعماله الداعية للانفتاح والحوار.

لما بقيت في حلب رغم الحرب الدائرة هناك؟
أحداث حلب التي لا تشبه بقساوتها أي مناطق أخرى، جعلتنا نكتشف أنفسنا من جديد، لأنه لم تكن لدينا هذه التجربة. فحلب البعيدة عن العاصمة وكل المناطق الساحلية، لها مفردات خاصة بالحياة، ومجتمعها متعلق بأشيائه وذكرياته ومعارفه وبالأمكنة. وامتحنت القسوة على حلب وأهلها، فلم أغادرها.

وما أنتجت لديك هذه القسوة فنياً؟
اختلطت عليّ الأمور في البداية، لجهة إمكانية أن تحل الأزمة، لكنها أصبحت أكثر تعقيداً. جعلتني لحظة الانتظار أتوقف عن العمل لأكثر من عام ونصف العام. والانتظار لدى الفنان أصعب شيء، لأنه ينتظر حدثا ما ليبدأ من جديد، لكن هذه اللحظة أصبحت عبئا علي لأنني شعرت وكأني تجمدت في الثلاجة، إلى أن قدّم لي الصديق غياث المشنوق، مدير صالة «آرت هاوس» في سورية، مشروع العرض في بيروت. شعرت حينها أن الحياة مستمرة ومداها واسع. تحمست برغم الجو المشحون والمجهول، ودخلت مرسمي وأعدت النظر بمسيرتي فعملي.

تعود إلى بيروت بمعرض «تأملات روح» بعد أول في 1999. ماذا جئت لتقول عبره؟
جئت لأقول إننا كفنانين سوريين ومجتمع، موجودون ومستمرون أينما وكيفما، مهما كانت تجربتنا قاسية. فالنتيجة مهمة لأن فننا أصيل ومن بلد يمتلك الأصالة والتاريخ منذ ما قبل الميلاد مروراً بالفترة الإسلامية، وما بعدهما. الشعور بالأصالة يجعلنا نستمر بفننا وثقافتنا وبيئتنا. ومعرضي يسلط الضوء على ما عانيناه ولا نزال كفنانين، وأملنا بمستقبل أفضل.

تحاكي أعمالك التاريخ والدين، والعودة إلى المخطوطة. فماذا عنها؟
عندما بدأت التجربة، كانت الفكرة شبه تجريدية، إذ عملت على الزمن. كان هاجسي تقديم لوحة لمفهوم زمن واضح من خلال الاهتراء، والمخطوطة والقطع الحجرية القديمة. مفردات أحبها وأعمل عليها.

حين نعمل على الزمن، الماضي يصبح المستقبل. كان هاجسي تقديم أعمال من الزمن برؤيا واضحة، مستندا على تلك المفردات والآثار السورية القديمة والمنطقة. بعدها، تدرج الموضوع وتلمست الرموز السورية القديمة. أجريت أبحاثاً كثيرة، وسافرت إلى أوروبا واطلعت على أعمالنا المعروضة والمنشورة في المتاحف، فزادت معرفتي بالفن السوري القديم وبات لدي مادة أساسية وحقيقية لها علاقة بفترات ما قبل الميلاد وبعده، والأيقونة والحقبة الإسلامية. هذه كلها أدوات ومفاتيح لبحث حقيقي باللون والمادة.

وما الرسالة التي تحاول إيصالها من خلال لوحاتك؟
عبر هذه اللوحات أوجه دعوة للتلاقي والحوار والانفتاح. فأنا إبن سورية، أرض الحضارات والأديان، حيث ترعرعنا على تقبل الاختلاف والفوارق، بالمحبة والتسامح. هذا الاختلاف ترجم تعايشاً وإلفة ومحبة. جاءت الأحداث وطالت شرارتها هذه الصورة، فأحببت عبر بعض أعمالي التذكير بهذا التلاقي وأهميته في الحفاظ على العلاقة المميزة بين الأديان.

تركز في لوحاتك كثيراً على الدين. فهل ذلك لتأثرك بأحداث سورية؟
طبعاً. فنحن استهدفنا بأقسى من الدين. استهدفنا بالمذهبية، مما جعلنا نكون أمام حالة نحن موجودون ولكن موتى بنفس الوقت. فمن يفعل ذلك، يشل ذاكرتنا ومفهومنا وثقافتنا ومعرفتنا. هذا قاس، وهذه تجربة موجودة في المعرض، وفور عودتي إلى حلب سأستكملها.

من يرى لوحاتك يشعر أنك باحث تاريخي وديني. فما تعليقك على هذا؟
لست بباحث أو كاتب ومؤلف لمشروع أدبي أو وثائقي، إنما فنان تشكيلي له علاقة بالبصر، وصاحب لوحة أضيف عليها، وأحذف منها، على نحو يستطيع المتلقي التواصل معي عبر لوحتي.

حاولت قدر المستطاع الاطلاع على الأعمال في منطقتنا وأوروبا، وتوصلت إلى نتيجة بأن الفن القديم لم يأخذ حقه، بدءا من الحضارة العراقية، أي البابلية والأشورية، وصولاً إلى سورية الآن، مروراً بالأيقونة. هذا الفن مثل الكنز المدفون تحت الأرض، لم يكشف ويرفع عنه التراب لأن الفنانين لم يعطوه حقه برغم جهد كبير لفنانين عراقيين، ولكن ليس بالطريقة المعاصرة. بتجربتي، أقدم حضارتنا بشكل معاصر وحضاري. وأطمح لمزيد من المحاولات.

ماذا تتوقع من معرضك البيروتي؟ وهل من إمكانية لنقله للخارج؟
أتمنى كفنان أن يراها أكبر قدر ممكن من الجمهور. أما بالنسبة لعرضه في غير بلد، فذلك مرتبط بما إذا عرض علي مشروع بذلك.


اكتشف سورية

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

اسمك

الدولة

التعليق