المسرح التفاعلي في مدينة حلب

11 تشرين الأول 2010

ما رأيك فيما شاهدت؟ وماذا تفعل لو كنت مكانهم؟

«في المزرعة وبينما كان الأخ الأكبر مستضيفاً لأصدقائه، طلب منه أخيه الأصغر البالغ من العمر 15 عاماً استعارة بندقية الحارس لكي يصطاد هو وصديقه العصافير. وقد وافق الأخ الأكبر على هذا الموضوع وطلب من الحارس تسليم أخيه البندقية كما اعتاد أن يفعل خلال الأشهر الماضية. وبينما كان الأخ الأصغر يصطاد العصافير مع صديقه، اخترقت رصاصة طائشة صادرة منه صدر رفيقه لتتسبب بإصابته، وليأتي الاثنان إلى الأخ الكبير وأصدقائه طالبين للحل. فما الحل برأيك؟».

ما سبق كان المشهد الأول من المسرحية التي قدمها مجموعة من الشبان الموهوبين ضمن مشروع «المسرح التفاعلي» الذي يتم بالتعاون بين الأمانة السورية للتنمية - مشروع شباب - بمشاركة كل من شبكة «الواي بير» (Y-Peer) وصندوق الأمم المتحدة للسكان. وكان السؤال الأخير هو ذات السؤال الذي تم طرحه على المشاهدين في الصالة ليجيبوا عليه، ولكي يأخذوا دور الأخ الأكبر في المسرحية لإقناع بقية الجمهور بوجهة نظرهم.

تقول الشابة ميس بلخي مديرة برنامج «خبرة عمل» في الأمانة السورية للتنمية - مشروع شباب - ومديرة برنامج «المسرح التفاعلي»: «إن المسرح التفاعلي هو عبارة عن عرض عدد من القضايا عن طريق المسرح، ولكن هنا، ينكسر الحاجز بين الجمهور والممثلين، حيث لا يبقى الجمهور مستمعاً فحسب، إنما مشاركاً أيضاً في توليد الحلول». وتضيف: «تتم هذه المبادرة بين الجهات المشاركة للعام الثالث على التوالي، حيث تقوم الفكرة على جذب مجموعة من الشبان والفتيات وتدريبهم على تقنيات المسرح التفاعلي، ومن ثم يقومون بصياغة عرض بأنفسهم يحمل رسائل اجتماعية محددة تتعلق بمشاكل الشباب مثلاً، وطرحها على الجمهور طلباً لرأيه، حيث يقوم الجمهور هنا بتوليد بعض الأفكار والاقتراحات بعد نهاية كل مشهد من مشاهد المسرحية».

بداية المشروع كانت مع الإعلانات التي تم وضعها في الجامعات والمعاهد وأماكن تجمع الشباب بحثاً عن الشباب الموهوب القادر على التمثيل ـ حتى مع عدم وجود خبرة سابقة له في المسرح ـ وذلك في خمس مدن سورية يتواجد فيها «مشروع شباب» حالياً. وقد استجاب العديد من الشبان وقاموا بعملية اختبار للأداء، ليصل العدد إلى 60 شخصاً، ومن ثم 15 شاباً وفتاة أعمارهم تتراوح بين 16 و28 عاماً كما تقول الآنسة ميس والتي تضيف: «كان لدينا 15ممثلاً إضافة إلى شابين أحبا التطوع بعمل السينوغرافيا الخاصة بالمسرحية. وبين هؤلاء الممثلين كان هناك ميسران تمثلت مهمتهما في إدارة الحوار وتسهيل عملية التفاعل بين الحضور والممثلين وكسر حاجز الرهبة الناتج عن العرض المسرحي. من هؤلاء الشباب من جاء من حمص واللاذقية وحماة ودمشق، حيث تكفلت الأمانة بكافة مصاريفهم وإقامتهم أثناء مشاركتهم في الورشة التي امتدت على مدار أسبوعين تقريباً، وقد بدأت الورشة مع عرض الشباب لمشاكلهم وهمومهم ضمن مجتمعاتهم، ومن ثم تدريبهم على تقنيات المسرح على يد الأستاذ زياد عدوان الممثل والأستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية. بعدها قام الشباب بكتابة هذا النص المسرحي والتدرب عليه حيث جرى تقديمه في كل من دمشق، اللاذقية، حمص، وأخيراً حلب».

والمسرح التفاعلي هو واحد من أنشطة «شبكة تثقيف الأقران» Youth Peer Education Network أو كما يرمز لها اختصار بالاسم «واي بير» (Y-Peer)، والتي تحدثنا عنها الآنسة رؤى الطويل مدربة المسرح التفاعلي حيث تقول: «تعمل هذه الشبكة على تحقيق عدد من الأهداف بما يتعلق بالشباب وهي كل من: الصحة الإنجابية والمخدرات وغيرها من الأمور المتعلقة بالشباب. مبدأ عمل الشبكة هو التثقيف من الشباب إلى الشباب وعدم الاعتماد على الوسائل التعليمية التقليدية واستبدالها بالألعاب الهادفة. أما بالنسبة للشبكة، فهي موجودة عالمياً منذ عام 2002، وفي سورية منذ عام 2005، إلا أنه لم يتم تفعيلها إلا مؤخراً. أما بالنسبة للمسرح التفاعلي فهو يعتمد على التواصل مع الشباب الموهوب وتعليمهم تقنيات المسرح التفاعلي مثل تقنيات الصوت والارتجال، بحيث ينطلقوا من فكرة بسيطة إلى مشهد ومن ثم إلى مسرحية متكاملة». وتختم بالقول بأن أهم ما يميز نشاطات الشبكة أنها تتم كلها عن طريق الألعاب متجنبين بذلك إثارة الملل عند الشباب إضافة إلى اعتمادها على الطرق المسلية والعصرية.


أحد الحضور على خشبة المسرح
مقترحاً حلاً للمشكلة

شبكة تثقيف الأقران:
«بعد أن تم أخذ الشاب المصاب للمشفى تم تحرير محضر الشرطة حيث حضر الأخ الكبير للمصاب وطلب بأن يذكر في المحضر بأن الطلق الناري كان "إطلاق نار بالخطأ من قبل صديقه" وليس "إصابته لنفسه بالخطأ" كما حاول الأخ الأكبر لمطلق الرصاصة إقناع الشرطة بذلك في البداية. رغبة الأخ الأكبر لمطلق النار هي أن الحادثة قضاء وقدر وأنه من غير العادة ضياع مستقبل الطفل نتيجة لخطأ غير مقصود، أما أخ المصاب فكان مقتنعاً بأن العدالة يجب أن تأخذ مجراها وأنه يجب إنزال العقاب على الشاب الذي أطلق النار. فما رأيك؟».

كان ما سبق خلاصة المشهد الثاني من المسرحية التفاعلية حيث تنوعت الإجابات من الجمهور رداً على ما سبق والذي قدمه ممثلون يقومون بالتمثيل لأول مرة في حياتهم مثل الشابة ندى محمد، وهي طالبة في السنة الرابعة، قسم اللغة الإنكليزية، كلية الآداب في جامعة دمشق، والتي تقول عن تجربتها في التمثيل: «رأيت الإعلانات في الجامعة والتي تدعو الشباب محبي المسرح والتمثيل للتقدم إلى إدارة مشروع شباب. قررت المشاركة وأرسلت بطلبي ومن ثم قمت بتجربة أداء لأكون إحدى المتواجدات هنا اليوم على المسرح. بالنسبة لفكرة المسرحية فهي تعتمد على قصة واقعية حدثت مع أحد الشباب المشاركين في المسرحية، حيث قمنا بالتعديل عليها وإضافة عناصر جديدة إضافة إلى محاولتنا لمخاطبة أكثر من فكرة، على سبيل المثال احتوى المشهد الأول على فكرة اجتماع مجموعة من الشباب وجلوسهم دون القيام بأي مبادرة أو نشاط مفيد لهم».

وتضيف بأنها تشعر بالحزن لأن الورشة انتهت، مضيفة بأنها كسبت منها الكثير على الصعيد الشخصي خصوصاً وأنها المرة الأولى التي تقف فيها على المسرح. وتختم بالقول بأنها اكتشفت كم هم الشباب متشابهون ومختلفون في نفس الوقت على صعيد تفكيرهم.

أما الشاب عمار الشعار، أصغر المشاركين، والقادم من مدينة حمص، ويدرس في الصف الحادي عشر، فيقول بأن الهدف من المسرحية طرح وجهات النظر المختلفة تجاه قضية واحدة، مضيفاً بأن هناك من الحلول ما تم مناقشتها مسبقاً ومنها ما كان يطرح للمرة الأولى. وأضاف بأن ما قدمته المشاركة له كان كثيراً خصوصاً وأنه سافر إلى مدينة أخرى لمدة أسبوعين تعرف فيها على الكثير من الشباب الأكبر منه عمراً مع تعرضه لتجربة التمثيل المسرحي.

النقاش مع الجمهور حول المشهد

مشهد الختام: المحاكمة
«في مشهد المحاكمة وضع الأخ الأصغر الذي أطلق الرصاصة في قفص الاتهام ومن ثم بدأ القاضي باستدعاء الشهود. وهنا ظهرت المشكلة، هل المذنب هو الأخ الأصغر الذي أطلق النار؟ أم أخوه الأكبر الذي سمح له باستخدام البندقية؟ أم الحارس البالغ الذي قبل أن يستخدم طفل بندقيته؟ أم هو المجتمع؟».

يقول الشاب محمد سالم، الطالب في كلية الهندسة الكهربائية وأحد الحضور، بأن ميزة المسرح التفاعلي تكمن في أنه يقدم معالجة لموضوع معين إنما بأسلوب جديد مفيد أكثر للشباب حيث يضيف: «كما رأينا من خلال المشاهد، فهناك لوم يقع على الأهل والمجتمع والشباب أنفسهم، وتقريباً المشكلة شملت الكل. بالنسبة لغالبية الشباب فإن هذه المسرحية تقدم فائدة أكبر من مقالة منشورة حول نفس الفكرة أو الموضوع لأننا نرى هنا تجسيداً حياً للمشكلة».

وكان محمد واحداً ممن قدم أحد الحلول في المسرحية حيث يعلق على هذه النقطة بالقول: «كنت واحداً من مقدمي الحلول، وحاولت تقديم فكرة حول أحد المشاهد كما أراها من وجهة نظري. لاحظنا أيضاً كيف أنهم تركوا النهاية مفتوحة لكي يفكر كل شخص بهذه القضية لوحده. ونتمنى أن تزيد مثل هذه النشاطات».

أما الشاب خالد طه الذي يعمل في مجال الدعم النفسي الاجتماعي ضمن «مشروع المركز الاستشاري» التابع للصليب الأحمر الدنماركي و(+ (بنك:الهلال الأحمر السوري)+) فيقول بأن الفكرة جديدة بالنسبة له حيث درس المسرح التفاعلي في فترة من فترات حياته إلا أنها المرة الأولى التي يرى فيها تطبيقاً عملياً له حيث يضيف: «ما يميز عرض اليوم هو أنه الأول في حلب منذ فترة لا بأس بها هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية أنه شجع الشباب الصغار على طرح رأيهم. الفكرة حلوة وهادفة والقضية التي طرحت كانت هامة ومفيدة لنا نحن الشباب لكي نتأمل في أعمالنا وتصرفاتنا».

بغض النظر عمن كان المسؤول عن الحادث في تلك المسرحية ومن هو المذنب، يبقى الأمر مثار تأمل وتفكير لدى جميع من حضر، وتبقى التجربة واحدة من التجارب المميزة جداً والتي تتوجه نحو الشباب وتشهدها سورية بشكل متزايد مؤخراً.


أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من العرض المسرحي التفاعلي الذي قدمه شباب مشروع الشباب التابع للأمانة السورية للتنمية في حلب

من العرض المسرحي التفاعلي الذي قدمه شباب مشروع الشباب التابع للأمانة السورية للتنمية في حلب

من العرض المسرحي التفاعلي الذي قدمه شباب مشروع الشباب التابع للأمانة السورية للتنمية في حلب

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

abduljlil:

لقد اعجبني العمل الذ قام به y-peer فلي سوريا كما اننا نأمل في عمل مسرح مشترك بين اعضاء الواي بير في اليمن وفي سوريا
ملاحظه
انا عضوء في الواي بير في اليمن
شكراً

yemen

rasha almukarker:

the work that ur doing is amazing
i know some people that are in the syrian y-peer
they are wonderful people and hard workers
just want to say good luck in all of your coming works
thanks =)

jordan

محمد أديب العباس:

انا شاركت بهذه المسرحية ولم اشاهد صورتي الرجاء وضع جزئن من مقطع المسرحيه والذي هو عند صعودي إلى المسرح و المشهد الذي اديته وشكراً

سوريا- حلب

محمد أديب العباس:

انا شاركت بهذه المسرحية ولم اشاهد صورتي الرجاء وضع جزئن من مقطع المسرحيه والذي هو عند صعودي إلى المسرح و المشهد الذي اديته وشكراً

سوريا حلب