جمعية العاديات

لجمعية العاديات دور كبير في الحفاظ على التراث المعماري في سورية عموماً. بدأت وتأسست في حلب بهدف حماية القلعة، ومن ثم استمرت كجمعية هدفها الأساسي هو المحافظة على التراث المادي وغير المادي السوري.

بدايات الجمعية:
بدأت الجمعية في البداية باسم «جمعية أصدقاء القلعة والمتحف»، حيث كان السبب المباشر لنشوئها ما حدث أثناء الانتداب الفرنسي. آنذاك، تمركزت حامية فرنسية ضمن قلعة حلب، وقد قام رئيسها بفك محراب موجود في جامع إبراهيم الخليل داخل القلعة، وهو محراب يعود إلى الفترة الزنكية والذي يُعتبر آية فريدة في الجمال، حيث لا يوجد سوى محراب واحد في العالم شبيه له لا يزال حتى الآن موجود في المدرسة الحلوية. نتيجة لهذه السرقة، قامت مجموعة من المثقفين في المدينة من مختلف الخلفيات السياسية والاجتماعية بتأسيس جمعية هدفها صيانة الآثار والأوابد الأثرية والتعامل مع التراث بشكل عام، والتي انطلقت رسمياً في عام 1924. وقد استمرت الجمعية بالعمل تحت هذا الاسم وكان لها مساهمة في إنشاء متحف حلب فيما بعد.

كانت هذه الجمعية الأولى في سورية تعمل في هذا المجال منطلقة من حلب تحت الاسم المذكور؛ إلا أن هذا الاسم تغير بعد تطور الجمعية. ففي العام 1931، رغب أعضاء الجمعية بتغيير الاسم وجعله أكثر عمومية، ليشمل الأهداف التي كانت تعمل الجمعية عليها، فتمّت تسميتها بـ«جمعية العاديَّات»، حيث هذه الياء للنسبة، فمفرد كلمة «عاديات» هي «عادي»، والتي تعبر عن ما ينتسب إلى «عاد» أي الموغل في القدم، وقد كانت هذه الكلمة «العاديات» مستخدمةً على نطاق واسع في المنشورات الأدبية آنذاك.

أما البيان الأول للجمعية آنذاك فقد تعلَّق بالحفاظ على الثقافة الأثرية وزيارة الآثار والسياحة إلى الآثار وما إلى ذلك. والمقصود بالتراث فهو المادي وغير المادي؛ حيث يشمل التراثُ المادي الآثارَ والأوابد التاريخية الموجودة في المدينة، أما غير المادي فهو العادات والتقاليد والطقوس والعلوم والتعامل مع الطبيعة والطبخ وتقاليد الأعراس، وكل ما هو منقول من ممارسات وعادات غير ملموسة بما يبدو أقرب إلى مفهوم التراث.

كان المؤسسون الأوائل من مختلف الجهات والاتجاهات، يمثلون التنوع الثقافي والاجتماعي في حلب، فكانت الجمعية تضم شيوخاً وعلماء كبار مثل الشيخ راغب الطباخ والشيخ كامل الغزي، كما كانت تضم أباءً مثل الأب جبرائيل رباط، بالإضافة إلى أناس مثل أدولف بوخا -المواطن النمساوي الذي استقرت عائلته في سورية منذ أجيال-. هذه التنويعة من التوجهات والثقافات هي التي رسمت خط جمعية العاديات. واليوم هي جمعية تراثية وطنية على صلات وثيقة وحسنة مع جميع الفعاليات وتضم جميع الفئات.

الجمعية وفروعها:
لقد استمر عمل الجمعية حتى العام 1939، ثم توقفت بسبب الحرب العالمية الثانية حتى بداية الخمسينات. بعد ذلك، اجتمع أعضاء الجمعية من جديد في الخمسينات، وأعادوا تفعيل الجمعية. وفي العام 1958، صدر النظام الداخلي للجمعية وأعطى للجمعية الحق في إنشاء فروع لها في المحافظات. وللجمعية حالياً 15 فرعاً حول القطر، آخرها أنشئ في دمشق. وهذه الفروع موجودة في أية مدينة أو منطقة يريد سكانها فرعاً للجمعية، مثل السلمية والميادين ومصياف وغيرها، والتي تعمل كلها تحت إشراف الجمعية الأم في حلب.

المطبوعات التي تصدرها الجمعية:
الإصدار الأول هو "المجلة الفصلية": وهي كتاب سنوي يصدر بالاشتراك مع معهد التراث العلمي العربي بحلب وموجه للاختصاصيين في الآثار، حيث كانت البداية مع مجلة العاديات الشهرية، والتي استمرت بين العامين 1931 و1939، وتوقفت بسبب الحرب العالمية الثانية، ومن ثم عادت لتصدر في العام 2005 بحلة جديدة وبشكل فصلي، وموجهة لكل من الاختصاصيين وغير الاختصاصيين.
الإصدار الثاني هو "الكتاب السنوي": الذي يصدر بشكل سنوي ويحوي نتائج التنقيب والأبحاث الأثرية.
أما الإصدار الثالث فهو موقع الانترنت الخاص بالجمعية "www.aladeyat.org": والذي تم تطويره مؤخراً ليقدم معلومات ثقافية أثرية مع الأنشطة الراهنة، كما يقدم نوعاً من الاتصال والتواصل ما بين الجمعية وأعضاءها.

لجان الجمعية:
لجنة الرحلات: التي تقدم رحلات داخلية وخارجية، وبرنامج الجولات إلى أماكن موجودة في مدينة حلب الذي يتم مرة كل 15 يوماً، ويكون ضمن محاور مدينة حلب والأماكن الأثرية فيها. وتجذب هذه الجولات العديد من المهتمين وهي تتم بشكل مجاني. وهناك أيضاً سنويا 25 رحلة داخلية تغطي معظم الأماكن الأثرية السورية. كما أن هناك رحلات خارجية لدول مجاورة وأحيانا لأماكن أبعد بمعدل رحلة سنوية واحدة فقط. وكل الرحلات هذه لها صفة ثقافية وهدفها الاطلاع على الآثار والحياة الثقافية العامة للمنطقة المزارة.
اللجنة الاجتماعية: التي تعمل مع اللجان الأخرى.
لجنة الحفاظ على المكتبة الورقية الحالية: وفيها حالياً 6000 مجلداً، وهي مكتبة مختصة بالتاريخ والآثار والأدب لأنه جزء من التراث، وتخدم كل من يطلب المعلومة من الدارسين وطلاب الجامعة والدراسات العليا أو أي شخص يريد الاطلاع. وحالياً الجمعية بصدد مشروع رقمنة المكتبة الحالية حيث يتواجد ذخيرة حالية مؤلفة من 16-17 ألف مجلد مجهز بصيغة pdf.
اللجنة المعلوماتية: التي تشرف على موقع الانترنت.
لجنة خاصة بموضوع الكتاب السنوي.

قامت الجمعية بالعديد من الأنشطة المميزة خلال الفترة الماضية والتي كان من ضمنها دعم احتفالية حلب كعاصمة للثقافة الإسلامية عام 2006، حيث قدمت الجمعية العديد من المساهمات ابتداء بتعيين رئيس الجمعية كأمين عام للاحتفالية ووصولاً إلى تقديم محاضرين من أعضاء الجمعية وغير ذلك. كما وتتبنى في عام 2009 احتفالية «القدس عاصمة للثقافة العربية»، حيث تحمل منشوراتها ومراسلاتها شعار القدس، ومعظم النشاطات الثقافية الخاصة بالجمعية تدور حول القدس، والأعداد الأخيرة من المجلة الفصلية تحوي عن القدس والقضية الفلسطينية بشكل عام.

شروط الانتساب للجمعية:
الاقتناع بأهداف الجمعية والرغبة في المشاركة في نشاطاتها
أن يكون المستوى العلمي لصاحب الطلب لا يقل عن الشهادة الجامعية
أن يكون المنتسب نشيطاً وراغباً في العمل الطوعي في الجمعية

أعضاء الجمعية ومجلس إدارتها:
لقد وصل أعداد المنتسبين للجمعية ضمن فروع الجمعية كلها إلى 7000 منتسب، منهم 5000 عضواً في حلب وحدها. أما مجلس الإدارة للجمعية فيتألف من:
محمد قجة -رئيس مجلس الإدارة-
فؤاد هلال -نائب الرئيس-
تميم قاسمو -أمين السر-
أحمد أديب الشعار -رئيس اللجنة الثقافية والتراث غير المادي والمسؤول عن إصدار المجلة-
محمد الطويل -رئيس لجنة المعلوماتية-
سمر كيالي -رئيسة اللجنة الاجتماعية-
الكسندر كشيشيان -المسؤول عن تحرير الكتاب السنوي-
محمد خواتمي -رئيس لجنة الرحلات-
خير الدين الرفاعي -رئيس لجنة التراث العمراني-

لقد قامت الجمعية خلال السنوات الماضية بالدفاع عن التراث العمراني في سورية، وقد سُجل للجمعية الوقوف في وجه المشروع الذي كان يهدف إلى إزالة السور وتغطية الأوابد الأثرية في منطقة «باب الفرج» في أواخر القرن الماضي، حيث تدخلت الجمعية وأوقفت المشروع وخاطبت رئيس الجمهورية، ما أدى إلى توقف المشروع ومن ثم تسمية حلب القديمة كجزء من التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو. والجمعية موجودة حالياً في جميع اللجان التي تعمل في المدينة القديمة بحلب، وكل ما يتعلق بالتراث المعماري وغير المعماري في المدينة، حيث تجدون الجمعية ممثلةً بالاسم وليس كأشخاص.