من باريس إلى حلب : معرض فرنسي سوري في غاليري كارما بحلب

04 10

حطّوا رحالهم في سورية قادمين من فرنسا؛ هم مجموعة من الفنانين التشكيليين الباريسيين، جاؤوا ليشاركوا في المعرض التشكيلي «من باريس إلى حلب» والذي استضافته غاليري كارما آرت، بالتعاون مع غاليري أوروبيا في باريس، في حوار ثقافي ما بين مدينتين في قارتَين مختلفتَين وما بين حضارتَين متميزتَين.

«اكتشف سورية» كان في يوم الافتتاح، وتجول بين الحضور والفنانين ليأخذ بعض الانطباعات من المشاركين والزوار حيث كانت اللقاءات التالية:

البداية كانت مع السيد خلدون زريق والذي كان مسؤولاً عن التنظيم والتحضير لهذا المعرض مع الجانب الفرنسي، إضافة إلى دعوة الفنانين الفرنسيين والسوريين للمشاركة. وقد قال لنا: «ليس هذا النشاط الأول لنا، فقد سبقه إقامة معرض فني في باريس السنة الماضية بمشاركة فنانين سوريين وفرنسيين في معهد العالم العربي بباريس. وفي هذا العام أتت المرحلة الثانية من مشروعنا «باريس-دمشق» وذلك بنقل المعرض الذي أُقيم العام الماضي من باريس إلى المتحف الوطني بدمشق، والذي سيكون افتتاحه في العاشر من الشهر الجاري، بمشاركة فنانين سوريين وفرنسيين متميزين، تحت عنوان «دمشق-باريس: رؤى متبادلة» وسيضم المعرض أعمال فنية لخمسة وسبعين تشكيلياً وتشكيلية من سورية وفرنسا.

أما بالنسبة للمعرض الحالي الذي يُقام حالياً في حلب، فيقول السيد زريق بأن الفكرة كانت من قبيل المصادفة، معلقاً: «كانت "غاليري كارما آرت" إحدى الجهات الداعمة في التحضير والإعداد للمعرضين الذين أقيما في باريس ودمشق، وكان اقتراحهم هو القيام بمعرض فني مشترك على غرار معرض دمشق في غاليري كارما بحلب. أحببنا الفكرة، وقمنا بتنفيذها، واليوم لدينا لوحات لما يقارب عشرة فنانين، ثمانية منهم فرنسيون».

أما عدد الفنانين الإجمالي في هذه المبادرة، فيقول الدكتور خلدون زريق بأن العدد هو 75 فناناً ما بين سوريين وفرنسيين باختصاصات متعددة، حيث يوجد الرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي. وهذه المبادرة يمكن اعتبارها أنها خطوة متواضعة على طريق حوار الحضارات، ويتابع قائلاً: «أنا لست تشكيلياً، إنما لي اهتمامات بالفن على الصعيد الشخصي، وأعتقد أن الفن هو رسالة راقية، ولغة عالمية، وبرأيي توجد في البلاد العربية حركة فنية قوية إنما منغلقة إلى حد ما، ومحصورة في أغلب الأحيان ما بين العرب أنفسهم، وأعتقد أنه يجب أن يكون الفن منفتحاً على الآخر وأن يحدث تواصل وحوار مع الجميع وبين الجميع».


السيد أيمن شهابي صاحب غاليري كارما آرت
في حوار مع عدد من التشكيليين الفرنسيين المشاركين بالمعرض

مرحبا بك في سورية
«آشليه»... هو الاسم الفني لأحد الفنانين الفرنسيين المشاركين بعدد من اللوحات في المعرض والذي قال لنا عن مشاركته في كل من معرضي دمشق، وحلب: «جاءت الفكرة مع السيد خلدون الذي عرضها علي ودعاني للقيام بالمشاركة في المعرض الذي أقيم في دمشق، وقمت بتنفيذ لوحتين تنفيذاً لفكرة المعرض، وهي «كيف أرى دمشق». وقد عُرضت هذه الأعمال في العام الماضي في معهد العالم العربي بباريس، وهي اليوم على جدران قاعة المعارض في المتحف الوطني بدمشق، تحضيراً للمعرض الذي سيُفتتح في العاشر من الشهر الجاري. وقد أحضرت من أعمالي ستة لوحات من أجل معرض حلب».

ويضيف آشليه: «إن هذه المشاركة قدمت لي الكثير لأنها أعطتني الفرصة للتعرف على واقع الفن التشكيلي السوري». ويضيف قائلا: «كان لدي صديق وهو تشكيلي سوري، وكان يتنقل ما بين دمشق وباريس، ومن خلاله أصبحت أعلم الكثير عن دمشق وسورية، وهذا ما ساعدني بتنفيذ فكرة المعرض. أما من الناحية الفنية وأثناء تواجدي في دمشق وإطلاعي على أعمال عدد من التشكيليين السوريين، وخصوصاً تلك المعروضة في معرض دمشق، فيمكنني القول بأن أغلب الفنانين السوريين الذين تعرفت على أعمالهم يرسمون بالنمط الفني الحديث بدلاً من ذاك المعاصر، وهذا ما يجعلهم يختلفون فيه عن الكثير من الأوروبيين. من جهتي، فإنني اكتشفت أن لوحاتي أقرب لأن تعرض في سورية أكثر من أن تعرض في فرنسا، وهذا ما لمستُه من المتلقين السوريين وتفاعلهم مع أعمالي».


آشليه أمام لوحته
في معرض من باريس إلى حلب

والتشكيلي آشليه الذي يرسم منذ ما يقارب الأربعين عاماً، منذ أن تخرج من البوزار في إنكلترا، يضيف قائلاً: «أنا أعيش في باريس منذ أكثر من أربعين عاماً، وأرسم منذ ذلك الوقت. لا أعتبر نفسي منتمياً إلى مدرسة فنية معينة، لكني قد اعتبر نفسي أنني أرسم ضمن مدرسة الرسام الفرنسي أنطونيو تابيير. كنت في البدايات أرسم بأدوات رسم غير مناسبة على اعتبار أن وضعي المادي لم يكن يسمح لي بشراء المواد المناسبة الغالية الثمن. وبعد عدة سنوات من العمل مع تلك المواد غير الملائمة، تعرفت على أسلوب "أنطونيو" وقررت أن أتابع ضمن ذلك الخط، وبمواد رائعة».

وبعيداً عن الرسم، يقول آشليه بأن أهم ما شهده في الشعب السوري هو الترحيب الشديد، حيث يقول عنه: «أهم ما شهدته هنا في سورية هو الترحيب الذي أعتقد أن كل الأجانب يلمسونه، فإنه بمجرد تواجدي في الشارع ورؤية الناس لي ومعرفتهم من ملامحي بأنني أجنبي يبتسمون في وجهي ويرحبون بي قائلين "مرحبا بك"، الأمر الذي أجده رائعاً للغاية وأثر كثيراً في نفسي، وهذا أمر فقدناه في أوروبا للأسف».

للأسف لسنا لطفاء!
أما السيدة آن بوغنيه، وهي إحدى التشكيليات الفرنسيات المشاركات في المعرض ومدرسة لمادة تاريخ الفن في جامعة «باريس العاشرة»، فتقول لنا: «بدأت الرسم منذ كنت صغيرة وشاركت في الكثير من المعارض في باريس وخارجها. وهذه هي أول مرة أتواجد فيها هنا في سورية، واعتبر تجربة وجودي هنا تجربة عظيمة أدين بها للسيد خلدون، وأشكره على دعوتي إلى هذا المعرض، لأنه جعلنا نلتقي بالعديد من الرسامين والنحاتين والصحفيين ومن يعمل في المجال الفني، وقد عقدنا بعض الروابط مع أغلبهم للتنسيق المستقبلي والقيام بمشاريع فنية مشتركة».

وتضيف بأن زيارتها إلى سورية أدت إلى تغيير العديد من الأفكار التي كانت لديها، حيث تعلق على هذه النقطة بالقول: «لا أعلم ما قد يتغير في لوحاتي مستقبلاً، ولكن بالتأكيد ستُحدث زيارتي لسورية أثراً في أعمالي. الجو هنا مميز وشعرنا بكرم الناس، ويوجد في سورية تناغم كبير بين الإنسان والأرض، وقد أثَّر كل ذلك علي تأثيراً كبيراً. بالإضافة إلى لطف الشعب السوري الذي كان رائعاً في تعامله معنا، ومبتسماً وكريماً. وستكون العودة إلى باريس صعبة لأننا لسنا بهذا للطف مع الغرباء للأسف!».


بطاقة الدعوة لمعرض من باريس إلى حلب

وقد شهد المعرض حضوراً جيداً، وفي هذا دلالة على نمو الذائقة التشكيلية لسكان مدينة حلب ورغبتهم في التعرف على جديد الفن وتذوقه خصوصاً ذاك القادم من ثقافات أخرى. حيث تعبر السيدة ديانا جدعان عن رؤيتها للمعرض بالقول: «بالنسبة للأعمال المعروضة في هذا المعرض فيها انسجام كبير في اللون والموضوع، ولكن بالنسبة لموضوع التقنيات المستخدمة في الرسم فهي ليست جديدة، ولدينا فنانون سوريون يرسمون بذات التقنية وهم مبدعون وأعمالهم رائعة».

والسيدة ديانا متابعة للحركة الفنية التشكيلية في سورية من فترة تقارب الأربع سنوات كما تقول، حيث درَسَت الفن التشكيلي لمدة سنة كاملة مع إتباعها لدورة مدتها شهر كامل حول الفن المعاصر في معهد سوذربيز في إنكلترا، وهو من المعاهد الفنية المعروفة، وتضيف قائلة: «إنني أعتبر هذا المعرض والتبادل الثقافي الموجود في فكرته خطوة في غاية الأهمية، لقد درست الفن التشكيلي، إلا أنني لم أكن أرغب في الاستمرار والتحول إلى فنانة بل فقط متذوقة وناقدة له ومتعمقة فيه. هناك مدراس تشكيلية معاصرة في أوروبا لا تزال مجهولة لنا، ومن المهم جداً أن نتعرف عليها. وفي المقابل، على الغرب أن يتعرف على الحركة التشكيلية في سورية، والتي تعد من أقوى الحركات الفنية في الوطن العربي. وبرأيي فإن هذا المعرض هو من المبادرات التي تفيد كلا الجانبين».

قلَّما تشهد مدينة حلب مبادرات فنية من هذا النوع، إلا أن هذه المبادرة -مع النجاح الذي حظيت به والمتجلي في الإقبال المميز الذي شهدته غاليري كارما في أول يومين من هذا المعرض-، هذه المبادرة تدل على تعطش المتلقي السوري لمثل هذه المبادرات النوعية.


حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

عدد من الحضور والفنانين الفرنسيين في حفل افتتاح معرض من حلب إلى باريس في كارما آرت

من أجواء حفل افتتاح معرض من حلب إلى باريس في غاليري كارما آرت في حلب

أجواء معرض من حلب إلى باريس في غاليري كارما آرت في حلب

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق