المؤتمر الثلاثون لتاريخ العلوم عند العرب ينعقد في حلب

14 كانون الأول 2010

أبحاث سلطت الضوء على مساهمات العرب في الحضارة

على مدار الفترة من 5-7 كانون الأول الحالي 2010، شهد معهد التراث العلمي العربي في جامعة حلب فعاليات المؤتمر العلمي السنوي الثلاثين لتاريخ العلوم عند العرب، والاحتفاء بالعالم العربي الدمشقي العلامة ابن فضل الله العمري. كما رافق المؤتمر افتتاح معرض المخطوطات والموسوعات العملية، ومعرض الخط العربي، ومعرض عن أهم مؤلفات العالم ابن فضل الله العمري وآخر عن إصدارات معرض التراث وعدد من رسائل الماجستير والدكتوراه.

أوراق بحثية عديدة شهدها المؤتمر قدمها 55 باحثاً من 17 دولة عربية وأجنبية متنوعة المواضيع، منها ما كان مخصصاً للعالم ابن فضل الله العمري وكتابه «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار» حيث تحدثت الأبحاث عن المعادن وخواصها واستخداماتها المذكورة في الكتاب، وعن عالم الحيوان في ذات الكتاب، ودور هذا العالم في تاريخ الطب. كما تضمنت الندوة محاضرات عن تألق الأندلسيين في علم التاريخ، وإبداعات مسلمي إقليم خراسان واليمن. واشتملت الأبحاث أيضاً بعض المحاضرات الرياضية والهندسية التي تتحدث عن إسهامات العلماء المسلمين في العلوم الأساسية والحسابية، ومن ثم بعض الجلسات التي تحدثت عن العمارة العربية والإسلامية وتأهيل المباني القديمة، والخانات الإسلامية. أما الجانب الأخير من الندوة فقد اهتم بمساهمات العرب في الحضارات الأخرى، وأخيراً قدمت بعض الأبحاث التي تتحدث عن الجانب الطبي.

وفي تصريح لـ «اكتشف سورية» يقول الدكتور علاء الدين لولح عميد المعهد بأن هذا العام كان عام الاحتفال بالعلامة ابن فضل العمري، وهو أحد أهم العلماء العرب، وصاحب كتاب موسوعة «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار»، مضيفاً بأن ابن فضل هو مؤرخ وأديب وجغرافي، وما قدمه يحظى باهتمام العالم كله، ويقول: «في كل عام نحتفل بأحد الأعلام العرب، حيث قررنا اختيار هذا العالم هذا العام للتعريف به وبما قدمه من إنجازات، فهو عالم دمشقي له باع طويل في المؤلفات التي تتعلق بالجغرافية والتاريخ والأدب ويستحق الرجل التقدير وهو من علمائنا الأفاضل المميزين».

ويشير الدكتور لولح بأن عدد المؤتمرات التي قدمها المعهد وصلت إلى 50 أو 60 مؤتمراً منها 30 مؤتمراً سنوياً، إضافة إلى 10 ندوات علمية خارج القطر السوري في عدة دول عربية وأجنبية ومؤتمرات أخرى ويضيف: «من هذا الندوات ما كان متخصصاً بالأعلام العرب، ومنها ما هو متخصص بموضوع معين مثل "النخيل" مثلاً. كان لهذه الندوات آثار ونتائج مهمة منها مثلاً ما جرى بعد مؤتمر ابن البيطار الذي سلط الضوء على أعمال هذا العالم الفذ، حيث أدى هذا المؤتمر إلى تنظيم اتفاقية بيننا وبين إسبانيا لدراسة عمل هذا العالم الكبير. بالمحصلة، قامت هذه المؤتمرات بتوثيق عدد كبير من المعلومات وتداولها مع مراكز البحوث العلمية والدولية».

ويتابع بأن ما خرج به هذه المؤتمر هو التوصيات المهمة الناجمة عنه، مضيفاً بأن هذه التوصيات تعبر عن إيمان الباحثين الذين يمثلون جامعات ومؤسسات علمية تتعلق بتاريخ العلوم عند العرب في معهد التراث هذا وثقتهم به، مشيراً إلى أن من أبرز التوصيات التي صدرت عن المؤتمر المطالبة بتدريس العلوم والمساهمات العلمية في الجامعات العربية الأخرى أسوة بما تقوم به الجامعات السورية بالإضافة إلى عدد من التوصيات الأخرى المهمة ويختم بالقول: «أرى حاجة المعهد في السنوات القادمة إلى تطوير هيكلي وإعادة النظر في هيكليته وبنيته. هذا المعهد يجب أن يكون أكثر انفتاحاً على الخارج، ونأمل أن نعزز المعهد بعدد من المراكز البحثية التي تتيح المجال للعلماء كي يعملوا بشكل حر في داخلها. كما اقترحنا إنشاء مركز لتحقيق النصوص البحثية يشكل مركزاً مرجعياً لكل العاملين في مجال تحقيق المخطوطات إضافة إلى تأسيس مركز بحوث علمية للتراث الطبي والتراث العمراني ومركز بحث علمي لتاريخ الفلك ما سيعزز دور المعهد في المستقبل».


العلماء المشاركون في المؤتمر العلمي السنوي
الثلاثين لتاريخ العلوم عند العرب

آراء بعض المشاركين في المؤتمر:
بدوره يقول الدكتور جعفر عبد السلام الأمين العام لاتحاد الجامعات الإسلامية بأن هذا المؤتمر يعتبر مؤتمراً فريداً من نوعه في عدد المشاركين والأوراق البحثية والمحاضرين مضيفاً بأن هذا المؤتمر شهد أبحاثاً متنوعة وكبيرة وتخصصية أكثر في العلوم الأساسية والطبية والرياضيات والهندسة ويضيف: «الكل كان يتحدث عن أصالة العلوم العربية وما أضافته للغرب. أود أن أختم بالقول بأنني سعيد بحسن التنظيم الذي قدمه المعهد ونتمنى لكل من ساهم في إقامته ودعمه المزيد من النجاح».

أما الدكتور الريح حمد النيل الليثي أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة النيلين في الخرطوم فيقول بأن ما شاهده في المؤتمر اليوم يدل مستوى التنظيم المتميز من قبل المعهد والجامعة ويأمل بأن يستمر هذا المؤتمر منارة للعلم والإضاءة على التراث العربي.

أما الدكتور محمود سالم الشيخ نائب رئيس جامعة فلورنسا فيقول بأن هذه المؤتمر يمثل فرصة مميزة لاجتماع عدد من أهم الباحثين على مستوى الوطن العربي ضمن مؤتمر واحد مضيفاً بأنه يتمنى تكرار مثل هذه المؤتمرات ويقول: «من التوصيات التي أسعدتني تأسيس مركز لتحقيق النصوص في رحاب هذا المعهد لكي يتمم رسالة المعهد، وهذا عمل عظيم يبشر بكل خير».

أما الدكتور مشهور الحبازي الأستاذ في جامعة القدس فيقول بأن إعلان المؤتمر الذي أدان فيه الممارسات الصهيونية في فلسطين بشكل عام، والقدس بشكل خاص إضافة إلى مطالبته المجتمع الدولي بوقف هذه الممارسات كان من أبرز النتائج التي خرج بها المؤتمر ويضيف: «أتوجه بالشكر الجزيل للدكتور لولح على دعوته لي وإتاحته الفرصة للتحدث عن التراث العلمي الطبي في بلاد الشام والشكر على البيان الختامي بوقف الممارسات التي يقوم بها الكيان المحتل».

التوصيات الختامية للمؤتمر:

من معرض المخطوطات على هامش المؤتمر

أما عن التوصيات الختامية للمؤتمر فكانت على النحو التالي:
1- الاقتراح بإنشاء اتحاد عربي لتاريخ التراث العلمي يسمى «الاتحاد العربي لتاريخ العلوم عند العرب» يكون مقره معهد التراث، ويدعى للانضمام إليه كافة المتخصصين في تاريخ العلوم العربية والإسلامية وما يتصل بالتراث من الجامعات والمؤسسات، إضافة إلى تكليف لجنة تأسيسية لوضع نظامه الداخلي واعتبار المشاركين في المؤتمر أعضاء مؤسسين له عند إقراره.
2- التنسيق بين المؤسسات العلمية ومراكز البحوث المتخصصة في مجالات تاريخ العلوم العربية والإسلامية لإعداد خطة عمل بحثية وإسلامية لدراسة التراث العملي العربي، وتحديد آلية لتنفيذ الاقتراحات والتوصيات التي يخلص إليها المجتمعون ومسؤولية الجهات المعنية.
3- مطالبة الجامعات ومركز تحقيق التراث بسبر التراث غير المحقق حتى الآن، والعمل على دراسته وفق الأصول في التحقيق وبيان أهميته العلمية والتراثية ومدى إسهامه في الحضارات الإنسانية.
4- تحفيز نشر التراث العلمي العربي والإسلامي والدراسات الجامعية التي تناولت هذا التراث في المحافل الأكاديمية، وتشجيع إحداث معاهد مختصة بتاريخ العلوم وتوفير الإمكانات اللازمة للقيام بعملها.
5- العمل على ترجمة التراث العلمي العربي إلى اللغات الحية الأخرى، وتسليط الضوء على المؤلفات التي تعنى بالتراث لتعريف الناس بالعلوم التي ساهم بها العرب.
6- تشجيع التعاون بين المؤسسات العلمية ومراكز البحث والتنسيق فيما بينها بهدف تنشيط الأبحاث المتعلقة بالحفاظ على التراث وتوحيد الجهود الرامية لدراسته.
7- التوسط لدى المكتبات العربية وتلك الموجودة في الدول الأوروبية لإتاحة ما لديها من مخطوطات وكتب نادرة للباحثين المهتمين بدراسة بتاريخ العلوم لدى العرب للعمل على توثيقها ونشر الأبحاث المتعلقة بنتائج هذه الدراسات على شبكة الإنترنت والتعريف بمحتواها على الصعيد العالمي.
8- الإيعاز للجهات العربية بالعمل على توجيه أجهزة الإعلام لكي تعمل على توعية الجمهور والجيل الناشئ بأهمية التراث العلمي والقيام بنشر مواد تخدم التراث العلمي العربي.
9- توفير الدعم للمراكز والمعاهد العاملة في هذا المجال مثل معهد التراث من الدول والمنظمات والمراكز المعنية بالتراث العربي .
10- عقد ندوات متخصصة في مجالات تاريخ العلوم العربية يدعى إليها الخبراء والمختصون العرب للكشف عن التراث العلمي، وإثراء هذه الندوات بالمناقشات والتحاليل.
11- إنشاء صندوق مشترك لتكريم الباحثين العرب ممن قدم أعمالاً متميزة أصيلة في مجال التراث العلمي العربي، ودعوة المؤسسات الاقتصادية للإسهام في دعم وتمويل وترجمة هذه الأعمال ونشرها.
12- دعوة الجهات المعنية للعمل على تدريس تاريخ العلوم العربية والإسلامية في المراحل كافة كما هو الحال في الجامعات السورية حالياً.
13- توظيف تقنية المعلومات في خدمة التراث العلمي العربي على مستوى الفهرسة أو النشر.
14- حث الجامعات العربية والإسلامية على القيام بالأبحاث المتعلقة بتاريخ العلوم العربية والإسلامية عن طريق توجيه رسائل الماجستير والدكتوراه إليها.
15- الإثناء على جهود المعهد، وتقدير الدور المركزي للمعهد في تأصيل العلوم العربية وتنسيقها وتحقيقها ونشرها وتأهيل الكوادر المتخصصة، والتأكيد على دوره المحوري في تحقيق التكامل والتعاون بين المؤسسات البحثية المختلفة.

كما قدم المشاركون «إعلان المؤتمر» والذي كان: «يدعو العلماء المشاركون في المؤتمر الثلاثين جميع الحكومات والمنظمات إلى إدانة وفضح الممارسات التي تقوم بها سلطات العدو الصهيوني في فلسطين المحتلة وبخاصة في مدينة القدس من أعمال تسعى إلى إزالة التراث الثقافي العربي والعمراني على وجه الخصوص وإلزام السطلات الإسرائيلية بالاتفاقيات الدولية الناظمة لهذا الصدد والعمل على الحفاظ على التراث العمراني».

يذكر بأن معهد التراث العلمي العربي يعتبر المعهد الوحيد على مستوى الوطن العربي وحتى العالم والمعني بتوثيق التراث العربي والإسلامي وإسهامات العلماء العرب والمسلمين العلمية في الحضارة الإنسانية.


أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

العلماء المشاركون في المؤتمر العلمي السنوي الثلاثين لتاريخ العلوم عند العرب أمام معهد التراث العلمي العربي

معرض المخطوطات الذي أقيم على هامش المؤتمر العلمي السنوي الثلاثين لتاريخ العلوم عند العرب في معهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب

معرض المخطوطات الذي أقيم على هامش المؤتمر العلمي السنوي الثلاثين لتاريخ العلوم عند العرب في معهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق