اختتام مؤتمر التراث والتنمية في حلب

26 أيار 2010

توصيات للحفاظ على التراث

العديد من التوصيات التي أطلقها مؤتمر التراث والتنمية الذي اختتم مساء يوم الثلاثاء 25 أيار 2010 والمنعقد في جامعة حلب في رحاب معهد التراث العربي بمشاركة عدة جهات سورية ودولية أبرزها جامعة حلب ومجلس مدينتها، ومؤسسة «مخططون بلا حدود» إضافة إلى كل من نقابة المهندسين السوريين ومعهد التراث العلمي العربي.

وقد سبق إلقاء التوصيات تقديم عدد من أوراق البحث في جلسات عملية تضمنت محاور تتحدث عن «التراث والهوية» وعن «التراث اللامادي» حيث تم تقديم عدد من الأبحاث المهمة في هذا المجال منها المداخلة التي قدمها الدكتور محمود حريتاني المحاضر السابق في جامعة حلب والباحث حالياً في مجال التراث والذي قال لنا عن المداخلة التي قدمها: «قدمت اليوم ضمن المؤتمر مداخلة حول موضوع "التراث والهوية" حاولت أن أتحدث فيها عن أن تراث الإنسان هو ما يحدد هويته وليست الوثيقة الرسمية التي يحملها. بمعنى آخر، قد أكون مقيماً منذ طفولتي في محافظة دير الزور مثلاً، إلا أنني أقول للجميع بأن أصلي هو حارة النوحية في مدينة حلب، وبأنني حلبي الأصل حيث بينت هذه الفكرة من خلال تحدثي عن أثر التراث في الهوية كونه يحدد ثقافة هذا الإنسان وبيئته. كما ذكرت بأن العامل الآخر الذي يحدد هوية المرء هو مكان عمله حيث قدمت مثالاً على ذلك يتمثل في التاجر الذي يعمل في المدينة القديمة بحلب ويذهب إليه الناس كونه يعمل في ذاك المكان. وذكرت أيضاً ضمن المداخلة أن الهوية يمكن أن تكون المكان الذي يعيش بجانبه الإنسان ويستفيد منه وأبرزت مثالاً على ذلك الإنسان الذي يعيش مثلاً بجانب كنيسة قديمة أثرية يأتيها السياح ويتعرفون على هذا الشخص ويقدمون له مساعدات لخدمته هذا المكان».


صورة تذكارية للمشاركين في مؤتمر التراث والتنمية

ويضيف الدكتور حريتاني بأن المؤتمر حقق أهدافه إلى حد كبير وكان أبرز ما فيه هو المساهمة التي قدمتها مؤسسة «مخططون بلا حدود» من خلال عرضها للتجارب التي تمت في فرنسا وأوروبا مضيفاً أنه برغم قلة الحضور بسبب الامتحانات إلا أن المؤتمر كان مميزاً بالمواضيع التي طرحها والأفكار التي قدمها.

أما الدكتور علاء الدين لولح فقد قدم ورقة عمل تتحدث عن أهمية «التراث اللامادي» في حياة الأمم والاتفاقيات التي وقعت في هذا الصدد حيث يقول: «قدمت اليوم ورقة عمل تتحدث عن "التراث اللامادي" أوضحت فيها دوره في كثير من النواحي والتي من بينها تصميم المدن، من حيث أن العمران المادي يمثل غلافاً لما يتم ضمن المدينة من نشاطات وعادات وتقاليد وفنون، وعليه يتم تصميم المدينة بطريقة تؤخذ فيها هذه النشاطات بعين الاعتبار كعامل حاسم ينظر إليه مع بقية العوامل الأخرى».

ويضيف الدكتور لولح بأنه قد جرى توقيع اتفاقية تنص على الحفاظ على التراث اللامادي في العام 2003 والتي جاءت كتكملة للاتفاقية التي تم توقيعها في العام 1972 حول الحفاظ على التراث المادي والطبيعي للإنسانية: «تم عقد العديد من الجلسات لمناقشة هذه الاتفاقية في اليونسكو حيث كنت فيها ممثل الحكومة السورية ضمن اجتماع لجان الخبراء على مدى عامين، حيث استطعنا المساهمة بشكل كبير في صياغة هذه الاتفاقية إضافة إلى أننا وضعنا في مقدمتها عبارة باسم الجمهورية العربية السورية تتلخص أسطرها بالتأكيد على أن أهمية التراث اللامادي تكمن في أنه أداة فاعلة كبيرة في التكامل والتفاعل بين الشعوب. هذه المقدمة حظيت بالموافقة من جميع الدول التي وقعت على الاتفاقية وتم إدراجها بشكل رسمي. وتتألف الاتفاقية من 40 مادة تحث الدول على صون التراث اللامادي باعتباره عنصراً خاصاً بالهوية الثقافية. كما أود أن أقول بأن سورية كانت من أوائل الدول التي انضمت للجنة التراث اللامادي وتم انتخابها نائبا لرئيس لجنة التراث العالمي بما يختص بموضوع التراث الثقافي واللامادي».

