ورشة عمل حول ربط القصص المصورة وقصص الأطفال بالتراث بحلب

12 شباط 2012

بهدف ربط التراث بالناس

«كيف تربط القصص بالتراث والأماكن؟»

لا يمكن إيجاد إجابة سهلة وواضحة لهذا الموضوع. إلا أن الورشة التي استضافتها مدرسة الشيباني وانتهت في التاسع من شهر شباط حاولت تقديم الإجابة الأفضل على هذه السؤال من خلال تدريب عدد من الشبان والشابات على كيفية ربط الرسم بالتراث والمدينة ضمن القصص المصورة وقصص الأطفال.

بداية محاولة الإجابة على هذا السؤال كانت مع الشابة جوان باز القادمة من لبنان والخبيرة في مجال الرسم وتحريك الأفلام وإحدى أساتذة الورشة والتي تقول: «أتينا إلى الورشة لرؤية ما يمكننا عمله حيث أردنا إخراج كل ما يمكن من المشاركين من إبداع وتوظيفه في مجال التراث. بدأنا نكتشف الكثير من خلالهم مع مضي أيام الورشة حيث تطور عملهم كثير اعلى مدار الأيام. كنا نطلب منهم استحضار ذاكرتهم حيث سمعناهم يتحدثون عن العديد من الأماكن القديمة والحديثة مثل ساحات الحطب والعزيزية إضافةً إلى المقاهي وغيرها من الأماكن. كان الهدف العام هو العمل على التراث، إلا أن الطريقة كانت خاصة بنا فأردنا أن تكون غير تقليدية وعفوية إضافةً إلى محاولتنا للاستيحاء من أعمالهم والتي فاجأتنا بأصالتها وجمالها».

أما عن المحاور التي قدمتها ورشة العمل، فقد كانت فريدة وغير تقليدية -كما تقول- حيث تضيف: «طلبنا منهم في اليوم الأول جلب 5 أشياء ذات قيمة معنوية كبيرة بالنسبة لهم حيث شرحوا عنها ومدى أهميتها. بعدها طلبنا من كل واحد منهم اختيار شيئين من بين كل الأشياء ومحاولة بناء قصة عليها من خيالهم. أدى هذا الأمر إلى إنشاء الكثير من القصص الجميلة المشوقة والتي جاءت بناء على ذكرياتهم هم واختلاطها مع البقية. ما نريد إيصاله أن فكرة التراث ليست الصورة الموجودة على البطاقة البريدية والتي جرى تصويرها ضمن ظروف إضاءة مثالية! إن التراث هو كل ذكرى لديك تحسها، تشعر بها، تسمعها سواء أكانت لأمكنة قديمة أم جديدة. كنا نرى عندما يقوم أحدهم بالتكلم عن أحد الأمكنة باقي المشاركين يتجاوبون معه بشكل كبير حيث التراث ليس فقط تراث الأهل، بل تراثهم هم».

لم يقتصر التراث على رسم الأماكن والحديث عنها فحسب، إنما تتعلق أيضا لأمور لا مادية أيضا مثل «القدود والموشحات» والتي تقول عنها: «حاولنا توسعة مفهوم التراث ليشمل الأمور اللامادية أيضا مثل الأغاني والقدود والموشحات الحلبية مثلًا والتي تمثل تراث مدينة حلب المهم. ما قمنا به هو إسماعهم لعدد من أغان الفنان صباح فخري ومن ثم اختيار جمل منها وبناء القصص عليها. حاولنا من كل ما سبق بناء نوع جديد من الفن هو الفن العفوي. أنا شخصياً لا أحب الفن التلقيني بل أحب الفن المبدع الذي يشد المتفرج ويثير لديه الكثير من الأفكار والتساؤلات والتي تولد الفضول لديه لمعرفة كيف تم هذا العمل. كانت العفوية سمة الورشة حيث حاولنا إدخال الكثير من الأمور الجسدية والتمارين الفكرية والجسدية والدراما والمسرح للخروج من جو الرسم التقليدي لأننا ندرك بأن الإبداع يخرج عندما ينسى الشخص التفكير النمطي ولا يهتم بالنتيجة».

وتختم بالقول بأنهم عملوا طوال أيام الورشة على تغيير عاداهم وإخراجهم من «منطقة الأمان» التي لدى كل واحد منهم واللجوء إلى المغامرة. فكرة الإبداع والمغامرة يؤكد عليها الشاب «دافيد حبشي» القادم أيضا ومن لبنان والمشارك كأحد خبراء الورشة والذي يعمل في مجال الرسوم وتحريك الرسوم منذ 8 سنوات ويضيف: «كانت الفكرة الأساسية من الورشة هي أن يرسموا بطريقة تفكير مختلفة والعمل بشكل جماعي مع ابتاع منهج إبداعي. قمنا بالعديد من التمارين التي أطلقت خيالهم الإبداعي حيث أصبحوا من خلالها متقبلين للتغيير. وكان التركيز هو أنه في حال كنا نعيش في حلب، فيجب أن تعكس القصص مدينة حلب. ليس فقط الجانب القديم منها، إنما ذاك المعاصر فالذكريات لا تشمل فقط القلعة والتراث، بل تمتد إلى الحديقة والساحة ... وغيرها».

التمارين الرياضية اليومية كانت حاضرة حيث كانت تجري صباحاً عدة تمارين رياضية لتنشيط المشاركين حيث أدت تلك التمارين إلى كسر التوقعات المنطقية لديهم مشيرا إلى أن نهاية الورشة ستشهد فكرة مميزة يجري العمل عليها حيث يقول: «حتى نهاية الورشة سنعمل على صياغة مشروع ناتج عن عملهم كلهم ويمثل التقاء فيما بينهم هم جميعاً. هذا المشروع الناتج سنعمل عليه ليكون دليلا يجعل باقي الورشات تهتدي بها مستقبلاً مع المتابعة. كما نعمل حاليا على تطوير مشروع يدعى ورق يمثل جمعية لكل الفنانين البصريين في الوطن العربي بهدف تسليط الضوء على المواهب غير المعروفة ومحاولة الترويج والتسويق لها عبر باقي الدول العربية لتكون منبراً لكي يعرضوا عملهم حيث سينضم هؤلاء الشبان إلى عدد آخر ليكونوا نواة تلك المبادرة والمشروع».


من أجواء الورشة في مدرسة الشيباني

مع التراث... وأدب الأطفال..

إضافةً إلى التركيز على التراث، عملت الورشة أيضا تقديم أعمال تميل إلى ناحية أدب الأطفال من أجل خلق جيل متمسك بتراثه وحضارته. هذا الأمر تعبر عنه أكثر الشابة نادين كعدان المتخصصة في أدب الأطفال والقادمة من دمشق حيث تقول: «يمكننا القول بأننا نعاني من عدم وجود أدب أطفال بالشكل الكبير المتوفر مقارنة بالدول الغربية. ما يميز أدب الأطفال هو مجال الإبداع الموجود فيه حيث يمكننا إطلاق العنان لهم ليفكروا كيفما يريدون حيث يمكنني القول بأنه حان الوقت لجعل الطفل يفكر بطريقة مختلفة وغير تقليدية ويجب علينا بدورنا أن نربط هذا التفكير بتاريخنا وتراثنا وحضارتنا. ولكن الجانب الإيجابي يكمن في أننا بدأنا نلمس بداية اهتمام بأدب الأطفال وحثهم على القراءة والتي سوف توصلنا إلى طفل ذي شخصية مبدعة ومهمة».

وتتابع بالقول بأن من نقاط الضعف التي قد نراها في قصص الأطفال استخدام اللغة الصعبة ذات المفردات المعقدة والتي تؤدي إلى فقدان الطفل لثقته بنفسه حيث تتابع بالقول: «يمكننا أيضا الاستفادة من كتب الأطفال في الترويج لمفاهيم جديدة مهمة مثل كيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة حيث يمكنن تقديم قصة عن كيفية التعامل مع طفل معاق عبر قصة، كما يمكننا الحديث عن طفل مشاغب تعلم قيمة أن يكون مؤدبا لاحقاً. أما العامل الأخير الذي أود الحديث عنه فهو كيفية ربط قصة الطفل بالتراث حيث يمكننا تقديم قصص للأطفال تتعلق بهوية حلب ومدينة حلب وهو الأمر الذي تحدثت عنه عندما قمت بالمشاركة في الورشة».

يذكر بأن هذه الورشة تأتي ضمن حملة تهدف إلى تطوير التراث الثقافي وتغيير النظرة النمطية التقليدية التي يُنظر فيها للتراث والعمل على تقديمه بطريقة جذابة للسوريين كما هي حال السياح الأجانب الذين يزورون البلاد.


أحمد بيطار- حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق