إشراقات ياسر حمود اللونية والبصرية اختزال للخطوط وانبثاق للضوء

15 06

احتفظ الفنان ياسر حمود ببصماته اللونية وبتراثه البصري رغم كل السنوات الطويلة وانشغاله بالأعمال الجدارية والنصبية، وما زالت لوحاته إلى اليوم مشبعة بالضوء تحاكي الطبيعة وانعتاقها في معظم أعماله، وتسعى دوماً إلى نقل تجليات من الروح للمتلقي، بعد ما يأسرك بتصوفه اللوني والفني، وخاصة أنه يسعى دائماً إلى منح اللوحة شيئاً من حالته الشعورية والتي يبثها من خلال قوة الضوء وصفائه.

وفي معرضه الذي أقيم في غاليري آرت هاوس تحت عنوان «إشراقات»، اشتغل على مفهوم النور والظلام أكثر من التكوين والشكل، الذي انعدم تقريباً في معظم لوحاته. فقد اختزل كلَّ الخطوط بحثاً عن نقطةٍ من النور، كما واجه المساحة البيضاء للوحة بأسراره اللونية وبخبرته الفنية، التي منحته القوة أثناء العمل من خلال معرفة كيفية تطويع اللون والفرشاة وتناغمهما مع أفكاره ورؤيته الخاصة على جسد اللوحة، حيث وضع التضاد اللوني والمكمِّل إلى جانب بعضهما البعض لمنح اللوحة هذا الإشراق، خاصةً أن المتضادات لا بد أن تحقق التكامل في النهاية وصولاً إلى الانسجام، لكي ينقل إلى المتلقي تلك المتعة الجمالية البصرية لثقافة محلية صارت اليوم لا تعرف إلا اللونين الأبيض والأسود.

لذا نلاحظ في معرضه هذا مجموعة من اللوحات التي اعتمدت على لونين مع مكملاتهما بتوليف ذكي بين الانطباعية والتجريد، كاللون البني مع الأصفر، والأبيض والبنفسجي الفاتح، ضمن حركة دائرية شكلانية مجردة من كل تفاصيل، اعتمد فيها على اللون الأسود أيضاً لإظهار قوة الضوء الذي عرفه من خلال اللون. وقد اختلفت هذه اللوحة عن الأخريات بسبب اعتماده شكلاً هندسياً في اللوحة «المستطيل الطولي»، في حين نقلت اللوحات الأخرى عن لحظة انفجار الضوء وسط الظلمة المعتِمة هو أشبه بحالة انبثاق الضوء الأول، أو أقرب إلى لون نيران وجمر البركان، خاصةً أنه استخدم الألوان المعتمة المظلمة جداً كاللون الأسود النقي يجاوره اللون الأبيض إلى جانب البرتقالي والأصفر. ولمنح هذا الشعور بالانبثاق اللوني والضوئي، عمل على نثر بعض من اللون الأبيض اتخذت شكل البقع حيناً، كما نقل هذا الانفجار اللوني ضمن حالة أخرى بمعالجة لونية مختلفة عن الأولى، كتلك اللوحة التي احتل فيها اللون الأسود الربع الأول من اللوحة، رغم أنه يفترض أن يضع ثقل اللوحة اللوني في الربع أو النصف الأسفل من اللوحة لكنه (الفنان) عَكَس هذه الحالة، وجعل هذا الثقل عبارة عن ثقل لوني ضمن طاقة ضوئية كبيرة، وقد اعتمد أيضاً على اللون البنفسجي الفاتح مع الأبيض وبعض من ألوان الأصفر البرتقالي. ومن هذا الشعور من الانبثاق والانفجار، نقلنا إلى حالة أخرى أقرب إلى تماوج البحر وانعكاس الضوء عليه من خلال استخدام اللون الأزرق الغامق والفيروزي والأزرق الفاتح، إلى جانب الأبيض وانعكاس اللون الأصفر البرتقالي أيضاً عليه.
وعلى الرغم من كل هذه الضوضاء اللونية القوية التي تصيب العين مباشرة بالغنى اللوني الضوئي القوي، استطاع ياسر أن يمنح بعضاً من أعماله الهدوء والسكينة من خلال امتداد اللون الأحمر الغامق مع الزهري وبعضاً من الأبيض، معتمداً في معظم لوحاته على السطح الواحد مستخدماً «المشحاف» في كل أعماله (مع تقنيات أخرى) لكي يمنح أعماله هذا الامتداد اللوني، وخاصةً أن لوحاته كانت من المقاس الكبير نوعياً، إذ احتلت رباعيةٌ له جزءاً كاملاً من صالة الغاليري مما يمنحك شعوراً بتصوفه الروحي الذي سيطر على أرجاء المكان.

والفنان ياسر حمود خريج كلية الفنون الجميلة قسم العمارة الداخلية عام 1987، وهو عضو بنقابة الفنون الجميلة وشارك في العديد من المعارض الجماعية، بالإضافة إلى تصميمه وتنفيذه لبانوراما المدخل الشمالي لـدمشق بين عامي 1990- 1993، كما صمّم المدخل الشرقي لمدينة اللاذقية، وكذلك صمّم جداريات ومحور «عقدة الكرة الأرضية» في حلب، وصمّم أيضاً ضريح الرئيس الخالد حافظ الأسد بـالقرداحة وأشرف على تنفيذه، كما أقام العديد من المعارض الشخصية في صالة السيد بدمشق، وصالة بلدنا بعمّان.


الوطن

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

عصام طنطاوي:

قرأت كل الكلام الجميل عن الفنان ياسر حمود ولكنني أكثر شوقاً لرؤية لوحاته
أين صور اللوحات ؟
أحب هذا الموقع " اكتشف سوريا " وأتابعه بإستمرار و أكثر ما يعجبني فيه هو إتاحته مساحة كافية للفن التشكيلي
تحياتي واحترامي

عصام طنطاوي
فنان تشكيلي أردني

==
تعقيب: سيتم نشر كافة أعمال المعرض مع لقاء مطول مع الفنان ياسر حمود خلال الأسبوع الجاري. شكراً لك.

الأردن