حلب تحتفل بيوم الطفل العربي
06 تشرين الأول 2010
نشاطات متنوعة، ورشات عمل، معارض
في تشرين الأول من عام 2000، وعلى مرأى من العالم أجمع، تم ارتكاب جريمة قتل الطفل محمد الدرة، تلك الحادثة التي أشعلت المشاعر في العديد من النفوس، وبقيت آثارها لفترة طويلة. تكريماً لهذا الطفل، وتذكيراً بهذه الحادثة التي تعبر عن الوحشية، قررت مديرية الثقافة اعتبار يوم وفاة الشهيد الطفل الدرة، يوماً للطفل في سورية تحتفل فيه بعدد من الأنشطة المخصصة للأطفال، وتسميته «احتفالية يوم الطفل العربي» والذي غدا مصادفاً للأول من شهر تشرين الأول من كل عام.
وضمن احتفالية مديرية الثقافة لهذا العام، أقيم على مدار يومي الاثنين والثلاثاء 4 و5 تشرين الأول 2010 فعاليات متنوعة مخصصة للطفل، حيث كانت البداية مع أمسية تضمنت في البداية عزفاً لفرقة أطفال معهد صباح فخري للموسيقى (المعهد العربي للموسيقى سابقاً)، تلاها عرض نتاج ورشة العمل المسرحي التي حملت عنوان «الأطفال يعدون مسرحهم» حيث حملت المسرحية عنوان «نحن نلعب». أما في اليوم التالي فقد تم افتتاح معرض لرسوم الأطفال في صالة تشرين للفنون الجميلة تلاها ورشة فنية منوعة للرسم والأعمال اليدوية للأطفال في مديرية الثقافة، لتختتم الفعاليات بعرض سينمائي للأطفال على مدرج المديرية.
وعن هذه الاحتفالية تقول الآنسة مريانا الحنش: «تأتي هذه الاحتفالية التي تقام بشكل سنوي في بداية شهر تشرين الأول تكريماً للطفل محمد الدرة حيث نقوم بشكل سنوي بعدد من النشاطات المتنوعة إحياء لهذا المناسبة. وقررنا هذا العام تقديم النشاطات التقليدية التي نقوم بها سنوياً إضافة إلى ورشة للأطفال بعنوان "الأطفال يعدون مسرحهم"».
وتضيف الآنسة مريانا الحنش - مسؤولة قسم الأطفال في مديرية الثقافة في حلب - بأن الأطفال المشاركين في نشاطات المديرية متنوعو المناطق والجمعيات، فمن الأطفال من استجاب للإعلانات التي وضعتها المديرية حول هذه الأنشطة، ومنهم أطفال جاؤوا من عدد من الجمعيات المتنوعة مثل «المجمع الخيري» وأطفال «قرى الأطفال S.O.S» إضافة إلى الأطفال العراقيين والفلسطينيين الذين تم استقدامهم عن طريق كل من منظمتي UNHCR وUNRWA على الترتيب.
نحن نلعب:
على مدار أسبوعين سابقين للاحتفالية، حصل ما يقارب 20 طفلاً وطفلة على فرصة الوقوف على خشبة المسرح والتمثيل المسرحي ضمن الورشة التي حملت عنوان «الأطفال يعدون مسرحهم». هذا العنوان الكبير والمعبر عن طريقة عمل الورشة يوضحه أكثر المخرج والمشرف على الورشة السيد محمود درويش بالقول: «تهدف هذه الورشة التي تقام بتنظيم من مديرية الثقافة إلى تعريف الطفل بقدراته الجسدية والعقلية، حيث يخضع في هذه الورشة إلى عدة تمارين في الصوت والتنفس والإلقاء والنطق والذاكرة، ومن ثم يتم دفعه باتجاه الخيال وعملية العصف الذهني حيث يقوم الطفل بنفسه بتحضير أي حكاية تخطر على باله وتناقش مع الورشة ليتم تطويرها ما يؤدي في النهاية إلى أن يقوم الطفل بإعداد المسرحية بنفسه، وأن يقدم المشهد بنفسه، وأن يترك له المجال للتعبير عن أحلامه وطموحاته وآماله وآلامه بطريقة تجعلنا نبتعد عن أن نكون أوصياء على الأطفال».
أما عن الأطفال المشاركين في المشروع؟ فيجيب السيد محمود بالقول بأنهم يمثلون أطفالاً من كل الفئات الاجتماعية، إضافة إلى تواجد أطفال أيتام من «المجمع الخيري» وآخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة، مضيفاً بأن كل الأطفال المتواجدين اليوم جربوا العمل في مجال المسرح للمرة الأولى: «قام الأطفال خلال مراحل الورشة بالعمل على إعداد مسرحية بعنوان "نحن نلعب" تضمنت عدة حكايات أو لوحات، اللوحة الأساسية هي حكاية الغابة والغول والتي فيها يتواجد غول يحب غابته كثيراً ولا يريد أن يعتدي عليها أحد، وأن تبقى نظيفة وحلوة. ويأتي عدد من الأطفال ويقومون برمي الأوساخ فيها ما يجعل الغول يتضايق ويثور عليهم. كما نرى بأن الأطفال قد عالجوا في المشهد الجانب البيئي، كما تعرضوا في مشاهد أخرى إلى اتفاقية حقوق الطفل حيث ناقشوا حق التعلم، وحق الحماية من النزاعات المسلحة، وحق عدم التمييز بين الجنسين، وحق الجنسية وغيره. وما يميز هذه المشاهد هو أنها من إعداد الأطفال بشكل كامل من ناحية الأفكار والحوار».
أما عن دوره في الورشة فيقول بأنه عمل على تعليم الأطفال مبادئ العمل المسرحي عن طريق الألعاب مضيفاً بأن الهدف العام للورشة هو جعل الأطفال يحبون المسرح ويقدرون التعب والجهد المبذول فيه. ويختم بالقول بأن فكرة هذه الورشة ليست بالجديدة حيث تعود إلى العام 1996 على يد منظمة طلائع البعث إلا أنها لم تلق الصدى الإعلامي المناسب وقتها.
والسيد محمود درويش هو مخرج هاوٍ كما يقول، يعمل كمعاون لمدير المركز الثقافي ويعمل في مجال المسرح من باب حب المسرح. نال جائزة أفضل ممثل وأفضل مخرج ضمن مسرح الكبار في الماضي قبل أن يتجه إلى مسرح الأطفال ويقدم 32 عملاً مسرحياً للأطفال إضافة إلى سلسلة ورشات «الأطفال يعدون مسرحهم» في كل من حلب وحمص وطرطوس والقنيطرة.
وللأطفال رأيهم:
تقول الطفلة نور شمس الدين البالغة من العمر 13 عاماً بأنها سمعت عن هذه الورشة عن طريق خالها الذي اقترح عليها المشاركة فيها حيث تضيف: «هذه هي المرة الأولى التي أشارك فيها في نشاط مسرحي، الأمر المميز فيها هو أن الأطفال يقومون بكل شيء. من الرائع الوقوف على المسرح حيث لم أشعر بالرهبة والخوف. ما تعلمته في المسرح هو الثقة بالنفس وهذا الأمر أفادني جداً».
أما عن دورها الذي تقوم به في المسرحية فهو أنها الطفلة الكبيرة في العمر التي تحمل عبء مجموعة الأطفال على عاتقها حين تختفي أصغر أطفال المجموعة عمراً بسبب ذهابها إلى الغول، كما أنها تقدم مشهداً حزيناً عن فتاة تضطر لبيع أغلى ما تملك وهو عقد أمها التي توفيت في الماضي لكي تستفيد من نقوده لشراء أدوية لوالدها المريض. وتختم الشابة نور كلامها بالقول: «هذه النشاطات التي تقام في مدينة حلب هي نشاطات مميزة وأشعر بالسعادة لمشاركتي بها».
أما الطفل فارس سعد البالغ من العمر 11 عاماً فيقول بأن والديه في البداية رفضا مشاركته في الورشة خوفاً من تأثيرها على دراسته إلا أنهما عدلا عن رأيهما لاحقاً بعد إقناعه لهما ويضيف: «كانت لي مشاركة في الماضي في المسرح إنما كعازف وليس كممثل. ما زرعته بي هذه التجربة هو الجرأة والثقة حيث لا أحس بأي خوف حالياً».
أما الطفلة لين علي البالغة من العمر 9 سنوات وأصغر المتواجدات في الورشة فتقول بأنها فرحت جداً بتواجدها في هذه الورشة وبأنها تعلمت الكثير منها حيث تعلمت تقنية رفع الصوت والتفاعل مع الحالة. وتختم قولها بالرغبة في العمل ضمن المسرح طوال فترة الدراسة في المدرسة.
يذكر أن مديرية الثقافة في مدينة حلب شهدت خلال الأشهر الماضية نشاطات كبيرة تتعلق بالأطفال حيث قامت بعدة مهرجانات مخصصة الأطفال منها مهرجان الطفل الأول، الاحتفالية الثامنة بيوم الطفل العالمي، وغيرها من الأنشطة، ما جعلها مقصداً للأطفال مثلما هي مقصد للكبار.
أحمد بيطار - حلب
اكتشف سورية
فقرة موسيقية قدمها أطفال معهد صباح فخري للموسيقى في إطار فعاليات احتفالات حلب بيوم الطفل العربي |
ورشة العمل الخاصة بالرسم والصلصال في إطار احتفالات حلب بيوم الطفل العربي |
ورشة العمل الخاصة بالرسم والصلصال في إطار احتفالات حلب بيوم الطفل العربي |