الدكتورة العطار تلقي كلمة أمام المؤتمر الدولي حول حوار الحضارات

03 06

العطار: الحوار الفكري هو القاعدة الأساس للتفاهم بين المجتمعات الدولية

ألقت الدكتورة نجاح العطار –نائب رئيس الجمهورية- كلمة أمام المؤتمر الدولي حول «حوار الحضارات والتنوع الثقافي» في تونس أكدت فيها أنّ الحوار الفكري القاعدة الأساس للتفاهم بين المجتمعات الدولية، محذرة من أن إلغاء حضارات الأمم وثقافاتها استصغاراً لها، أو اتهاما مزورا لمعطياتها أمر مرفوض وفي غاية الخطورة.

وأضافت الدكتورة العطار حول أهمية المؤتمر ومواضيعه المطروحة في هذه الظروف التاريخية التي تشهدها منطقتنا والعالم: «إنّ الموضوع المطروح في مؤتمرنا هذا جدير بأن نعيره الكثير من الاهتمام في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ الإنسانية ومن تاريخ منطقتنا، فالأمر لا يقتصر على إشكالات حضارية ومفاهيم خاطئة بين الشرق والغرب فحسب، بل يمتد إلى أربع جهات الأرض في عالمنا المضطرب. هذا الذي تغيب عنه قيم غاليات منها الحرية والعدالة وحقوق الشعوب. كما تغزوه مخاطر الخلل من فقدان التوازن إلى بؤس الاستلاب، وتفاقم أشكال العدوان، وشن الحروب غير المشروعة، والتمييز والعنصرية، وإغراق الدول المستضعفة في ضائقات اقتصادية قاسية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. ما يضع العديد من شعوب العالم أمام مأزق وأزمات ليس من السهل معالجتها».

وأضافت الدكتورة العطار: «من أجل ذلك وفي أيامنا الراهنة هذه يغدو تفعيل الحوارات المعرفية بين الحضارات كلّ الحضارات، وبناء العلاقات وتوثيق التلاحم أمراً في غاية الضرورة. وهو بالتأكيد إرادة خلاص تسمح بتحقيق تواصل إنساني يُمَّكِن من استعادة الذاكرة الحضارية للبشرية، ومن انتفاء محاولات الإلغاء والقطيعة بين الشعوب والأعراق والمعتقدات ويرعى أشكال التنوع والتفاعل في المسيرة الحضارية المتعالية على منطق الصراع الزائف».

وقالت الدكتورة العطار حول ظاهرة حوار الحضارات الإيجابية والتي تشهد تنام واسع في العالم: «من حسن الحظ أن ظاهرة حوار الحضارات هذه تتسع أكثر فأكثر، وتنشأ من أجلها مؤسسات في أوروبا وروسيا والنمسا والبلدان العربية والإسلامية وغيرها، وهي تطرح في هذه الأيام سؤالاً جديداً نطرحه نحن أيضاً وعن قناعة في محاولة لتصعيد الحوار إلى ما هو أعلى وأصح بعد أن تجاوز الجميع فكرة صراع الحضارات التي تؤدي بنا إلى التباعد وإلى التناقض وسوء الفهم. هل العلاقة بين الحضارات هي فعلاً علاقة حوار أم هي علاقة تكامل تأخذ فيه كل حضارة من سابقاتها تتمثل ثمّ تبتدع تأليفاً جديداً يقدم إضافته تماماً كما فعلت الحضارة العربية حين حملت عبر الأندلس كنوزها المعرفية إلى أوروبا».

وتابعت العطار حديثها في نفس السياق قائلة: «بما أن حضارة اليوم في دول العالم المتقدم لا تخرج على هذه القاعدة بل هي تبني إضافاتها على ما سبق، فإنّ ذلك يسمح لنا أن نتحدث عن تكامل حضاري أو مشاركة أو تشارك أو تصالح أو تحالف أو حوار تواصل لا يسلب الراهن مضامينه، لكنّه يتلمس أساس البنيان من جذوره وما قدم الماضي للحاضر، وهذه المفاهيم الجديدة والمتجددة التي أخذ بها مفكرون كثر في العالم جديرة بالتقدير لأنّها تستهدف ضمان الترابط الإنساني العميق والنزيه بالمعرفة التي تولد الفهم وينتفي بها الجهل والتحيز المغالط وإني لأجد في كلمتيّ "تشارك وتحالف" اللتين اختارتهما بعض الملتقيات صيغة جميلة ودودة جديرة بأن نتوقف عندها ونأخذ بها».

وتابعت الدكتور العطار تأكيدها على أن الحوار هو السبيل الذي تتحقق من خلاله قيم الحرية والعدالة والمساواة قائلة: «يتأكد مع الأيام وانعطافات الأحداث في العالم أن الحوار الفكري هو الذي يشكل القاعدة الأساس للتفاهم بين المجتمعات الدولية، وهو الذي يستهدف توفير المقومات لنهضة فكرية إنسانية تحتاجها البشرية في اتجاه تحقيق السلام والعدالة واحترام القيم، وشق الطريق الرحب للتفاهم الدولي، ورسم الخط البياني المتصاعد لمشتركات الثقافة الإنسانية».

وبينت الدكتورة العطار أنّ العرب أدركوا خلال مسيرتهم أهمية الحوار مع والأمم الأخرى، وأقاموا وفق ذلك أفضل الصلات مع أوروبا وإفريقيا وأسيا وأثبتوا عالمية اتجاههم، وقدموا أدلة كثيرة على قدرتهم على التعاون والتبادل والأخذ والعطاء،وأنّهم أرادوا لثقافتهم أن تكون جسراً تعبر عليه ثقافتهم إلى الآخرين وثقافة الآخرين إليهم.

وأضافت الدكتورة العطار قائلة: «لقد سعوا ويسعون مستندين إلى الأمانة التاريخية التي يغلون ومن خلال التعاون النزيه إلى حوار مفتوح على أساس الندية بينهم وبين الغرب، وإلى تطوير هذا الحوار وصولاً إلى مزيد من التفاهم الصادق والرؤية الدقيقة، وإلى تبديل نظرة بعض الذين في الغرب إلى العرب والإسلام ممن يفتقرون إلى معرفة الحقائق أو يتسمون بالتعصب أو ممن يسيئون عن قصد إلى معتقداتنا في محاولة لقلب كلّ معطى نبيل في حياتنا».

وأضافت الدكتورة العطار «إنّ الإسلام دين سماوي كان وما يزال دين العلم والتسامح والخير والسلام والعرب أمة ذات تاريخ عريق، ونحن أبناء هذه الأمة لم نحجم عن الإسهام بكلّ المبادرات الخيرة والحوارات التي تنطلق من الحرص على التعاون الايجابي والانفتاح العقلاني وقيم التسامح وثقافة السلام بمفهومها الصحيح وليس المراوغ بالنسبة لشعوب كثيرة تحاول أن تدفع عن نفسها العدوان بأشكاله العسكرية والاقتصادية والثقافية، وأن تضع حداً لاغتصاب الأرض والحرية وتكافح من اجل توفير الحياة الكريمة للإنسان».

وبينت الدكتورة العطار أهمية تواصل الإنساني في ثقافتنا قائلة: «أردنا إلى ذلك أن نجعل التواصل في حضارتنا شرعة ثقافية تطلّ بنا على الكون بعهد شرف يجعله رسالة محبة وسلام وعدل ونداء امة إلى الأمم في أن يكون السباق في ميدان الحضارة هو السباق الذي تتجلى فيه روعة الفكر الإنساني العظيم ونفحة الإشراقة البشرية. إذ هي طموح إلى عيش يعلو على معنى العدوان ووجود لا اغتصاب لحق فيه، ولا احتلال لأرض الغير، ولا تمييز في العرق أو اللون، ولا افتراءات على حق شعب لتشريده عن دياره واستباحة محرماته ومقدساته كما فعلت إسرائيل بشعبنا العربي الفلسطيني وكما تفعل النازيات الجديدة بشرائعنا وعقائدنا وحياة أبنائنا».

واختتمت الدكتورة العطار كلمتها بالتأكيد على الوقوف أمام جميع التحديات من اجل عالم أكثر تضامنا وعدالة. عالم متعدد الثقافات متعدد الهويات يسوده حوار ديمقراطي مفتوح وتمارس فيه شعوبه حقها الطبيعي في السيادة وتقرير المصير في مناخ من الحرية والمساواة وإعلاء شأن الإنسان.


اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

اسمك

الدولة

التعليق