مسلسل ملائكة الأرض: حالات إنسانية خاصة في جو عالي الحرفية

08 أيار 2010

كثيرة هي المسلسلات السورية التي تطرقت لقضايا إنسانية واجتماعية في غاية الأهمية، رغم تفاوت العمق في طرحها ومعالجاتها، أو حتى التشابه في موضوعاتها. ومن بين هذه الموضوعات، رصدت الدراما السورية حالاتٍ مختلفة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وطرحت العديد من التساؤلات حول الطريقة التي يتعامل فيها المجتمع مع وجود هذه الحالات الإنسانية في حياتنا. إلا أن مسلسل «ملائكة الأرض» يبدو الأول من نوعه في التطرق إلى حالة المصابين بالتوحد، وحالاتٍ عديدة مما يعرف بمرض المونوغوليا، خاصةً حينما يكون بطل هذا العمل مصاباً بهذا المرض ويلعب دوراً أساسياً في العمل، حيث يشارك بحوالي 180 مشهداً في أول وقوفٍ له أمام الكاميرا، ليتعدى الأمر مجرد الإشارة إلى هذه الحالة من حالات ذوي الاحتياجات الخاصة بل يدخلها تحت دائرة الضوء، من باب المشاركة الحقيقية لكل أطياف المجتمع في صناعة الدراما التي لا يخفى تأثيرها على المتلقي: «شاء من شاء، وأبى من أبى».

مسلسل «ملائكة الأرض» هو العمل الرابع الذي يجمع بين المخرج سمير حسين والكاتب محمد العاص وتنتجه شركة «عاج»، التي تتوقع أن يكون من أهم المسلسلات التي قدمتها خلال مسيرتها في الإنتاج الدرامي، وحصدت خلالها أحد أبرز نجاحات الموسم الدرامي 2009 عبر مسلسل «زمن العار»، وأنتجت في العام نفسه «قاع المدينة» بتوقيع الثنائي حسين والعاص. كما يتطرق المسلسل لجوانب إنسانية هامة، منها ما يتعلق بالإعاقة الجسدية والنفسية، بالإضافة إلى قضايا اجتماعية هامة وخطيرة يتم تناولها لأول مرّة في تاريخ الدراما السورية، حسب قول المنتجين.

ويشارك في المسلسل الذي بدأ تصويره في العاشر من شهر نيسان 2010؛ نخبة من نجوم الدراما السورية، منهم: بسام كوسا، وباسل خياط، وصبا مبارك، ومنى واصف، ونادين خوري، وسمر سامي، وآخرين. حيث يؤدي بسام كوسا شخصية رجل مصاب بمرض طيف التوحد، ويشارك في التمثيل شابٌ مصاب بمرض المونوغوليا، تم اختياره وتدريبه للتعامل مع الكاميرا وأداء هذا الدور حوالي 4 أشهر تقريباً.

وقد أكد سمير حسين -مخرج المسلسل- أن المسلسل موثق علمياً واجتماعياً، حيث تم اللجوء إلى أطباء استشاريين لتصويب أي خطأ علمي قد يتمّ الوقوع فيه، إلى جانب الاستعانة بالعديد من المراجع الطبية التي تناولت حالتي التوحد والمونوغوليا، ومشاهدة برامج وثائقية للإحاطة بالموضوع من جوانبه المختلفة.

وفي أحد مواقع التصوير الخارجية بحدائق دمشق العامة، التقينا بالفنانة نادين خوري التي تلعب دور نهلة والدة الشاب المصاب بالمونوغوليا، حيث تقول خوري عن دورها في المسلسل: «أقدّم في نهلة نموذجاً مثالياً للأم التي يكون لديها ولد مونوغولي، فهي ليست متعبةً، أو حزينةً، أو فاقدة للأمل بسبب حالة ابنها، بل على العكس فهي ترى أن ابنها لا يعاني من شيء، وتتعامل معه بواقعية ومنطقية، وترافقه إلى حد الالتصاق، وكأنهما توأمين، وهذا أجمل ما في هذه الشخصية»، وتتابع: «إن أكثر ما لفتني في هذا المسلسل هو الموضوع، فهو يتطرق لحالات عديدة من هذا المرض، كالأم الحامل لطفل يعاني المونوغوليا، وطريقة تعاطي الأم مع حملها في هذه الحالة، بالإضافة إلى أن المسلسل يتناول خطوطاً جريئة جداً، وغير مطروقة في الدراما السورية». وترى نادين خوري أن من حق ذوي الاحتياجات الخاصة علينا؛ تناول موضوعاتهم بطريقة شفافة وإنسانية، فتحدثت عن الشاب الذي يلعب دور ابنها في المسلسل: «عندما بدأتُ بالتعامل مع هذا الشاب وجدتُ نفسي أمام إنسان شفاف، يحب الناس، ويتعامل معهم بطريقة ودودة جداً، ويمثل حالة إنسانية راقية، يجب أن نتعامل معها بدقة ووعي». وقد أرادت توجيه شكرها لكاتب العمل ومخرجه الذي يعمل على هذا المسلسل بحماس كبير، كما وجهت عبر موقع «اكتشف سورية» تحيةً إلى شركة «عاج» التي تبنَّت إنتاج هذا العمل، الذي يعتبر من الأعمال الجريئة والصعبة إنتاجياً.

من ناحيته، وصف الفنان سليم صبري المسلسل بأنه: «إنساني جداً ويعالج قضايا عائلية مهمة أهمها على الإطلاق نظرة المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة، وكيفية التعامل معهم، والعمل على تحسين وضعهم في المجتمع». وأكدّ على ضرورة النظر إلى أصحاب الاحتياجات الخاصة بواقعية، وعدم تحميلهم فوق طاقتهم، وافتتاح المزيد من مراكز التأهيل الخاصة بهم في سورية، والتركيز على مزاياهم الشخصية بما يضمن تحسين أوضاعهم. يؤدي صبري في المسلسل شخصيةَ خالد، التي رفض الكشف عن طبيعتها، تاركاً للمشاهدين اكتشافها بأنفسهم أثناء عرض المسلسل في شهر رمضان المقبل.

أما الفنانة ميسون أبو أسعد، فهي تلعب شخصية بدرية، التي تعاني من ماضيها الأخلاقي السيئ. فبعد أن خرجت مؤخراً من السجن، تواجه صعوبات كبيرة في التأقلم وتقبل المجتمع والأسرة لها. إلا أن علاقة مميزة تربطها بأخيها الذي يعاني من مرض التوحد، ويؤدي دوره بسام كوسا، تساعدها على التأقلم مع وضعها الجديد وبدء اكتساب ثقة المجتمع والأسرة. تقول أبو أسعد: «بدرية هي أقرب الأشخاص إلى قلب أخيها، وأكثرهم تفهماً له، يراها دائماً في أحلامه، ويلتقي بها في الحديقة بعد خروجها من السجن».

تجدر الإشارة إلى المشاعر الإنسانية العالية التي سادت كواليس التصوير، لاسيما احتضان فريق العمل والممثلين للشاب المونوغولي، وهو يخطو خطواته الأولى باتجاه النجومية، والكل يعمل معه على حفظ الدور، وكيفية التعامل مع الكاميرا. تحية من القلب للجميع، وخصوصاً لرضوان عقيلي، وسليم صبري، وميسون أبو أسعد، ونادين خوري، وفراس العمري -مدير الإنتاج-، والمخرج سمير حسين.


محمد الأزن - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

من موقع تصوير مسلسل ملائكة الأرض

من موقع تصوير مسلسل ملائكة الأرض

من موقع تصوير مسلسل ملائكة الأرض

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق