دير الزور



مملكة ماري

تعددت الآراء حول نشوء دير الزور وتسمياتها، لكن الرأي الأكثر قبولا يفترض تواجدها كقرية أو مدينة صغيرة تكمن تحت تلة اصطناعية تعرف (بالدير العتيق) تخفي من الآثار ما لم يكتشف منها سوى محراب يعود للعهد العباسي. تعرضت دير الزور للفترات الحضارية التي مرت بتلك المنطقة، لكنها لم تكشف في هذه المدينة بالذات، وتذكر المصادر أن تسميتها في عهد مملكة ماري الآمورية في الألف الثاني قبل الميلاد كانت (لاقا) وهذا يؤكد عراقتها وتواجدها خلال تلك الحقبة، ثم دعاها الرومان آزدرا، ومن تسمياتها (دير بسير)، وقيل أن العرب سموها الفراض، وتعني المرفأ النهري، وكذلك قالوا إنها دير الرمان، والدير، وذكرها أبو الفداء باسم دير البصير، كما وردت أيضا باسم جديرة، أو جديرته، و دير الرحبة، ودير الشعار نسبة للشعراء، وفي العهد العثماني صارت تسميتها دير الزور.


نهر الفرات

ودير الزور هي مدينة في وادي الفرات، مركز محافظة دير الزور. اسمها مركب من دير وهو مكان إقامة الرهبان للعبادة، والزور وتعني الأرض المنخفضة اللحقية المجاورة لمجرى النهر حيث تنمو أو تزرع أشجار أو نباتات أخرى. نشأت في موقع اقتراب الحافة الصخرية لوادي (جبال الولي) من مجرى النهر، حيث يتفرع نهر الفرات إلى فرعين مشكلاً جزيرة نهرية (حويقة) يقوم عليها الآن جزء من المدينة، بينما يقع الجزء الأكبر منها على الضفة اليمنى للفرع الصغير للنهر. تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة دمشق على بعد 450كم. عرفت المدينة الاستيطان منذ القديم، وفي العهد العثماني أصبحت سنجقاً لتأكيد سلطة الدولة العثمانية وتثبيت الأمن لحمايةً التجارة النهرية المارة فيها.

شاركت في مقاومة الاحتلال الفرنسي كغيرها من المدن – السورية، ومن ثوراتها ثورة رمضان شلاش.

دير الزور في أربعينيات القرن العشرين


بيوتها القديمة كانت تتجمع على تل أثري يدعى دير العتيق، أزيل بكامله عام 1966، وهي مبنية بالحجارة ومسقوفة بجذوع الحور الفراتي. اتسعت المدينة في مطلع القرن العشرين شرقاً وغرباً بمحاذاة النهر، وجنوباً على جانبي طريقها الرئيسة وفق مخطط تنظيمي ذي شوارع عريضة متوازية ومتعامدة مع مجرى النهر. ونشأت أحياء إختلط فيها طراز البناء الحديث مع القديم مثل الشيخ ياسين والرشيدية وأبو عابد وعلي بك والعثمانية والبعاجين والحميدية. ومنذ عام 1968 شهدت دير الزور تطوراً عمرانياً واسعاً نتيجة لهجرة أبناء الريف إليها، مما أدى إلى اتساع امتدادها غرباً وجنوباً فوق المصطبتين النهريتين الأولى والثانية.


الجسر المعلق في دير الزور

تشتهر بجسرها المعلق الذي شيد عام 1930، وبجسورها التي ربطتها بريفها على الضفة اليسرى كما ربطت الشامية بالجزيرة مما زاد في أهميتها في النقل والتجارة نظراً لموقعها الهام بين باديتي الشام والجزيرة.

يعمل عدد كبير من سكانها بالتجارة. تشتهر بأسواقها التقليدية القديمة ذات السقوف المقوسة والمغطاة بالحجارة والصفيح، كسوق الحَبْ (الحبوب) وسوق الهال الذي ألحقت به وحدة للتبريد، وسوق التجار، وسوق الحدادة، وسوق الخشابين (النجارين)، وسوق النحاسين، وسوق الصاغة. فيها حرف يدوية متميزة كصناعة الأحذية (الكلاش الديري) والحلي والعباءات ودلال القهوة والحفر على الرخام المستخرج من المقالع الواقعة جنوب المدينة. وفي شرقها أنشئت مراكز للحرف الحديثة تلبية لاحتياجات السكان المتزايدة، منها ورش لصيانة الجرارات والمحركات وتصنيع القطع التبديلية اللازمة. وقد دخلتها الصناعة الحديثة الكبيرة معتمدة على المواد الأولية المتوفرة، ويأتي معمل الورق ومحلجة القطن ومعامل الغزل والسكر والأعمدة الخرسانية والمطاحن الآلية، بين هذه الصناعات الحديثة، إضافة إلى صوامع الحبوب. وتتركز حولها الزراعة بشكل أشرطة سهلية ضيقة مجاورة لمجرى النهر عند مدخلها الغربي والشرقي وفي سهل الحويقة الخصب معتمدة على الضخ الآلي، علماً بأن الرقعة الزراعية تناقصت نتيجة الزحف العمراني فوق السهل الزراعي الضيق. زراعتها الخضر والأشجار المثمرة والإجاص والتفاح. فيها مزرعة لتربية الأبقار (مبقرة) مساحتها (30هـ)، تتبعها مزرعة مساحتها (365هـ) لتأمين الأعلاف اللازمة للمبقرة، تتألف من أربعة أقسام متخصصة يعمل فيها نحو مائة عامل وعاملة وتضم أكثر من ألف رأس من البقر ثلثها حلوب تنتج يومياً 5.5 طن من الحليب، تقوم الشركة العامة للخضار والفواكه بتسويق انتاجها، وتربطها بالمدينة طريق مزفتة. وتشتهر مدينة دير الزور بمنتزهاتها على نهر الفرات (الجراديق). يشرب أهلها مياهاً نقية من مشروع خاص يعود لعام 1927 وطُوِّر لتلبية احتياجات تزايد السكان فيها وفي القرى المجاورة. وترتبط دير الزور بقرى وادي الفرات وبدمشق – الرقة، حلب، البوكمال، الحسكة بطرق مزفتة، وبطرق ترابية مع القرى والتجمعات البشرية في البادية، ويمر منها الخط الحديدي الذي يصل حلب بالحسكة والقامشلي. وفيها مطار داخلي.