ويقول الدكتور علاء الدين لولح بأن التراث اللامادي يشمل عدداً من الأمور من حيث هو يمثل المخزون الفكري والمعرفي والإبداعي للأمم والشعوب، كما أنه يرتبط بأشكال النشاط الإنساني وأنماط المعيشة السائدة في كل مجتمع. ويضيف بأن مجالاته تمتد من التقاليد إلى أشكال التعبير الشفوي إلى فنون الأداء الجسمي مثل رقص المولوية أو حتى الدبكة، إلى الممارسات الاجتماعية مثل الطقوس التي تتم وقت الزواج أو الولادة إلى المعارف والممارسات المرتبطة بالطبيعة والكون وغيرها الكثير: «كما أن من مواضيع التراث اللامادي أيضاً المهارات المرتبطة بالحرف التقليدية، أي صنع المنتِج الحرفي وليس المنتَج بحد ذاته. على سبيل المثال كيف يقوم النساج بعمله، أو كيف يستطيع المزخرف القيام بالزخرفة عن طريق الخبرة بعمله دون أخذ قياسات مثلاً وبمجرد النظر للسطح. هذه الأشياء تعبر عن نشاط إنساني، وهناك موضوع الرقص الشعبي والأغاني الصوفية والقدود، وهي كلها أمور لا مادية وتعتبر تراثاً لا مادياً».

توصيات للحفاظ على التراث:
وقد صدرت في آخر المؤتمر عدة توصيات في مجال المحافظة على التراث وهي كالتالي:
1- إدراج برامج الحفاظ على المواقع التراثية والمعالم التاريخية ضمن البرامج التعليمية والإعلامية للدول.
2- تطوير مواقع التراث العمراني وتجهيزها بالبنية التحية اللازمة لخدمة السياحة الثقافية.
3- إدراج خطط للحفاظ على المواقع التراثية وإعادة تأهيل المدن القديمة ضمن الخطط والبرامج التنموية للدولة.
4- تحديد مناطق الاستثمار السياحي في المدن القديمة للحفاظ على خصوصية الأحياء السكنية والاستقرار السكاني.
5- الحفاظ على التراث الحديث والعمل على إعادة تأهيله.
6- الحفاظ على الصناعات الحرفية التعليمية والحرف اليدوية وتهيئة الأماكن المناسبة لها لإعادة تفعليها.
7- الحفاظ على التوازن البيئي في المدينة القديمة.
8- إزالة المخالفات العمرانية والتجاوزات المضافة إلى هياكل المعالم الأثرية.
9- وضع سياسات واستراتيجيات للأبنية التاريخية وإعادة توظيفها بما ينسجم مع الاحتياجات المعاصرة للمركز القديم.
10- الاهتمام بالمناطق الانتقالية في محيط المدينة وتوظيفها في خدمة المركزين القديم والحديث.
11- المشاركة السكانية واستثمار التراث اللامادي وأخذه بعين الاعتبار في التنمية العمرانية.
12- الاستعانة بالخبراء المحليين والوطنيين في عمليات التنظيم العمراني والحفاظ على التراث.

توزيع الشهادات على المشاركين في مؤتمر التراث والتنمية

وتقول الدكتورة ماجي غزال - رئيسة مؤسسة «مخططون بلا حدود» - بأن المؤسسة ستعمل على إقامة ورشات عمل فيما يتعلق بكل محور من محاور هذه التوصيات، مضيفة بأنه سيتم تبادل أفكار وعقد اجتماعات مع الخبراء وإجراء دراسات موسعة حول كل فقرة إضافة إلى التنسيق مع الجهات الدولية مثل منظمة اليونسكو بحيث تكون هناك مساعدات عالمية مادية للمشاريع التي قد تتم: «كل التوصيات التي صدرت هي مرتبطة بعمل مؤسسة مخططون بلا حدود، حيث سيكون للمؤسسة دور كبير في مدينة حلب مستقبلاً ضمن تنفيذ مجمل هذه التوصيات. أنا أود أن أشكر كل الباحثين المشاركين في المؤتمر وخصوصاً الفرنسيين منهم على أوراق البحث التي قدموها وعلى هذه التوصيات المميزة والمهمة والمليئة بالتفاصيل».

أما الدكتور علاء الدين لولح عميد معهد التراث العربي فيقول بأنه سيتم التنسيق مع الجهات المعنية للقيام بتطبيق هذه التوصيات حيث يضيف: «سنرسل هذه التوصيات كما نفعل عادة إلى السيد وزير التعليم العالي طالبين منه إبلاغ المؤسسات المعنية بهذه التوصيات للعمل على تنفيذها، مثل وزارات الإعلام والتربية والتعليم وغيرها من الجهات. بالنسبة لبعض التوصيات التي تتعلق بموضوع الاهتمام بالتراث فنحن في جامعة حلب نقوم بتدريس التراث العمراني في الجامعة وذلك في كليات الهندسة المعمارية والآداب إضافة إلى معهد التراث. وبالنسبة للتوصيات التي تتحدث عن مشروع يتجاوز دولة عربية بعينها، فسوف نرسلها إلى الدول الأخرى عن طريق الجامعة العربية أو المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة».

يذكر بأن مؤتمر التراث والتنمية انطلق منذ الثالث والعشرين من شهر أيار الحالي متضمناً التطرق إلى عدد من المواضيع المهمة التي تتحدث عن الاستفادة من التراث في موضوع التنمية المستدامة إضافة إلى الحفاظ عليه، مع عرض عدد من تجارب الدول التي قامت بمشاريع للحفاظ على التراث العمراني فيها والتي من بينها سورية.


أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق