أمسية من أدب الرحلات للأديب السباعي في جمعية العاديات في حلب

21 تشرين الثاني 2011

بعنوان: زرت بلاد الريف

أقامت جمعية العاديات أمسية أدبية قدم فيها الأديب فاضل السباعي صفحات من أدب الرحلات، جاءت بعنوان «زرت بلاد الريف» تحدث فيها الأديب السباعي عن رحلته إلى المغرب، ولاية الحسيمة، بدعوة من الدكتور أحمد الطاهري؛ للمشاركة في الملتقى الدولي الذي تحييه مؤسسة الإدريسي المغربية الإسبانية وبلدية "إمزورن"، احتفاء وتكريماً للدكتور الطاهري. وقد جاءته تلك الدعوة لأنه الناشر لكتاب الطاهري المتميز «الأندلس في عصر بني عباد» ولأنه معني بالأندلس تاريخاً زاهراً وأدباً مرهفاً.

قدم للأمسية الأستاذ تميم قاسمو معرفاً بالأديب السباعي، وبنشاطاته، ومؤلفاته، ومحاضراته التي ألقاها في جمعية العاديات، مؤكداً أنه من الأدباء الكبار الذين تفتخر بهم مدينة حلب الشهباء.

احتوت تلك الصفحات التي كتبها الأديب السباعي، زيارته إلى المغرب، وأثرها في نفسه واستمتاعه بتفاصيلها، ورؤيته المدن الإسبانية والأحاديث التي دارت عن الأندلس، وجولاته في مدينة الحسيمة وريفها، والموسيقا والطرب الأندلسي اللذين سمعهما هناك في المغرب، والزغردات التي كانت تطلق من الطالبات اللواتي احتفين بالطاهري في أثناء تكريمه، وأنواع المأكولات التي تناولها هناك، والمطاعم التي ارتادها، إلى غير من ذلك من تفاصيل رحلة كتبها الأديب السباعي بلغة أدبية راقية، تجمع بين طياتها روح الأديب وروح الباحث الموثق لأدق التفاصيل.

تضمنت تلك الصفحات التي قدمها الأديب السباعي عناوين فرعية هي:

من المشرق إلى المغرب، الطريق إلى «عيون المياه الجارية»، «سلطة» يتخللها البرتقال والموز، تداعيات في «دار السعادة»، دروب متعرجة على تخوم غابات عتيقة، في «مطعم الشرفة» حديث عن الأندلس، جولات وقولات، موسيقا وجمهور إمزورن، من أبدع الحضارة الأندلسية؟، فذلكة لغوية، رأيت «الخطابي» في القاهرة، زغردات نابعة من القلب، مؤثرات الثقافة الأندلسية في فنون إسبانية، «ساحة» عند سفح المطعم، طرب أندلسي، حبيب القلب..أنت معي؟، الحب قاس.. والهيام أهانني!، على جناح الفضاء.

ومما كتبه الأديب السباعي تحت عنوان «جولات وقولات» نقرأ: «في تطوان نظموا لنا جولات في المدينة وريفها، وكذلك في الحسيمة، وفيها شرّقوا بنا إلى إمزورن البلدة الصغيرة التي اكتحلت فيها عينا الطاهري بالنور».

دخلت بنا الحافلة محلّة، أومأ فيها الطاهري أن هناك البيت الذي ولد فيه، وفي تقديري لعلم الطاهري أعلنت بعفوية: «لتتملكه الدولة وتجعل منه، بغرفاته وأثاثه البسيط، مكاناً يزوره محبّو الثقافة والبحث الجاد».. فغض الرجل طرفه استحياء، فزدت في قولي: «ولم لا؟ أن تسهر على تأليف كتابك الأخير هذا بضع عشرة سنة، وأن تؤلف قبله وبعده، وأن تؤسس مشروعك الجليل في مدينة إشبيلية الإسبانية، ذلك يجعلك مستحقاً هذا الاحتفاء! إن على الحكومات الرشيدة في أوطاننا العربية أن تحيي ذكر النخب من أبنائها، في القيادة وفي الريادة!».

وكان الطاهري قد وقف فينا، بأرض زراعية تغطيها أشجار بدت لنا عطشى، يلفتنا إلى أن تحت هذه الأرض – لو أنهم نقّبوا فيها- آثاراً مطمورة فيها لمع من حضارة تبحث عمن يجلو عنها التراب! إنها مدينة نَكُور .. ورأيته يسرف في نقد التلكؤ والإهمال، وشاءت لي رغبتي في التخفيف من الغلواء، أو لعله شيء من مشاغبة ألمّت بي، أن أقول: «صبراً، يادكتور طاهري! إن الأرض التي نقف عليها، من شرقيّ العراق هناك إلى المحيط الأطلسي هنا، غنية بالآثار، فوق التراب وتحته، وإن المعنيين بالآثار مازالوا ينقّبون منذ "شامبليون" مكتشف "حجر رشيد" بمصر، وربما تطلب ذلك زمناً لانعرف مداه، لغنى مافوق الأرض ولثراء ماتحت الثرى!».

وأراد الطاهري مرة أن يصحب بعضنا إلى مضيق جبل طارق. مررنا بمدينة سبتة التي نزل فيها الإسبان قبل قرون ولما يغادروها. وقفنا على مرتفع، وتحت أبصارنا أودية وسهول، وأسلاك شائكة تعجز عن منع المتسللين من اجتيازها. وعند المضيق رأينا أعمالاً باهرة تبني ميناء المتوسط الجديد، الذي سيكون من أعظم موانئ البحار.

تناولنا الغداء (مشاوي) في مطعم متواضع، كان تحته .. تحته خليج صغير، تحفّ به أشجار وأعشاب وطحالب، وشاء لنا خيالنا أن نتصوّر أنّ من هنا، من هذه المياه، انطلق الفاتح طارق بن زياد، قبل ثلاثة عشر قرناً ويزيد، بجنوده سبعة الآلاف وبضع مئات من الخيّالة، مجتازين، بسفن من عند يوليان المضيق، الذي وسمه التاريخ والجغرافية باسمه jabraltar، صاعدين بفتحهم حتى جبال إستُرياس، بانين، فيما تلا ذلك من زمن، حضارة تزهو بآثارها إسبانيا اليوم.

حضر الأمسية الأستاذ محمد قجة رئيس جمعية العاديات، ولفيف من أعضاء الجمعية، ومن الأدباء والمثقفين في حلب.


بيانكا ماضيّة

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق