باريس دمشق : رؤى متبادلة

01 10

لقاءات على هامش المؤتمر الصحفي الذي عقد بالمتحف الوطني بدمشق

عقد مساء الاثنين 28 أيلول 2009 في القاعة الشامية بالمتحف الوطني مؤتمر صحفي حول معرض «باريس – دمشق: رؤى متبادلة»، نظمته مؤسسة أوروبيا صاحبة المشروع بالاشتراك مع الجهات المنظمة والراعية في سورية.

وحضر المؤتمر عدد كبير من الفنانين المشاركين بالمعرض – سوريين وفرنسيين – ورافقه توزيع دليل تفصيلي يتضمن صور اللوحات وأسماء الفنانين المشاركين، إضافة إلى كتاب جماعي يحتوي على نصوص مقدمة من 96 كاتب من دمشق وباريس (باللغة الفرنسية).

تحدث بداية الدكتور خلدون زريق عن فكرة المشروع المتمثلة بمشاركة 75 فناناً في الحوار الثقافي بين الشارع الثقافي الفني في كل من باريس ودمشق، فشعبا فرنسا وسورية تربطهما الكثير من العلاقات الإنسانية التي لا تنفصم عراها، وبالإضافة للوحة التشكيلية التي قدمها فنانو العاصمتين، فقد طلب إليهم أن يكتبوا بشكل مختصر ومكثف عمّا تعني كلمة دمشق وباريس لكل منهم، كما شكر الدكتور خلدون زريق إدارة المتحف الوطني، والجهات الداعمة لهذا المشروع في نهاية تقديمه.

بعد ذلك قامت السيدة ندى كرامي بالترحيب بالحضور، ثم سلطت الضوء على مؤسسة أوروبيا كمؤسسة علمية وثقافية مركزها باريس، وقدمت كرامي الشكر للسيدة أسماء الأسد عقيلة السيد الرئيس بشار الأسد، لدعمها ومتابعتها لهذا المشروع، كما شكرت المشاركين الرعاة والفنانين من كلا البلدين.

ثم ألقى المستشار الثقافي في السفارة الفرنسية بدمشق لوران جيلار كلمة بدأها بشكر المنظمين الدكتور خلدون زريق والسيدة ندى كرامي والسلطات السورية والفنانين المشاركين القادمين من باريس والفنانين السوريين المقيمين في دمشق، واعتبر أن المعرض يفتح المجال لحوار ثقافي وفني وإنساني بين باريس ودمشق، فسورية وفرنسا لديهما الكثير من القواسم المشتركة على قدم المساواة. فهؤلاء الفنانون يعطون صورة حقيقية عن هاتين العاصمتين، حيث تمد الثقافة جسراً للصداقة، والفنانون هم المنيرون والسفراء الحقيقيون، وهم من يعطونا آفاقاً لرؤية المستقبل.

وقد التقى «اكتشف سورية» إبان حضوره للمؤتمر وما رافقه من فعاليات عدداً من الفنانين المشاركين في المعرض، وسألهم عن انطباعاتهم حول هذا المعرض فكرة وتنفيذاً.

ففي حوار سريع مع الفنان البريطاني المقيم في باريس آشلي «ASHLEY» أثناء وقفة أمام لوحته، سأله «اكتشف سورية»: تسترجع في لوحتك طهر مدينة دمشق، رغم أنك لم تزرها سابقاً، كيف استطعت فعل هذا؟ ويسعدنا أن نتعرف على انطباعك بعد أن زرت دمشق؟
لن أفاجئك لو قلت أن كل الناس تعرف دمشق، هنا موطن الإنسانية جمعاء، وحتى استطعت أن أخرج كل هذه الطهارة في عملي عن دمشق اقتضاني ذلك أن أعيش 62 عاماً لأستطيع فعلاً أن أعبر عما أشعر به.


الفنان البريطاني آشلي أمام لوحته

لقد اخترت عجائن طينية وترابية وصخرية للتعبير عن قبب دمشق فهل هذا مقصود؟
لا، هذه موادي في الأساس، فأنا عندما هاجرت إلى باريس لم يكن لدي نقود كافية لأشتري الألوان، فصرت أجمع أنواع التراب والأشياء الأخرى من الأرض وأمزجها وأرسم بها، لأعبر عما أريد بنفس عجائني الترابية، إلا أن النبرة الانفعالية والروحية لديّ تختلف باختلاف الموضوع، وصادف هنا أن اتفق الموضوع بشدة مع خاماتي اللونية وهذا يسعدني جداً.

إبراهيم جلال فنان سوري مقيم في باريس:
كسوري مقيم في باريس، كيف كانت ردة فعلك، عندما فاجأك أحدهم طالباً إليك أن ترسم دمشق؟
لا يمكن الحديث عن ردة الفعل أو الأثر الذي تركته هذه الكلمة فيّ، فقد تذكرت على الفور كل جميل عشقته عيناي وروحي ومرة واحدة، فدمشق هي الحبيبة والتاريخ والعبق والرحم، وهذا لا يختصر أبداً ما شعرت به، لكن لوحتي بألوانها تحتوي كل هذا.

وكان لـ «اكتشف سورية» وقفة مع لوران جيلار المستشار الثقافي في السفارة الفرنسية بدمشق لنتعرف منه عن انطباعه عن هذا الحدث الهام، فأجاب:
أنا متأثر جداً برؤية فنانين من سورية وفرنسا يشتركون بمعرض تشكيلي ويمتلكون هذه الرؤية العصرية المتقدمة للعالم والإنسان، لدرجة يصعب معها التفريق بين فنان فرنسي أو سوري وأنت تشاهد اللوحات، وهذا يعني أن السوريين والفرنسيين يشتركون برؤية فنية وإبداعية يطلون بها على القرن الواحد والعشرين وهذا هو الشيء الهام.

هذا العرض بما احتواه، هل مثل مفاجأة بالنسبة لكم؟
نعم، ولا، فأنا رأيت القسم الأول منه في معهد العالم العربي بباريس، لكن العرض هنا مختلف بشكل كامل، فهنا العديد من الفنانين انضموا إلى هذا العرض، ويشكل المحتوى نتاجاً جميلاً وهاماً، ويؤكد في الوقت ذاته على أن في سورية فنانين كباراً على مستوى عالمي من الفنية.

وجود المعرض بمتحف يعد من أهم عشرة متاحف في العالم، ألا يعني شيئاً مختلفاً بالنسبة إليكم؟
سؤال رائع، وهذا يعيدنا إلى ما يحتويه المتحف من تاريخ يمثل شرارة انطلاق للإنسانية وهذا يؤسس لنا كفرنسيين وسوريين، إذ إن هذا المكان يحتوي بين جنباته الماضي البعيد والحاضر القريب والحاضر الحالي المتمثل بهذا المجموع الجمالي من اللوحات التي يقدمها اليوم هؤلاء الفنانون، مما يعني أن ثمة رابطاً جمعنا ويجمعنا ونعيد وصله اليوم.

نرى أن من أطلق هذا المشروع هما سوريان، في الوقت الذي كانت فيه فرنسا سباقة إلى هذا النوع من النشاطات الإنسانية والفكرية الثقافية بما فيها الفن؟
هذا هو الشيء الجيد، فليس المهم أن يكون من قدم لهذا النشاط فرنسياً، المهم أنه يوجد في المقابل سوريون يحملون هذه الفكرة، ونحن موجودون هنا لتقديم المساعدة ليكون هذا العمل بالصورة المثلى.

هل تعتقدون أنه بالإمكان البناء على هذه الفكرة؟
بعد خطوة العرض الأولى في باريس، هذه هي الخطوة الثانية، دعني أخبرك سراً: ثمة تحضير حقيقي لأن يجتمع الفنانون الفرنسيون والسوريون مع بعضهم ليقدموا عملاً مشتركاً وسيكون مثل هكذا عمل ناتجاً نوعياً هاماً.

عُلا عبد الله، فنانة سورية مقيمة في باريس:
أعيد ذات السؤال الذي سألته قبل قليل، كسورية مقيمة في باريس، يفاجئك أحدهم طالباً إليك أن ترسمي دمشق،كيف كانت ردة فعلك؟
عندما أخبروني فكرة المعرض رحت أفكر، أغمضت عيني ثم تساءلت ما هي دمشق؟! هي مدينتي التي عشت بها، فقفزت إلى ذاكراتي حبات المشمش البرتقالية الذهبية، وقد كنت متعلقة كثيراً بأشجار المشمش، فاخترت هذا الموضوع وسميت عملي «جنة المشمش»، وكان علي أن أنفذ هذا العمل بأسلوبي بلون أساس وهو اللون البرتقالي، لكن النتيجة النهائية هي مجموعة من الطبقات اللونية المختلفة التي تعكس الظل والنور، هذا الخاص الذي تجده فقط في سورية.

جان لوك ديسانتي«Jean-Luc DESANTI»:
ما هو السر في اختيارك اللون البني لهذا العمل؟
هذا اللون هو الأقرب إلى الأرض، وهو ما كان بذاكرتي كخيالات عن دمشق، وفي العموم هذه هي مجموعتي اللونية التي أعمل عليها.

ما هو انطباعك بعد أن زرت دمشق؟ وهل سترسم بنفس الطريقة، وتستخدم ذات اللون؟
غوستاف غوربيه فنان له لوحة مشهورة اسمها «أصول العالم» تبرز فيها امرأة كأم للإنسانية، أنا استوحيت من هذه اللوحة أم الإنسانية التي هي دمشق، بالفرنسية: «دام» وهي المقطع الأول من «داماس» تعني سيدة، وأنا رسمت دمشق كسيدة، جبالاً كقبب، وبوابات ونوافذ إليها. هذه النافذة من الحديد تعتبر بمثابة العين – أي الحاضر – على دمشق، بكل ما تعنيه من حميمية.

أنيك شانترل-لولوك «Annick Chantrel-Leluc»:
حبذا لو تحدثنا عن انطباعاتك حول هذا المشروع المشترك بين الفنانين السوريين والفرنسيين.
أتوجه بالشكر بداية لخلدون وندى اللذان استطاعا أن يصنعا هذا الخط المشترك، وبفضلهما استطاع الفرنسيون أن يتعرفوا على هذا الفن السوري الحيوي، ولاحظت أن الفن السوري المعاصر يحتوي في دواخله على شيء من القديم. وخصوصاً ما يتعلق بالكتابة والأحرف، وبنفس الوقت هناك نقاط مشتركة مع الفن الغربي المعاصر، ونتمنى أن تستمر هذه التجربة كمبادرة مفتوحة على الآخر. أحببت دمشق، فقد كانت لدي أفكار والآن تغيرت، فدمشق - هذه المدينة القديمة - هي الآن متطورة جداً، وتحتفظ حاراتها القديمة بكل الجمال. أعتقد أن الفن السوري استطاع أن يقيم حواراً مع الفنان الفرنسي، وأعتقد أيضاً أنه ليس هناك فرق في المستوى. الناس في الشام ليس لديهم عدائية تجاه الآخر، إنهم مضيافون.


الفنان الفرنسي فرانك دومينيل مع السيدة ندى كرامي

فرانك دومينيل «Frank DUMINIL»:
التجريد لديك يتخذ أكثر من خصوصية كأنه تجريد ذهني نفسي، ما رأيك؟
يمكن القول أنه تجريد شاعري، تجربتي محاولة لفهم الكون الذي يحيط بنا، الفنان وسيط ولديه مهمة، أن يحمل عمله للآخر بكل الخيال الذي يحتويه، وكلما كان عمل الفنان صريحاً وقوياً فإنه يعطي للآخر غذاء إما فكرياً أو روحياً أو جمالياً. الفنان مبدع بحالة بحث في المادة والروح.

لم أشاهد دمشق في لوحتك؟
أنا أعمل على التفاصيل الصغيرة في كتل اللوحة، وينبغي للمتلقي أن يكون أكثر اقتراباً من اللوحة ليرى نسيج عناصرها، أنا أدخلت بعض التفاصيل عن دمشق في لوحتي، وإن كانت غير معروضة هنا.

هل من الممكن أن نرى تفاصيل عن دمشق في لوحتك مستقبلاً؟
هذا ممكن، لكن المسألة تحتاج لبعض الوقت لتترسب في الانفعالات المتواردة عن دمشق ومنها. لتخرج بعد ذلك من اللاوعي.


عمار حسن

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

الفنان البريطاني آشلي أمام لوحته

الفنان السوري إبراهيم جلال أمام لوحته

الفنانة السورية علا عبد الله أمام إحدى لوحاتها

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق